عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 20-06-2021, 03:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (29)
صـ 193 إلى صـ 199

وإذا جاز حدوث العالم امتنع قدمه ; لأنه [لا] (1) يكون قديما إلا لقدم العلة الموجبة له.
وإذا قدر أن ثم علة موجبة [له] (2) ، فإنه يجب القدم، ويمتنع الحدوث، وإذا جاز حدوثه امتنع قدمه، فكذلك إذا جاز قدمه امتنع حدوثه، فإنه لا يجوز قدمه إلا لقدم موجبه، ومع ذلك يمتنع حدوثه، فكما أن الممكن الذهني الذي يقبل الوجود والعدم إذا حصل المقتضى التام. وجب وجوده، وإلا وجب عدمه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وليس في الخارج إلا ما وجب وجوده بنفسه أو بغيره، أو ما امتنع وجوده بنفسه أو بغيره، فكذلك (3) القول في قدم الممكن وحدوثه: ليس في الخارج إلا ما يجب قدمه، أو يمتنع قدمه، فإذا حصل موجب قدمه بنفسه أو بغيره، وإلا امتنع قدمه، ولزم إما دوام عدمه، وإما حدوثه، فمع القول بجواز حدوثه يمتنع قدم العلة الموجبة له، فيمتنع قدمه، فلا يمكن أن يقال: إنه يجوز حدوثه مع إمكان أن يكون قديما، بل (4) إذا ثبت جواز حدوثه ثبت امتناع قدمه.
ولهذا كان كل من جوز حدوث الحوادث (5) بدون سبب حادث يقول بحدوثه، ومن قال بقدمه لم يقل أحد منهم بجواز حدوث الحوادث بدون سبب حادث - وإن كان هذا القول مما يخطر بالبال تقديره بأن
(1) لا: ساقطة من (ن) فقط.
(2) له: ساقطة من (ن) فقط.
(3) ن، م: وكذلك.
(4) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: الحادث.
***************************
يقال: يمكن حدوث الحوادث بلا سبب حادث ; لأن [الفاعل] القادر المختار (1) يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح، ويمكن مع ذلك قدم العالم بأن يكون المختار رجح قدمه بلا مرجح - فإن هذا القول لظهور بطلانه لم يقله أحد من العقلاء فيما نعلم ; لأنه مبني على مقدمتين كل منهما باطلة في نظر (2) العقول - وإن كان من العقلاء من التزم بعضهما (3) ، فلا يعرف من التزمهما معا (4) .
إحداهما: كون الفاعل المختار يرجح بلا سبب، فإن أكثر العقلاء يقولون: إن فساد هذا معلوم بالضرورة، أو [هو] (5) قطعي غير ضروري.
والثانية:
كون القادر المختار يكون فعله مقارنا له لا يحدث شيئا بعد شيء، فإن هذا أيضا مما يقول العقلاء، - أو جمهورهم -: إن فساده معلوم بالضرورة، أو قطعا، بل جمهور العقلاء يقولون: إن مفعول الفاعل لا يكون مقارنا له أبدا.
[موضع الارتباط بين الاستطراد في مسألة قدم العالم وبين الكلام في مشكلة القدر]
ثم من النظار من قال بإحدى المقدمتين دون الأخرى، فالقدرية وبعض الجهمية يقولون بالأولى، وبعض الجبرية يقولون بالأولى في حق الرب دون العبد، وأما الثانية فلم يقل بها إلا من جعل الفاعل مريدا، أو جعل (6) بعض العالم قديما كأبي البركات ونحوه.

