عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 05-04-2024, 11:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,831
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان




فقه الاعتكاف
[ المغني - ابن قدامة ]

المؤلف : عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد
من صــ122 الى صــ125
(27)


كتاب الاعتكاف
الاعتكاف في اللغة لزوم الشيء وحبس النفس عليه برا كان أو غيره ومنه قوله تعالى { ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون } وقال : { يعكفون على أصنام لهم } قال الخليل : عكف يعكف ويعكف وهو في الشرع الإقامة في المسجد على صفة نذكرها وهو قربة وطاعة قال الله تعالى { وطهر بيتي للطائفين والقائمين } وقال : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } وقالت عائشة كان النبي صلى الله عليه و سلم يعتكف العشر الأواخر متفق عليه وروى ابن ماجه في سننه ع
ن ابن عباس [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال في المعتكف : هو يعكف الذنوب ويجري له من الحسنات كعامل الحسنات كلها ] وهذا الحديث ضعيف وفي إسناده فرقد السنجي قال أبو داود قلت لأحمد رحمه الله تعرف في فضل الاعتكاف شيئا ؟ قال : لا إلا شيئا ضعيفا ولا نعلم العلماء خلافا في أنه مسنون

حكم الاعتكاف
مسألة : قال أبو القاسم رحمه الله : والاعتكاف سنة إلا أن يكون نذرا فيلزم الوفاء به
لا خلاف في هذه الجملة بحمد الله قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجب المرء على نفسه الاع
تكاف نذرا فيجب عليه ومما يدل على أنه سنة فعل النبي صلى الله عليه و سلم ومداومته عليه تقريبا إلى الله تعالى وطلبا لثوابه واعتكاف أزواجه معه وبعده ويدل على أنه غير واجب أن أصحابه لم يعتكفوا ولا أمرهم النبي صلى الله عليه و سلم به إلا من أراده و [ قال عليه السلام : من أراد أن يعتكف فليعتكف العشر الأواخر ] ولو كان واجبا لما علقه بالإرادة وأما إذا نذره فيلزمه لقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ من نذر أن يطيع الله فليطعه ] رواه البخاري و [ عن عمر أنه قال يا رسول الله إني نذرت أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال النبي صلى الله عليه و سلم أوف بنذرك ] رواه البخاري و مسلم
فصل : وإن نوى اعتكاف مدة لم تلزمه فإن شرع فيها فله اتمامها وله الخروج منها متى شاء وبهذا قال الشافعي وقال مالك تلزمه بالنية مع الدخول فيه فإن قطعه لزمه قضاؤه وقال ابن عبد البر لا يختلف في ذلك الفقهاء ويلزمه القضاء عند جميع العلماء قال وإن لم يدخل فيه فالقضاء مستحب ومن العلماء من أوجبه وأن لم يدخل فيه واحتج بما روي [ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فاستأذنته عائشة فأذن لها فأمرت ببنائها فضرب وسألت حفصة أن يستأذن لها رسول الله صلى الله عليه و سلم ففعلت فأمرت ببنائها فضرب فلما رأت ذلك زينب بنت جحش أمرت ببنائها فضرب قالت وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى الصبح دخل معتكفه فلما صلى الصبح انصرف فبصر بالأبنية فقال :


