عرض مشاركة واحدة
  #787  
قديم 26-10-2021, 04:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

عدة الرسل
والرسل: جمع رسول، وعدد الرسل ثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً، على عدة قوم طالوت، وذلك حين هزم بنو إسرائيل وانكسروا وتمزقوا في البلاد، فطالبوا أحد أنبيائهم -وهو حزقيل- بأن يبعث فيهم ملكاً يقاتلون معه ويستردون بلادهم؟ فأعطاهم الله طالوت ، فردوه وقالوا: فقير وما عنده مال وكذا، كيف يحكمنا هذا؟ وشاء الله أن يقودهم وهم أربعون ألفاً، وامتحنهم عند نهر الأردن فقال لهم: إننا سنصل إلى نهر ماء، الذي يشرب منه ليس مني، وليعد، إلا من اغترف غرفة بيده فقط، فلما وصلوا إلى النهر -وهم جيش ماش على أرجلهم أو خيولهم- أكبوا يشربون، وامتلأت بطونهم، فقال: عودوا لا نقاتل بكم، واحتفظ بالعهد ووفى بالوعد ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً، ومشى بهم ونصره الله، وبرز داود وقتل جالوت ، وانتصروا وعادت دولة بني إسرائيل على يد ثلاثمائة وأربعة عشر، وعلى عدة أهل بدر المؤمنين الذين قاتلوا المشركين فيها: ثلاثمائة وأربعة عشر، سبحان الله! توافقت العدة والعدد.
الفرق بين النبي والرسول
وما الفرق بين النبي والرسول؟ الرسول: من أوحى الله إليه بشرع وأمره بإبلاغه، فأرسل إلى قومه أو إلى قوم آخرين أو إلى حيث شاء الله، هذا الرسول.
والنبي: ينبئه الله ويخبره بالغيب وهو يعيش على رسالة من سبق، يعبد الله عز وجل بالشرع الذي أوحاه إلى رسول من رسل الله؛ فلهذا كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً، قاعدة عامة: كل رسول نبي، إذ لا يرسل حتى ينبأ، ويخبر ويعلم، أليس كذلك؟ وليس كل نبي رسولاً.
من صور الاستهزاء بالمتدينين وعاقبة المستهزئين
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ )[الأنعام:10] ما معنى الاستهزاء؟ تعرفون صاحب الذقن واللحية، ما الذي يقولونه له؟ يقولون: يا مطوع.والأحسن ألا نحفظ كلمات الاستهزاء، حتى لا نقولها، والله ما استهزأنا بمخلوق قط، الاستهزاء والسخرية من أخلاق وطباع الهابطين اللاصقين في الأرض، أما أهل الأنوار الربانية فلا يستهزئون.
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون )[الأنعام:10] الذي كان يستهزئون به؛ لأنه كان يخوفهم من العذاب فيسخرون من العذاب، ويذكرهم ويخوفهم من الله فيسخرون من الله! ذاك الذي يسخرون به يكون سبب دمارهم وهلاكهم.
(فحاق): أحاط بهم من كل جانب، أي: الذي سخروا به وهو ما كانوا به يستهزئون، يستهزئون بالعذاب مستبعدين له كيف يقع؟! أو كيف يكون؟ فينزل بهم ويهلكهم الله به.
تفسير قوله تعالى: (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين)
ثم قال تعالى لرسوله: ( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ )[الأنعام:11] يا جماعة الشاكين المنكرين للوحي الإلهي والرسالة المحمدية! سيروا في الأرض شرقاً وغرباً ( ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ )[الأنعام:11]، وقد قلت: إن عاداً في الجنوب، وقد قال تعالى عنهم: ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ([الفجر:6-7] بدل منها ( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ )[الفجر:7-8]، كان طول أحدهم ستين ذراعاً، كما كان آدم عليه السلام! ولا تسأل عن البناء، فإذا كان الرجل ثلاثين متراً فغرفته كم ستكون؟! ( لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ )[الفجر:8] ماذا حصل لهم؟ قال تعالى: ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا )[الحاقة:6-7]، وإلى الآن الفلاحون أهل البادية في المغرب وفي الحجاز في المشرق عندهم ليلة يسمونها قَرة العجوز، أو قِرة العجوز، عجوز من عاد هربت إلى مغارة في أقصى جبل، دخلت لتنجو، وكانت الريح في اليوم الثامن كاللولب تدور في داخل الغار حتى وصلت وسحبتها ورمت بها على صخور الغار، وهذه الريح في ليلة قرة العجوز هي أشد برد في الشتاء أو في أول الربيع.
