عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 20-06-2021, 03:36 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الاول
الحلقة (25)
صـ 166 إلى صـ 172

قديم العين متفقون على أنه لم يتكلم بمشيئته وقدرته، سواء قالوا: هو معنى واحد قائم بالذات، أو قالوا: هو حروف، أو حروف وأصوات قديمة أزلية الأعيان.
بخلاف أئمة السلف الذين قالوا:
إنه يتكلم بمشيئته، وقدرته، وإنه لم يزل متكلما إذا شاء، وكيف شاء، (1 فإن هؤلاء يقولون: الكلام قديم النوع، وإن كلمات الله لا نهاية لها، بل لم يزل متكلما بمشيئته، وقدرته، ولم يزل يتكلم كيف شاء إذا شاء 1) (1) ، ونحو ذلك من العبارات، والذين قالوا: إنه يتكلم بمشيئته وقدرته، وكلامه حادث بالغير (2) قائم (3) بذاته، أو مخلوق منفصل عنه يمتنع عندهم أن يكون قديما.
فقد اتفقت الطوائف كلها على أن المعين القديم الأزلي لا يكون مقدورا مرادا بخلاف ما كان نوعه لم يزل موجودا شيئا بعد شيء، فهذا مما يقول أئمة السلف وأهل السنة والحديث: إنه يكون بمشيئته وقدرته، كما يقول ذلك جماهير الفلاسفة الأساطين الذين يقولون بحدوث الأفلاك وغيرها وأرسطو، وأصحابه الذين يقولون بقدمها.
فأئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة يقولون: إن الأفلاك محدثة كائنة بعد أن لم تكن مع قولهم: إنه لم يزل النوع المقدور المراد موجودا شيئا بعد شيء.ولكن كثيرا من أهل الكلام يقولون: ما كان مقدورا مرادا يمتنع أن
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ن: بالعين ; م: العين، وهو تحريف.
(3) ن، م: قديم.
********************************
يكون لم يزل شيئا بعد شيء، ومنهم من يقول بمنع ذلك في المستقبل أيضا.
وهؤلاء هم الذين ناظرهم الفلاسفة القائلون بقدم العالم، ولما ناظروهم واعتقدوا أنهم قد خصموهم وغلبوهم اعتقدوا أنهم قد خصموا أهل الملل مطلقا لاعتقادهم الفاسد الناشئ عن جهلهم بأقوال أئمة أهل الملل بل وبأقوال أساطين الفلاسفة القدماء وظنهم أنه (1) ليس لأئمة الملل وأئمة الفلاسفة قول إلا قول هؤلاء المتكلمين، وقولهم أو قول المجوس والحرانية (2) ، أو قول من يقول بقدم مادة بعينها، ونحو ذلك من الأقوال التي قد يظهر فسادها للنظار، وهذا مبسوط في موضع آخر.
والمقصود هنا أن عامة العقلاء مطبقون على أن العلم بكون الشيء المعين مرادا مقدورا يوجب العلم بكونه حادثا كائنا بعد أن لم يكن، بل هذا عند العقلاء من المعلوم بالضرورة (3) ، ولهذا كان مجرد تصور العقلاء أن الشيء مقدور للفاعل مراد له فعله بمشيئته وقدرته موجب للعلم (4) بأنه حادث، بل مجرد تصورهم كون الشيء مفعولا. أو مخلوقا أو مصنوعا أو نحو ذلك من العبارات يوجب العلم بأنه محدث كائن بعد أن لم يكن، ثم بعد هذا قد ينظر في أنه فعله بمشيئته وقدرته، وإذا

(1) أ، ب: أن.
(2) يقصد ابن تيمية بالمجوس هنا المعتزلة (لقولهم بأن الخير من الله والشر من الإنسان) . ويقصد بالحرانية الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام وخاصة الفارابي الذي تعلم الفلسفة من الصابئة المشركين في حران (انظر الرد على المنطقيين، ص [0 - 9] 87 - 288) .
(3) ن، م: من العلوم الضرورية.
(4) أ، ب: يوجب العلم.
**********************************


