عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 18-07-2021, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,591
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في الشعر العربي

وننتقل إِلى صورة أخرى من صور بكاء الأهل هي رثاء الأبناء. وفي أدبنا العربي مراث كثيرة فيهم، من أقدمها رائعة أبي ذويب الهذلي التي بكى فيها أبناءه الخمسة الذين اختطفهم الموت من بين يديه. يقول فيها:
أودى بَنيَّ وأعقبوني حسرةً
بعد الرُّقاد وعبرة ما تُقْلعُ[26]

سبقوا هَوِىَّ وأعنقوا لهواهم
فتُخُرِّمُوا، ولكل جنب مصرَعُ[27]

فبقيت بعدهُمُ بعيش ناصبٍ
وإِخال أني لاحقٌ مستتبَعُ[28]

ولقد حرصْتُ بأن أدافع عنهمُ
وإِذا المنية أقبلت لا تُدْفَعُ

وإِذا المنية أنشبتْ أظفارها
ألفيْت كلَّ تميمة لا تنفع[29]

فالعين بعدهم كأن حِدَاقَها
سُمِلت بشوك فهي عُورٌ تدمع[30]

حتى كأني للحوادث مروة
بِصَفَا المشرَّق كل يوم تُقرع[31]

ولئن بهم فَجَعَ الزمان ورَيْبُهُ[32]
إِني بأهل مودتي لمفجَّعُ



وهي صيحات ألم وحسرات حَرّىَ صادرة عن سويداء فؤاد ملتاعٍ بفقد أطفاله جميعًا وإِطباق الأسى والظلام على أقطار نفسه.

ونجتاز عشرات من النماذج ومن الشعراء والشواعر الذين أبدعوا في رثاء الأبناء، على تفاوت في التصوير والرؤية الفنية والقدرة على توجيه العاطفة في حال الفجيعة ونزول القضاء.

ونلتقي بشاعر فنان هو ابن الرومي في رثائه لابنه الأوسط محمد الذي مات منزوفًا بين يديه. يقول من قصيدة دامية دامعة:
توخى حمام الموت أَوْسَط صبيتي
فلِلَّه، كيف اختار واسطة العِقْدِ[33]

لقد قلَّ بين المهد واللحد لَبْثُه
فلم ينس عهد المهد إِذْ ضُمَّ في اللحد

ألحَّ عليه النَّزْف حتى أحاله
إِلى صُفْرَة الجادى عن حمرة الوَرْدِ[34]

وظل على الأيدي تساقط نفسه
ويذوى كما يذوى القضيب من الرَّنْدِ[35]

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.57%)]