ولما نجى الله هوداً عليه السلام والمؤمنين مشوا إلى الشمال، تركوا الجنوب بما فيه، ونزلوا بمدائن صالح هذه، ووجدوا أرضاً صالحة للزراعة والحياة فيها، فأنشئوا وعمروا وكثروا وأصبحوا أمة حضارية، وأخذوا يتملصون ويتخفون من العبادة، وظهر فيهم الشرك والخرافات كسائر الأمم، فبعث الله فيهم صالحاً، فنبأه وأرسله إليهم فقاوموا دعوته وسخروا: ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى )[فصلت:17]، هداهم الله بتلك المعجزة، ولكن استحبوا العمى على الهداية، والضلال على الصواب.
وأما قوم لوط فمكانهم تحول إلى بحيرة إلى اليوم، لا يوجد فيها سمك، ولا يعيش فيها أبداً، تحولت تلك المدن وتلك البيوت والمباني إلى أن أصبحت عبارة عن بحيرة، ونجى الله لوطاً وبنتيه عليهما السلام، وأهلك سائر قومه.
وأما في مصر فأين فرعون؟ وأين جيوشه الجرارة؟ أغرقهم الله في البحر، ومع هذا تجادلون بالباطل وتستهزئون؟ هكذا يقول تعالى لرسوله: ( قُلْ )[الأنعام:11] لهم: ( سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ )[الأنعام:11] لعلكم تهتدون وتؤمنون.
وفي هذا مشروعية زيارة مثل هذه البلاد، لكن لا على أن يضحكوا ويلهوا ويلعبوا فيها كحال بعض إخواننا، بل يقفون يبكون أو يتباكون كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، كزيارة القبور التي تذكر بالآخرة.
إذاً: مرة ثانية أسمعكم الآيات: ( وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنظَرُونَ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا )[الأنعام:7-9] إذ قالوا: ما نفهم هذا الكلام، ( وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ * وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون * قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ([الأنعام:9-11]، إذا شككتم ) سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ )[الأنعام:11].
قراءة في كتاب أيسر التفاسير

هداية الآيات
إليكم هداية هذه الآيات، وراجعوا ما سمعتم.قال: [ أولاً: الآيات بمعنى المعجزات والخوارق لا تستلزم الإيمان، بل قد تكون سبباً للكفر والعناد ]، فالآيات التي يطلبها الناس والمعجزات والخوارق لا تفهم أنها تكون سبباً للإيمان، قد تزيد في كفر الكافرين؛ [ ولذا لم يستجب الله لقريش، ولم يعط رسوله ما طلبوه من الآيات ]، وقدمنا معجزة انشقاق القمر، فهل هناك أكثر من هذه؟ هذا القمر ينفلق فلقتين على جبل أبي قبيس، والعالم يشاهد ومع ذلك قالوا: سحر!
[ ثانياً: إنكار رسالة البشر عام في كل الأمم، وقالوا: ( مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ )[المؤمنون:24] في آيات كثيرة، في حين أن إرسال الملائكة لا يتم معه هدف؛ لعدم قدرة الإنسان على التلقي عن الملائكة والتفاهم معهم، ولو أنزل الله ملكاً رسولاً لقالوا: نريده بشراً مثلنا، ولحصل الخلط واللبس بذلك.
ثالثاً: الاستهزاء بالرسل والدعاة سنة بشرية ] طريقة بشرية [ لا تكاد تتخلف؛ ولذا وجب على الرسل والدعاة الصبر على ذلك ].
لما وصل العقبي إلى الجزائر كانوا -والله- يستهزئون، يقولون: هذا عقبيس، وهابي خامسي. ومن أراد أن يسمع فسيجد آلاف أهل المدينة يسخرون من أهل التوحيد ودعوتهم، وهذه سنة في البشر إلا من عصمهم الله، لا يحل لمؤمن أن يستهزئ أو يسخر، اسأل أهل العلم عما سمعت، اسأل هذا الذي سمعت منه ما سرك ولا آذاك، اسأله واستنطقه واسمع منه الحق والهدى، فقط لأنك تحافظ على بدعتك أو ضلالك أو فسقك ترد الدعوة وتنكرها، وتتهم أصحابها بكذا وكذا، حتى لا تتبعهم وتنقاد لهم؟! هذه طبيعة البشر.
قلنا: [ الاستهزاء بالرسل والدعاة سنة بشرية لا تكاد تتخلف؛ ولذا وجب على الرسول وعلى الدعاة الصبر على ذلك ] وعدم الزعزعة، والثبات حتى يبلغوا دعوة الله، وينجي الله من أراد إنجاءه.
