عرض مشاركة واحدة
  #428  
قديم 21-01-2023, 12:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,544
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء السادس

سُورَةُ الْقَصَصِ
الحلقة (428)
صــ 231 إلى صــ 240







أحدها : لا نبتغي دين الجاهلين . والثاني : لا نطلب مجاورتهم . والثالث : لا نريد أن نكون جهالا .[ ص: 231 ] إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين . وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين

قوله تعالى: إنك لا تهدي من أحببت قد ذكرنا سبب نزولها عند قوله : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين [التوبة : 113] ، وقد روى مسلم فيما انفرد به عن البخاري من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه : " قل : لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة " ، فقال : لولا أن تعيرني نساء قريش ، يقلن : إنما حمله على ذلك الجزع ، لأقررت بها عينك ، فأنزل الله عز وجل : إنك لا تهدي من أحببت . قال الزجاج : أجمع المفسرون أنها نزلت في أبي طالب .

[ ص: 232 ] وفي قوله : من أحببت قولان .

أحدهما : من أحببت هدايته . والثاني : من أحببته لقرابته .

ولكن الله يهدي من يشاء أي : يرشد لدينه من يشاء وهو أعلم بالمهتدين أي : من قدر له الهدى .

قوله تعالى: وقالوا إن نتبع الهدى معك قال ابن عباس في رواية العوفي : هم ناس من قريش قالوا ذلك . وقال في رواية ابن أبي مليكة : أن الحارث بن عامر بن نوفل قال ذلك . وذكر مقاتل أن الحارث بن عامر قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لنعلم أن الذي تقول حق ، ولكن يمنعنا أن نتبع [الهدى] معك مخافة أن تتخطفنا العرب من أرضنا ، يعنون مكة . ومعنى الآية : إن اتبعناك على دينك خفنا العرب لمخالفتنا إياها . والتخطف : الانتزاع بسرعة ; فرد الله عليهم قولهم ، فقال : أولم نمكن لهم حرما أي : أو لم نسكنهم [ ص: 233 ] حرما ونجعله مكانا لهم ، ومعنى آمنا :ذو أمن يأمن فيه الناس ، وذلك أن العرب كان يغير بعضها على بعض ، وأهل مكة آمنون في الحرم من القتل والسبي والغارة ، أي : فكيف يخافون إذا أسلموا وهم في حرم آمن؟! يجبى [قرأ نافع : " تجبي " بالتاء] ، أي : تجمع إليه وتحمل من [كل] النواحي الثمرات ، رزقا من لدنا أي : من عندنا ولكن أكثرهم يعني أهل مكة لا يعلمون أن الله هو الذي فعل بهم ذلك فيشكرونه . ومعنى الآية : إذا كنتم آمنين في حرمي تأكلون رزقي وتعبدون غيري ، فكيف تخافون إذا عبدتموني وآمنتم بي؟! ثم خوفهم عذاب الأمم الخالية فقال : وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها قال الزجاج : " معيشتها " منصوبة بإسقاط " في " ، والمعنى : بطرت في معيشتها ، والبطر : الطغيان في النعمة . قال عطاء : عاشوا في البطر فأكلوا رزق الله وعبدوا الأصنام .

قوله تعالى: فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا قال ابن عباس : لم يسكنها إلا المسافرون ومار الطريق يوما أو ساعة ، والمعنى : لم تسكن من بعدهم إلا سكونا قليلا وكنا نحن الوارثين أي : لم يخلفهم أحد بعد هلاكهم في منازلهم ، فبقيت خرابا غير مسكونة . وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون . أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين

وما كان ربك مهلك القرى يعني القرى الكافر أهلها حتى يبعث [ ص: 234 ] في أمها أي : في أعظمها رسولا ، وإنما خص الأعظم ببعثة الرسول ، لأن الرسول إنما يبعث إلى الأشراف ، وأشراف القوم ملوكهم وإنما يسكنون المواضع التي هي أم ما حولها . وقال قتادة : أم القرى : مكة ، والرسول : محمد .

قوله تعالى: يتلو عليهم آياتنا قال مقاتل : يخبرهم الرسول أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا .

قوله تعالى: وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون أي : بظلمهم أهلكهم . وظلمهم : شركهم . وما أوتيتم من شيء أي : ما أعطيتم من مال وخير فمتاع الحياة الدنيا تتمتعون به أيام حياتكم ثم يفنى وينقضي ، وما عند الله من الثواب خير وأبقى أفضل وأدوم لأهله أفلا تعقلون أن الباقي أفضل من الفاني؟!

