عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 25-02-2023, 12:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بحث في تفسير قوله تعالى:{ سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن

مسألة:
والذين قالوا أنه أمر باستقبال بيت المقدس اختلفوا هل كان ذلك بأمر في القرآن أو بوحي غير متلو؟
على قولين:
الأول: أنه كان بأمر في القرآن، وهذا قول ابن عباس
الثاني: أنه كان بوحي غير متلو، وهذا قول الجمهور.
ذكر هذه الأقوال ابن عطية، وأشار إليها ابن كثير

27: المدة التي صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحو بيت المقدس في المدينة
اختلف أهل العلم في المدّة الّتي صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس بعد الهجرة:
- ففي البخاري والنسائي وغيرهما عن البراء: أنها ستة عشر أوسبعة عشر شهرا.
وقوله: "أو سبعة عشر"شكّ من الرّاوي، قاله العيني والقسطلاني.
والقول أنها ستة عشر شهرًا مروي كذلك عن مالك رواه ابن وهب، وعن ابن المسيب رواه عبد الرزاق وابن جرير.
والقول أنها سبعة عشر شهرًا مروي كذلك عن ابن عباس رواه ابن جرير.
- وروي عن أنس بن مالك: تسعة أو عشرة أشهر، رواه ابن جرير من طريق أبي عاصمٍ عن عثمان بن سعدٍ الكاتب عن أنس بن مالكٍ.
- وروي عن غيره: ثلاثة عشر شهرا، رواه ابن جرير من طريق عمرو بن مرّة عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبلٍ.
- وقيل: ثمانية عشر شهرًا، وهذا رواه عبد الرزاق عن معمر والزهري
وهذا حاصل ما ذكره ابن جرير وابن عطية.

28: القبلة التي أمر المؤمنين بالتحوّل لها.
أمروا باستقبال الكعبة قبلة إبراهيم عليه السلام، وبالتوجّه شطر المسجد الحرم.
- روى ابن أبي حاتم من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء بن عازبٍ قال: "كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة، فأنزل اللّه تعالى: {قد نرى تقلّب وجهك في السّماءفلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} قال:فوجّه نحو الكعبة" ورواه الترمذي والنسائي وابن المنذر والدارقطني والبيهقي وأورده السيوطي.
- وروى ابن أبي شيبة وأبو داود والنحاس والبيهقي عن ابن عباس: "أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما تحول إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرفه الله إلى الكعبة" أورده السيوطي
- وروى البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: "صرفت القبلة نحو المسجد الحرام " أورده السيوطي
- وروى ابن أبي شيبة والبزار عن أنس بن مالك قال: "جاءنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن القبلة قد حولت إلى بيت الله الحرام" أورده السيوطي

29: متى كان صرف القبلة إلى الكعبة.
فيه أقوال:
قيل: في رجب في السنة الثانية من الهجرة، وهذا قول ابن عباس والزهري وابن المسيب.
روى ابن جرير من طريق محمّد بن أبي محمّدٍ عن سعيد بن جبيرٍ أو عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال: " لمّا صرفت القبلة عن الشّام إلى الكعبة، وصرفت في رجبٍ على رأس سبعة عشر شهرًا من مقدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة"
ومن طريق عبد الوارث عن يحيى عن سعيد بن المسيّب قال: " ثمّ وجّه نحو الكعبة قبل بدرٍ، بشهرين" وكانت بدر في شهر رمضان.
وروى البيهقي في الدلائل عن الزهري قال: "صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة" وأورده السيوطي.
وقيل: في جمادى الآخرة.
روى أبو داود في ناسخه عن سعيد بن عبد العزيز قال: "أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس من شهر ربيع الأول إلى جمادى الآخرة"
وقيل: في نصف شعبان.
ذكر هذه الأقوال ابن عطية

