عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 08-04-2024, 12:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,807
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان



فقه الاعتكاف
[ المغني - ابن قدامة ]
المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد

من صــ132 الى صــ149
(29)



ويباح أو لا يباح للمعتكف
فصل : يستحب للمعتكف التشاغل بالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى ونحو ذلك من الطاعات المحضة ويجتنب ما لا يعينه من الأقوال والأفعال ولا يكثر الكلام لأن من كثر كلامه كثر سقطه وفي الحديث : [ من حسن إسلام
المرء تركه ما لا يعنيه ] ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظوره وعكسه الوطء ولا بأس بالكلام لحاجته ومحادثة غيره فإن [ صفية زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه و سلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه و سلم :

على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا : سبحان الله يا رسول الله فقال : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا ] أو قال : [ شيئا ] متفق عليه وقال علي رضي الله عنه : أيما رجل اعتكف فلا يساب ولا يرفث في الحديث ويأمر أهله بالحاجة أي وهو يمشي ولا يجلس عندهم رواه الإمام أحمد
فصل : فأما إقراء القرآن وتدريس العلم ودرسه ومناظرة الفقهاء ومجالستهم وكتابة الحديث ونحو ذلك مما يتعدى نفعه فأكثر أصحابنا على أنه لا يستحب وهو ظاهر كلام أحمد وقال أبو الحسن الآمدي : في استحباب ذلك روايتان واختار أبو الخطاب أنه مستحب إذا قصد به طاعة الله تعالى لا المباهاة و
هذا مذهب الشافعي لأن ذلك أفضل العبادات ونفعه يتعادى فكان أولى من تركه كالصلاة واحتج أصحابنا بأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به ولأن الاعتكاف عبادة من شرطها المسجد فلم يستحب فيها ذلك كالطواف وما ذكروه يبطل بعيادة المرضى وشهود الجنازة فعلى هذا القول فعله لهذه الأفعال أفضل من الاعتكاف قال المروذي : قلت لأبي عبد الله أن رجلا يقرئ في المسجد كان له ولغيره يقرئ أحب إلي وسئل أيما أحب إليك : الاعتكاف أو الخروج إلى عبادان ؟ قال : ليس يعدل الجهاد عندي شيء يعني أن الخروج إلى عبادان أفضل من الاعتكاف

الصيام عن الكلام
فصل : وليس من شريعة الإسلام الصمت عن الكلام وظاهر الأخبار تحريمه قال قيس بن مسلم : دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم فقال : ما لها لا تتكلم ؟ قالوا : حجت مصمتة فقال لها : تكلمني فإن هذا لا يحل هذا من أعمال الجاهلية فتكلمت رواه البخاري وروى أبو داود بإسناده [ عن علي رضي الله عنه قال : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا صمات يوم إلى الليل ] وروي [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه نهى عن صوم الصمت ] فإن نذر ذلك في اعتكافه أو غيره
لم يلزمه الوفاء به وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر ولا نعلم فيه مخالفا لما روى ابن عباس قال : [ بينا النبي صلى الله عليه و سلم يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا : أبو اسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : مره فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه ] رواه البخاري ولأنه نذر فعل منهي عنه فلم يلزمه كنذر المباشرة في المسجد وإن أراد فعله لم يكن له ذلك سواء نذره أو لم ينذره وقال أبو ثور وابن المنذر : له فعله إذا كان أسلم ولنا النهي عنه وظاهره التحريم والأمر بالكلام ومقتضاه الوجوب وقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه : إن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية وهذا صريح ولم يخالفه أحد من الصحابة فيما علمناه واتباع ذلك أولى

ولا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من الكلام
فصل : ولا يجوز أن يجعل القرآن بدلا من الكلام لأنه استعمال له في غير ما هو له أشبه استعمال المصحف في التوسد ونحوه وقد جاء لا تناظروا بكتاب الله قيل : معناه لا تتكلم به عنه الشيء تراه كأن ترى رجلا قد جاء وقته فتقول : { ثم جئت على قدر يا موسى } أو نحوه ذكر أبو عبيد نحو هذا المعنى

