عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 24-01-2022, 09:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,992
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شبه القبوريِّين والردّ عليها

شبه القبوريين والرد عليها (3 - 3)
-إن حديث «حياتي خير لكم» مختلف في ثبوته وضعفه جمع من المحديثين


فيصل بن قزار الجاسم




ذكرنا في الحلقة السابقة بعض من شبه القبوريين التي يبنون عليها القصص والحكايات والأحاديث الضعيفة والموضوعة، واستدلالهم ببعض الآيات والاحاديث الصحيحة بطريقة غير صحيحة استناداً إلى أهوائهم ، وقد تم الرد على بعض شبهاتهم في الحلقه السابقة وسنستعرض بعضاً من شبهاتهم والرد عليها في هذه الحلقة


الشبهة السادسة




قولهم: إن الأموات ينفعون الأحياء، مستدلين بما رواه البزار عن ابن مسعود ]، أن النبي [ قال: «حياتي خير لكم، تحدّثون ويحدّث لكم، ووفاتي خير لكم تُعرض عليَّ أعمالكم: فما رأيت من خير حمدت الله، وما رأيت من شر استغفرت لكم». وهذا يدل على انتفاع الأحياء بدعائه بعد مماته، وعليه فيسوغ لنا دعاؤه والطلب منه، ويدل على ذلك أيضا ما رواه أحمد عن أنس ]، أن النبي [ قال: «إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم، فإن كان خيراً استبشروا، وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا».

الجواب عن هذه الشبهة من وجوه:

أولها: أن حديث: «حياتي خير لكم» مختلف في ثبوته وصحته؛ فقد ضعفه جمع من المحدثين منهم الألباني في (السلسلة الضعيفة).

وأما حديث: «إن أعمالكم تعرض على أقاربكم»، ففيه انقطاع، وله شاهد ضعيف جدا من حديث أبي أيوب، وفيه مسلمة الخشني، وهو متّهم، قال الحاكم: «روى عن الأوزاعي والزبيدي المناكير والموضوعات».

وشاهد آخر من حديث جابر، وهو ضعيف جداً أيضاً؛ فقد تفرد به الصلت بن دينار، وهو متروك ناصبي، كما قال الحافظ في (التقريب)، وفيه انقطاع أيضاً، والحديث قد ضعفه الهيثمي في (مجمع الزوائد) والألباني في (السلسلة الضعيفة).

الثاني: أنه على فرض ثبوت صحته، فإنه لا يدل على جواز الاستغاثة بالنبي [ وحده، إن كان ما يزعمون من دلالته حقا؛ لأنه عام لكل المؤمنين كما مر في الحديث السالف الذكر، فهل يسوغ للمسلم أن يدعو كل مؤمن ويستغيث به!!

الثالث: أن هذا كله حاصل بأمر الله عز وجل، وأمره في غير دار التكليف أمر تكوين، لا يتصور مخالفة المأمور؛ كما أن أهل الجنة يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس وليسوا مكلفين، وكذلك استغفار الملائكة للمؤمنين ولمنتظري الصلاة وغيرهم، كما في قوله عن الملائكة: {ويستغفرون للذين آمنوا} (غافر: 7)، وقوله: {ويستغفرون لمن في الأرض} (الشورى: 5).

وفي قول النبي [ في الحديث المتفق عليه: «لا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة، تقول الملائكة: «اللهم اغفر له، اللهم ارحمه». ومع هذا فلا يجوز أن يدعو الملائكة ولا أن يستغيث بهم، ولا أن يطلب منهم ما أخبر الله أنهم يفعلونه، وإلا صار بمنزلة من يطلب من الشمس أن تصحبه ومن الريح أن تهبَّ ونحو ذلك.

والقاعدة في هذا أن كل ما يُؤمر بأمر تكوين لا يحتاج أن يطلب منه، فإنه فاعله طُلب منه أو لم يطلب، بخلاف الشفاعة يوم القيامة؛ فإنهم يسألونه في العرصات وهو حاضر فيستجيب لهم ويشفع عند ربه بعد أن يأذن له.

الشبهة السابعة

استدلالهم على جواز الاستغاثة بالنبي [ وطلب الدعاء منه بما رواه ابن أبي شيبة والبيهقي في (الدلائل) عن مالك الدار خازن عمر أنه قال: «أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي [ فقال: يا رسول الله، استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأُتي الرجل في المنام فقيل له: ائت عمر فأقرئه السلام، وأخبره أنكم تُسقَون، وقل له: عليك الكَيْس، فأتى الرجل عمر فأخبره، فبكى عمر ثم قال: يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه».

الرد عليها من وجوه:

أولها: أن القصة لا تثبت؛ لجهالة حال مالك الدار خازن عمر؛ فإنه لا يعرف بالضبط في رواية الحديث، أورده ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وقال المنذري: «لا أعرفه».

الثاني: أن الرجل الذي أتى القبر مجهول لا يُعرف، فكيف يُعوّل في هذه القصة على روايته وقد خالفها الإجماع المنعقد على مقتضى النصوص الواردة فيما يُشرع عند وجود القحط من استغفار الله والتوبة؟!

وما قيل: إن المجهول هو بلال بن الحارث الصحابي، لا يصح؛ لأنه من رواية سيف بن عمر ذكرها في (الفتوح)، وسيف بن عمر المتفرد بهذه الزيادة ضعيف باتفاق المحدثين، بل قيل: إنه كان يضع الحديث، وقد اتهم بالزندقة، قال ابن حبان: «يروي الموضوعات عن الأثبات، وكان يضع الحديث».

الثالث: أنه لو صح لم يكن دليلا على ما ذكروا، إذ ليس في الحديث أنه أخبر عمر ] بالاستسقاء من النبي [.


الرابع: أن هذه القصة حجة على المنازع؛ لأن الرجل لما طلب الدعاء من النبي [ لأمته لم يقل له: أنا أدعو لكم؛ بل أمره بما شرعه وسنه لهم، وهو أن يدعوا الله ويستسقوا. فالقصة تدل على نقيض ما ادعوه، لأنها تدل على أن المشروع والمطلوب عند حلول القحط صلاة الاستسقاء، وهذا هو الذي أمر به النبي [ في القصة إن صحت. فمن توجه إلى قبره يطلب منه الدعاء فقد خالف ما أمر به في هذا الحديث.

(الخامس): أن القصة مخالفة لفعل الصحابة، فقد ثبت عن عمر ]، أنه كان يستسقي بدعاء العباس كما مر سابقا، مما يدل على نكارتها.

السادس: أن القصة منكرة المتن؛ لمخالفتها ما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة استسقاء في مثل هذه الحالات.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.74 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.24%)]