30:سبب التحوّل للكعبة
الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب أن تكون قبلته قبل البيت، فكان يكثر الدعاء والابتهال أن يوجّه للكعبة، فأجيب إلى ذلك، روى ذلك البخاري وابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهم عن البراء وابن عباس.
ومن ذلك ما رواه ابن أبي حاتم من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء بن عازبٍ قال: "كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قد صلّى نحو بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يحبّ أن يوجّه نحو الكعبة، فأنزل اللّه تعالى: {قد نرى تقلّب وجهك في السّماءفلنولّينّك قبلةً ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام} قال:فوجّه نحو الكعبة" ورواه الترمذي والنسائي وابن المنذر والدارقطني والبيهقي وأورده السيوطي.
وروى ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ قال: "كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحبّ قبلة إبراهيم عليه السّلام، وكان يدعو وينظر إلى السّماء، فأنزل اللّه عزّوجلّ: {قد نرى تقلّب وجهك في السّماء}الآية"
الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم كان يودّ لو يصرف عن قبلة اليهود إلى غيرها، فكان يدعو الله تعالى ويسأله ويديم النظر إلى السماء فأجيب إلى ذلك، روى أبو داود في ناسخه عن أبي العالية: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نظر نحو بيت المقدس فقال لجبريل: (وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها) فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك ولا أملك لك شيئا إلا ما أمرت فادع ربك وسله فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء}" وأورده السيوطي

31: الصلاة التي تحوّل فيها النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه شطر المسجد الحرام.
فيه قولان:
الأول: أن أول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه للكعبة هي صلاة العصر، كما في الصحيح وغيره من رواية البراء قال: (وأنّه صلّى أوّل صلاةٍ صلّاها صلاة العصر، وصلّى معه قومٌ)
الثاني: وقيل: صلاة الظهر، رواه ابن جرير من طريق أبي عاصمٍ عن عثمان بن سعدٍ عن أنس بن مالكٍ قال: "صرف نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نحو بيت المقدس تسعة أشهرٍ أو عشرة أشهرٍ، فبينما هو قائمٌ يصلّي الظّهر بالمدينة، وقد صلّى ركعتين نحو بيت المقدس، انصرف بوجهه إلى الكعبة" ورواه البزار وأورده السيوطي
وروى الزبير بن بكار عن عثمان بن عبد الرحمن قال: "فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى البيت وصلى جبريل إلى البيت" وأورده السيوطي
وروى ابن سعد عن محمد بن عبد الله بن جحش قال: "صليت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرفت القبلة إلى البيت ونحن في صلاة الظهر فاستدار رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا فاستدرنا معه" وأورده السيوطي
ذكر هذين القولين ابن كثير، وجاء عند ابن وهب المصري من رواية مالك أنها صلاة الصبح، قال: "فتحول إلى الكعبة في صلاة الصبح"

32: استجابة المؤمنين لأمر الله تعالى بالتحول للكعبة.
استجاب المؤمنون لأمر الله تعالى بالتحوّل للكعبة طاعة لله تعالى واتباعًا لأمره.
- فتحوّل النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه في الصلاة نحو الكعبة، رواى ابن سعد عن محمد بن عبد الله بن جحش قال: " [صرفت]القبلة إلى البيت ونحن في صلاة الظهر فاستدار رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا فاستدرنا معه" أورده السيوطي
- وبلغ ذلك أهل مسجد قباء أو مسجد بني حارثة بالمدينة وهم في الصلاة فاستدروا كما هم نحو الكعبة، كما روى ابن وهب عن مالك قال: "فذهب ذاهبٌ إلى قباء، فوجدهم في صلاة الصبح، فقال لهم: إن النبي عليه السلام قد أنزل عليه القرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستداروا وهم في الصلاة طائعا لله وإتباعا لأمره"
وروى البخاري من طريق زهير عن أبي إسحاق عن البراء رضي اللّه عنه قال: "فخرج رجلٌ ممّن كان صلّى معه فمرّ على أهل المسجد وهم راكعون، قال: أشهد باللّه، لقد صلّيت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قبل مكّة، فداروا كما هم قبل البيت" قال القسطلاني في شرحه على الصحيح: أهل المسجد من بني حارثة والمسجد بالمدينة أو مسجد قباء وهم راكعون.
قال ابن كثير: ( انفرد به البخاريّ من هذا الوجه. ورواه مسلمٌ من وجهٍ آخر)، ورواه ابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن جرير، وابن حبان والبيهقي في "سننه" وأورده السيوطي
وروى ابن سعد وابن أبي شيبة عن عمارة بن أوس الأنصاري قال: "صلينا إحدى صلاتي العشي فقام رجل على باب المسجد ونحن في الصلاة فنادى أن الصلاة قد وجبت نحو الكعبة فحول أو انحرف أمامنا نحو الكعبة والنساء والصبيان" أورده السيوطي

