عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 13-12-2022, 02:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الكلمات النادرة

الكلمات النادرة



د. إبراهيم عوض




وقوله في نفس القصيدة:


يريك مخبرُه أضعافَ منظرِهِ ♦♦♦ بين الرجالِ وفيها الماءُ والآلُ

وقوله منها أيضًا:
إذا الملوكُ تحلَّت كأن حليتَه ♦♦♦ مهنَّدٌ وأصمُّ الكعبِ عسَّالُ

ثم قوله:
وربوا لك الأولادَ حتى تصيبَها ♦♦♦ وقد كعبت بنتٌ وشبَّ غلامُ
وأيضا قوله: (أتلتمس الأعداء بعد الذي رأت...) (4/242/3).

وقوله:
وفارقن الصياقلَ مخلصاتٍ ♦♦♦ وأيديها كثيراتُ الكلومِ

(فارقت السيوف الصياقل وأيدي هؤلاء الصياقل كثيرات الكلوم).
ويلحق بذلك قوله: (وغير عاجزة عنه الأطيفال) (3/282/24).
وقوله: (عداة كثيرة) (4/91/2).

أما في المثال الآتي، فإنه عكس الآية، إذا قال: (في بلاد أعرابه أكراده) (2/55/32)، وكان المتوقع أن تكون: (في بلاد أعرابها (أي أعراب هذه البلاد) أكرادها)، (والواقع أن هذا كله غريب من المتنبي، الذي صرح أكثر من مرة بأن الذكور أفضل من الإناث[29]، بل إنه في رثائه لعمة عضد الدولة يتحدث عنها بضمير المذكر، مشيرًا إليها بكلمة (شخص)[30].

أما في المثال التالي، فإنه جعل الضمير العائد على جماعة النسوة مفردًا مؤنثًا:
وليست كالإناثِ ولا اللواتي ♦♦♦ تعدُّ لها القبورُ من الحجالِ

ومن اللافت أنه يميل إلى معاملة اسم الجنس الجمعي الذي مفرده مؤنث معاملة المفرد المذكر، كما في الأمثلة الآتية: (وهامهمُ له معهم معمار) (2/209/50)، و:
تركن هامَ بني عوفٍ وثعلبةٍ ♦♦♦ على رؤوسٍ بلا ناسٍ مغافره

(أي تركن مغافر هام هاتين القبيلتين على رؤوس بلا ناس).
وقوله: (بعيدة أطراف القنا من أصوله)، (أي أطراف قنا هذه الكتيبة بعيدة من أصولها).
وقوله في نفس القصيدة: (فهاجوك أهدى في الفلا من نجومه) (2/327/35).

ومع ذلك فإنه في المثال التالي قد تأرجح بين معاملة اسم الجنس الجمعي الذي مفرده مؤنث كجملة ومعاملته كالمفرد المذكر:
إذا غنَّى الحمامُ الوُرْقُ فيها ♦♦♦ أجابَتْه أغانِيُّ القيانِ

ومع ذلك فقد أعاد الضمير على (الخيل) (وهو اسم جمع) في مثال آخر مفردًا مؤنثًا، وذلك في قوله: (وخيل براها الركض) (3/100/18)، بينما بعد عدة أبيات أخرى في نفس القصيدة استخدم لها (نون النسوة)، وذلك في قوله: (وأضعفن ما كلفنه من قباقب)، ومثله قوله: (ورعن بنا قلب الفرات) (3/102/28 - 29). وسوف نعالج هذه النقطة قريبًا.

وهو يعامل الناس والأيام والخلق أيضًا معاملة المفرد المذكر؛ وذلك مثل: (ذُكِر الأنام لنا فكان قصيدة) (ببناء (ذكر) للمجهول) (1/1239/36)؛ (أي: فكان الأنام قصيدة)، و(هذا الناس) (1/221/1)، و(هذا الأنام) (2/364/11)، و(يسهر الخلق جراها ويختصم)، (3/367/16)، و(أمسى الأنام له مجلًّا معظما) (4/118/1).

ليس ذلك فقط، بل إنه يستخدم (نون النسوة) لجماعة الذكور غير العقلاء، وذلك كما قوله: (وكم أسد أرواحهن كلاب) (1/196/26)، وكان حقه أن يقول: (أرواحها).

