عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 30-05-2021, 03:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الطهارة
الحلقة (9)
صــــــــــ 68 الى صـــــــــــ74

[باب ذكر الله عز وجل على غير وضوء]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر «أن رجلا مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فسلم عليه الرجل فرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما جاوزه ناداه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إنما حملني على الرد عليك خشية أن تذهب فتقول إني سلمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يرد علي فإذا رأيتني على هذه الحال فلا تسلم علي فإنك إن تفعل لا أرد عليك» أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة قال «مررت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه ثم مسح يديه على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد علي» أخبرنا إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بئر جمل لحاجته ثم أقبل فسلم عليه فلم يرد عليه حتى تمسح بجدار ثم رد عليه السلام»
(قال الشافعي) :
والحديثان الأولان ثابتان، وبهما نأخذ وفيهما وفي الحديث بعدهما دلائل منه أن السلام اسم من أسماء الله تعالى فإذا رده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل التيمم وبعد التيمم في الحضر والتيمم لا يجزي المرء وهو صحيح في الوقت الذي لا يكون التيمم فيه طهارة للصلاة دل ذلك على أن ذكر الله عز وجل يجوز والمرء غير طاهر للصلاة
(قال) :
ويشبه - والله تعالى أعلم - أن تكون القراءة غير طاهر كذلك؛ لأنها من ذكر الله تعالى
(قال) :
ودليل على أنه ينبغي لمن مر على من يبول أو يتغوط أن يكف عن السلام عليه في حالته تلك ودليل على أن رد السلام في تلك الحال مباح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد في حالته تلك وعلى أن ترك الرد حتى يفارق تلك الحال ويتيمم مباح ثم يرد وليس ترك الرد معطلا لوجوبه ولكن تأخيره إلى التيمم
(قال) :
وترك رد السلام إلى التيمم يدل على أن الذكر بعد التيمم اختيارا على الذكر قبله وإن كانا مباحين لرد النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل التيمم وبعده (قال) :
فإن ذهب ذاهب إلى أن يقول لما تيمم النبي - صلى الله عليه وسلم - رد السلام؛ لأنه قد جاز له قلنا بالتيمم للجنازة والعيدين إذا أراد الرجل ذلك وخاف فوتهما قلنا والجنازة والعيد صلاة والتيمم لا يجوز في المصر لصلاة فإن زعمت أنهما ذكر جاز العيد بغير تيمم كما جاز في السلام بغير تيمم.
[باب ما يطهر الأرض وما لا يطهرها]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال «دخل أعرابي المسجد فقال اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد تحجرت واسعا قال فما لبث أن بال في ناحية المسجد فكأنهم عجلوا عليه فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أمر بذنوب من ماء أو سجل من ماء فأهريق عليه ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - علموا ويسروا ولا تعسروا» (قال الشافعي) : أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد قال سمعت أنس بن مالك يقول «بال أعرابي في المسجد فعجل الناس عليه فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه وقال صبوا عليه دلوا من ماء» (قال الشافعي) : فإذا بيل على الأرض وكان البول رطبا مكانه أو نشفته الأرض وكان موضعه يابسا فصب عليه من الماء ما يغمره حتى يصير البول مستهلكا في التراب، والماء جاريا على مواضعه كلها مزيلا لريحه فلا يكون له جسد قائم ولا شيء في معنى جسد من ريح ولا لون فقد طهر وأقل قدر ذلك ما يحيط العلم أنه كالدلو الكبير على بول الرجل وإن كثر وذلك أكثر منه أضعافا لا أشك في أن ذلك سبع مرات أو أكثر لا يطهره شيء غيره.