33: أول صلاة صلاها أهل قباء للكعبة
قال ابن كثير: (وأمّا أهل قباء، فلم يبلغهم الخبر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّاني، كما جاء في الصّحيحين، عن ابن عمر أنّه قال: "بينما النّاس بقباء في صلاة الصّبح، إذ جاءهم آتٍ فقال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشّام فاستداروا إلى الكعبة"
وروى ابن وهب عن مالك قال: " فذهب ذاهبٌ إلى قباء، فوجدهم في صلاة الصبح، فقال لهم: إن النبي عليه السلام قد أنزل عليه القرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستداروا وهم في الصلاة"

34: حكم من مات على القبلة الأولى
روى البخاري من طريق زهير عن أبي إسحاق عن البراء رضي اللّه عنه قال: " وكان الّذي مات على القبلة قبل أن تحوّل قبل البيت رجالٌ قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل اللّه: {وما كان اللّه ليضيع إيمانكم إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ}" -وقد سبق-
وقوله: {إيمانكم} أي صلاتكم إلى بيت المقدس فلا يضيع أجورهم، ذكره العيني والقسطلاني.
قال القَسْطَلاَّنيُّ: "ذكر الواحدي في أسباب النزول منهم: أسعد بن زرارة، وأبا أمامة أحد بني النجار،والبراء بن معرور أحد بني سلمة"
وروى ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: "{وما كان الله ليضيع إيمانكم} يقول: صلاتكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم وإتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا {إن الله بالناس لرؤوف رحيم} إلى قوله: {فلا تكونن من الممترين}" أورده السيوطي، وهذه الزيادة لا توجد في لفظ ابن جرير وابن أبي حاتم.

35: الحكمة من نسخ القبلة
قال تعالى في بيان ذلك:{وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ} أي ابتلاء واختبارا، رواه ابن إسحاق والبيهقي عن ابن عباس
فكان في تحويل القبلة بلاء وتمحيص، والله تعالى يبتلي عباده بما شاء من أمره، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه، رواه عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال: "وكل ذلك مقبول في درجات في الإيمان بالله والإخلاص والتسليم لقضاء الله" وأورده السيوطي
وروى الطبراني عن عثمان بن حنيف قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم من مكة يدعو الناس إلى الإيمان بالله في تصديق به قولا وعملا والقبلة إلى بيت المقدس فلما هاجر إلينا نزلت الفرائض ونسخت المدينة مكة والقول فيها ونسخ البيت الحرام بيت المقدس فصار الإيمان قولا وعملا" وأورده السيوطي

36: دلالة الآية اختصاص الله تعالى بالهداية والإضلال
أن الله تعالى هو الذي هدى هذه الأمة بالتّوجّه شطر المسجدالحرام لقبلة إبراهيم فسدّدها، ووفّقها، وأضلّ عنها اليهود، والمنافقون، وجماعة الشّرك باللّه، فخذلهم عمّا هدى المؤمنين له من ذلك، فهو تعالى يهدي من يشاء من خلقه فيسدّده، ويوفّقه إلى الطّريق القويم، وهو الصّراط المستقيم، ويخذل من يشاء منهم فيضلّه عن سبيل الحقّ. ملخصًا مما قاله ابن جرير

37: دلالة الآية على عظم عناية الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم وأمته
قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وهو تعالى له بعبده ورسوله محمّدٍ -صلوات اللّه وسلامه عليه -وأمته عنايةٌ عظيمةٌ؛ إذ هداهم إلى قبلة إبراهيم، خليل الرّحمن، وجعل توجّههم إلى الكعبة المبنيّة على اسمه تعالى وحده لا شريك له، أشرف بيوت اللّه في الأرض، إذ هي بناء إبراهيم الخليل،عليه السّلام، ولهذا قال: {قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍمستقيمٍ}.
عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلّىاللّه عليه وسلّم -يعني في أهل الكتاب -: "إنّهم لا يحسدوننا على شيءٍ كما يحسدوننا على يوم الجمعة، التي هدانا اللّه لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلّوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين" رواه أحمد، وذكره ابن كثير والسيوطي

38: دلالة الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك من الأمر شيئا
يظهر ذلك من وجهين:
- أن الله جلّ ثناؤه أعلم نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم ما السفهاء قائلون في شأن القبلة، وعلّمه ما ينبغي أن يكون من ردّه عليهم من الجوّاب، فقال له:{قل للّه المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ} أي لله ملك المشارق والمغارب وما بينهما، فله الحكم والأمر والتصرف كله، ملخصًا مما قاله ابن جرير
- وروى أبو داود عن أبي العالية: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نظر نحو بيت المقدس فقال لجبريل: "وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها" فقال له جبريل: إنما أنا عبد مثلك ولا أملك لك شيئا إلا ما أمرت فادع ربك وسله، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية" وأورده السيوطي