في المباح اثناء الاعتكاف
مسألة : قال : ولا بأس أن يتزوج في المسجد ويشهد النكاح
وإنما كان كذلك لأن الاعتكاف عبادة لا تحرم الطيب فلم تحرم النكاح كالصوم ولأن النكاح طاعة وحضوره قربة ومدته لا تتطاول فيتشاغل به عن الاعتكاف فلم يكره فيه كتشميت العاطس
ورد السلام
فصل : ولا بأس أن يتنظف بأنواع التنظيف لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يرجل رأسه وهو معتكف وله أن يتطيب ويلبس الرفيع من الثياب وليس ذلك بمستحب قال أحمد : لا يعجبني أن يتطيب وذلك لأن الاعتكاف عبادة تختص مكانا فكان ترك الطيب فيها مشروعا كالحج وليس ذلك بمحرم لأنه لا يحرم اللباس ولا النكاح فأشبه الصوم
فصل : ولا بأس أن يأكل المعتكف في المسجد ويضع سفرة يسقط عليها ما يقع منه كيلا يلوث المسجد ويغسل يده في الطست ليفرغ خارج المسجد ولا يجوز أن يخرج لغسل يده لأن من ذلك بدا وهل يكره تجديد الطهارة في المسجد ؟ فيه روايتان إحداهما لا يكره لأن أبا العالية قال : حدثني من كان يخدم النبي صلى الله عليه و سلم قال :
أما ما حفظت لكم منه أنه كان يتوضأ في المسجد وعن ابن عمر أنه قال : كان يتوضأ في المسجد الحرام على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم الرجال والنساء وعن ابن سيرين قال : كان أبو بكر وعمر والخلفاء يتوضأون في المسجد وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس و عطاء و طاوس و ابن جريج والأخرى يكره لأنه لا يسلم من أن يبصق في المسجد أو يتمخط والبصاق في المسجد خطيئة ويبل من المسجد مكانا يمنع المصلين من الصلاة فيه وإن خرج من المسجد للوضوء وكان تجديدا بطل لأنه خروج لما له منه بد وإن كان وضوءا من حدث لم يبطل لأن الحاجة داعية إليه سواء كان وقت الصلاة أو قبلها لأنه لا بد من الوضوء للمحدث وإنما يتقدم عن وقت الحاجة إليه لمصلحة وهو كونه على وضوء وربما يحتاج إلى صلاة النافلة به


فصل : إذا أراد أن يبول في المسجد في طست لم يبح له ذلك لأن المساجد لم تبن لهذا وهو مما يقبح ويفحش ويستخفى به فوجب صيانة المسجد عنه كما لو أراد أن يبول في أرضه ثم يغسله وإن أراد الفصد أو الحجامة فيه فكذلك ذكره القاضي لأنه اراقة نجاسة في المسجد فأشبه البول فيه وإن دعت إليه حاجة كبيرة خرج من المسجد ففعله وان استغنى عنه لم يكن له الخروج إليه كالمرض الذي يمكن احتماله ويكون تحتها شيء يقع فيه الدم [ قالت عائشة : اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي ] رواه البخاري والفرق بينهما أن المستحاضة لا يمكنها التحرز من ذلك إلا بترك الاعتكاف بخلاف الفصد
مسألة : قال : والمتوفى عنها زوجها وهي معتكفة تخرج لقضاء العدة وتفعل كما فعل الذي خرج لفتنة
وجملته أن المعتكفة إذا توفي زوجها لزمها الخروج لقضاء العدة وبهذا قال الشافعي وقال ربيعة ومالك وابن المنذر : تمضي في اعتكافها حتى تفرغ منه ثم ترجع إلى بيت زوجها فتعتد فيه لأن الاعتكاف المنذور واجب والاعتداد في البيت واجب فقد تعارض واجبان فيقدم أسبقهما
ولنا أن الاعتداد في بيت زوجها واجب فلزمها الخروج إليه كالجمعة في ح
ق الرجل ودليلهم ينتقض بالخروج إلى الجمعة وسائر الواجبات وظاهر كلام الخرقي أنها كالذي خرج لفتنة وأنها كالذي تبني وتقضي وتكفر وقال القاضي : لا كفارة عليها لأن خروجها واجب وقد مضى لقول فيه





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.96 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]