عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-05-2022, 09:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي معارضة الأمر بالقدر..

معارضة الأمر بالقدر..
وحيد بن عبدالله أبوالمجد

قُرئ علينا ونحن نستمع من سنن النسائي رحمه الله، وبإسناد شيخنا الجليل الدكتور العربي زغلول حفظه الله من حديث سيدنا علي رضي الله عنه، قال: (إن النبي عليه الصلاة والسلام طرقه، وفاطمة، وقال لهما: ألا تقومان فتصليان؟ فقال علي رضي الله عنه: إنما أنفسنا بيد الله، إذا شاء أن يبعثنا بَعَثَنا، فلما قال علي رضي الله عنه ذلك، انصرف النبي عليه الصلاة والسلام، قال علي: رأيته يضرب فخذه بيده، ويقول: ﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴾ [الكهف: 54])).

‏‏‏نعم، هذا الحديث من الأحاديث التي استدل بها العلماء في ذم من عارض الأمر بالقدر، وهو ما يسمى بالجدل المذموم.

فتعجُّب النبي صلى الله عليه وسلم من بعض أهله وأصحابه وزوج ابنته، كيف يحتج بالمشيئة والقدر على ترك القيام للصلاة، ومع أنه سيدنا علي رضي الله عنه، وهو من المبشرين بالجنة، والصلاة هنا ليست المفروضة، ولكنها نافلة، سبحان الله!

وقال ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى": (هذا الحديث نصٌّ في ذم من عارض الأمر بالقدر، فإن قوله: "إنما أنفسنا بيد الله"؛ إلى آخره، استناد إلى القدر في ترك امتثال الأمر، وهي في نفسها كلمة حق، ولكنها لا تصلح لمعارضة الأمر، بل معارضة الأمر فيها من باب الجدل المذموم؛ الذي قال الله فيه: ﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ﴾ [الكهف: 54] ).

والاستناد إلى القدر في ترك امتثال الأمر كأن تقول لشخص ما لا يصلي: لماذا لا تصلي؟ فيقول لك: إن شاء الله، أو ربنا يهديني، أو تقول لإحدى محارمك أو أقاربك غير ملتزمة باللباس الشرعي مثلًا: لماذا لا ترتدين الحجاب؟ فيكون ردها: إن شاء الله، كله بأمر الله، نعم، كله بأمر الله هي كلمة حق، ولكن لا تصلح لمعارضة الأمر؛ لأنه أمر من الله، فلا يجوز الجدال فيه، كما تقدم.

وقال النووي رحمه الله: "ضرب فخذه تعجبًا من سرعة جوابه، وعدم موافقته له على الاعتذار بما اعتذر به".

يعني: جاءت إجابة سريعة من علي رضي الله عنه، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوافق عليها؛ وذلك لأنه احتج بالمشيئة على ترك العمل، وهذا مردود، وهو من الجدل الذي في الحقيقة ليس بصواب، فلذلك انصرف وتركه ولم يرد شيئًا.

وقد ذكر أيضا الإمام النووي رحمه الله: "وفيه مناقب لسيدنا علي رضي الله عنه عن نشر العلم وعظم تواضعه؛ لكونه روى هذا الحديث مع ما يشعر به عند من لا يعرف مقداره أنه يوجب غاية العتاب، فلم يلتفت لذلك بل حدث به لما فيه من الفوائد الدينية"؛ [انتهى].

أسأل الله العظيم أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وجزاكم الله خيرًا.

المراجع:
سنن النسائي.
فتح الباري في شرح صحيح البخاري.
مجموع الفتاوى لابن تيمية.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.95%)]