عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-10-2021, 04:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي التعدد والازدواج اللغويان وعلاقتهما بالتعليم في المدرسة المغربية

التعدد والازدواج اللغويان وعلاقتهما بالتعليم في المدرسة المغربية
إبراهيم مهديوي




أسئلة الورقة:

كيف تسهم اللغة (أ) في تعليم وتعلُّم اللغة (ب)؟

كيف نَستثمر الازدواجَ والتعدُّد اللغويين في التعليم والتعلم؟

كيف تسهم اللغة الأم في تعليم شيء معين؟



لمَّا كانت اللغة أداةً للتعبير عمَّا يدور في الذِّهن من أفكار، وإخراجها إلى العالم الحسِّي، والإدراك الخارجي، وخير وسيلة للتفاهم بين بني البشر، وأنجَع وسيلة للاتصال ونقل الآراء - طفَت إلى السطح نِقاشات حول أيِّ لغة ستُتَّخذ للتدريس في المدرسة المغربية، فكانت الآراء تتأرجَح بين الفصحى واللغة الأمِّ للمتعلم على اختلافها.



والعربية كغيرها من اللغات تَعرف ازدواجية لغويَّة، بين مستوى معياري خاصٍّ بالكتابة، وآخر غير مِعياري خاص بالمشافهة والتواصل اليومي، لكن المطروح هو كيف نَستثمر هذه الازدواجية اللغويَّة في التعليم والتعلُّم بالمدرسة؟



يلج المتعلِّم إلى المدرسة، وفي دماغه نسق لغته الأم المكتمل غالبًا في حدود خمس سنوات، فإذا به يواجَه في مراحله التعليمية الأولى بلغةٍ لا صِلة لها بواقعه اليومي، وكأنها لغة جديدة وهي لغة المدرسة (عربية المدرسة)، الأمر الذي يَستدعي البحثَ عن وسيط لإيصال المعرفة أو تبسيطها؛ وعليه، فما الدور الذي يمكن أن يَلعبه الازدواجُ اللغوي في تعليم وتعلُّم الطفل للغة؟



الحديث عن هذه المسألة يُفضي بنا إلى اعتبار أنَّ قضيَّة الازدواج اللغوي سيف ذو حدَّين في الوقت نفسه؛ إذ إنَّ استثمار اللغة الأمِّ في تعليم اللغة له إيجابيَّات كما له سلبيَّات، والمحدد في ذلك هو كيفيَّة استثمار هذه الازدواجية في التعليم.



• إنَّ استثمار الازدواج اللغوي في التعليم بالمدرسة قد يؤثِّر إيجابًا على المتعلِّم، ومن تجلياته ما يلي:

الازدواج اللغوي: هو إغناء للقدرة اللغويَّة للطفل، وفرصة للانفتاح على علومٍ قد تكون حِكرًا على الفصحى.

اللغة الأم هي وسيلة لرفع المستوى الثَّقافي للمتعلمين؛ أي: إنَّها وسيلة لتيسير المعلومة، وبذلك تكاد تكون لغة وسطًا مبَسَّطة لهم.

يكون التدريس باللغة الأمِّ للطفل من أجل مدِّ الجسور بينها وبين الفصحى؛ (الاستهلاك المعرفي، وليس وسيلة من أجل الإنتاج).



وبهذا؛ فإنَّ اللغة الأم تُسهِم في تعليم وتعلُّم اللغة لدى الطِّفل؛ ليكون الاستثمار الإيجابيُّ الازدواج اللغوي في التعليم والتعلُّم، وبالتالي "يمكن الاستعانة بالدوارج للاستئناس وتسهيلِ عمليَّة تعلُّم الفصحى في المراحل الأولى من التمدرس، على أن تُترك للقيِّمين على الشَّأن التربوي في كل جهة حريَّةُ اختيار اللهجة - الوسيط - إن كانت العاميَّة العربية أو الأمازيغية، حسب ما يُراعي الخصوصية الثقافية للمناطق"[1].



وعليه، فهناك اتِّصال أو تعالق لغوي بين النسقين اللغويين الدَّارج والفصيح؛ ممَّا يفرض "استغلال مَسألة الرَّصيد المعجمي واستغلال ظواهر التشابه بين المستويات اللغوية التي تجعل المتعلِّمَ يوظِّف العربيةَ المغربية في تعلُّم عربية المدرسة"[2].



