عرض مشاركة واحدة
  #1387  
قديم 08-08-2022, 01:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,873
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة سبأ - (2)
الحلقة (703)
تفسير سورة سبأ مكية
وآياتها أربع وخمسون آية

المجلد الرابع (صـــــــ 307الى صــــ 314)

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)
شرح الكلمات:
ولقد آتينا داود منا فضلاً: أي نبوة وملكاً.
يا جبال أوِّبي معه: أي وقلنا يا جبال أوِّبي معه أي رجّعي بالتسبيح.
والطير: أي والطير تسبح أيضاً معه.
وألنا له الحديد: أي جعلناه له في اللين كالعجينة يعجنها كما يشاء.
أن اعمل سابغات: أي دروعاً طويلة تستر المقاتل وتقيه ضربة السيف.
وقدر في السرد: أي اجعل المسمار مناسباً للحلقة، فلا يكن غليظاً ولا دقيقاً، أي اجعل المسامير مقدرة على قدر الحلق لما يترتب على عدم المناسبة من فساد الدروع وعدم الانتفاع بها.
ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر: أي وسخرنا لسليمان الريح غدوها أي سيرها من الغداة إلى منتصف النهار مسيرة شهر ورواحها شهر من منتصف النهار إلى الليل شهر كذلك أي مسافة شهر.
وأسلنا له عين القطر: أي وأسلنا له عين النحاس.
ومن يزغ منهم: أي ومن يعدل عن طاعة سليمان فلم يطعه نذقه من عذاب السعير.
من محاريب: جمع محراب المقصورة تكون إلى جوار المسجد للتعبد فيها.
وجفان كالجواب: أي وقصاع في الكبر كالحياض التي حول الآبار يجبى إليها الماء.
وقدور راسيات: أي وقدور كبار على الأثافي لكبرها لا تحول.
إلا دابة الأرض: أي الأرضة.
تأكل منسأته: أي عصاه بلغة الحبشة.
فلما خرّ: أي سقط على الأرض ميتاً.
تبيّنت الجن: أي انكشف لها فعرفت.
في العذاب المهين: وهو خدمة سليمان في الأعمال الشاقة.
معنى الآيات:
يذكر تعالى في هذا السياق الكريم مظاهر قدرته وإنعامه على عباده المؤمنين ترغيباً لهم في طاعته وترهيباً من معصيته فيقول: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا (1) فَضْلاً} وهو النبوة والزبور "كتاب" والملك. وقلنا للجبال {أَوِّبِي} مع سليمان أي ارجعي صوت تسبيحه (2) والطير أمرناها كذلك فكان إذا سبح ردد تسبيحه الجبال والطير. وهذا تسخير لا يقدر عليه إلا الله. وقوله: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (3) } وهذا امتنان آخر وهو تسخير الحديد له وتليينه حتى لكأنه عجينة يتصرف فيها كما شاء، وقلنا له اعمل دروعاً طويلة سابغات تستتر بها في الحروب، {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ (4) } وقوله {وَاعْمَلُوا صَالِحاً (5) } أي اعملوا بطاعتي وترك معصيتي فأدوا الفرائض والواجبات واتركوا الإثم والمحرمات. وقوله: {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فيه وعد ووعيد إذ العلم بالأعمال يستلزم الثواب عليها إن كانت صالحة والعقاب عليها إن كانت فاسدة.
وقوله تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ} أي سخرنا لسليمان بن داود الريح {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} أي تقطع مسافة شهر في الصباح، وأخرى في المساء أي من منتصف النهار إلى الليل فتقطع مسيرة شهرين في يوم واحد، وذلك أنه كان لسليمان مركب من خشب يحمل فيه الرجال والعتاد وترفعه الجان من الأرض فإذا ارتفعت جاءت عاصفة فتحملها ثم تتحول إلى رخاء فيوجه سليمان السفينة حيث شاء بكل ما تحمله وينزل بها كسفينة فضاء تماما. وقوله تعالى {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} وهو النحاس فكما ألان لداود الحديد للصناعة أجرى لسليمان عين النحاس لصناعته فيصنع ما شاء من آلات وأدوات النحاس.
وقوله تعالى {وَمِنَ الْجِنِّ} أي وسخرنا من الجن من يعمل بين يديه أي أمامه وتحت رقابته يعمل له ما يريد عمله من أمور الدنيا. وذلك بإذن ربه تعالى القادر على تسخير ما يشاء لمن يشاء. وقوله {وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ} أي ومن يعدل من الجن {عَنْ أَمْرِنَا} أي عما أمرناهم بعمله وكلفناهم به {نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ} وذلك يوم القيامة (6) . وقوله {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ} بيان لما في قوله {مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ} من محاريب قصور أو بيوت تكون ملاصقة للمسجد للتعبد فيها، وتماثيل أي صور من نحاس أو خشب إذ لم تكن محرمة في شريعتهم وجفان جمع جفنة وهي القصعة الكبيرة تتسع لعشرة من الأكلة، كالجواب أي في الكبر والجابية (7) حوض يفرغ فيه ماء البئر ثم يسقى به الزرع أو قدور راسيات أي ويعملون له قدوراً ضخمة لا تتحول بل تبقى دائما موضوعة على الأثافي ويطبخ فيها وهي في مكانها وذلك لكبرها ومعنى راسيات ثابتات على الأثافي.
وقوله تعالى {اعْمَلُوا} أي قلنا لهم اعملوا آل داود شكراً أي اعملوا الصالحات شكرًا لله تعالى على هذا الإفضال والإنعام أي أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا ربكم في أمره ونهيه يكن ذلك منكم شكراً لله على نعمه. روي أنه لما أمروا بهذا الأمر قال داود عليه السلام لآله أيكم يكفيني النهار فإني أكفيكم الليل فصلوا لله شكراً فما شئت أن ترى في مسجدهم راكعاً أو ساجداً في أية ساعة من ليل أو نهار إلا رأيت. ويكفي شاهداً أن سليمان مات وهو قائم يصلي في المحراب. وقوله تعالى {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} هذا إخبار بواقع وصدق الله العظيم الشاكرون لله على نعمه قليل وفي كل زمان ومكان وذلك لاستيلاء الغفلة على القلوب من جهة ولجهل الناس بربهم وإنعامه من جهة أخرى.
وقوله تعالى في الآية (14) {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ} أي توفيناه: ما دلهم على موته إلا دابة في الأرض الأرضة المعروفة تأكل منسأته فلما أكلتها خر على الأرض، وذلك أنه سأل ربه أن يعمي خبر موته عن الجن، حتى يعلم الناس أن الجن لا يعلمون الغيب كما هم يدعون، فمات وهو متكئ على عصاه يصلي في محرابه، والجن يعملون لا يدرون بموته فلما مضت مدة من الزمن وأكلت الأرضة المنسأة وخر سليمان على الأرض علمت الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا بموت سليمان ولما أقاموا مدة طويلة في الخدمة والعمل الشاق وهم لا يدرون. هذا معنى
قوله تعالى {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ} -كما يدعي بعضهم- {مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} أي الذي كان سليمان يصبه عليهم لعصيانهم وتمردهم على الطاعة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- بيان إكرام الله تعالى لآل داود وما وهب داود وسليمان من الآيات.
2- فضيلة صنع السلاح وآلات الحرب لغرض الجهاد في سبيل الله.
3- مركبة سليمان سبقت صنع الطائرات الحالية بآلاف السنين.
4- شرع من قبلنا شرع لنا إلا ما خصه الدليل كتحريم الصور (8) والتماثيل علينا ولم تحرم عندهم.
5- وجوب الشكر على النعم، وأهم ما يكون به الشكر الصلاة والإكثار منها.
6- تقرير أن علم الغيب لله وحده.
__________