(قال)
:
فإن بال على بول الواحد آخر لم يطهره إلا دلوان، وإن بال اثنان معه لم يطهره إلا ثلاثة وإن كثروا لم يطهر الموضع حتى يفرغ عليه من الماء ما يعلم أن قد صب مكان بول كل رجل دلو عظيم أو كبير
(قال الشافعي) :
وإذا كان مكان البول خمرا صب عليه كما يصب على البول لا يختلفان في قدر ما يصب عليه من الماء فإذا ذهب لونه وريحه من التراب فقد طهر التراب الذي خالطه
(قال) :
وإذا ذهب لونه ولم يذهب ريحه ففيها قولان: أحدهما لا تطهر الأرض حتى يذهب ريحه وذلك أن الخمر لما كانت الرائحة قائمة فيه فهي كاللون والجسد فلا تطهر الأرض حتى يصب عليها من الماء قدر ما يذهبه فإن ذهبت بغير صب ماء لم تطهر حتى يصب عليها من الماء قدر ما يطهر به البول، والقول الثاني أنه إذا صب على ذلك من الماء قدر ما يطهرها وذهب اللون والريح ليس بجسد ولا لون فقد طهرت الأرض وإذا كثر ما يصب من الخمر على الأرض فهو ككثرة البول يزاد عليه من الماء كما وصفته يزاد على البول إذا كثر وكل ما كان غير جسد في هذا المعنى لا يخالفه فإن كانت جيفة على وجه الأرض فسال منها ما يسيل من الجيف فأزيل جسدها صب على ما خرج منها من الماء كما وصفته يصب على البول والخمر فإذا صب الماء فلم يوجد له عين ولا لون ولا ريح فهكذا
(قال) :
وهكذا إذا كانت عليها عذرة أو دم أو جسد نجس فأزيل.
(قال)
:
وإذا صب على الأرض شيئا من الذائب كالبول والخمر والصديد وما أشبهه ثم ذهب أثره ولونه وريحه فكان في شمس أو غير شمس فسواء ولا يطهره إلا أن يصب عليه الماء وإن أتى على الأرض مطر يحيط العلم أنه يصيب موضع البول منه أكثر من الماء الذي وصفت أنه يطهره كان لها طهورا وكذلك إن أتى عليها سيل يدوم عليها قليلا حتى تأخذ الأرض منه مثل ما كانت آخذة مما صب عليها ولا أحسب سيلا يمر عليها إلا أخذت منه مثل أو أكثر مما كان يطهرها من ماء يصب عليها فإن كان العلم يحيط بأن سيلا لو مسحها مسحة لم تأخذ منه قدر ما كان يطهرها لم تطهر حتى يصب عليها ما يطهرها وإن صب على الأرض نجسا كالبول فبودر مكانه فحفر حتى لا يبقى في الأرض منه شيء رطب ذهبت النجاسة كلها وطهرت بلا ماء وإن يبس وبقي له أثر فحفرت حتى لا يبقى يرى له أثر لم تطهر؛ لأن الأثر لا يكون منه إلا الماء طهر حيث تردد إلا أن يحيط العلم أن قد أتى بالحفر على ما يبلغه البول فيطهره فأما كل جسد ومستجسد قائم من الأنجاس مثل الجيفة والعذرة والدم وما أشبهها فلا تطهر الأرض منه إلا بأن يزول عنها ثم يصب على رطب إن كان منه فيها ما يصب على البول والخمر فإن ذهبت الأجساد في التراب حتى يختلط بها فلا يتميز منها كانت كالمقابر لا يصلى فيها ولا تطهر؛ لأن التراب غير متميز من المحرم المختلط وهكذا كل ما اختلط بما في الكراييس وما أشبهه.وإذا ذهبت جيفة في الأرض فكان عليها من التراب ما يواريها ولا يرطب برطوبة إن كانت منها كرهت الصلاة على مدفنها وإن صلى عليها مصل لم آمره بإعادة الصلاة وهكذا ما دفن من الأنجاس مما لم يختلط بالتراب وإذا ضرب اللبن مما فيه بول لم يصل عليه حتى يصب عليه الماء كما يصب على ما يبل عليه من الأرض وأكره أن يفرش به مسجد أو يبنى به فإن بني به مسجد أو كان منه جدرانه كرهته وإن صلى إليها مصل لم أكرهه ولم يكن عليه إعادة وكذلك إن صلى في مقبرة أو قبر أو جيفة أمامه وذلك أنه إنما كلف ما يماسه من الأرض وسواء إن كان اللبن الذي ضرب بالبول مطبوخا أو نيئا لا يطهر اللبن بالنار ولا تطهر شيئا ويصب عليه الماء كله كما وصفت لك وإن ضرب اللبن بعظام ميتة أو لحمها أو بدم أو بنجس مستجسد من المحرم لم يصل عليه أبدا طبخ أو لم يطبخ غسل أو لم يغسل؛ لأن الميت جزء قائم فيه ألا ترى أن الميت لو غسل بماء الدنيا لم يطهر ولم يصل عليه إذا كان جسدا قائما ولا تتم صلاة أحد على الأرض ولا شيء يقوم عليه دونها حتى يكون جميع ما يماس جسده منها طاهرا كله فإن كان منها شيء غير طاهر فكان لا يماسه وما ماسه منها طاهر فصلاته تامة وأكره له أن يصلي إلا على موضع طاهر كله وسواء ماس من يديه أو رجليه أو ركبتيه أو جبهته أو أنفه أو أي شيء ماس منه وكذلك سواء ما سقطت عليه ثيابه منه إذا ماس من ذلك شيئا نجسا لم تتم صلاته وكانت عليه الإعادة والبساط وما صلى عليه مثل الأرض إذا قام منه على موضع طاهر وإن كان الباقي منه نجسا أجزأته صلاته وليس هكذا الثوب لو لبس بعض ثوب طاهر وكان بعضه ساقطا عنه والساقط عنه منه غير طاهر لم تجزه صلاته؛ لأنه يقال له لابس لثوب ويزول فيزول بالثوب معه إذا كان قائما على الأرض فحظه منها ما يماسه وإذا زال لم يزل بها وكذلك ما قام عليه سواها.وإذا استيقن الرجل بأن قد ماس بعد الأرض نجاسة أحببت أن يتنحى عنه حتى يأتي موضعا لا يشك أنه لم تصبه نجاسة وإن لم يفعل أجزأ عنه حيث صلى إذا لم يستيقن فيه النجاسة وكذلك إن صلى في موضع فشك أصابته نجاسة أم لا أجزأته صلاته والأرض على الطهارة حتى يستيقن فيها النجاسة.