ما هذا ؟ فقالوا بناء عائشة وحفصة وزينب فقال رسول صلى الله عليه و سلم : البرأردتن ؟ ما أنا بمعتكف فرجع فلما أفطر اعتكف عشرا من شوال ] متفق عليه معناه ولأنه عبادة تتعلق بالمسجد فلزمت بالدخول فيها كالحج ولم يصنع ابن عبد البر شيئا وهذا ليس بإجماع ولا نعرف هذا القول عن أحد سواه وقد قال الشافعي : كل عمل لك أن لا تدخل فيه فإذا دخلت فيه فخرجت منه فليس عليك أن تقضي إلا الحج والعمرة ولم يقع بالإجماع لزوم نافلة بالشروع فيها سوى الحج والعمرة ولم يقع الإجماع على لزوم نافلة بالشروع فيها سوى الحج والعمرة وإذا كانت العبادات التي لها أصل في الوجوب أولى وقد انعقد الإجماع على أن الانسان لو نوى الصدقة بمال مقدر وشرع في الصدقة به فأخرج بعضه لم تلزمه الصدقة بباقية وهو نظير الاعتكاف لأنه غير مقدر بالشرع فأشبه الصدقة وما ذكره حجة عليه فإن النبي صلى الله عليه و سلم ترك الاعتكاف ولو كان واجبا لما تركه وأزواجه تركن الاعتكاف بعد نيته وضرب أبنيتهن له ولم يوجد عذر يمنع فعل الواجب ولا أمرن بالقضاء وقضاء النبي صلى الله عليه و سلم هل لم يكن واجبا عليه وإنما فعله تطوعا لأنه كان إذا عمل عملا أثبته وكان فعله لقضائه كفعله لأدائه على سبيل التطوع به لا على سبيل الإيجاب كما قضى السنة التي فاتته بعد الظهر وقبل الفجر فتركه له دليل على عدم الوجوب لتحريم ترك الواجب وفعله للقضاء لا يدل على الوجوب لأن قضاء السنن مشروع فإن قيل إنما جاز تركه ولم يؤمر تاركه من النساء بقضائه لتركهن إياه قبل الشروع قلنا فقد سقط الاحتجاج لاتفاقنا على أنه لا يلزم قبل شروعه فيه فلم يكن القضاء دليلا على الوجوب مع الاتفاق على انتفائه ولا يصح قياسه على الحج والعمرة لأن الوصول إليهما لا يحصل في الغالب إلا بعد كلفة عظمى ومشقة شديدة وإنفاق مال كثير ففي إبطالهما تضييع لما له وإبطال لأعماله الكثيرة وقد نهينا عن إضاعة المال وإبطال الأعمال وليس في ترك الاعتكاف بعد الشروع فيه مال يضيع ولا عمل يبطل فإن ما مضى من اعتكافه لا يبطل بترك اعتكاف المستقبل ولأن النسك يتعلق بالمسجد الحرام على الخصوص والاعتكاف بخلافه

الصوم في الاعتكاف
مسألة : قال : ويجوز بلا صوم إلا أن يقول في نذره بصوم
المشهور في المذهب أن الاعتكاف يصح بغير صوم روي ذلك عن علي وابن مسعود و سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز و الحسن و عطاء و طاوس و الشافعي و إسحاق وعن أحمد رواية أخرى أن الصوم شرط في الاعتكاف قال إذا اعتكف يجب عليه الصوم وروي عن عائشة [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا اعتكاف إلا بصوم ] رواه الدارقطني وعن ابن عمر [ أن عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية فسأل النبي صلى الله عليه و سلم فقال : اعتكف وصم ] روا
ه أبو داود ولأنه لبث في مكان مخصوص فلم يكن بمجرده قربة كالوقوف ولنا ما روى ابن عمر [ عن عمر أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أوف بنذرك ] رواه البخاري ولو كان الصوم شرطا لما صح اعتكاف الليل لأنه لا صيام فيه ولأنه عبادة تصح في الليل فلم يشترط له الصيام كالصلاة ولأنه عبادة تصح في الليل فأشبه سائر العبادات ولأن إيجاب الصوم حكم لا يثبت إلا بالشرع ولم يصح فيه نص ولا إجماع قال سعيد : حدثنا عبد العزيز بن محمد بن أبي سهل قال كان على امرأة من أهلي اعتكاف فسألت عمر بن عبد العزيز فقال ليس عليها صيام إلا أن تجعله على نفسها فقال الزهري : لا اعتكاف إلا بصوم فقال له عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم ؟ قال : لا قال فعن أبي بكر ؟ قال : لا قال فعن عمر ؟ قال : لا قال وأظنه قال فعن عثمان ؟ قال : لا خرجت من عنده فلقيت عطاء وطاوسا فسألتهما فقال طاوس : كان فلان لا يرى عليها صياما إلا أن تجعله على نفسها وأحاديثهم لا تصح أما حديثهم عن عمر فتفرد به ابن بديل وهو


ضعيف قال أبو بكر النيسابوري هذا حديث منكر والصحيح ما رويناه أخرجه البخاري والنسائي وغيرهما وحديث عائشة موقوف عليها ومن رفعه فقد وهم ولو صح فالمراد به الاستحباب فإن الصوم فيه أفضل وقياسهم ينقلب عليهم فإنه لبث في مكان مخصوص فلم يشترط له الصوم كالوقوف ثم نقول بموجبه فإنه لا يكون قربة بمجرده بل بالنية إذا ثبت هذا فإنه يستحب أن يصوم لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف وهو صائم ولأن المعتكف يستحب له التشاغل بالعبادات والقرب والصوم من أفضلها ويتفرغ به مما يشغله عن العبادات ويخرج به من الخلاف
فصل : إذا قلنا إن الصوم شرط لم يصح اعتكاف ليلة مفردة ولا بعض يوم ولا ليلة وبعض يوم لأن الصوم المشترط لا يصح في أقل من يوم يحتمل أن يصح في بعض اليوم إذا صام اليوم كله لأن الصوم المشروط وجد في زمن الاعتكاف ولا يعتبر وجود المشروط في زمن الشرط كله





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.30 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]