قوله تعالى: أفمن وعدناه وعدا حسنا اختلف فيمن نزلت على أربعة أقوال . أحدها : أنها نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي جهل . والثاني : في علي وحمزة عليهما السلام ، وأبي جهل . والقولان مرويان عن مجاهد . والثالث : في المؤمن والكافر ، قاله قتادة . والرابع : في عمار والوليد بن المغيرة ، قاله السدي . [ ص: 235 ] وفي الوعد الحسن قولان . أحدهما : الجنة . والثاني : النصر .

قوله تعالى: فهو لاقيه أي : مصيبه ومدركه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا أي : كمن هو ممتع بشيء يفنى ويزول عن قريب ثم هو يوم القيامة من المحضرين فيه قولان . أحدهما : من المحضرين في عذاب الله ، قاله قتادة . والثاني : من المحضرين للجزاء ، حكاه الماوردي . ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون . قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون . ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون . فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين

قوله تعالى: ويوم يناديهم أي : ينادي الله تعالى المشركين يوم القيامة فيقول أين شركائي هذا على حكاية قولهم ; والمعنى : أين شركائي في قولكم؟! قال الذين حق عليهم القول أي : وجب عليهم العذاب ، وهم رؤساء الضلالة، [ ص: 236 ] وفيهم قولان . أحدهما : أنهم رؤوس المشركين . والثاني : أنهم الشياطين ربنا هؤلاء الذين أغوينا يعنون الأتباع أغويناهم كما غوينا أي : أضللناهم كما ضللنا تبرأنا إليك أي : تبرأنا منهم إليك ; والمعنى أنهم يتبرأ بعضهم من بعض ويصيرون أعداء . وقيل لكفار بني آدم ادعوا شركاءكم أي : استغيثوا بآلهتكم لتخلصكم من العذاب فدعوهم فلم يستجيبوا لهم أي : فلم يجيبوهم إلى نصرهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون قال الزجاج : جواب " لو " محذوف ; والمعنى : لو [أنهم] كانوا يهتدون لما اتبعوهم ولما رأوا العذاب .

قوله تعالى: ويوم يناديهم أي : ينادي الله الكفار ويسألهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين . فعميت عليهم الأنباء وقرأ أبو رزين العقيلي ، وقتادة ، وأبو العالية ، وأبو المتوكل ، وعاصم الجحدري : " فعميت " برفع العين وتشديد الميم . قال المفسرون : خفيت عليهم الحجج ، وسميت أنباء ، لأنها أخبار يخبر بها . قال ابن قتيبة : والمعنى : عموا عنها- من شدة الهول- فلم يجيبوا ، و " الأنباء " هاهنا : الحجج .

قوله تعالى: فهم لا يتساءلون فيه ثلاثة أقوال . أحدها : لا يسأل بعضهم بعضا عن الحجة ، قاله الضحاك . والثاني : أن المعنى سكتوا فلا يتساءلون في تلك الساعة ، قاله الفراء . والثالث : لا يسأل بعضهم بعضا أن يحمل عنه شيئا من ذنوبه ، حكاه الماوردي .

فأما من تاب من الشرك وآمن أي : صدق بتوحيد الله وعمل صالحا أدى الفرائض فعسى أن يكون من المفلحين و " عسى " من الله واجب . [ ص: 237 ] وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون . وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون

قوله تعالى: وربك يخلق ما يشاء ويختار روى العوفي عن ابن عباس في قوله : وربك يخلق ما يشاء ويختار قال : كانوا يجعلون لآلهتهم خير أموالهم في الجاهلية . وقال مقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة حين قال : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم [الزخرف : 31] ; والمعنى أنه لا تبعث الرسل باختيارهم . قال الزجاج : والوقف الجيد على قوله : ويختار وتكون " ما " نفيا ; والمعنى : ليس لهم أن يختاروا على الله ; ويجوز أن تكون " ما " بمعنى " الذي " ، فيكون المعنى : ويختار الذي لهم فيه الخيرة مما يتعبدهم به ويدعوهم إليه ; قال الفراء : والعرب تقول لما تختاره : أعطني الخيرة والخيرة والخيرة ، قال ثعلب : كلها لغات .

قوله تعالى: ما تكن صدورهم أي : ما تخفي من الكفر والعداوة وما يعلنون بألسنتهم .

