عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 14-12-2023, 12:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,200
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة

– ولكنكم قوم تستعجلون


  • لابد من دراسة العهد المكي حتى نأخذ منه العبر والعظات مما حصل للصحابة رضوان الله عليهم وكيف كانت الشدة التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم وقت الحصار في شعب أبي طالب
  • موعود الله تعالى بنصر المؤمنين لن يتخلف ولكننا نحتاج إلى يقين وإلى صبر وإلى ثبات على هذا الدين وهذا المنهج
حديثنا اليوم عن مشهد من مشاهد صمود المسلمين في العهد المكي، فهذا الصحابي الجليل خباب بن الأرت - رضي الله عنه - هذا الرجل الذي عايش واقعًا مريرًا كما عاشه النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة -رضي الله عنهم- الذين كانوا مستضعفين وقتها في مكة المكرمة، يأتي للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - متوسدا ببرده في ظل الكعبة، فعن خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال: «شَكَوْنا إلى رَسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنا: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا؟ ألا تَدْعُو لَنا؟ فقالَ: قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلَّا اللَّهَ، والذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ».
النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف الواقع الذين يتكلمون فيه، وهو - صلى الله عليه وسلم - جزء من هذا الواقع، بل هو - صلى الله عليه وسلم - يعيش شيئا أعظم مما يعيشه الصحب الكرام -رضوان الله عليهم- من الابتلاء، فالله -سبحانه وتعالى- جعل سنة كونية في الخلق وهي سنة الابتلاء، والأمر الثاني في هذا الابتلاء أن أشد الناس ابتلاءً هم الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل؛ لذا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان أكثر منهم في هذا الابتلاء.
الابتلاء ليس خاصا بهذه الأمة
والأمر الثالث أن الابتلاء ليس خاص بهذه الأمة؛ لذا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا فعل؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة بعد ما انتهوا من كلامهم: «قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ».
مشهد مؤلم
انظر الى هذا المشهد معي: عدو يأخذ مسلما لأنه مؤمن، ويأتي له بمنشار بعدما يحفر له في الأرض؛ بحيث لا يظهر سوى رأسه فينشر نصفين، تخيل هذا العذاب وهذا الألم مع كل لحظه من لحظات هذا الانسان قبل أن يموت! ينشر نصفين ما بين لحم ودم وعظم وعصب وما يرده ذلك عن دين الله!. نعم هو مع هذا المشهد المؤلم والصعب كان ثابتا على الدين، وما تسخط على دين الله -عزوجل- وما تسخط على الشرع، وما تسخط على النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان في عهده أبدا، وإنما ثبت على أمر الله -عزوجل-؛ لأنه يعلم أن هذا ابتلاء من الله -عزوجل.
واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ
ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ»، وهذا قسم وإذا أقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو صادق أكيد، «لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ» أي سيسود هذا الأمر، وتكون العزة للإسلام والمسلمين، ويكون الملك لهذا الدين، ويكون السؤدد لهذا الدين وهذه الشريعة.
معالجة النبي - صلى الله عليه وسلم - للأمر
ثم أكمل النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلَّا اللَّهَ، والذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ» يعني من شدة الأمان، هل ترون يا أحباب كيف عالج النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الشكوى وكيف تعامل معها؟ النبي - صلى الله عليه وسلم - بدأ حديثه وأخذهم الى الزمن البعيد ليسمعهم ما لاقاه أهل الإيمان من ابتلاء وسنة الله الكونية مع المؤمنين من قبلهم؛ لذا نحن نحتاج إلى مثل هذه الرسالة الآن؛ فما يمر به أهل غزة وفلسطين أمر شديد، ولهم في ذلك سلف، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أسوتنا - صلى الله عليه وسلم - فلننظر ماذا صار معه - صلى الله عليه وسلم ؟
أهمية دراسة العهد المكي
ينبغي للمسلمين أن يدرسوا ماذا حصل للصحابة -رضوان الله عليهم؟ وكيف كان يسمع أهل مكة بالليل صياح الأطفال وعويل النساء، وكيف كانت الشدة الذي واجهها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت الحصار، وما عندهم شيء، فكان يخرج منهم مثل البعر من الإمساك الشديد؛ فقد كانوا يأكلون أوراق الشجر، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ولقد أتت عليَّ ثلاثونَ من بينِ يومٍ وليلةٍ، وما لي ولبلالٍ طعامٌ يأْكلُهُ ذو كبدٍ إلاَّ شيءٌ يواريهِ إبطُ بلالٍ» يعني من الأكل شيء يسير، شهر كامل ما يأكل شيئا - صلى الله عليه وسلم - مع الصحابة -رضوان الله عليهم- عايش معهم هذا البلاء.
الأمر يحتاج الى صبر
لذا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد نقل الصحابة إلى هذا الجيل القديم من الأنبياء والمرسلين ليروا ماذا كان يصير معهم، لماذا؟ حتى يبين لهم ولنا أن الأمر يحتاج إلى صبر، وإلى الاقتداء بالمؤمنين السابقين الذين ما صدهم هذا الابتلاء الصعب عن دين الله، كما أنه - صلى الله عليه وسلم - في النهاية بشر ببشارة وهي أن النصر قادم. أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعد الهجرة مكن الله -عزوجل- له، والخلفاء من بعده توسعوا، والخلفاء من بعدهم توسعوا، حتى بلغت رقعة الأمة الاسلامية ما بلغت.
موعود من الله
وكل ما جاءت الفتن القريبة أو المشابهة لذلك العهد، فاعلموا أن هناك بشارة قادمة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -» واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ» وهذا موعود من الله، والله لا يخلف الميعاد؛ لذا فإننا نحتاج إلى يقين وإلى صبر وإلى ثبات، نحتاج إلى أن نثبت على هذا الدين وهذا المنهج، ونحسن الظن بالله -عزوجل-، وأن نعمل بالأسباب الشرعية والكونية التي توصلنا إلى تحقيق الأهداف.
النصر لهذه الأمة
وعد الله النصر لهذه الأمة، وأن اليهود سيزولون، وأنهم سيهزمون شر هزيمة، حتى أن الله -عزوجل- يسخر الحجر والشجر لنصرة المسلمين، عن أبي هريرة - رضي لله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ، فيقتلُهم المسلمون، حتى يختبئ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ والشجرِ، فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ: يا مسلمُ يا عبداللهِ، هذا يهوديٌّ خلفي، فتعالَ فاقْتلْه، إلا الغَرْقَدَ، فإنه من شجرِ اليهودِ».

اعداد: د. خالد سلطان السلطان

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 15-05-2024 الساعة 09:13 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.16 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (3.17%)]