عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-10-2021, 04:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية

محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية (1)
أ. طاهر العتباني






محاور الغربة والاغتراب










في ديوان "نقوش إسلامية على الحجر الفلسطيني" (1)









يجيء ديوان "نقوش إسلامية على الحجر الفلسطيني"؛ للشاعر الفلسطيني "محمود مفلح" الذي اختار طريق الأدب الملتزم بالتصور الإسلامي للكون والحياة والإنسان؛ ليضيف رصيدًا جديدًا إلى رصيد الشاعر الممتد عمقًا واتساعًا من خلال مجموعة قصائده التي تصل إلى خمس وثلاثين قصيدة تشتبك مع الواقع الملحِ وقضاياه الراهنة.







ويجيء عنوان الديوان ليعبِّر عن البعد الإسلامي لقضية فلسطين، ويكشف عن مسار التحول الذي أصبح يشكل الوعي الفلسطيني للقضية في هذه المرحلة من مراحل تطورها، بعد أن كاد الوعي - الذي يتميز بالأصالة الإسلامية للقضية - يَنطمس، وبعد أن أصبح هذا الوعي يستقطب كلَّ القوى الفلسطينية في الداخل والخارج، في الوقت الذي تحول فيه من كانوا يحملون البندقية إلى صفوف المسالمين وحاملي أغصان الزيتون، وفي الوقت الذي كادت فيه فلسطين أن تسلم بكاملها لليهود.







لقد كان للطفل الفلسطيني - الذي ظهر فجأةً على سطح الأحداث ليقول كلمته الواعية المنتمية - أثره البعيد في إبراز هذا الوعي الأصيل للقضية الفلسطينية.







كان الطفل الفلسطيني الذي حمل الحجر مقاتلاً به أبرز مَن لفت الانتباه إلى هذا الوعي، فتغنى به الشعراء، وأصبح أملاً وليدًا في هذا الجو المعتكر الذي كادت فيه لافتات السلام المزعوم أن تكون غشاوةً على العيون تَحجب الرؤية الحقيقية لهذه القضية.







إن ديوان "نقوش إسلامية على الحجر الفلسطيني" كما يمثل هذا الوعي الإسلامي الأصيل لقضايا المسلمين، يطرح في نفس الوقت غربة هذا الوعي، وذلك أن ما يطفو على السطح في أحيان كثيرة من تصورات شائهة لهذه القضايا يحاول في نفس الوقت أن يلغي الوعي الحقيقي الملتزم الأصيل؛ لتفرغ له الساحة الثقافية والفكرية والفنية والسياسية.







من هنا كانت هذه الجولة في هذا الديوان بحثًا عن محاور الغربة ومعايشة قضايا الديوان.







المحور الأول: غربة قضية فلسطين في الواقع الدولي المعاصر:



يتبدى المحور الأول من محاور الغربة في هذا الديوان في غربة قضية فلسطين في الواقع الدولي، وربما العربي في بعض الأحيان من منظورها الحقيقي - المنظور الإسلامي - ولقد هتف كثير من شعراء العربية لفلسطين، وتغنى بها الكثير، ولو أننا استعرضنا ما كتب حول القضية الفلسطينية من الشعر لصَعُب علينا مجرد إحصائه منذ سقطت فلسطين في أيدي اليهود حتى اليوم، ولكن الغريب حقًّا أن كثيرًا مما كتب من الشعر عن فلسطين، قد فقد الرؤية الحقيقية الأصيلة؛ فعُولِجت في الإطار القومي العربي مرةً، ونظر إليها على أنها مشكلة فلسطينية بحتة مرات، ونسي كثيرًا من المرات البعد الإسلامي لهذه القضية، وهكذا ظلت القضية تعاني غربةً شديدةً، وذلك بوصفها قضية إسلامية يجب أن يُنظر إليها في إطار الصراع الحضاري الأكبر اتساعًا ورؤيةً.







وكثير من شعراء فلسطين فضلاً عن شعراء العربية، نظروا إليها من هذا المنظور الضيق، فرأوا أنها مجرد أرض سلبت للأبد من عودتهم إليها أو عودتها إليهم، والحقيقة أن قضية فلسطين قضية إسلامية في المقام الأول، وهي قضية المسلمين المركزية؛ لأنها ترمز إلى ذلك الصراع العقائدي والحضاري الذي غفل عنه المسلمون وتنبَّه له غيرهم.







ويأتي ديوان "نقوش إسلامية على الحجر الفلسطيني" ليؤكد ذلك؛ يقول الشاعر في خطابه لأطفال الحجارة مؤكدًا أنهم وراء إيقاظ هذا المعنى الإسلامي للقضية:





سيروا فإن لكم خيلاً ومضمارَا

وأمطروهم مع التكبير أحجارَا




وقاتلوهم فإن الله قاتلهم

فقد تولَّوا على الأدبار فرارا[1]











وفي ختام قصيدة "نقوش إسلامية على الحجر الفلسطيني" يؤكد هذا المعنى أيضًا، وهو أن قضية فلسطين قضية إسلامية في المقام الأول، أما ما بعد ذلك، فهو تبع لهذا الأساس:





وإن هذا زمانٌ لاح عارضه

وللعقيدة فيه القوس والوترُ




من المساجد قد صاغوا ملاحمهم

ومن مآذنها الشماء قد نفَروا




فكيف يَنهزم الإعصار في بلدي

ولحنه السرمدي الآي والسُّوَر[2]











إن هذا الزخم من المفردات الإسلامية: (المساجد - المآذن - نفروا - الآي - السور)، وهذه المعاني التي تحملها الأبيات تؤكِّد هذا الوعي الجديد الأصيل للقضية، هذا الوعي الذي كان غريبًا يوم أن كان الشعر يصنع أبطالاً زائفين وثوَّارًا صنعوا على موائد أجنبية:





من نصف قرن ونحن الميِّتون هنا

وما وجَدنا لهذا القبر حُفَّارا




من نصف قرن وحرب الشعر دائرة

ونحن نصنع أبطالاً وثوَّارَا[3]











ثم يعود فيؤكد أن الخلاص الحقيقي للقدس لا يكون إلا على يد أمثال عمر - رضي الله عنه -:





القدس ترحل من ليل إلى غسقٍ

فما أطلَّ على أسوارها عمرُ[4]











وهو في الصراع يدرك أن النصر من عند الله، وأن الله هو الرامي:





وقد رميتُم بأحجار مُسوَّمة

على رؤوسهم ألقَت بها سقرُ




وما رميتُم ولكنَّ الإله رمى

فكيف يُهزم من بالله ينتصرُ[5]











وهكذا تُعيدنا الأبيات والألفاظ والمعاني والصور إلى أجواء "بدر" وصراع الإيمان والكفر، ثم يردنا الشاعر إلى مواقف اليهود المخزية التي حفلَ بها التاريخ، والتي تؤكد أن النظرة إلى المحتل يجب أن تبدأ من فَهم تاريخه وطبيعته المعادية:





إن اليهود بتاريخ الورى بُؤَر

ألم يحن بعدُ أن تُستأصل البُؤَرُ




إن اليهود رؤوس كلها يَبِست

لكنها تحت عُنف الطرق تَنكسر[6]














يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.12 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.62%)]