لكن هل يمكن لهذا الأمر أن يؤثِّر سلبًا على المتعلِّم؟

إنَّ الطفل كما سبق أن أشرنا، يأتي إلى المدرسة وقد اكتمل نسقه اللُّغوي الأم صرفًا وأصوتًا وتركيبًا... إلخ، فيصدم بنسق لغوي آخر هو الفَصيح، فيشكِّل لديه لغةً جديدة، كما أنَّ الاستعانة باللغة الأمِّ في العملية التعليمية التعلمية من شأنه أن يؤدِّي إلى اختلاط في التعلمات، فيسبِّب ذلك اضطرابات وصعوبات في التعبير والتحدُّثِ والتمييز، وهي عمليَّة تفرض على الطِّفل التفكيرَ ثمَّ ترجمة ما فكَّر فيه إلى لغة المدرسة، يضاف إلى ذلك أنَّ اعتماد اللغة الأم يَحول دون ممارستنا للُّغة الفصيحة والتخاطُب بها؛ بل الأكثر من ذلك أنَّ اللغة العربيَّة الفصيحة تحتاج إلى زمَن أطول للتعلُّم، مقارنة باللغة الأم الأقل وقتًا في الاكتساب (في حدود خمس سنوات على الأكثر)، والمعتمدة على وسائط طبيعيَّة؛ كالسَّماعِ والمشافهة، والمحاكاةِ وغيرها.



وعمومًا، تبقى قضيَّة إسهام لغة في تعليم وتعلُّم لغة أخرى مرتبطة أساسًا بالمحيط المدرسي المعتمدة فيه، وطريقة استثمارها في إنجاح العملية التعليمية التعلُّمية؛ فالمستوى المعياري لم يولَد وحده، وإنَّما تُفرض أمور سوسيولوجية، أن يكون إلى جانبه مستوًى آخر خاص بالتواصل اليومي ومقتصر على الفئات الشعبيَّة، صحيح أنَّه لا يَرقى إلى مكانة ومنزلة اللغة الرسمية، إلا أن لكلٍّ منهما وظائفهما التواصلية والمقامية، وفي المجال التدريسي، فإننا نَحسب أن تدريس أي لغة ينبغي أن يتمَّ بتلك اللغة أو بلغة أكبر منها معرفيًّا إن اقتضى الأمر ذلك، وليس ذلك إلَّا تيسيرًا للتعلمات وطلبًا للعلم والمعرفة والتطوُّر، ومحبَّةً في الانفتاح المعرفي والثقافي، وابتعادًا عن التعصُّب والطائفية.



معتمدات:

بن محمد القعود، عبدالرحمن (1997): الازدواج اللغوي في اللغة العربية، مكتبة الملك فهد الوطنية، ط 1، 1417هـ، الرياض.

مناظرة: العروي وعيوش نقاش في اللغة، برنامج مباشرة معكم لحلقة 27 أكتوبر 2013م، القناة الثانية المغربية.

حوار مع الدكتور محمد الحناش على سكاي نيوز عربية حول: التعليم في المغرب: جدل بسبب مشروع إدخال اللهجة المغربية في المناهج.

الفاسي الفهري، عبدالقادر: تقديم كتاب السياسة اللغوية في البلاد العربية، برنامج النَّاقد على القناة الثانية المغربية.

مراوحي، جليلة (2014): لغات المدرسة المغربية في الخِطاب الرسمي، مجلة علوم التربية، ع. 60، أكتوبر.

الخلوفي، فاطمة (2011): أثر المسألة اللغوية على الفشل المدرسي، البحث العلمي: مجلَّة العلوم الإنسانية والاجتماعيَّة، منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي،ع. 53، إفريقيا الشرق، 2011.





[1] مراوحي، جليلة (2014): لغات المدرسة المغربية في الخطاب الرسمي، مجلة علوم التربية، ع. 60، أكتوبر، ص (126).





[2] الخلوفي، فاطمة (2011): أثر المسألة اللغوية على الفشل المدرسي، البحث العلمي: مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي،ع. 53، إفريقيا الشرق، ص (161).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.23 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]