عرض مشاركة واحدة
  #154  
قديم 27-01-2022, 12:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي


شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(باب صلاة الكسوف)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (149)

صـــــ(1) إلى صــ(32)



باب صلاة الكسوف

شرع الله سبحانه وتعالى صلاة الكسوف التجاء إليه سبحانه عند حدوث الكسوف للشمس أو للقمر، وقد حث على الدعاء والصدقة فيها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الصلاة فيها من الأحكام ما ينبغي على المسلم معرفتها إذا أداها، ولتكون على هدي النبي صلى الله عليه وسلم،
ومن أهم المسائل والأحكام المتعلقة بها: حكم صلاة الكسوف وصفتها، والأحوال التي لا تشرع فيها صلاة الكسوف، وغيرها من الأحكام.
[أحكام صلاة الكسوف]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [باب صلاة الكسوف].المراد بالكسوف كسوف الشمس والقمر.وللعلماء رحمهم الله في إطلاق الكسوف عليهما خلاف معروف،
فمن أهل العلم من يقول:
إن الكسوف والخسوف يطلقان على الشمس والقمر،
وقد جاء بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان ولا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته) قال العلماء رحمهم الله: فعبر بالكسوف عنهما، وكذلك بالخسوف وهذا هو أحد الأوجه عند أهل العلم رحمة الله عليهم.
ومن أهل العلم من يقول: إن الكسوف للشمس والخسوف للقمر.وعلى هذا مصطلح أكثر الفقهاء رحمة الله عليهم، فيعبرون بالكسوف للشمس وبالخسوف للقمر،
كما قال تعالى:
{فإذا برق البصر} [القيامة:7] {وخسف القمر} [القيامة:8]، فعبر بالخسوف للقمر، ففهم من هذا أن الكسوف للشمس،
وقد جاء في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه: (كسفت الشمس فصلى)، فعبر بالكسوف للشمس،
قالوا:
وعبر القرآن بالخسوف في القمر، فدل على أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر.وصحح غير واحد من أئمة اللغة هذا المذهب، وقال الجوهري،
وكذلك ثعلب:
إن الأفصح أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر.
وقال بعض أهل العلم:
الكسوف للقمر والخسوف للشمس وقد ضعف هذا المذهب القاضي عياض رحمه الله؛ لأنه خلاف التنزيل،
فإن الله عز وجل قال:
{وخسف القمر} [القيامة:8]، فعبر بالخسوف في القمر، فدل على أنه يطلق الخسوف على القمر، وعدم إطلاقه على القمر على هذا القول يخالف نص الآية، وهذا من أضعف المذاهب.وهناك مذهب آخر يرى أن الكسوف المراد به ذهاب بعض الضوء،
فتقول:
كسفت الشمس وكسف القمر: إذا ذهب بعض الضوء،
وتقول:
خسفت الشمس إذا ذهب الضوء كله، وكذلك خسف القمر إذا ذهب الضوء كله.وفي هذا القول جمع بين الأقوال التي سبق ذكرها، ويختاره بعض الأئمة رحمهم الله من الفقهاء واللغويين.
وقد ترجم الإمام البخاري رحمة الله عليه في الصحيح بباب:
(هل يقول كسفت الشمس أو خسفت؟) فقدم الكسوف وعبر به للشمس، وأخر الخسوف،
فقال بعض العلماء:
إن الإمام البخاري متردد في هذه المسألة، حيث أورد هذه الترجمة بصيغة الاستفهام التي لا جزم فيها، فكأنه متردد بين هذه الأقوال.
ومن أهل العلم من يقول: إن الإمام البخاري قصد أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر؛
لأنه بوب بقوله:
(هل يقول كسفت الشمس أو خسفت؟)،
ثم قال:
وقال الله تعالى: {وخسف القمر} [القيامة:8]،
ففهم من هذا أنه يميل إلى مذهب من يقول: إن الكسوف للشمس والخسوف للقمر.
والمصنف حين قال:
(باب صلاة الكسوف)، فإنه إن كان يرى أن الكسوف خاص بالشمس فإنه قدمه لأن الأدلة وردت في كسوف الشمس، فيكون خسوف القمر تبعا من هذا الوجه، وإن كان يرى القول الذي يطلق الكسوف عليهما، فحينئذ لا إشكال في تعبيره بالكسوف.
[صلاة الكسوف من صلوات الرهبة]
وهذا النوع من الصلوات -أعني صلاة الكسوف- يعتبر من صلوات الرهبة، وذلك أن الله عز وجل يرسل بالآيات تخويفا لعباده، وزجرا لهم، وتنبيها لهم من غفلتهم وما هم فيه من الإعراض عنه سبحانه وتعالى، فيرسل الآيات تخويفا لعباده،

وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في خطبته حيث قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، يخوف الله بهما عباده، لا ينخسفان ولا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته)، فنص على أنها آيات يخوف الله عز وجل بها عباده، وذلك بما يعتريهما من الكسوف والخسوف.فهذه الصلاة المخصوصة التي أثرت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حال كسوف الشمس إنما هي صلاة رهبة، والمراد بذلك أن الناس تفزع إلى الله عز وجل وتفر إليه بذكره، وتقف بين يديه بأشرف المقامات وأحبها إلى الله سبحانه وتعالى وهي الصلاة التي قال عليه الصلاة والسلام فيها: (استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة).وهناك نوع ثان من الصلوات يسمى بصلاة الرغبة، وهي صلاة الاستسقاء، فكما أن صلاة الكسوف للرهبة كذلك صلاة الاستسقاء للرغبة، ولذلك ابتدأ المصنف بصلاة الكسوف ثم أتبعها بصلاة الاستسقاء.
[مناسبة تأخر باب صلاة الكسوف إلى نهاية كتاب الصلاة]

وأما مناسبة باب صلاة الكسوف لما تقدم من صلاة العيدين فهي أن المصنف رحمه الله ابتدأ بالصلاة مع الجماعة وبيان صلاة الجماعة وأحكامها، ثم ثنى بما تشرع له الجماعة كل يوم، ثم شرع في بيان ما تشرع له الجماعة كل أسبوع وهي الجمعة، ثم أتبع ذلك بباب صلاة العيدين وهي الصلاة التي تشرع جماعة مرتين في العام،
ولما كان الكسوف قد يقع وقد لا يقع أتبع الغالب بالنادر فقال: (باب صلاة الكسوف)، ولما كانت صلاة الاستسقاء تبعا لصلاة الكسوف من جهة المقابلة في كونها صلاة رغبة وسؤال وحاجة لله عز وجل ختم بها باب الصلوات ثم أتبع ذلك بباب صلاة الجنائز.
[الدلائل والبراهين الجلية لكسوف الشمس والقمر]

في الكسوف آيات لله عز وجل أعظمها وأجلها أنه يدل على وحدانية الله سبحانه وتعالى، وذلك أن اختلال الأشياء المنتظمة يدل على وجود مؤثر وهو الله عز وجل الذي جعلها تنتظم بقدرته وتختل بقدرته،

وفي هذا رد على الطبيعيين الذين يقولون: إن الحياة طبيعية، وليس هناك إله -تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا- فحينما تختل الأمور يدل اختلالها على وجود مؤثر وهو الله سبحانه وتعالى، ولذلك خلق الله الأشياء بالأضداد حتى لا ينسب الأمر إلى الطبيعة، فجعل الألوان مختلفة والأشكال مختلفة، وجعل الصفات متباينة،
كما قال تعالى: {ومن كل شيء خلقنا زوجين} [الذاريات:49]، فجعل الأشياء أزواجا حتى تدل على وحدانيته سبحانه وتعالى؛ لأنه لو حدثت الأشياء بنفسها لحدثت على وتيرة واحدة، فلما جعلها الله متباينة الأشكال مختلفة الصور والصفات كان هذا من دلائل وحدانيته، ومن هنا نهي المكلف عن تغيير الخلقة، فنهيت المرأة عن وصل شعرها؛ لأنك إذا رأيت المرأة بشعرها ثم رأيت امرأة بدون شعر علمت أن هناك إلها يخلق هذا وهذا، فنهي عن تغيير الخلقة والتعرض لها حتى يبقى عند الناس شعور بوجود من يخلق هذه الأشياء ويدبرها سبحانه وتعالى.وأدلة القرآن تنصب على هذا، فتجد أن الله عز وجل يذكر ألوان الجبال، واختلاف الأشياء وتضادها، كالليل والنهار، والشمس والقمر، فكل شيء جعل له ضد، وهذه الضدية تشعرك بوحدانية الله عز وجل.
فإن جاء إنسان يقول: الحياة طبيعية وليس هناك إله، فإنك تفحمه وتلقمه الحجر بوجود التباين، فلو كانت الأشياء حدثت بنفسها لحدثت بوتيرة واحدة، إما على الكمال المطلق وإما على النقص المطلق، أما كون هذا يكون على النقص وهذا يكون على الكمال، وهذا يكون كماله في الحس ونقصه في المعنى، وهذا كماله في المعنى ونقصه في الحس، فكل ذلك يدل على وحدانية الله سبحانه وتعالى ووجود الخالق لوجود هذا التباين.والكسوف من آيات الله التي فيها رد على عبدة الشمس والكواكب، وذلك أنهم لما عظموا الشمس واعتقدوا أنها الإله غيبها الله سبحانه وتعالى عنهم في كل يوم؛ حتى يعلموا أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يسيرها، وهو الذي يأمرها فتأتمر،

كما في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (يوشك أن يقال لها: ارجعي من حيث أتيت، فتصبح طالعة من مغربها، أتدري متى ذلك يا أبا ذر؟! حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا).