1 - بين تعالى بهذه الآية أن إرسال نبيه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن أمراً خارقاً للعادة ولا منافياً لمقتضيات العقول إذ أرسل من قبله رسلاً وآتى داود من الإنعام ما قرر به رسالته وأثبت به نبوته وكذا ولده سليمان عليهما السلام.
2 - والطير منصوب بالعطف على المنادى "يا جبال" لأن المعطوف المعرف على المنادى يجوز نصبه ورفعه والنصب أولى.
3 - الحديد تراب معدني إذا صهر بالنار امتزج بعضه ببعض ولان وأمكن تطريقه وتشكيله فإذا برد تصلب.
4 - قدر الشيء جعله على قدر معيّن والسرد هو تركيب حلقها ومساميرها بصورة متناسبة بحيث لا يعظم المسمار فيغلق الحلقة، ولا يرق فلا تمسكه.
5 - لمّا عدد عليه نعمه أمره بشكره وهو العمل الصالح الشامل للحمد والشكر والطاعة والصبر.
6 - وجائز أن يكون هناك ملك بيده سوط من نار أو شهاب يضرب به الشيطان إن عصى سليمان كما روي عن السلف.
7 - قال الشاعر:
تروح على آل المحلق جفنة
كجابية الشيخ العراقي تفهق
أي لامتلائها.
8 - لعن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المصورين ولم يستثن فقال إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم. وفي البخاري أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون. وحديث الموطأ. إلا ما كان رقما في الثوب فهو وإن خص جميع الصور فإن حديث عائشة رضي الله عنها دل على كراهيته إذ قال لها أخرجيه عني فهتكته والرخصة في لعب البنات لما في الصحيح على شرط أن لا تكون كأشباه التماثيل.

*********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 50.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.49 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.25%)]