عرض مشاركة واحدة
  #703  
قديم 25-07-2021, 04:56 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

معنى قوله تعالى: (وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل)
قال: ( تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ )[المائدة:110]، علمه الكتاب فكان يخط بالقلم ويحسن ذلك ويجيده، والحكمة في قوله وعمله، لا يقول إلا مع الحكمة ولا يفعل إلا معها، ولا يترك إلا بها، لا تفارقه الحكمة، والحكمة: وضع الشيء في موضعه، فالذي يضع الشيء في غير موضعه هذا أحمق ويتخبط ولا حكمة عنده، وضربنا لذلك أمثلة: لو أن شخصاً في حلقة الدرس يزحزح من حوله ويقول: ابتعدوا وينام، فهل من الحكمة أن ينام هنا؟ لا، هل هذا مكان للنوم؟! لكن لو كان في بيته أو في مكان آخر فنعم. لو أن شخصاً خرج عند باب المسجد وبال، فهل وضع البول في موضعه؟ إن موضعه الحمامات والمراحيض، فهذا أحمق.
فالحكيم: هو الذي تصرفاته كلها لا يخطئ فيها، يضع كل شيء في موضعه، الطعام، الشراب، اللباس، البناء، السفر، الهدم، كل عمله قائم على مبدأ وضع الشيء في موضعه، وهذه تطلب من الله، فاسأله أن يعطيك الحكمة، فمن طلب وجد.
قال: ( وَإِذْ عَلَّمْتُكَ )[المائدة:110]، اذكر ( وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ )[المائدة:110]، التوراة: كتاب أنزله الله على موسى، أحد الكتب المقدسة الأربعة، التوراة فيها ألف سورة، وهي مأخوذة من النور والتورية، فعيسى عليه السلام قرأها وحفظها وفهمها وهو صغير، وأوحى الله إليه الإنجيل، فعلمه إذاً التوراة والإنجيل.
معنى قوله تعالى: (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيراً بإذني)
يقول تعالى: واذكر أيضاً ( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي )[المائدة:110]، اليهود طالبوا عيسى بالآيات، بالمعجزات العجب، من جملة ذلك أنهم قالوا: إذا كنت رسول الله فاصنع لنا طيراً نشاهده يطير في السماء، فقال: باسم الله، فأخذ طينة وألانها وعجنها وصور طيراً كطير من الطيور ونفخ فيه باسم الله فطار أمامهم، فقالوا: ساحر، لا يريدون أن يؤمنوا، هذه آية من الآيات العظمى، ( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي )[المائدة:110]، الله الذي قال له: طر وكن طيراً، هذا توبيخ لليهود والنصارى وتأديب لهم لو كانوا يقبلون على القرآن ويسمعون، وهذا في عرصات القيامة، يوبخون هذا التوبيخ ليعظم الحكم عليهم وتشتد بهم المحنة. (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي )[المائدة:110]، هو الذي أذن له في ذلك، ( فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي )[المائدة:110] أيضاً، لولاي ما طارت.
معنى قوله تعالى: (وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني)
(وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي )[المائدة:110]، الكمه: هو أن يولد المولود بلا عينين، أعمى، أي: عيناه مطموستان، ينفخ فيهما ويمسحهما باسم الله فيعود بصيراً، ولو جاءت الدنيا كلها فلن تستطيع أن تخلق عينين، أما هذا الذي يصنعونه من زجاج فكله كذب، أما إيجاد عين تبصر فيستحيل على البشرية أن توجدها، فهذا الذي يولد أكمه لا يبصر شيئاً ينفخ فيه ويمسح على عينيه أو يرفع يديه إلى ربه يسأله فيعود بصره.والبرص داء عضال، إلى الآن مع هذا الاكتشاف وهذا التقدم هل استطاعوا أن يوقفوا البرص ويعالجوه؟ ولهذا ذكر تعالى البرص، فالأبرص ينفخ فيه، يمسح على يديه ورجله فيعود كما كان بشرته نظيفة بيضاء، ( وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ )[المائدة:110]، ومع هذا ما قالوا: رسول الله؛ لأنهم يحافظون على المادة والعياذ بالله.