فالمقصود: أن الله يغيبها حتى يكون في ذلك رد على من يعبد الشمس، فلو كانت الشمس هي الإله لبقيت، ولكنها تزول وتذهب، فإذا كانت باقية كما في بعض المناطق التي قد لا تغيب عنها الشمس إلا لحظات يسيرة فإنها تغيب بالكسوف ويذهب ضوءها بالكلية، ويظهر حينئذ أنها أفقر ما تكون لله عز وجل، فالقمر يكون بينها وبين الأرض فيكون الكسوف إما كليا أو جزئيا، فيظهر حينئذ أنه لا إله إلا الله سبحانه وتعالى.كما أن في الكسوف تنبيها للغافلين وإيقاظا للنائمين الذين هم في بعد عن صراط الله المبين؛ لأن الإنسان إذا أصابته النعمة كفر بها إلا أن يرحمه الله برحمته، فكونه يعيش في حياة يألفها ويفاجأ في يوم من الأيام بالشمس قد ذهب ضوءها، وأصبحت لا ضوء لها فإنه قد ينتبه ويعود إلى الله عز وجل، حتى إنه في بعض الأحيان يذهب ضوءها إلى درجة يرى الناس فيها النجوم في وضح النهار، وكأنهم في ليلة من ليالي السرار، وهذا من عظمة الله سبحانه وتعالى.فمن أبلغ ما يكون عظة في الكسوف أن يذهب ضوءها بالكلية فيكون كسوفا كليا، حتى إن الناس يرون النجوم، ويكون في ذلك عظة عظيمة للناس، خاصة المذنبين منهم، وفيه تثبيت لأهل الطاعة؛ لأنه يزيد من خوفهم من الله جل جلاله، ولذلك كان أكمل الموحدين وإمام المطيعين صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين إذا رأى الريح أقبل وأدبر، وتغير وجهه صلوات الله وسلامه عليه من شدة خوفه من الله سبحانه وتعالى.فالكسوف يزيد من خوف الخائفين، ويزيد من يقين الموقنين، ففيه نوع من السلوى لأهل الإيمان والثبات لهم على طاعة الله جل جلاله، وكذلك فيه التنبيه والعظة لمن كان بعيدا عن الله غافلا عن طاعته جل ذكره،

وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقوله: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده)، فهذا التخويف المقصود به دعوتهم إلى القرب من الله عز وجل، ولذلك شرع الله عز وجل هذه الصلاة التي فيها دليل على خوف العبد من الله سبحانه وتعالى، واستشعاره لعظمته وقدرته على أخذ العباد كما أخذ ضوء هذه الشمس وأذهب ضياء القمر، فإنه قادر سبحانه وتعالى على أن يذهب من دون ذلك وهم البشر.نسأل الله العظيم أن يرحمنا برحمته.
[حكم صلاة الكسوف]

قال المصنف رحمه الله: [تسن جماعة وفرادى إذا كسف أحد النيرين].قوله: (تسن) أي: صلاة الكسوف، وقد دل على هذه السنة الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،

قال الحافظ المنذري: روى حديث الكسوف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر شخصا من أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، فممن روى حديث الكسوف عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عباس، وأم المؤمنين عائشة وأسماء وأبو موسى الأشعري وأبو هريرة وأبي بن كعب وسمرة بن جندب وقبيصة الهلالي رضي الله عنهم، وأحاديثهم في الصحيحين وكذلك في السنن، وكلها وصفت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف.