[ رابعاً: عاقبة التكذيب والاستهزاء ] ما هي؟ [ هلاك المكذبين والمستهزئين ] والعاقبة: النهاية، وهل نسيتم أن الله أذل المسلمين وسلط عليهم الشرق والغرب أم لا؟ ما سبب ذلك؟ لقد أعرضوا عن كتاب الله وهدي رسوله وتمسكوا بمذاهبهم وآرائهم، فانقسمت كلمتهم وتمزق شملهم، وتركوا دين الله وعبدوا الأهواء والشياطين؛ فأراهم الله عجائب قدرته فسلط عليهم بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا حتى هولندا العجوز! ثلاثة عشر مليوناً سادوا مائة مليون من المسلمين! وهذا التكذيب الآن والاستهزاء بين المسلمين في عالمهم حلفت البارحة أن له آثاراً، وأزيد فأقول: لن تخطئ سنة الله، إما أن يتوبوا إلى الله ويرجعوا إليه، وتصبح إمامتهم واحدة، ودولتهم واحدة، وشرعهم وقانونهم واحداً، وكلهم رجل واحد، لا شرك ولا باطل ولا شر ولا خبث، وإلا فسوف تمضي بهم سنة الله، ما هي قضية عام أو عشرة، لن تتخلف سنن الله عز وجل.
أوتظن الله يرضى بانقسامنا وسخريتنا بالإسلام؟ هل يرضيه تعالى هذا؟ من قال: أي نعم، قلنا له: لم لم يرضه لأجدادنا لما ملكهم الشرق والغرب وأذلوهم وأهانوهم؟
[ خامساً: مشروعية زيارة القبور، للوقوف على مصير الإنسان ومآل أمره، فإن في ذلك ما يخفف شهوة الدنيا والنهم فيها والتكالب عليها، وهو سبب الظلم والفساد ] في الأرض. من أين أخذنا هذا؟ دلت الآية عليه: ( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ )[الأنعام:11].
هذا كتاب الله فهل أقبلنا عليه؟ متى نقبل؟ لقد قلت -والله يعلم ويشهد، وسوف تذكرون هذا في قبوركم إن متم قبل الأحداث أو يوم القيامة، أو ستذكرونه وأنتم أحياء-: إن لم نرجع في صدق إلى الله، والطريق الوحيد الذي كتبنا به إلى علمائنا وإلى حكامنا هو أن يرجع أهل القرية إلى ربهم، فيجتمعون في مسجدهم الجامع من صلاة المغرب إلى العشاء كل ليلة طول العمر، نساؤهم وراء الستارة، وأطفالهم صفوف كالملائكة، والفحول أمامهم، ويتلقون الكتاب والحكمة، وكل حي من أحياء المدينة يوسعون جامع الحي حتى يتسع لكل أفرادهم نساء ورجالاً وأطفالاً، فإذا دقت الساعة السادسة وقف العمل، لا مقهى ولا مصنع ولا دكان، ويتطهرون ويحملون أطفالهم ونساءهم إلى بيت ربهم ليبكوا بين يديه ويشكوا آلامهم إليه، ويتضرعوا له ليرفعهم وينقذهم.
من المغرب إلى العشاء يتعلمون الكتاب والحكمة، فهل تبقى فرقة؟ هل يبقى خلاف؟ هل يبقى زنا أو لواط أو فجور أو كذب؟ والله لا يبقى.
وها نحن نشاهد أبناءنا وشبيبتنا كيف تنتكس في كل مكان، والجرائم والموبقات في كل مكان، فما سبب هذا؟
إنهم ما عرفوا الله، ولا عرفوا كيف يؤمنون به، فمن ينقذنا؟ هل أمريكا أو روسيا؟ من ينقذنا سوى الله عز وجل؟ كيف ينقذنا الله؟ ما الطريق؟ إنه الطريق الذي سلكه رسول الله في أمته.
إن عمر وجاره رضي الله عنهما كانا يتقاسمان الزمن، ليلة يا عمر تكون أنت مع الرسول، وليلة أنا مع الرسول!
فما أصاب الناس من الفتن كل هذا والله لن يزول إلا بالإيمان الصحيح، والمعرفة الحقة بالله عز وجل ومحابه ومساخطه.
فأيما أسلوب، وأيما سلوك وأيما نظام لا يأتي من طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو باطل، وقد التحقنا باليهود والنصارى وتشبهنا بهم حتى في البرانيط على أطفالنا! وما زلنا هابطين، متى نرتفع؟ حين نعود إلى كتاب الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والطريقة الوحيدة ما هي بالكتب ولا الكليات ولا الجامعات، الصدق أن نتلقى الكتاب والحكمة في المسجد؛ لنطبق على الفور ونعمل، لا للوظيفة ولا لهدف غير أن يعبد الله وحده! ومدارسكم حولوها إلى ما شئتم، ثم ما يزكي النفس ويهذب القلب والروح هو قال الله وقال رسوله، من أجل أن يرضى الله عز وجل ويكرم أولياءه.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.51 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.40%)]