عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 09-05-2022, 07:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,707
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الحج --- متجدد


شرح العمدة لابن تيمية كتاب الحج (1)
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 116الى صــ 130
(4)



ملك في حال كفره زادا وراحلة، ثم أسلم وهو معدم فلا شيء عليه لقوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال: 38] وأما إذا وجب على المسلم فلم يفعله حتى ارتد ثم أسلم فهو باق في ذمته سواء كان قادرا، أو عاجزا في المشهور من المذهب.
وإن حج ثم ارتد ثم أسلم فهل عليه أن يحج؟ على روايتين: إحداهما: عليه أن ي
حج نص عليه في رواية ابن منصور، وهذا اختيار القاضي.
والثانية: لا حج عليه.

ولا يصح الحج من كافر، فلو أحرم وهو كافر لم ينعقد إحرامه ولو ارتد بعد الإحرام بطل إحرامه (الفصل الخامس)
أنه لا حج على مجنون كسائر العبادات.

قال أبو عبد الله: لا حج على مجنون إلا أن يفيق لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث علي وعائشة -رضي الله عنهما- وغيرهما " «رفع القلم عن المجنون حتى يفيق» " وهو حديث حسن مشهور.
ولأن المجنون ليس من أهل الخطاب والتكليف، لعدم العقل والتمييز. فلو كان موسرا في حال جنونه، فلم يفق إلا وقد أعسر لم يكن في ذمته شيء.
وأما الذي يفيق أحيانا. . . .وهل يصح أن يحج بالمجنون كما يحج بالصبي غير المميز،
فيعقد له الإحرام وليه؟ على وجهين: أحدهما يصح، قال أبو بكر: فإن حج الصبي، أو العبد أو الأعرابي والمعتوه إن ماتوا قبل البلوغ وإن ماتوا فعليهم كما قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
والثاني: لا يصح وهو المشهور.
(الفصل السادس)

أنه لا حج على الصبي قبل البلوغ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- " «رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم " وفي لفظ: "حتى يشب» ".
ولأن الحج عبادة تحتاج إلى قطع مسافة فلم تجب على الصبي كالجهاد، وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الحج جهاد كل ضعيف، وجهاد النساء.

فإذا كان له مال، فلم يدرك إلا وقد نفد فلا حج عليه.
وإذا أدرك بالسن ; وهو استكمال خمس عشرة سنة أو بإنبات شعر العانة ال
خشن، ولم يحتلم فهل يجب عليه الحج.
(الفصل السابع)
أنه لا يجب إلا على حر كامل الحرية، فأما العبد القن، والمعتق بعضه، والمكاتب، والمدبر، وأم الولد فلا يجب عليهم الحج لأنها عبادة يتعلق وجوبها بملك المال. والعبد لا مال له فلم يجب عليه شيء كالزكاة ولأنها عبادة تفتقر إلى قطع المسافة البعيدة فلم تجب على العبد كالجهاد.
وهذا لأن الحج عبادة تطول مدتها، وتتعلق بقطع مسافة وتحتاج إلى مال، والعبد مشغو
ل بحقوق سيده ففي الإيجاب عليه إبطال لحق سيده.
وهذه الطريقة مستقيمة إذ
ا لم يأذن له السيد، وفيها نظر.
ولأن العبد ناقص بالرق وقد اجتمع عليه حق لله تعالى وحق لسيده، فلو وجب عليه ما يجب على الحر لشق عليه، أو عجز عنه. والحج كمال الدين وآخر الفرائض، ولهذا قال تعالى - لما وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- بعرفة {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] فلا يجب إلا على كامل مطلق، والعبد ناقص الأحكام أسير لغيره.