[ ص: 238 ] قوله تعالى: له الحمد في الأولى والآخرة [أي] : يحمده أولياؤه في الدنيا ويحمدونه في الجنة وله الحكم وهو الفصل بين الخلائق والسرمد : الدائم . قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون . قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون . ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون

قوله تعالى: أفلا تسمعون أي : سماع فهم وقبول فتستدلوا بذلك على وحدانية الله تعالى؟! ومعنى تسكنون فيه : تستريحون من الحركة والنصب أفلا تبصرون ما أنتم عليه من الخطأ والضلالة؟! ثم أخبر أن الليل والنهار رحمة منه . وقوله : لتسكنوا فيه يعني في الليل ولتبتغوا من فضله أي : لتلتمسوا من رزقه بالمعاش في النهار ولعلكم تشكرون الذي أنعم عليكم بهما .

قوله تعالى: ونزعنا من كل أمة شهيدا أي : أخرجنا من كل أمة رسولها الذي يشهد عليها بالتبليغ فقلنا هاتوا برهانكم أي : حجتكم على ما كنتم تعبدون من دوني فعلموا أن الحق لله أي : علموا أنه لا إله إلا هو وضل عنهم أي : بطل في الآخرة ما كانوا يفترون في الدنيا من الشركاء . [ ص: 239 ] إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين . وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين

قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى أي : من عشيرته ; وفي نسبه إلى موسى ثلاثة أقوال .

أحدها : أنه كان ابن عمه ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وبه قال عبد الله بن الحارث ، وإبراهيم ، وابن جريج .

والثاني : ابن خالته ، رواه عطاء عن ابن عباس .

والثالث : أنه كان عم موسى ، قاله ابن إسحاق .

قال الزجاج : " قارون " اسم أعجمي لا ينصرف ، ولو كان " فاعولا " من العربية من " قرنت الشيء " لا نصرف .

قوله تعالى: فبغى عليهم فيه خمسة أقوال . أحدها : أنه جعل لبغي جعلا على أن تقذف موسى بنفسها ، ففعلت ، فاستحلفها موسى على ما قالت ، فأخبرته بقصتها ، فكان هذا بغيه ، قاله ابن عباس . والثاني : أنه بغى بالكفر بالله تعالى ، قاله الضحاك . والثالث : بالكبر ، قاله قتادة . والرابع : أنه زاد في طول ثيابه شبرا ، قاله عطاء الخراساني ، وشهر بن حوشب . والخامس : أنه كان يخدم فرعون فتعدى على بني إسرائيل وظلمهم حكاه الماوردي . [ ص: 240 ] وفي المراد بمفاتحه قولان .

أحدهما : أنها مفاتيح الخزائن التي تفتح بها الأبواب ، قاله مجاهد ، وقتادة . وروى الأعمش عن خيثمة قال : كانت مفاتيح قارون وقر ستين بغلا ، وكانت من جلود ، كل مفتاح مثل الإصبع .

والثاني : أنها خزائنه ، قاله السدي ، وأبو صالح ، والضحاك . قال الزجاج : وهذا الأشبه أن تكون مفاتحه خزائن ماله ; وإلى نحو هذا ذهب ابن قتيبة . قال أبو صالح : كانت خزائنه تحمل على أربعين بغلا .

قوله تعالى: لتنوء بالعصبة أي : تثقلهم وتميلهم . ومعنى الكلام : لتنئ العصبة ، فلما دخلت الباء في " العصبة " انفتحت التاء ، كما تقول : هذا يذهب بالأبصار ، وهذا يذهب الأبصار ، وهذا اختيار الفراء ، وابن قتيبة ، والزجاج في آخرين . وقال بعضهم : هذا من المقلوب ، وتقديره : ما إن العصبة لتنوء بمفاتحه ، كما يقال : إنها لتنوء بها عجيزتها ، أي : هي تنوء بعجيزتها وأنشدوا :


فديت بنفسه نفسي ومالي وما آلوك إلا ما أطيق


أي : فديت بنفسي وبمالي نفسه ، وهذا اختيار أبي عبيدة ، والأخفش . وقد بينا معنى العصبة في سورة (يوسف : 8) ، و[في] المراد بها [ها هنا] ستة أقوال . أحدها : أربعون رجلا ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثاني : ما بين الثلاثة إلى العشرة ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثالث : خمسة عشر ، قاله مجاهد . والرابع : فوق العشرة إلى الأربعين ، قاله قتادة . والخامس : سبعون رجلا ، قاله أبو صالح . والسادس : ما بين الخمسة عشر إلى الأربعين ، حكاه الزجاج .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.67 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.37%)]