علم أن الفاعل لا يكون فاعلا إلا بمشيئته وقدرته، وما كان مقدورا مرادا، فهو محدث كان هذا أيضا دليلا ثانيا (1) على أنه محدث.
ولهذا [كان] (2) كل من تصور من العقلاء أن الله تعالى خلق السماوات والأرض أو خلق (3) شيئا من الأشياء كان هذا مستلزما لكون ذلك المخلوق محدثا كائنا بعد أن لم يكن.
وإذا قيل لبعضهم: هو قديم مخلوق، أو قديم [محدث] (4) ، وعنى بالمخلوق والمحدث ما يعنيه هؤلاء المتفلسفة الدهرية المتأخرون الذين يريدون بلفظ المحدث أنه معلول، ويقولون: إنه قديم أزلي مع كونه معلولا ممكنا يقبل الوجود والعدم، فإذا تصور العقل [الصريح] (5) هذا المذهب جزم بتناقضه، وأن أصحابه جمعوا بين النقيضين حيث قدروا مخلوقا محدثا معلولا مفعولا ممكنا أن يوجد وأن يعدم، وقدروه مع ذلك قديما أزليا واجب الوجود بغيره يمتنع عدمه.
وقد بسطنا هذا في مواضع في الكلام على المحصل وغيره، وذكرنا أن ما ذكره الرازي (6) عن أهل الكلام من أنهم يجوزون وجود مفعول
(1) ن، م: أ: ثابتا.
(2) كان: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: وخلق.
(4) محدث: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) .
(5) الصريح: ساقطة من (ن) فقط.
(6) أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الرازي، فخر الدين، المعروف بابن الخطيب، المتوفى سنة 606، من أئمة الأشاعرة الذين مزجوا المذهب الأشعري بالفلسفة والاعتزال. ومن أهم مؤلفاته " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين ". طبع بالقاهرة سنة 1323. ولابن تيمية كتاب بعنوان " شرح أول المحصل " ذكره ابن عبد الهادي في: " العقود الدرية، ص [0 - 9] 7، طبع القاهرة، 1356/1938 ; وابن القيم في: " أسماء مؤلفات ابن تيمية، ص 19، طبع دمشق، 1953 (بتحقيق الدكتور صلاح المنجد) . وانظر ترجمة الرازي في ابن خلكان 3/381 - 385 ; شذرات الذهب 5/21 ; طبقات الشافعية 8/81 - 96 ; لسان الميزان 4/246 - 249 ; الأعلام 7/203.
******************************
معلول أزلي للموجب بذاته لم يقله (1) أحد منهم، بل هم متفقون على أن كل مفعول، فإنه لا يكون إلا محدثا.
وما ذكره هو وأمثاله موافقة لابن سينا من أن الممكن وجوده وعدمه قد يكون قديما أزليا قول باطل عند جماهير العقلاء من الأولين والآخرين.
حتى عند أرسطو وأتباعه القدماء والمتأخرين، فإنهم موافقون لسائر العقلاء في أن كل ممكن يمكن وجوده وعدمه لا يكون إلا محدثا كائنا بعد أن لم يكن، وأرسطو إذا قال: إن الفلك قديم لم يجعله مع ذلك ممكنا يمكن وجوده وعدمه.
والمقصود أن العلم بكون الشيء مقدورا مرادا يوجب العلم بكونه محدثا، بل العلم بكونه مفعولا يوجب العلم بكونه محدثا، فإن الفعل والخلق والإبداع والصنع ونحو ذلك لا يعقل إلا مع تصور حدوث المفعول.
وأيضا، فالجمع بين كون الشيء مفعولا وبين كونه قديما أزليا مقارنا لفاعله. (2) في الزمان جمع بين المتناقضين، ولا يعقل قط في الوجود

(1) ب (فقط) : أنه لم يقله.
(2) أ، ب: للفاعل.
*************************


فاعل قارنه مفعوله المعين (1) سواء سمي [علة] فاعلة، أو لم يسم (2) ، ولكن يعقل كون الشرط مقارنا للمشروط.
[المعنى الصحيح للتقدم والتأخر]
والمثل (3) الذي يذكرونه من قولهم حركت يدي، فتحرك خاتمي، أو كمي (4) ، أو المفتاح (5) ، ونحو ذلك حجة عليهم لا لهم، فإن حركة اليد ليست هي العلة التامة، ولا الفاعل لحركة الخاتم، [بل الخاتم] (6) مع الإصبع كالإصبع مع الكف، فالخاتم متصل (7) بالإصبع، والإصبع متصلة بالكف لكن الخاتم يمكن نزعها بلا ألم بخلاف الإصبع، وقد يعرض بين الإصبع والخاتم خلو يسير (8) بخلاف أبعاض الكف.
ولكن حركة الإصبع شرط في حركة الخاتم، كما أن حركة الكف شرط في حركة الإصبع أعني في الحركة المعينة التي مبدؤها من اليد بخلاف الحركة التي تكون للخاتم، أو للإصبع ابتداء، فإن هذه [متصلة] (9) منها إلى الكف كمن يجر إصبع غيره، فيجر معه كفه.
وما يذكرونه من أن التقدم والتأخر يكون بالذات والعلة كحركة
(1) أ، ب: ولا يعقل قط في الوجود مقارنة مفعوله المعين.
(2) ن، م: سواء سمي فاعله أو لم يسم.
(3) ن، م: والمثال.
(4) أ، ب: فمي، وهو خطأ.
(5) انظر ابن سينا: (الشفاء: الإلهيات، 1/165، القاهرة، 1380/1960 ; الإشارات والتنبيهات، 3/105، القاهرة، 1948) حيث يتكلم عن ارتباط حركة المفتاح بحركة اليد.
(6) بل الخاتم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) أ، ب: متصلة.
(8) أ، ب: ولكن يفرق بين الإصبع والخاتم بيسير.
(9) أ، ب: منفصلة ; ن، م: متصل. والصواب ما أثبتناه، ويكون المعنى: فإن هذه الحركة متصلة من إلى الإصبع الكف.
*****************************


