عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-06-2021, 03:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عن الاستقامة

خطبة عن الاستقامة


سماحة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي

الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي ليس لفضله منتهى ولا مدَد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خير مولود وأشرف ولد، اللهم صلِّ وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه صلاة وسلامًا بغير عدد.

أما بعد:

فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، وتقرَّبوا إليه، واستقيموا إليه، واسلكوا كل طريق يوصلكم إليه، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولًا لا أسأل عنه أحدًا بعدك، قال: "قل آمنت بالله ثم استقم:[1]، فجمع صلى الله عليه وسلم في هذه الوصية أصول الخير وفروعه، بلفظ موجز واضح مثمر للسعادة والفلاح وجميع المصالح:
فقوله: "آمنت بالله"؛ أي: أعترف من صميم قلبي أنه ربي وإلهي الذي لا رب لي سواه، ولا معود لي إلا إياه، وأنه الموصوف بصفات الكمال، المنزه عن العيوب والنقائص والمثال، الأول الذي ليس قبله شيء، الآخر الذي ليس بعده شيء، الظاهر الذي ليس فوقه شيء، الباطن الذي ليس دونه شيء، المحيط بكل شيء رحمة وعلمًا وقـدرة ومشيئةً وحكـمًا، الحميد في أسمائه وأوصافه وأفعاله، الحكيم في خلقه وشرعه وعطائه ومنعه، الرحمن الرحيم، الجواد الكـريم، الذي شمل العباد بواسع نواله، يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن، يغفر ذنبًا ويفرج كربًا، ويعطي سائلًا، ويرفع أقوامًا ويضع آخرين، بيده ملكوت كل شيء، وإليه مرجـع كل حي، ليس للعباد غنى عن طاعته والافتقار إليه، ولا لهم ملجأ ومعاذ وملاذ ولا اضطرار إلا إليه.

فمن آمن بالله على الوجه الذي جاء عن رسول الله، واستقام على شرع الله فقد استقام على الصراط المستقيم، واستحق الفوز في جنات النعيم.

ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولا بمجرد الأقوال الخالية من الأعـمال، إنـما الإيمان ما وقَر في القلوب وصدقته الأعـمال، وأثمر الخشية من علام الغيوب: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 2 - 4].

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، وتمام الاستقامة بمعرفة الخير والاجتهاد في فعله، ومعرفة الشر والاجتهاد في تركه، فليجاهد العبد نفسه في تحقيق التقوى، ويستعين بالملك الأعلى، ويسأل الله الثبـات إلى المـمات، وأن يحفظه الله من فتن الشُّبهات والشهوات: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾[فصلت: 30].

وبارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

"الفواكه الشهية في الخطب المنبرية"



[1] مسلم الإيمان (38)، الترمذي الزهد (2410)، ابن ماجه الفتن (3972)، أحمد (4 /385)، الدارمي الرقاق (2710).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.70%)]