وقد وقع الكسوف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم واختلف فيه: فبعض العلماء يقول: كسفت الشمس أكثر من مرة.وقالوا: الأحاديث التي وردت اتفقت على مرة، وهي في يوم موت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم.وورد عند الزبير بن بكار بسند تكلم بعض العلماء فيه أنه كان موته في السنة العاشرة من الهجرة، ووقع ذلك في اليوم العاشر من ربيع الثاني وقام بعض الفلكيين المتأخرين بحسابه وضبطه بالعاشر من شوال من السنة العاشرة، وهذا أمر يحتاج إلى نظر؛ لأنه من الصعوبة بمكان التوصل إلى مثل هذه الأمور، إلا أن حساب الكسوف أمر ممكن، وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، والإمام ابن القيم وبسطا في ذلك بسطا يحبب الرجوع إليه في (مجموع الفتاوى) و (مفتاح دار السعادة) بينا فيه أنه يقع الحساب، ويمكن للإنسان أن يعرف متى يقع الكسوف وعدد مراته إذا كان ضابطا لحسابه، وليس هذا من علم النجوم،

ولا يعد هذا من العلم المذموم؛ لأنه تابع لمنازل القمر، ويكون الاهتداء إلى وقت الكسوف راجع إلى الخبرة والمعرفة، فهو من الاهتداء بالعلامات والأمارات، وليس من باب التنجيم الذي ذم شرعا، وإن كان اطلاع الناس على الكسوف والخسوف لا ينبغي؛ لأنه يحدث عندهم إلفا لهذا الأمر، ويورث ضعفا في خشية الله تعالى والخوف منه، بخلاف ما إذا فوجئوا، والعجب أنه قد يفعل هذا بعض الناس بقصد أن يذهب الخوف عن الناس، والله عز وجل أراد أن يخوف عباده وهذا يريد أن يطمئنهم،

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول عن كسوفهما: (يخوف الله بهما عباده)، ولذلك لا يجوز لأحد أن يخفف عن الناس، أو يقصد التخفيف عن الناس، أما إذا كان من باب الصنعة، أو من باب العلم والدراية بمواقيت الكسوف والإخبار عنها فهذا لا حرج فيه، والأفضل والأكمل أن لا يخبر الناس، حتى يكون أبلغ في زجرهم وعظتهم.وقد اتفق على وقوع الكسوف في يوم موت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي ذكرناه،

وهناك رواية في السنن: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الكسوف بمكة)، وتكلم عليها وهي ضعيفة، والمحفوظ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الكسوف بالناس في مكة.
وقوله: [تسن].من العلماء من قال: سنة واجبة، كما يقول بعض أئمة الحنفية، وبعض أهل الحديث، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: (فصلوا وادعوا)، وظاهر الأمر الوجوب، ولأن الخروج من الخوف يكون بما يقابله مما هو أشبه في اللزوم، لا بما هو مندوب إليه.

وذهب جماهير أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة: إلى أنها سنة، وإذا قام بها البعض فإنه لا إثم على الباقين.وقوله رحمه الله: [تسن فرادى وجماعة]،

أي: من السنة صلاة الكسوف، ولا بأس أن يصليها الإنسان لوحده ويصليها مع الجماعة.ويستوي في ذلك أن يصليها في الحضر أو يصليها في السفر، فلو كنت مسافرا ورأيت خسوف القمر أو كسوف الشمس شرع لك أن تصلي، وعلى القول بأنها نافلة تصليها ولو على الدابة، بناء على أن صلاة النافلة يجوز فعلها على الدابة،

كما في الصحيحين من حديث ابن عمر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على دابته إلا المكتوبة)، فيصلي الإنسان ولو كان في السفر،
ولو صلى مع الجماعة فهو أفضل وأكمل لندائه عليه الصلاة والسلام: (الصلاة جامعة)، وكذلك يصلي بأهله، فلو أنه جمع أهله وصلى بهم شرع له ذلك، فلا حرج أن يصليها منفردا ولا حرج أن يصليها في جماعة، سواء أوقعت جماعته مع الناس أم وقعت مع خاصته كأهله، أو كانوا رفقة في السفر فنزلوا وصلى بهم أحدهم فلا حرج في ذلك، ولكن إذا صلى لوحده لا يخطب عند من يقول بالخطبة، وسيأتي إن شاء الله بيان حكم الخطبة، وأن الصحيح أنها ليست بواجبة، وسنبين دليل عدم وجوبها إن شاء الله تعالى.
وقوله: [إذا كسف أحد النيرين] أي: يستوي في ذلك الشمس والقمر.وهذا يدل على أن المصنف يميل إلى أن الكسوف يطلق على الشمس والقمر، وأنه لا حرج،

ولذلك قال: (إذا كسف أحد النيرين) أي: إذا ذهب بعض أو كل ضوئه فإنه يسن أن تصلي، والسنة أن يكون ذلك عند بداية الكسوف، ولا ينتظر إلى تمامه وكماله، فإن الآية تكون من بداية الكسوف،

فإذا رأى بداية الكسوف أو شعر ببداية الكسوف فإنه ينادي بقوله: الصلاة جامعة.وإذا اجتمع الناس صلى بهم، ولا ينتظر تمام الكسوف أو اشتداده.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.80 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.59%)]