[باب ممر الجنب والمشرك على الأرض ومشيهما عليها]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
قال الله تبارك وتعالى {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} [النساء: 43]
(قال الشافعي)
:
فقال بعض أهل العلم بالقرآن في قول الله عز وجل {ولا جنبا إلا عابري سبيل} [النساء: 43] قال لا تقربوا مواضع الصلاة وما أشبه ما قال بما قال؛ لأنه ليس في الصلاة عبور سبيل إنما عبور السبيل في موضعها وهو المسجد فلا بأس أن يمر الجنب في المسجد مارا ولا يقيم فيه لقول الله عز وجل {ولا جنبا إلا عابري سبيل} [النساء: 43] .
(قال الشافعي)
:
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عثمان بن أبي سليمان أن مشركي قريش حين أتوا المدينة في فداء أسراهم كانوا يبيتون في المسجد. منهم جبير بن مطعم، قال جبير: فكنت أسمع قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -
(قال الشافعي) :
ولا بأس أن يبيت المشرك في كل مسجد إلا المسجد الحرام فإن الله عز وجل يقول {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} [التوبة: 28] فلا ينبغي لمشرك أن يدخل الحرم بحال
(قال) :
وإذا بات المشرك في المساجد غير المسجد الحرام فكذلك المسلم فإن ابن عمر يروي أنه كان يبيت في المسجد زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أعزب ومساكين الصفة.
(قال)
:
ولا تنجس الأرض بممر حائض ولا جنب ولا مشرك ولا ميتة؛ لأنه ليس في الأحياء من الآدميين نجاسة وأكره للحائض تمر في المسجد وإن مرت به لم تنجسه.
[باب ما يوصل بالرجل والمرأة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
وإذا كسر للمرأة عظم فطار فلا يجوز أن ترقعه إلا بعظم ما يؤكل لحمه ذكيا وكذلك إن سقطت سنة صارت ميتة فلا يجوز له أن يعيدها بعد ما بانت فلا يعيد سن شيء غير سن ذكي يؤكل لحمه وإن رقع عظمه بعظم ميتة، أو ذكي لا يؤكل لحمه أو عظم إنسان فهو كالميتة فعليه قلعه وإعادة كل صلاة صلاها وهو عليه فإن لم يقلعه جبره السلطان على قلعه فإن لم يقلع حتى مات لم يقلع بعد موته؛ لأنه صار ميتا كله والله حسيبه وكذلك سنة إذا ندرت فإن اعتلت سنة فربطها قبل أن تندر فلا بأس؛ لأنها لا تصير ميتة حتى تسقط
(قال)
:
ولا بأس أن يربطها بالذهب؛ لأنه ليس لبس ذهب وإنه موضع ضرورة وهو يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذهب ما هو أكثر من هذا يروى «أن أنف رجل قطع بالكلاب فاتخذ أنفا من فضة فشكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - نتنه فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ أنفا من ذهب»
(قال)
:
وإن أدخل دما تحت جلده فنبت عليه فعليه أن يخرج ذلك الدم ويعيد كل صلاة صلاها بعد إدخاله الدم تحت جلده
(قال) :