(1) ن، م: لأن القادر المختار ; أ، ب: لأن الفاعل المختار.
(2) أ: ظن ; ب: ظاهر.
(3) ن، م، أ: بعضها. والصواب ما في (ب) .
(4) أ: فلم يعرف من التزمها جميعا ; ب: فلم يعرف من التزمهما جميعا ; م: فلم يعرف من التزمهما مع.
(5) هو: ليست في (ن) ، (م) .
(6) ن، م: وجعل.
********************************
[. وأما القائلون بقدم شيء من العالم، فلا يقولون: بأن الفاعل مريد] (1) ، وهؤلاء (2) قولهم أفسد من قول أبي البركات وأمثاله، فإن كون (3) المفعول المعين لم يزل مقارنا لفاعله هو مما يقول جمهور العقلاء إنه معلوم الفساد بالضرورة، فإذا قيل: مع ذلك إن الفاعل غير مريد كان زيادة ضلال، ولم يكن هذا مما يقوي قولهم، بل نفس كون الفاعل فاعلا لمفعوله المعين يمنع مقارنته له، وما يذكرونه من حركة الخاتم مع اليد، وحركة الشعاع مع الشمس (4) ، وأمثال ذلك ليس فيه أن المفعول قارن فاعله، وإنما قارن شرطه، وليس في العالم فاعل لم يزل مفعوله مقارنا له.
وأما سائر القائلين بقدم شيء من العالم، فلا يقولون.
بأن الفاعل مريد.ثم كل من الطائفتين من أعظم الناس إنكارا لمقدمة القدرية، وهو أن الفاعل المختار يرجح بلا مرجح حادث، ومتى جوزوا ذلك بطل قولهم بقدم شيء من العالم، فإن أصل قولهم إنما هو أن الفاعل يمتنع أن يصير فاعلا بعد أن لم يكن لامتناع حدوث الحوادث بلا سبب، فيمتنع أن يكون معطلا.
ثم يصير فاعلا. بل إذا قدر أنه كان معطلا لزم دوام تعطيله،
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: فهؤلاء.
(3) ن، م: فكون.
(4) ن، م: من حركة اليد وحركة الخاتم والشعاع مع الشمس.


********************************

(1 فإذا قدر أنه فاعل لزم دوام فعله، وعندهم يمتنع ما قاله أولئك المتكلمون من جواز تعطيله 1) (1) ، ثم فعله، (2 فمتى جوزوا أن يكون معطلا لم يفعل لم يمكنهم نفي 2) (2) ما قاله أولئك، ولا القول بقدم شيء من العالم.
لكن غاية من جوز هذا أن يصير شاكا يقول: هذا ممكن، وهذا ممكن، ولا أدري أيهما الواقع، وحينئذ فيمكن أن يعلم أحدهما بالسمع، ومعلوم أن الرسل صلوات الله عليهم أخبرت بأن الله خالق كل شيء، وأنه خلق السماوات والأرض، وما بينهما في ستة أيام، فمن قدر أن عقله جوز الأمرين، فبقي (3) شاكا أمكنه أن يعلم، وقوع أحد الجائزين بالسمع.
والعلم بصدق الرسول ليس موقوفا على العلم بحدوث العالم، وهذه طريقة صحيحة لمن سلكها، فإن المقدمات الدقيقة [الصحيحة] (4) العقلية قد لا تظهر لكل أحد، والله تعالى قد وسع طريق (5) الهدى لعباده، فيعلم أحد المستدلين المطلوب بدليل، ويعلمه الآخر بدليل آخر، ومن علم صحة الدليلين [معا] (6) كان كل منهما يدله على المطلوب، وكان
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) (2 - 2) : هذه العبارة في (ن) ، (م) محرفة.
(3) ن، م: فيهن، وهو تحريف.
(4) الصحيحة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) أ، ب، م: طرق.
(6) معا: ساقطة من (ن) ، (م) .
***************************


اجتماع الأدلة يوجب قوة العلم، وكل منهما يخلف الآخر إذا عزب (1) الآخر عن الذهن.
[دليل آخر على بطلان القول بقدم العالم]
ولكن مع كون أحد من العقلاء لم يعلم أنه قال:
هذا، ومع كون نقيضه [مما] (2) يعلم بالسمع، فنحن نذكر دلالة العقل على فساده أيضا، فنقول:
كما أنه ما يثبت قدمه امتنع عدمه، فما جاز عدمه امتنع قدمه، فإنه لو كان قديما لامتنع عدمه، والتقدير أنه جائز العدم، فيمتنع قدمه، وما جاز حدوثه لم يمتنع عدمه، بل جاز عدمه، وقد تقدم أن ما جاز عدمه امتنع قدمه ; لأنه لو كان قديما لم يجز عدمه، بل امتنع عدمه.
وتلك المقدمة متفق عليها بين النظار متكلمهم، ومتفلسفهم وغيرهم، وبيان صحتها: أن ما يثبت قدمه، فإما أن يكون قديما بنفسه، أو بغيره، فالقديم بنفسه واجب بنفسه، والقديم بغيره واجب بغيره، ولهذا كان كل من قال: إن العالم أو شيئا منه قديم، فلا بد من أن يقول هو واجب بنفسه، أو بغيره، ولا يمكنه مع ذلك أن يقول: ليس هو بواجب بنفسه، ولا بغيره، فإن القديم بنفسه لو لم يكن واجبا بنفسه لكان ممكنا مفتقرا إلى غيره، فإن كان محدثا لم يكن قديما، وإن كان قديما بغيره لم يكن قديما بنفسه، وقد فرض أنه قديم بنفسه، فثبت أن ما هو قديم بنفسه، فهو واجب بنفسه.
وأما القديم بغيره، فأكثر العقلاء يقولون: يمتنع أن يكون شيء قديما بفاعل، ومن جوز ذلك فإنه يقول: قديم بقدم موجبه الواجب بنفسه،
(1) أ، ب: يخلفه الآخر إذا غاب الآخر عن الذهن.
(2) مما: ساقطة من (ن) ، (م) .
**********************