فصل
فقد انقسمت شروط الوجوب هذه إلى ما يشترط لصحة الحج وإلى ما لا يشترط لصحته، وكلها شرط للإجزاء عن حجة الإسلام.
وأما الاستطاعة فهي شرط في الوجوب: وليست شرطا في الإجزاء. فصارت الشروط ثلاثة أقسام - كما قلنا في شروط وجوب الجمعة -: منها ما هو شرط في وجوبها بنفسه وبغيره، ومنها ما هو شرط في وجوبه بنفسه. ثم منها ما ه
و شرط في صحة الجمعة مطلقا ومنها ما هو شرط في صحتها أصلا لا تبعا، ومنها ما ليس شرطا في صحتها لا أصلا، ولا تبعا.
[مسألة تفسير الاستطاعة في الحج
]
مسألة: إذا استطاع إليه سبيلا وهو أن يجد زادا وراحلة بآلتها مما يصلح لمثله فاضلا عما يحتاج إليه لقضاء ديونه ومؤنة نفسه وعياله على الدوام.
في هذا الكلام فصول: -
(أحدها):
أن الحج إنما يجب على من استطاع إليه سبيلا بنص القرآن والسنة المستفيضة، وإجماع المسلمين ومعنى قوله: {من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97] واستطاعة السبيل عند أبي عبد الله وأصحابه: ملك الزاد والراحلة فمناط الوجو
ب: وجود المال ; فمن وجد المال وجب عليه الحج بنفسه أو بنائبه، ومن لم يجد المال: لم يجب عليه الحج، وإن كان قادرا ببدنه قال: في رواية صالح - إذا وجد الرجل الزاد والراحلة وجب الحج.
وسئل - أيضا - في رواية أبي داود: على من يجب الحج؟ فقال: إذا وجد زادا وراحلة وقال - في رواية حنبل -: وليس على الرجل الحج إلا أن يجد الزاد والراحلة.
فإن حج راجلا تجزيه من حجة الإسلام، ويكون قد تطوع بنفسه وذلك لما روى إبراهيم بن
يزيد الخوزي المكي عن محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «يا رسول الله ما يوجب الحج؟ قال: "الزاد والراحلة " قال: يا رسول الله: فما الحاج؟ قال: "الشعث التفل " وقام آخر فقال: يا رسول الله: ما الحج؟ قال: "العج والثج " قال وكيع: يعني بالعج: العجيج بالتلبية، والثج: نحر البدن».

رواه ابن ماجه، والترمذي وقال حديث حسن، وإبراهيم بن يزيد قد تكلم فيه بعض أهل الحديث من قبل حفظه.
وعن ابن جريج قال: وأخبرنيه أن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عل
يه وسلم- قال: «الزاد والراحلة» " يعني قوله: {من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97]رواه ابن ماجه.
وعن أنس قال: «سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- ما السبيل إليه؟ قال: "الزاد والراحلة» رواه ابن مردويه والدارقطني من طرق متعددة لا بأس ببعضها وروي هذا المعنى من حديث ابن مسعود، وعائش
ة وجابر وغيرهم.
وعن الحسن قال: لما نزلت {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97] قال: «قيل: يا رسول الله ما السبيل؟ قال: "الزاد والراحلة» رواه أحمد، وأبو داود في مراسيله وغيرهما، وهو صحيح عن الحسن، وقد أفتى به، وهذا يدل على ثبوته عنده، واحتج به أحمد.
وعن ابن عباس قال: «من ملك ثلاثمائة درهم وجب عليه الحج، وحرم عليه نكاح الإماء» رواه أحمد وأيضا قوله: «من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا، وإن شاء نصرانيا».
فهذه الأحاديث مسندة من طرق حسان ومرسلة وموقوفة تدل على أن مناط الوجوب: وجود ال
زاد والراحلة مع علم النبي - صلى الله عليه وسلم- بأن كثيرا من الناس يقدرون على المشي.
وأيضا فإن قول الله - سبحانه - في الحج: {من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97] إما أ
ن يعني به القدرة المعتبرة في جميع العبادات وهو مطلق المكنة، أو قدرا زائدا على ذلك. فإن كان المعتبر هو الأول، لم يحتج إلى هذا التقييد، كما لم يحتج إليه في آية الصوم والصلاة، فعلم أن المعتبر قدر زائد على ذلك، وليس هو إلا المال.
وأيضا فإن الحج عبادة تفتقر إلى مسافة، فافتقر وجوبها إلى ملك الزاد والراحلة كالجهاد.
ودليل الأصل قوله - تعالى -: {ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج} [التوبة: 91] إلى ق
وله - تعالى -: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم} [التوبة: 92] الآية. وأيضا فإن المشي في المسافة البعيدة مظنة المشقة العظيمة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.43 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]