الإصبع، ويكون بالطبع كتقدم الواحد على الاثنين، و [يكون] بالمكانة (1) كتقدم العالم على الجاهل، و [يكون] بالمكان (2) كتقدم الصف الأول على الثاني: وتقدم مقدم المسجد على مؤخره، ويكون بالزمان كلام مستدرك.
فإن التقدم والتأخر المعروف هو التقدم والتأخر بالزمان، [فإن قبل] (3) وبعد ومع ونحو ذلك، معانيها لازمة للتقدم والتأخر الزماني، وأما التقدم بالعلية (4) ، أو الذات مع المقارنة في الزمان، فهذا لا يعقل ألبتة، ولا له مثال مطابق في الوجود، بل هو مجرد تخيل لا حقيقة له.
وأما تقدم الواحد على الاثنين، فإن عنى به الواحد المطلق، (5 فهذا لا وجود له في الخارج، ولكن في الذهن، والذهن يتصور الواحد المطلق 5) (5) قبل الاثنين المطلق، فيكون متقدما في التصور تقدما زمانيا، وإن لم يعن به هذا فلا تقدم، بل الواحد شرط في الاثنين مع كون الشرط لا يتأخر عن المشروط، بل (6) قد يقارنه وقد يكون معه، فليس هنا تقدم واجب (7) غير التقدم الزماني.
وأما التقدم بالمكان، فذاك نوع آخر، وأصله من التقدم بالزمان، فإن
(1) ن، م: وبالمكانة.
(2) ن، م: وبالمكان.
(3) عبارة " فإن قبل ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن: بالغلبة، وهو تحريف.
(5) (5 - 5) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(6) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: تقدما واجبا، وهو خطأ.
******************************
مقدم المسجد تكون فيه الأفعال المتقدمة بالزمان على مؤخره، فالإمام يتقدم فعله بالزمان لفعل المأموم، فسمي محل الفعل المتقدم متقدما، وأصله هذا.
وكذلك التقدم بالرتبة، فإن أهل الفضائل مقدمون في الأفعال الشريفة والأماكن (1) ، وغير ذلك على من هو (2) دونهم، فسمي ذلك تقدما، وأصله هذا.
وحينئذ فإن كان الرب هو الأول المتقدم على كل ما سواه (3) كان كل شيء متأخرا عنه، وإن قدر أنه لم يزل فاعلا فكل فعل معين ومفعول معين هو متأخر عنه.
[الزمان المطلق مقدار الحركة المطلقة]
وإذا قيل:
الزمان مقدار الحركة، فليس هو مقدار حركة معينة كحركة الشمس، أو الفلك (4) ، بل الزمان المطلق مقدار الحركة المطلقة، وقد كان قبل أن يخلق الله (5) السماوات والأرض والشمس والقمر حركات وأزمنة، وبعد أن يقيم الله القيامة، فتذهب الشمس، والقمر تكون في الجنة حركات وأزمنة (6) ، كما قال تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} [سورة مريم: 62] .
وجاء في الآثار أنهم يعرفون الليل والنهار بأنوار تظهر من جهة

(1) أ، ب: والأمكنة.
(2) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) أ، ب: فإذا كان الرب هو الأول كالمتقدم على ما سواه. إلخ.
(4) ب:. حركة معينة للشمس أو الفلك ; أ: حركة معينة الشمس أو الفلك.
(5) لفظ الجلالة ليس في (أ) ، (ب) .
(6) وأزمنة: ساقطة من (أ) ، (ب) .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.47%)]