ففاعله لا بد أن يوجبه فيكون علة موجبة أزلية إذ لو لم يوجبه، بل جاز وجوده، وجاز عدمه - وهو من (1) نفسه ليس له إلا العدم - لوجب عدمه، ومع وجوب العدم يمتنع وجوده فضلا عن قدمه، فما لم يكن موجودا بنفسه، ولا قديما بنفسه إذا لم يكن له في الأزل ما يوجب وجوده لزم عدمه، فإن المؤثر التام إذا حصل لزم وجود الأثر، وإن لم يحصل لزم عدمه.
وإذا قيل: التأثير أولى به مع إمكان عدم التأثير قيل: هذه مقدمة باطلة كما تقدم، وأنتم تسلمون صحتها، والذين ادعوا صحتها لم يقولوا بباطل قولكم، فلم يجمع أحد بين هذين القولين الباطلين.
ونحن في مقام الاستدلال، فإن قلتم: نحن نقول هذا على طريق الإلزام لمن قال هذا من الجبرية، والقدرية الذين يجوزون ترجيح القادر المختار بدون مرجح تام يوجب الفعل، فنقول لهم هلا قلتم بأن الرب فاعل مختار، وهو مع هذا. (2) فعله لازم له.
قيل لكم (3) : هؤلاء يقولون: إن الفعل القديم ممتنع لذاته، ولو قدر أن الفاعل غير مختار، فكيف إذا كان الفاعل مختارا.
فقد علم أن فعل القادر المختار يمتنع أن يكون مقارنا له.
ويقولون: لا يعقل الترجيح إلا مع الحدوث،
ويقولون:
إن الممكن لا يعقل ترجيح وجوده على عدمه إلا مع كونه حادثا، فأما الممكن المجرد بدون الحدوث (4) فلا يعقل كونه مفعولا. بل يقولون: إن هذا معلوم
(1) ب: في.
(2) ن، م: ومع هذا.
(3) ن، م، أ: قيل لهم، وهو خطأ.
(4) ن: الحدث.
****************************
بالضرورة، وهو كون (1) الممكن مما يمكن وجوده بدلا من عدمه، وعدمه بدلا من وجوده، وهذا إنما يكون فيما يمكن أن يكون [موجودا، ويمكن أن يكون] (2) معدوما، وما وجب قدمه بنفسه أو بغيره امتنع أن يكون معدوما، فيمتنع أن يكون ممكنا.
قالوا:
وهذا ما اتفق عليه جماهير العقلاء حتى أرسطو وأتباعه القدماء يقولون: إن الممكن لا يكون إلا محدثا، وكذلك ابن رشد الحفيد، وغيره من متأخريهم.
وإنما قال إن الممكن يكون قديما طائفة [منهم] (3) كابن سينا، وأمثاله، واتبعه على ذلك الرازي، وغيره، ولهذا ورد على هؤلاء من الإشكالات ما ليس [لهم] (4) عنه جواب صحيح، كما أورد بعض ذلك الرازي في (محصله) ، ومحققوهم لا يقولون: إن المحوج إلى الفاعل هو مجرد الحدوث حتى يقولوا إن المحدث في حال بقائه غني عن الفاعل، بل يقولون: إنه محتاج إلى الفاعل في حال حدوثه وحال بقائه، وإن الممكن لا يحدث ولا يبقى إلا بالمؤثر.
فهذا الذي عليه جماهير المسلمين، بل عليه جماهير (5) العقلاء لا يقولون: إن شيئا من العالم غني عن الله في حال بقائه، بل يقولون: متى قدر أنه ليس بحادث امتنع أن يكون مفعولا محتاجا إلى المؤثر، فالقدم

(1) ن، م:. بالضرورة ويقولون الممكن يمكن. . إلخ.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) منهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) لهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: بل وجماهير.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]