قال تعالى: ( وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي )[المائدة:110]، لولا الله فهل سيبرئ؟ لا شيء. لولا أن الله أمره فهل سيفعل؟
(وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي )[المائدة:110]، اذكر هذا أيضاً، ميت في قبره، فيقولون: يا روح الله.. يا عيسى! إن كنت رسول الله فادع ربك يخرج لنا هذا الميت، فيدعو ويخرج الميت، حتى جاءوا إلى قبر سام بن نوح ، وقالوا: ادع ربك يخرج لنا هذا إن كنت رسولاً، فقام يصلي ويدعو فخرج من قبره سام بن نوح ، ( وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي )[المائدة:110].
والكذابون والمفترون يقولون: هذه كلها افتراءات، ومن ذلك أن عجوزاً مات ولدها، والحادثة كما هي في الإنجيل، امرأة مات ولدها والجنازة على أعناق الرجال في الشارع مشاهدة، فقالت: يا روح الله! ادع الله أن يحيي ولدي، فدعا الله فجلس الولد على السرير فأنزلوه ومشى مع أمه، فقالوا: هذه مؤامرة بين هذه العجوز وبين عيسى، اتفق معها وقال: إذا كنا مارين فقولي: ادع الله، والولد حي ما هو بميت! قالوا ذلك، ولكن هذا الذي في القبر كيف يخرج من القبر؟ هل هناك مؤامرة في القبر؟ مستحيل.
(وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى )[المائدة:110]، والإخراج غير الإحياء من القبر.
معنى قوله تعالى: (وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات...)
(وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ )[المائدة:110]، وعزموا على قتله، فرئيس الشرطة جاء بشرطه ورجاله إلى منزل عيسى عليه السلام وطوقوه وقالوا: الآن نأخذه ونعلقه، فشاء الله عز وجل أن يفتح روزنة من السقف، ويأخذ عيسى إلى الملكوت الأعلى، ويلقي الشبه على رئيس البوليس، لما انفتح الباب دخل رئيس الشرطة فألقى الله الشبه عليه، فلما تأخر وما خرج تدفق الجيش فوجدوه كأنه عيسى، فألقوا القبض عليه وخرجوا، ومن الغد قتلوه وصلبوه أمام العالم، والله يقول: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ )[النساء:157]، وصدق الله العظيم، ألقى الشبه عليه فقتلوا رئيس شرطتهم، وما عرفوه وصلبوه وعلقوه على الأخشاب، وعيسى رفعه الله إليه، وسوف ينزله عما قريب، وإننا نقترب من أيام نزوله، وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( كأني بابن مريم في الروحاء ملبياً بحج )، فوالله! ليحجن.ومن هنا أذكر شيئاً ولا تقولوا: قال الشيخ جازماً، فقد ذكر فقهاء المسلمين -وقرأنا هذا في الفقه المالكي- أن من الجائز أن يدفن عيسى في الحجرة الشريفة، وذلك لسببين قويين:
أولاً: يوجد في الحجرة مكان إنسان، حيث الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ، وبقي مكان قدر ما يدفن فيه إنسان، فمن هذا الذي يدفن فيه؟
وعيسى سينزل ويحج، إذاً: سيزور، فمن الجائز أن يدفن مع حبيبه صلى الله عليه وسلم، ولو تجتمع البشرية كلها على أن تدفن في هذا المكان إنساناً فلن تستطيع، ويدفعها الله عز وجل، لكن إذا أعده لعبده ورسوله ليدفن مع أخيه فنعم، أما قال: ( أنا أولى بعيسى )؟
وتذكرون المؤامرة التي تمت بين بعض المجرمين على أن ينبشوا قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويأخذوا جثته الطاهرة، وهذه الحادثة مكتوبة وشائعة وليست أبداً بغريبة ولا مستغربة، في سقيفة الرصاص كان لهم منزل، وأخذوا يحفرون تحت الأرض ويحملون التراب في زنبيل ويرمونه، في اليوم أو اليومين يخرجون زنبيلاً حتى ولو بلغوا خمسين سنة، المهم أن يصلوا إلى القبر الشريف ويأخذوا جسد الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء من جهة الشرق الأقصى أو الشمال.
