عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-05-2021, 04:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة وداعا رمضان

خطبة وداعا رمضان


فهد الحارثي


الحمد لله الواحد القهار، مقدر الأقدار، ومكور الليل على النهار، تبصرةً لأُولى القلوب والأبصار. أيقظ من خلقه من اصطفاه فأدخله في جملة الأخيار، ووفق من اختار من عباده فجعله من الأبرار، وبصر من أحبه للحقائق فزهد في هذه الدار، وشمر عن ساعد الجد طلباً للفوز بدار القرار.

وأشهد أن لا إله إلا اللهُ العزيزُ الغفار، يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار.


يا مَن يُجيب دُعا المُضطرَ في الظُلَمِ
يا كاشِفَ الضَرّ و البلوَى مَع السَقَمِ

قَد نامَ وفدُكَ حَولَ البَيتِ و انتَبَهُوا
وأنتَ يا حيُ يا قَيُومُ لَم تَنَمِ

أدعوكَ رَبي حَزيناً هائِماً قَلِقاٌ
فارحَم بُكائيَ عند البَيتِ و الحَرَمِ

إن كانَ عَفْوُكَ لا يُدْرِكُهُ ذُو سَرَفٍ
فمَن يَجُود على العَاصِينَ بِالكَرَمِ


وأشهد أن محمداً رسول الله ونبيه، وخليله وصفيه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..
عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فإنها وصية الله لنا ولمن كانوا قبلنا ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].

أما بعد:
بدأ الحبيب يجهز نفسه للرحيل، وها هي أيامه ولياليه في انصرام وانقضى، راحلاً بما استودعناه من أعمال وآمال..

يا راحلاً وجميل الصبر يتبعهُ
هل من سبيل إلى لقياك يتفقُ

ما أنصفتك دموعي وهي داميةٌ
ولا وفى لك قلبي وهو يحترقُ


عباد الله:
ها هو شهر الخير يرتحل، وصفحاته تطوى، ولحظاته تسعى..
سينقضي رمضان وفي قلوب الصالحين لوعة، وفي نفوس الأبرار حرقة، وكيف لا يكون ذلك؛ وأبواب الجنان ستغلق، وأبواب النيران ستفتح، و مردة الجن ستطلق..

أي شهر قد تولى
يا عباد الله عنا

حق أن نبكي عليه
بدماء لو عقلنا

كيف لا نبكي لشهرٍ
مر بالغفلة عنا

ثم لا ندري بأنا
قد قُبلنا أم حرمنا

ليت شعري من هو المحـ
ـروم والمرحوم منا


عباد الله إن الرحيلَ مرٌّ على الجميع، من اجتهد ومن قصر..
رحيلُه مُرٌّ على الجميع لأنَّنا سنفقد أيامه الطيبة، ولياليه المباركة، نهارُه صدقةٌ وصيام، وليلُه قراءةٌ وقيام، نسيمُه الذِّكر والدُّعاء، وطيبُه الدموعُ والبكاء..

شهرُ الرَّحمَات وتكفيرِ السِّيئاتِ وإقالةُ العَثَرَات، كيفَ لا والدعاءُ فيه مسموعٌ والضُرُّ مدفوعٌ والخيرُ مجموع؟!

حق لنا يا عباد الله أن نبكي على رحيلِهِ، ونحنُ لا نعلمُ أَمِنِ المقبولينَ نحنُ أم مِّن المطرودين؟!
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 19.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]