عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-05-2021, 12:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي شرح حديث: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر

شرح حديث






أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر







الشيخ محمد بن إبراهيم السبر




متن الحديث:



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام».







الشرح:



وهذا الحديث مخرج في الصحيحين، وموضوع هذا الحديث وعنوانه: من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم.







فهو موضوع متعدد، وأنسبه لكتاب الصيام: فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهذا الحديث الجليل فيه وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه، بهذه الوصايا العظيمة، ولذلك قال رضي الله عنه: "أوصاني خليلي" يعني تعاهدني باهتمام، فكلمة أوصاني: يعني عهد إلي باهتمام، فتعاهده النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الوصية العظيمة، وقوله خليلي: الخُلة بالضم الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله أي في باطنه، قاله ابن الأثير، فلما قال: "أوصاني خليلي" يعني من بلغت محبته خلال قلبي، يعني دخلت باطن قلبي، والمراد به النبي صلى الله عليه وسلم.







وقول أبي هريرة "خليلي" هذا لا يعارض نفي النبي صلى الله عليه وسلم الخُلة عن أحد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً، لاتخذت ابن أبي قحافة -يعني أبا بكر- خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الله» وهذا في الصحيحين، فأبو هريرة صلى الله عليه وسلم لم يُخبر أن النبي اتخذه خليلاً، ولكن أبو هريرة يُخبر عن نفسه أن النبي صلى الله عليه وسلم خليله، أي أن الخُلة والمحبة والصداقة الخالصة هي من جهة أبي هريرة رضي الله عنه، وبذلك يزول هذا الإشكال.








يقول رضي الله عنه: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام».







قال: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر» ما المراد بها؟



بعض العلماء فسرها بأنها هي الأيام البيض، وهذا اختيار جماعة من الصحابة y، وبعضهم يقول: من أول الشهر، وبعضهم يقول: من أيام الاثنين والخميس، وبعضهم يقول: مطلقه في أول الشهر أو في وسطه أو في آخره، تابع أو فرق، كل ذلك صدق عليه أنه صام ثلاثة أيام من كل شهر،







والراجح والله تعالى أعلم: أن يجعلها الأيام البيض، وهذا هو أقوى الأقوال، لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله. فالأفضل أن تكون أيام البيض كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، وهذا اختيار الشيخين: ابن باز وابن عثيمين رحمها الله.







ومن الفوائد:



فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصية عظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم، ولاحِظ هذه الوصايا الثلاث: أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة رضي الله عنه كما هو معنا الآن، وأوصى بها أبا الدرداء رضي الله عنه كما في صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد، وأوصى بها أبا ذر رضي الله عنه كما في ابن خزيمة والنسائي، فأوصى بها صحابته صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على شرعية صيام ثلاثة أيام من كل شهر على ما قدمنا، سواء جعلها الأيام البيض وهذا أفضل، أو فرقها في الشهر أو جعلها متوالية فكل ذلك حسن وفضل من الله تبارك وتعالى.







هذا يدل على فضيلة صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن الأولى أن تكون أيام البيض: ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر.







الوصية الثانية وهي: صلاة الضحى، وصلاة الضحى سنَّة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، صلاها النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح كما في حديث أم هانئ وهو في الصحيحين، «صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ثمان ركعات في الضحى»، وصلاها النبي صلى الله عليه وسلم في بيت رجل من الأنصار كما في حديث أنس رضي الله عنه وهو في الصحيحين، وصلاة الضحى سنَّة مؤكدة وعبادة مؤكدة، على الصحيح من أقوال أهل العلم، ومن صلى هذه الصلاة كانت له عِدل ثلاثمائة وستين حسنة، ففي حديث أبي ذر أنه صلى الله عليه وسلم قال: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» رواه الإمام مسلم، وهذا فضل عظيم، وهذه الصلاة أقلها ركعتان، وأكثرها ثمان، فيصلي ما تيسر له، إن صلى ركعتين أو أربعاً أو ستاً أو ثمان أو أكثر كل ذلك فهو حسن إن شاء الله تبارك وتعالى، وتصلى صلاة الضحى من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها في كبد السماء، وأفضل وقت لصلاة الضحى: حين تشتد حرارة الشمس، يعني في شدة الشمس في الضحى حين ترمض الفصال قبل صلاة الظهر بساعة أو ساعة ونصف، هذا أفضل وقت لأدائها وهي صلاة الأوابين كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.







الوصية الثالثة التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة رضي الله عنه قال: «وأن أوتر قبل أن أنام»، والوتر اخُتلف في حكمه بين الوجوب والسنية المؤكدة، والراجح والله تعالى أعلم: أن الوتر سنَّة مؤكدة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حافظ على الوتر سفراً وحضراً، وأمر به صلى الله عليه وسلم من غير إيجاب، فهو سنَّة وعبادة مؤكدة، والوتر ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم وفعله، والوتر وقته ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأفضل وقت لأداء صلاة الوتر هو آخر الليل، أما من خاف ألا يقوم في آخر الليل فإن الأفضل في حقه أن يوتر في أوله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة قال: «وأن أوتر قبل أن أنام» ولذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم أنه قال: «من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل» والسر والله تعالى أعلم في أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا ذر وأبا هريرة بالوتر في أول الليل، مع أن الوتر في آخر الليل أفضل ووقت النزول الإلهي، السر في هذا والله تعالى أعلم: لأنهما كانا لا يستطيعان فعل ذلك في آخر الليل، فقد يكون أبو هريرة وأبو الدرداء ينشغلان في أول الليل بدراسة العلم والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أو لأسباب أخرى، فلذلك أوصاهما النبي صلى الله عليه وسلم بالوتر في أول الليل، أما من طمع أن يقوم في آخر الليل فلا شك أن هذا وقت عظيم، فمن تيسر له القيام والقراءة والدعاء والاستغفار، والصلاة، لأنه وقت النزول الإلهي كما هو معروف لدى الجميع.







وأختم هذا الدرس بفائدة تربوية للآباء والمربين: اختلاف وصايا النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة وإرشاداته وعظاته، مبني على علمه صلى الله عليه وسلم بأحوال الصحابة، وما يناسب كل أحد من هؤلاء الصحب الخيار، فالعابد: تناسبه العبادة، العالم: يناسبه العلم، القوي مثلاً: يناسبه الجهاد، وفي هذا إشارة إلى أن القائم على التربية والتعليم والتوجيه والبيت المسلم، يوجه كل شاب وكل فتاة وكل متعلم إلى ما يناسبه.







وفق الله الجميع، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]