ولا يصلي الرجل والمرأة واصلين شعر إنسان بشعورهما ولا شعره بشعر شيء لا يؤكل لحمه ولا شعر شيء يؤكل لحمه إلا أن يؤخذ منه شعره وهو حي فيكون في معنى الذكي كما يكون اللبن في معنى الذكي، أو يؤخذ بعدما يذكى ما يؤكل لحمه فتقع الذكاة على كل حي منه وميت فإن سقط من شعرهما شيء فوصلاه بشعر إنسان، أو شعورهما لم يصليا فيه فإن فعلا فقد قيل: يعيدان. وشعور الآدميين لا يجوز أن يستمتع من الآدميين كما يستمتع به من البهائم بحال؛ لأنها مخالفة لشعور ما يكون لحمه ذكيا، أو حيا
(قال الشافعي) :
أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت «أتت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله: إن بنتا لي أصابتها الحصبة فتمزق شعرها أفأصل فيه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعنت الواصلة والموصولة»
(قال الشافعي) :
فإذا ذكي الثعلب والضبع صلي في جلودهما وعلى جلودهما شعورهما؛ لأن لحومهما تؤكل وكذلك إذا أخذ من شعورهما وهما حيان صلى فيهما وكذلك جميع ما أكل لحمه يصلى في جلده إذا ذكي وفي شعره وريشه إذا أخذ منه وهو حي فأما ما لا يؤكل لحمه فما أخذ من شعره حيا، أو مذبوحا فصلي فيه أعيدت الصلاة من قبل أنه غير ذكي في الحياة وأن الذكاة لا تقع على الشعر؛ لأن ذكاته وغير ذكاته سواء وكذلك إن دبغ لم يصل له في شعر ذي شعر منه ولا ريش ذي ريش؛ لأن الدباغ لا يطهر شعرا ولا ريشا ويطهر الإهاب؛ لأن الإهاب غير الشعر والريش، وكذلك عظم ما لا يؤكل لحمه لا يطهره دباغ ولا غسل ذكيا كان، أو غير ذكي.
[باب طهارة الثياب]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
قال الله عز وجل {وثيابك فطهر} [المدثر: 4] فقيل: يصلي في ثياب طاهرة وقيل: غير ذلك والأول أشبه؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يغسل دم الحيض من الثوب فكل ثوب جهل من ينسجه أنسجه مسلم، أو مشرك أو وثني، أو مجوسي أو كتابي، أو لبسه واحد من هؤلاء، أو صبي فهو على الطهارة حتى يعلم أن فيه نجاسة وكذلك ثياب الصبيان؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى وهو حامل أمامة بنت أبي العاص وهي صبية عليها ثوب صبي والاختيار أن لا يصلى في ثوب مشرك ولا سراويل ولا إزار ولا رداء حتى يغسل من غير أن يكون واجبا وإذا صلى رجل في ثوب مشرك، أو مسلم، ثم علم أنه كان نجسا أعاد ما صلى فيه وكل ما أصاب الثوب من غائط رطب أو بول أو دم أو خمر، أو محرم ما كان فاستيقنه صاحبه وأدركه طرفه، أو لم يدركه فعليه غسله وإن أشكل عليه موضعه لم يجزه إلا غسل الثوب كله ما خلا الدم والقيح والصديد وماء القرح فإذا كان الدم لمعة مجتمعة وإن كانت أقل من موضع دينار، أو فلس وجب عليه غسله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بغسل دم الحيض، وأقل ما يكون دم الحيض في المعقول لمعة وإذا كان يسيرا كدم البراغيث وما أشبهه لم يغسل؛ لأن العامة أجازت هذا
(قال الشافعي) :
والصديد والقيح وماء القرح أخف منه ولا يغسل من شيء منه إلا ما كان لمعة وقد قيل: إذا لزم القرح صاحبه لم يغسله إلا مرة والله سبحانه وتعالى أعلم.