فلما أوشكوا أن يصلوا حيث دخلوا تحت المسجد وكادوا أن يصلوا إلى الحجرة رأى أمير المدينة النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له: أنقذني فإن هناك من يريد نبش قبري. وأراه صورة ذلك المجرم الذي يعمل على نبش القبر، فأمر بإقامة حفل أو دعوة عامة لأهل المدينة، وما كانوا كثيرين مثل اليوم، فجمعهم على غداء، وجلس على كرسيه والناس يدخلون فيأكلون ويخرجون وهو يشاهد، وما جاء هذا الرجل، فقال لعمدة المدينة: من بقي؟ فقال: ما بقي إلا شخص كبير السن لا يجيب الدعوة. فقال: أحضروه، فجاءوا به فنظر إليه فقال: هذا هو. امشوا معه برجال الشرطة، فوجوه قد حفر من سقيفة الرصاص حوالي مائتي متر، ووصل تحت المسجد إلى الحجرة، ومن ثم بنو الحجرة بالرصاص إلى أسفل الأرض، جدار من حديد يحيط بالحجرة إلى أسفل الأرض، وقدرة الله أعظم من هذا، فلن تستطيع البشرية أن تنال من جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم..
قال تعالى: ( وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ )[المائدة:110]، أي: جئتهم بالبينات وهي المعجزات الخوارق للعادات فقالوا: ساحر، وعزموا على قتله، وهم في حكم من قتل عيسى، فاليهود ما قتلوا عيسى، لكن تلك الفعلة تعتبر قتلاً، وقتلوا محمداً صلى الله عليه وسلم إذا تآمروا مرتين على قتله، ولكن الله صرفهم، مرة سقوه السم والعياذ بالله، فهم يعتبرون قتلته، وهم قتلة الأنبياء ولا عجب.
إذاً: ( وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ )[المائدة:110]، أي: من بني إسرائيل، أي: اليهود، ( إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ )[المائدة:110]، وفي قراءة: (إلا ساحر مبين).
تفسير قوله تعالى: (وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي ...)
وأخيراً: اذكر ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ )[المائدة:111]، من هم الحواريون؟ أنصار الله، أنصار عيسى عليه السلام، هؤلاء أوحى الله إليهم بواسطة عيسى، أو ألقى في روعهم وقلوبهم؛ لأن الإيحاء له ثلاث مراتب، منها: الإلهام، والإلقاء في الروع، يفهم عن الله، وجائز أن يكون عيسى هو الذي دعاهم.(وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ )[المائدة:111]، ماذا أوحى إليهم؟ ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي )[المائدة:111]، وهو عيسى عليه السلام، فقالوا ماذا؟ ( آمَنَّا وَاشْهَدْ )[المائدة:111] يا ربنا ( بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ )[المائدة:111]، أين اليهود والنصارى الذين يحاربون الإسلام والمسلمين؟ لا يقبل دين سوى الإسلام، وما كان عبد صالح إلا وهو مسلم؛ لأن الإسلام إسلام القلب والوجه للرب، قلبك لا يتقلب إلا في طلب رضا الله، وجهك لا تقبل به إلا على الله، فمن أعطى قلبه ووجهه لله أصبحت حياته كلها وقفاً على الله، فهو المسلم الحق الذي أعطى لله عز وجل ما أعطاه.
فاللهم اجعلنا من المسلمين.. اللهم اجعلنا من المسلمين.. واجمعنا يا رب العالمين مع الصالحين، إنك ولي ذلك والقادر عليه.
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.56%)]