39: توجيه قول من قال أن أول التوجه كان للكعبة ثم بيت المقدس ثم الرجوع للكعبة
وهذا القول رواه ابْنُ جَرِيرٍ من طريق الحسين عن حجّاجٌ عن ابن جريجٍ قال: "صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أوّل ما صلّى إلى الكعبة، ثمّ صرف إلى بيت المقدس، فصلّت الأنصار نحو بيت المقدس قبل قدومه ثلاث حججٍ، وصلّى بعد قدومه ستّة عشر شهرًا، ثمّ ولاّه اللّه جلّ ثناؤه إلى الكعبة".
ويوجّه هذا القول بما ذكره ابن كثير قال: وحاصل الأمر أنّه قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أمر باستقبال الصّخرة من بيت المقدس، فكان بمكّة يصلّي بين الرّكنين، فتكون بين يديه الكعبة وهو مستقبلٌ صخرة بيت المقدس، فلمّا هاجر إلى المدينة تعذّر الجمع بينهما، فأمره اللّه بالتّوجّه إلى بيت المقدس.
يستدل لذلك بما رواه ابن أبي شيبة وأبو داود والنحاس والبيهقي عن ابن عباس قال: "أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدما تحول إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرفه الله إلى الكعبة" وأورده السيوطي




الإعراب
1: إعراب (من الناس)
في محل نصب على الحال من السفهاء والعامل فيها سيقول وهي حال مبينة، ذكره القسطلاني.

2: إعراب (ماولّاهم)
جملة الاستفهام في محل نصب بالقول، ذكره القسطلانيّ


أحكام الآية


الناسخ لا يلزم حكمه إلا بعد العلم به
يستدل لذلك : بأن أهل قباء لم يبلغهم الخبر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّاني، ولم يؤمروا بإعادة العصر والمغرب والعشاء، فدلّ ذلك على أنّ النّاسخ لا يلزم حكمه إلّا بعد العلم به، وإن تقدّم نزوله وإبلاغه؛ واللّه أعلم، قاله ابن كثير


فوائد سلوكية


- أن الواجب على المسلم الاستسلام لأمر الله تعالى وطاعته، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع شأنه.
- المسلم يحذر من التشبه باليهود أو المنافقين أو الكفرة الذين يستهزءون أو يطعنون في أحكام الله تعالى وشرائعه
- وعلى المسلم كذلك الحذر من التشكيك أو الشك والريب في الأحكام والشرائع الثابتة المعلومة من الدين بالضرورة
- المسلم ينبغي عليه التأدب مع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم إذا ورد عليه ما يشكل في أمر الدين فيسأل عن ذلك سؤال من يريد الحق ومعرفة الصواب متأدبًا محتاطًا في تعبيره وطريقة سؤاله.
- عند ورود الفتن أو الأمور التي تشكل وتلتبس على المسلم فينبغي عليه أن يمسك بلسانه، وأن يرجع في ذلك لأهل العلم الراسخين الربانيين.
- إذا صدر لأهل العلم الكبار الراسخين الربانيين قولًا في مسألة من المسائل الكبار التي تخص الأمة فينبغي للمسلمين الرجوع والوقوف عند قولهم وعدم التشكيك فيه أو الطعن.
- الواجب على المسلم حمد الله تعالى على عظيم نعمه وعنايته بهذه الأمة ونبيّها وإكرامهم بقبلة إبراهيم عليه السلام.
- يعرف المسلم مكانة بيت المقدس إذ جعلها الله قبلة أهل الإسلام في أول الأمر.
- المسلم يربّي نفسه على الاستسلام والانقياد التام لأمر الله تعالى وإن خالف هواه؛ لأنه يعتقد ويؤمن بأن الله تعالى له الحكم والأمر والتصرف كله، فله سبحانه ملك المشارق والمغارب وما بينهما، فلا يخرج شيء عن ملكه سبحانه.
- ومن الفوائد ما قاله ابن كثير رحمه الله: [أن] الشّأن كلّه في امتثال أوامر اللّه، فحيثما وجّهنا توجّهنا، فالطّاعة في امتثال أمره، ولو وجّهنا في كلّ يومٍ مرّاتٍ إلى جهاتٍ متعدّدةٍ، فنحن عبيده وفي تصريفه وخدّامه، حيثما وجّهنا توجّهنا.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.15 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.71%)]