عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 12-11-2019, 02:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب الطهارة)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (5)
صـــــ23 إلى صــ26



والتطويل المراد به هنا كما ذكرنا الإسهاب، ومراده رحمه الله أن يبيّن أن إختصاره لم يكن مُخِلاً بالكتاب، بل كان مناسباً.ويرد هنا إشكال، وهو أن: العلماء -رحمهم الله- في بعض الأحيان يذكرون عبارات فيها ثناء على كتبهم، أو بيان لفضل هذه الكتب، والمؤلفات، وهذا يتضمن التزكية، والمدح للنفس، وقد ثبت في الشرع النهي عن تزكية النفس أليس ثناؤه على كتابه من باب التزكية، والمدح؟ هذا إشكال، ويحتاج إلى جواب؟والجواب: أن التزكية، والثناء على النفس لها حالتان:الحالة الأولى: أن تتضمن الإدلاء على الله، والعُجْبَ بالنفس، والإغترار بها، والعياذ بالله فهذا نسأل الله السلامة، والعافية هو المحرّم، ولا يجوز؛ كأن يُثني الإنسان على نفسه بكثرة علم، وعبادة مغتراً، ومتعالياً، وقد عاتب الله -جل وعلا- موسى -عليه السلام- لما ذكر علمه، وهو عالم، ولم يكن ذلك منه تفاخراً كما ثبت في الصحيح، فكيف بمن فعل ذلك تفاخراً، وبيّن الله في كتابه أنّ الذين عذبهم، وأهلكهم من شأنهم أنهم فرحوا بما عندهم من العلم، حتى حاق بهم ما كانوا به يستهزؤن.الحالة الثانية: التَّزكية على سبيل معرفة الحق، والترغيب فيه، فمثلاً يقول: تعلمت هذا العلم من العلماء، أو أفتيتك بهذه الفتوى من العلماء، أو هذا الأمر الذي ذكرته لك من الكتاب، والسُّنة، فتثني على علمك حينما ترى إستخفاف الناس به، أو تريد حملهم على العمل بالحقِّ، والسُّنة، فهذا فَعَلَهُ الصحابة رضي الله عنهم، كما قال أنس رضي الله عنه في الحديث الصحيح
[ما تعدُّوننا إلا صبياناً، لقد كنت تحت ناقة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسُّني لعابها أسمعه يقول: لبيك عمرةً، وحجةً] وقال أبو العباس سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- كما في صحيح البخاري: [ما بقي أحدٌ أعلمَ بمنْبرِ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منّي] فهذا نوع من الثناء على نفسه بالعلم حتى يُقدَّر قدرُه.
فأجاز العلماء أن يثني الإنسان على نفسه لمعرفة قدره؛ كما قال سبحانه حكاية عن نبيِّه يوسف عليه السلام: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (1) فإذاً إذا كان الإنسان عنده حقٌّ وعلم فبيّن نعمة الله عليه من باب معرفة قدره فإنه لا حرج عليه، فهذا من باب الترغيب في قبول الحق، والعمل به، ونرجو ألا يكون من باب التزكية، والثّناء المذموم شرعاً.
قوله رحمه الله:
[ولا حول ولا قوة إلا بالله]: للعلماء فيها وجهان:الوجه الأول: منهم من يقول لا حول: أي لا تَحوُّل من حالٍ إلى حالٍ، ولا قوة على ذلك التحول ولا بلاغ إلا بالله، فأصل الحول من التغير، والتبدل، ولذلك يطلق على السَّنة؛ لأن الغالب أن الإنسان إذا مرّتْ عليه سنة كاملة تحوّل حاله، وتغيّر فيمرض، ويصح، ويغنى، ويفتقر، ويهلك ماله، ويزيد إلى غير ذلك من العوارض، فالحول مدة ليست يسيرة.
وعلى هذا المعنى يكون قولهم لا حول أي:
لا تحوّل من حال شر إلى حال خير إلا بالله العلي العظيم.
(1) يوسف، آية: 55.
********************
الوجه الثاني: لا حول في دفع ضُرٍّ، ولا قوة في بلوغ خير إلا بالله، فالله -جل وعلا- منه الحول، والطول، والقوة، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لما سمع المؤذنَ يقولُ: حيَّ على الصلاةِ، حيّ على الفلاح قال: [لا حَوْلَ، ولا قُوةَ إِلا بالله] قال بعض العلماء: مناسبته أنه بَرِأَ من الحول، والقوة في إجابة داعي الله؛ إلا بعد توفيق الله -جل وعلا- ومعونته، فقد يكون الإنسان راغباً في حضور الصلاة، وأدائها، ولكن يُحالُ بينه، وبينها بسقمٍ، أو مرضٍ، وقد يحال بينه، وبينها بتأخرٍ، أو تقاعسٍ فلا حول للإنسان، ولا قوة في بلوغ الخير إلا بالله -جل وعلا-، وهكذا في دفع الشَّر، وهذه الكلمة كنز من كنوز الجنة كما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام.
قوله رحمه الله: [وهو حَسْبُنا]: وهو: أي الله، الحسب: الكفاية، حسبي: كفايتي، حسبنا: جاء بصيغة الجمع التي تشمله، وتشمل السامع، والقارئ، والمؤمنين المتوكلين عليه سبحانه، وهو حسبنا أي: كافينا.
قوله رحمه الله: [ونِعْمَ الوكيلُ]: ثناء على الله -جل وعلا-، والوكيل: هو القائم على الشيء، المتوكل عنه، والله خالق كل شىء، وهو على كل شيء وكيل، فهو القائم على كل نفس، وهو المتوكل بكل نفس -سبحانه وتعالى-، وبكل شىء، فهو حسبنا في بلوغ هذا الأمر الذي رسمناه، والمنهج الذي ذكرناه.
قوله رحمه الله:
[ونِعْمَ الوكيلُ]: أي نعم من يُتَوكّلُ عليه، أو يُوْكَل إليه الأمر.
وهذه المقدمة فيها فوائد: نجملها فيما يلي:أولاً: الثناء على الله -عز وجل-، واستفتاح الكتب بذلك، وفي حكمها الخطب، والمواعظ ونحوها.
ثانياً: الفصل بين مقدماتها، ومضامينها.
ثالثاً: أن تكون هذه المقدمة مشتملة على التعريف بالكتاب، وبيان منهج المؤلف فيه، وفي تقسيم مادته، وترتيبها.
هذه فوائد يستفيد منها طالب العلم في البحث، وكتابة رسالة، أو موضوع، ثم خَتْمُ ذلك بالثناء على الله -جل وعلا- وسؤاله المدد، والعون.
فلذلك ينبغى لطالب العلم أن يستفتح مقدمته بالثناء على الله -عز وجل-، ويختمها أيضاً بسؤال الله -عز وجل- المعونة، والتوفيق.
ونسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يجزي هؤلاء الأئمة، وإخوانهم من علمائنا خير ما جزى عالماً عن علمه، اللهم أسبغ عليهم واسع الرحمات، وإجعل لهم جزيل المغفرات، وعلو الدرجات، وألحقنا بهم على أحسن ما تكون عليه الخاتمة، والممات؛ إنك عل كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، والله تعالى أعلم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.95 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]