عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 24-11-2021, 10:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: آبـاء وأبــناء في القــــــرآن الكـــريـــم

آباء وأبناء في القرآن الكريم إبراهيـم عليه السـلام (1)



الشيخ سعيد بن عماش السعيدي


إن الحديث هنا عن خليل الرحمن عليه السلام بوصفه أباً عظيماً، وأخذ العبر والدروس والتوجيهات من تلك الشخصية الفذة النادرة، وما صدر عنها من تلك الدعوات الحارة الممزوجة بالعطف والحنان، حين أطلقها من أجل تلك الذرية، فأصلحها الله بصدق مطلقها عليه السلام، فحقا قولك يا رب: {إن إبراهيم كان أمة}؛ حيث نرى تلك الخلجات في سيرته التربوية المباركة في أكثر من موضع ما بين تضرع ودعاء، وذلك منهجٌ سار عليه إبراهيم الخليل طوال حياته، فيا ليت الأمة والجماعات والأفراد تدرس ذلك وتسلكه ونستفيد منه.
وأول ذلك الغيث أن الله تعالى جعله إماما وقدوة للعالمين، وما كان ذلك إلا بعد توفيق الله تعالى له، وأنه كان ذا قلب سليم اختاره الله واجتباه على العالمين؛ قال تعالى: {إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم} (النحل: 120-121)، وقال تعالى: {وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم} (الصافات: 83-84).
ونلاحظ عددا من المحاور التربوية ارتكزت عليها دعوته بعد اختيار الله تعالى له:
طلبه المزيد من فضل الله ومن الذرية الصالحة التي تحمل هم هذا الدين إلى يوم القيامة
قال الله تعالى: {قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين} (البقرة: 124-126).
وقال الله تعالى: {رب هب لي من الصالحين فبشرناه بغلام حليم} (الصافات: 100-101).
وقال الله تعالى: {الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحق إن ربي لسميع الدعاء} (إبراهيم: 39).
إنه عليه السلام طلب إلى ربه عز وجل عند هجرته من موطنه وقومه، أولادا صالحين يعينونه على الدعوة والطاعة ويؤنسونه في الغربة؛ قال تعالى: {وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين. رب هب لي من الصالحين}.
قال الله تعالى: {ووهبنا له إسحق ويعقوب كلا هدينا} (الأنعام: 84).
وقال الله تعالى: {فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحق يعقوب} (هود: 71).
قال أهل التفسير في قوله تعالى: {هب لي من الصالحين} يريد الولد؛ لأن لفظ الهبة غلب في الولد، ووُصف بأنه من الصالحين؛ لأن نعمة الولد تكون أكمل إذا كان صالحا؛ فإن صلاح الأبناء قرة عين الوالدين. ولا خير في الأولاد إن لم يكونوا صالحين، فربما كان الولد مصدر شقاء وهم وحزن، نسأل الله من فضله العظيم، صلاحا في النية والذرية.الخوف من الشرك
تجد في سيرة إبراهيم الخليل عليه السلام أنه سأل ربه تعالى أن يحفظه وبنيه من عبادة الأصنام؛ قال تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} (إبراهيم: 35-36).
قال الشيخ السعدي- رحمه الله تعالى-في تفسيره: أي اجعلني وإياهم جانبا بعيدا من عبادتها والإلمام بها؛ فما أشد خوف خليل الرحمن على نفسه وعلى أولاده من الوقوع في عبادة الأصنام؛ لأن ذلك شرك بالله العظيم، مخرج من الملة، وله صور خبيثة: كالذبح، والنذر، والخوف، والتعلق بالأشجار والأحجار والشياطين، فخاف الخليل عليه السلام، وهو من هو في الإمامة وصلاح أبنائه!
قال القرطبي- رحمه الله تعالى-: «ما أروع ما قاله الشيخ إبراهيم التيمي -رحمه الله تعالى-: من يأمن البلاء بعد الخليل عليه السلام حين يقول: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} كما عبدها قومه؟! قال تعالى محذرا من الشرك: {ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق}».
وقال ابن كثير في تفسيره: «ينبغي لكل داع أن يدعوَ لنفسه ولوالديه وذريته».
قلت: وما أكثر صور الشرك اليوم التي تغافل عنها أولياء الأمور، ومنها تعليق التمائم والودع والذهاب إلى العرافين والذبح والنذر لغير الله، وبعض الممارسات التي تؤدي إلى الخروج من الملة عياذا بالله العظيم.
أهمية الصلاة في منهج الخليل عليه السلام
ومما نجده في سيرة الخليل عليه السلام، أنه كان شديد الاهتمام بأن تكون ذريته من مقيمي الصلاة، وذلك عندما أسكن تلك الذرية المباركة عند البيت العتيق؛ قال تعالى: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة} (إبراهيم: 37).
إنه عليه السلام دعا ربه عز وجل أن يجعله وذريته مقيمين للصلاة.
وقال تعالى: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء} (إبراهيم: 40).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: «{رب اجعلني مقيم الصلاة} أي محافظا عليها مقيما لحدودها، {ومن ذريتي} أي واجعلهم كذلك مقيمين لها» ابن كثير (2/295).
قلت: ومما يجب التنبيه عليه في هذا المقام أن الخليل عليه السلام، دعا مولاه واتخذ الأسباب. وكذلك محمد [ أمر بأَمْر أهله بالصلاة؛ قال عز وجل: {وأُمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها} (طه: 132).
وعلى هذا المنهج وجه الرسول [ الأمة إلى أهمية الصلاة، فقال: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع»، فعلى الآباء والأمهات، ومن له ولاية على صغير الاهتمام بهذا الجانب، وأن يكون إبراهيم عليه السلام ومحمد [ قدوة ومثالا يحتذى؛ فإن التربية عليها في الصغر تكون ذات فعالية عند البلوغ والكبر؛ حيث تعظم في نفسه من اهتمام الأهل بها، فالصغار يلحظون كثيرا ويفعلون ما نفعله تقليدا، وهذا مشاهد في الأسر التي تحافظ على الصلوات أنهم يحاكون.
فدعونا ننبت تلك البذرة الطيبة «الصلاة» في تلك القلوب الطاهرة الزكية بالتربية الصالحة.
غبطة الخليل عليه السلام بهذه الملة له ولذريته
نجد في سيرته عليه السلام أنه دعا ربه عز وجل أن يجعله وذريته أمة مسلمة منقادة لله تعالى، نلحظ ذلك في قوله تعالى: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} (البقرة: 128).
قال الشيخ السعدي -رحمه الله تعالى- في تفسيره: «ودعوا لأنفسهما وذريتهما بالإسلام الذي حقيقته خضوع القلب، وانقياده لربه، المتضمن لانقياد الجوارح»، قلت: قال تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} (آل عمران: 19)، فهو المرضي عند رب العالمين، فمن الواجب توطين أنفسنا وذريتنا على الانقياد والسمع والطاعة والفخر والاعتزاز به، فما أعظمه من دعاء! إن الإسلام نعمة جليلة القدر، قد امتن الله تعالى بها على الناس قال تعالى: {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} (الحجرات: 17).
قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} (المائدة: 3).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.33 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.31%)]