أما لو أراد أن يجعلها كالعقلاء، فكان المنتظر أن يقول: (أرواحهم)، ولكنه ترك هذا وذاك، واستخدم للأسود (نون النسوة)، ومن ذلك قوله، وهو من بديع الشعر كله، يصف أثر برودة الماء المثلج في نهرٍ ببلاد الروم أثناء الشتاء على فحول الخيل:
يقمصن في مثلِ المدى من باردٍ ♦♦♦ يَذَرُ الفحولَ وهن كالخصيانِ

وربما قصد هذا قصدًا؛ إذ إن تحول الفحول إلى خصيان يقربها من الأنوثة، وأبعد من هذا كله خروجًا عن المألوف قولُه عن غلمانه:
في غلمة أخطروا أرواحهم ورضوا ♦♦♦ بما لقين رضا الأيسارِ بالزلمِ

وقد رجعت إلى العكبري فوجدتُه قد فهم البيت على أن الغلمة هم الذين لقوا (في البيت: لقين)[31]، أما اليازجي، فإنه قال: إن المقصود أنهم (رضوا بما لقيت أرواحهن)[32]، بَيْدَ أن هذا التوجيه الأخير من شأنه أن يصيب العبارة بالركاكة؛ فإننا لا نقول عادة: (لقيت أرواحهم الأخطار)، على أية حال، فالعبارة قلقة على هذا النحو أو على ذاك، فإذا تغاضينا عن الركاكة وقبِلنا توجيه اليازجي، وجدنا المتنبي قد استخدم (نون النسوة) لـ(أرواح)، وهي (معنى من المعاني، ويلحق بها استعماله هذه النون للأماكن، كما في الضمير العائد على (المحاني والرعان)، وهي منعطفات الوادي وأنوف الجبال، وذلك في قوله:
إذا طلبت ودائعُهم ثقاتٍ

دفَعْن إلى المحاني والرعانِ

فباتَت فوقهن بلا صحابٍ
- - - - - - - -



على أن استعمالات المتنبي للضمائر على هذا النحو غير المألوف لا يقف عند هذا الحد، فإنه كثيرًا ما ينوع الضمائر العائدة على نفس الجمع الواحد، أو ينوع الصفة التي تصفه ما بين تذكير وتأنيث، أو إفراد وجمع أو عاقلية وعكسها، والشواهد الآتية توضح ما أريد، فهو يقول:
مثَّلت عينك في حشايَ جراحةً ♦♦♦ فتشابها، كلتاهما نَجلاءُ

(يقول إن كلًّا من عينك والجراحة التي أصابت عينك حشاي بها نجلاء)، وتلاحظ أنه ذكر الضمير مرة في (تشابها)، وأنَّثه مرة في (كلتاهما)، ولم يجرِ على وتيرة واحدة، وطبعا باب التأويلات والتمحلات صعب إغلاقه، وقد حاول العكبري مثلًا أن يؤول الضمير في (تشابها)، فقال ما معناه أن المقصود: (فتشابه هذان الشيئان)، بَيْدَ أن هذا السؤال هو: ولِم عاد فعدل عن هذا وجعل الضمير في (كلتاهما) يعود على العين والجراحة فعلًا؟
ويشبه ذلك قوله:
فرَّستنا سوابقٌ كن فيه ♦♦♦ فارقَتْ لبده وفيها طراده

فقد استخدم للسوابق (أي الخيول السابقة) في المرة الأولى (نون النسوة)، وهي ضمير جمع الإناث العقلاء في (كن)، ثم عاد فاستخدم (هي) في (فارقت)، و(ها) في (فيها)، وهما ضمير المؤنث المفرد؛ ومثل ذلك قوله:
أدَرنَ عيونًا حائراتٍ كأنها ♦♦♦ مركَّبةٌ أحداقُها فوق زئبقِ

حيث وصف (عيونًا) بصفة جمعية، ثم أعاد عليها بعد ذلك ضمير إفراد، وعلى عكس هذا الترتيب جاء الكلام في البيتين التاليين:
تفضَّلت الأيامُ بالجمعِ بيننا

فلمَّا حمِدنا لم تُدِمْنا على الحمدِ

جعلن وداعي واحدًا في ثلاثةٍ
جمالِك والعلمِ المبرحِ والمجدِ



ومثل ذلك قوله:
نظَمَتْ مواهبُه عليه تمائمًا ♦♦♦ فاعتادها فإذا سقطن تفزعا

وكذلك الأبيات التي أشارت إليها إشارة سريعة قبل قليل؛ وهي:
وخيلٍ براها الركضُ في كل بلدةٍ = إذا عرست فيها فليس تقيلُ
♦♦ ♦♦ ♦♦
وأضعفن ما كلفنه من قباقبٍ = فأضحى كأن الماءَ فيه عليلُ
ورُعْنَ بنا قلب الفراتِ كأنما = تخرُّ عليه بالرجالِ سُيولُ

وقوله:
وما زلت تفني السمر وهي كثيرةٌ ♦♦♦ وتفني بهن الجيش وهو لهامُ

أكثر من ذلك أنه في بعض الحالات لا يكتفي بما مر، بل بعد أن يغير الضمير الثاني يعود في المرة الثالثة فيستخدم الضمير الأول، ومن ذلك قوله:
تخلو الديارُ من الظباءِ وعنده

من كلِّ تابعةٍ خيالٌ خاذلُ

اللَّاء أفتكُها الجبانُ بمهجتي
وأحبُّها قربًا إلي الباخلُ

الرامياتُ لنا وهن نوافرٌ
والخاتلاتُ لنا وهن غوافلُ





يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.21 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.63%)]