[باب المني]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -)
:
بدأ الله عز وجل خلق آدم من ماء وطين وجعلهما معا طهارة وبدأ خلق ولده من ماء دافق فكان في ابتدائه خلق آدم من الطهارتين اللتين هما الطهارة دلالة أن لا يبدأ خلق غيره إلا من طاهر لا من نجس ودلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مثل ذلك
(قال الشافعي) أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن «عائشة قالت: كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -»
(قال الشافعي) :
والمني ليس بنجس فإن قيل: فلم يفرك أو يمسح؟ قيل: كما يفرك المخاط، أو البصاق، أو الطين والشيء من الطعام يلصق بالثوب تنظيفا لا تنجيسا فإن صلى فيه قبل أن يفرك، أو يمسح فلا بأس ولا ينجس شيء منه من ماء ولا غيره أخبرنا الربيع بن سليمان قال
(قال الشافعي) :
إملاء كل ما خرج من ذكر من رطوبة بول، أو مذي أو ودي أو ما لا يعرف، أو يعرف فهو نجس كله ما خلا المني والمني الثخين الذي يكون منه الولد الذي يكون له رائحة كرائحة الطلع ليس لشيء يخرج من ذكر رائحة طيبة غيره وكل ما مس ما سوى المني مما خرج من ذكر من ثوب أو جسد، أو غيره فهو ينجسه وقليله وكثيره سواء فإن استيقن أنه أصابه غسله ولا يجزئه غير ذلك فإن لم يعرف موضعه غسل الثوب كله وإن عرف الموضع ولم يعرف قدر ذلك غسل الموضع وأكثر منه إن صلى في الثوب قبل أن يغسله عالما، أو جاهلا فسواء إلا في المأثم فإنه يأثم بالعلم ولا يأثم في الجهل وعليه أن يعيد صلاته ومتى قلت يعيد فهو يعيد الدهر كله؛ لأنه لا يعدو إذا صلى أن تكون صلاته مجزئة عنه فلا إعادة عليه فيما أجزأ عنه في وقت ولا غيره، أو لا تكون مجزئة عنه بأن تكون فاسدة وحكم من صلى صلاة فاسدة حكم من لم يصل فيعيد في الدهر كله وإنما قلت في المني إنه لا يكون نجسا خبرا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعقولا فإن قال قائل: ما الخبر؟ قلت أخبرنا سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن «عائشة قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يصلي فيه»
(قال الشافعي)
أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة أو الأسود " شك الربيع " عن «عائشة قالت كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يصلي فيه»
(قال الربيع)
وحدثنا يحيى بن حسان
(قال الشافعي)
أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وابن جريج كلاهما يخبر عن عطاء عن ابن عباس أنه قال في المني يصيب الثوب أمطه عنك قال أحدهما بعود، أو إذخرة وإنما هو بمنزلة البصاق، أو المخاط.
(قال الشافعي)
أخبرنا الثقة عن جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد قال أخبرني مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه كان إذا أصاب ثوبه المني إن كان رطبا مسحه وإن كان يابسا حته ثم صلى فيه.
(قال الشافعي)
:
فإن قال قائل فما المعقول في أنه ليس بنجس فإن الله عز وجل بدأ خلق آدم من ماء وطين وجعلهما جميعا طهارة، الماء، والطين في حال الإعواز من الماء طهارة، وهذا أكثر ما يكون في خلق أن يكون طاهرا وغير نجس وقد خلق الله تبارك وتعالى بني آدم من الماء الدافق فكان جل ثناؤه أعز وأجل من أن يبتدئ خلقا من نجس مع ما وصفت مما دلت عليه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخبر عن عائشة وابن عباس وسعد بن أبي وقاص مع ما وصفت مما يدركه العقل من أن ريحه وخلقه مباين خلق ما يخرج من ذكر وريحه فإن قال قائل فإن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اغسل ما رأيت وانضح ما لم تر فكنا نغسله بغير أن نراه نجسا ونغسل الوسخ والعرق وما لا نراه نجسا ولو قال بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنه نجس لم يكن في قول أحد حجة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع ما وصفنا مما سوى ما وصفنا من المعقول وقول من سمينا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قال قائل فقد يؤمر بالغسل منه قلنا: الغسل ليس من نجاسة ما يخرج إنما الغسل شيء تعبد الله به الخلق - عز وجل - فإن قال قائل ما دل على ذلك؟ قيل أرأيت الرجل إذا غيب ذكره في الفرج الحلال ولم يأت منه ماء فأوجبت عليه الغسل، وليست في الفرج نجاسة وإن غيب ذكره في دم خنزير، أو خمر، أو عذرة وذلك كله نجس أيجب عليه الغسل؟ فإن قال: لا قيل: فالغسل إن كان إنما يجب من نجاسة كان هذا أولى أن يجب عليه الغسل مرات ومرات من الذي غيبه في حلال نظيف ولو كان يكون لقذر ما يخرج منه كان الخلاء والبول أقذر منه ثم ليس يجب عليه غسل موضعهما الذي خرجا منه ويكفيه من ذلك المسح بالحجارة ولا يجزئه في وجهه ويديه ورجليه ورأسه إلا الماء ولا يكون عليه غسل فخذيه ولا أليتيه سوى ما سميت ولو كان كثرة الماء إنما تجب لقذر ما يخرج كان هذان أقذر وأولى أن يكون على صاحبهما الغسل مرات وكان مخرجهما أولى بالغسل من الوجه الذي لم يخرجا منه ولكن إنما أمرنا بالوضوء لمعنى تعبد ابتلى الله به طاعة العباد لينظر من يطيعه منهم ومن يعصيه لا على قذر ولا نظافة ما يخرج فإن قال قائل فإن عمرو بن ميمون روى عن أبيه عن سليمان بن يسار «عن عائشة أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» قلنا: هذا إن جعلناه ثابتا فليس بخلاف لقولها كنت أفركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يصلي فيه كما لا يكون غسله قدميه عمره خلافا لمسحه على خفيه يوما من أيامه وذلك أنه إذا مسح علمنا أنه تجزئ الصلاة بالمسح وتجزئ الصلاة بالغسل وكذلك تجزئ الصلاة بحته وتجزئ الصلاة بغسله لا أن واحدا منهما خلاف الآخر مع أن هذا ليس بثابت عن عائشة هم يخافون فيه غلط عمرو بن ميمون إنما هو رأي سليمان بن يسار كذا حفظه عنه الحفاظ أنه قال غسله أحب إلي وقد روي عن عائشة خلاف هذا القول ولم يسمع سليمان علمناه من عائشة حرفا قط ولو رواه عنها كان مرسلا
(قال الشافعي)
: - رضي الله عنه -
وإذا استيقن الرجل أن قد أصابت النجاسة ثوبا له فصلى فيه ولا يدري متى أصابته النجاسة فإن الواجب عليه إن كان يستيقن شيئا أن يصلي ما استيقن وإن كان لا يستيقن تأخى حتى يصلي ما يرى أنه قد صلى كل صلاة صلاها وفي ثوبه النجس، أو أكثر منها ولا يلزمه إعادة شيء إلا ما استيقن والفتيا والاختيار له كما وصفت والثوب والجسد سواء ينجسهما ما أصابهماوالخف والنعل ثوبان فإذا صلى فيهما وقد أصابتهما نجاسة رطبة ولم يغسلها أعاد فإذا أصابتهما نجاسة يابسة لا رطوبة فيها فحكهما حتى نظفا وزالت النجاسة عنهما صلى فيهمافإن كان الرجل في سفر لا يجد الماء إلا قليلا فأصاب ثوبه نجس غسل النجس وتيمم إن لم يجد ما يغسل النجاسة تيمم وصلى وأعاد إذا لم يغسل النجاسة من قبل أن الأنجاس لا يزيلها إلا الماء فإن قال قائل: فلم طهره التراب من الجنابة ومن الحدث ولم يطهر قليل النجاسة التي ماست عضوا من أعضاء الوضوء أو غير أعضائه قلنا: إن الغسل والوضوء من الحدث والجنابة ليس؛ لأن المسلم نجس ولكن المسلم متعبد بهما وجعل التراب بدلا للطهارة التي هي تعبد ولم يجعل بدلا في النجاسة التي غسلها لمعنى لا تعبدا إنما معناها أن تزال بالماء ليس أنها تعبد بلا معنىولو أصابت ثوبه نجاسة ولم يجد ماء لغسله صلى عريانا ولا يعيد ولم يكن له أن يصلي في ثوب نجس بحال وله أن يصلي في الإعواز من الثوب الطاهر عريان
ا(قال) :
وإذا كان مع الرجل الماء وأصابته نجاسة لم يتوضأ به وذلك أن الوضوء به إنما يزيده نجاسةوإذا كان مع الرجل ماءان أحدهما نجس والآخر طاهر ولا يخلص النجس من الطاهر تأخى وتوضأ بأحدهما وكف عن الوضوء من الآخر وشربه إلا أن يضطر إلى شربه فإن اضطر إلى شربه شربه وإن اضطر إلى الوضوء به لم يتوضأ به؛ لأنه ليس عليه في الوضوء وزر ويتيمم وعليه في خوف الموت ضرورة فيشربه إذا لم يجد غيرهولو كان في سفر أو حضر فتوضأ من ماء نجس، أو كان على وضوء فمس ماء نجسا لم يكن له أن يصلي وإن صلى كان عليه أن يعيد بعد أن يغسل ما ماس ذلك الماء من جسده وثيابه


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.66 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]