عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 30-05-2021, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,915
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الأول -كتاب الطهارة
الحلقة (8)
صــــــــــ 60 الى صـــــــــــ68

(قال الشافعي) :
لا يعدو بالجبائر أبدا موضع الكسر إذا كان لا يزيلها
(قال الشافعي) :
وقد روي حديث «عن علي - رضي الله عنه - أنه انكسر إحدى زندي يديه فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمسح بالماء على الجبائر» ولو عرفت إسناده بالصحة قلت به.
(قال الربيع)

أحب إلى الشافعي أن يعيد متى قدر على الوضوء أو التيمم؛ لأنه لم يصل بوضوء بالماء ولا يتيمم وإنما جعل الله تعالى التيمم بدلا من الماء فلما لم يصل إلى العضو الذي عليه الماء والصعيد كان عليه إذا قدر أن يعيده وهذا مما استخير الله فيه
(قال الشافعي) :
والقول في الوضوء إذا كان القرح والكسر - القول في الغسل من الجنابة لا يختلفان إذا كان ذلك في مواضع الوضوء فأما إذا لم يكن في مواضع الوضوء فذلك ليس عليه غسله.
(قال الشافعي) :
والحائض تطهر مثل الجنب في جميع ما وصفت وهكذا لو وجب على رجل غسل بوجهه غسل، أو امرأة كان هكذا.
(قال الشافعي) :
وإذا كان على الحائض أثر الدم وعلى الجنب النجاسة فإن قدرا على ماء اغتسلا وإن لم يقدرا عليه تيمما وصليا ولا يعيدان الصلاة في وقت ولا غيره.
(قال الشافعي) :
ولا يجزئ مريضا غير القريح ولا أحدا في برد شديد يخاف التلف إن اغتسل أو ذا مرض شديد يخاف من الماء إن اغتسل ولا ذا قروح أصابته نجاسة إلا - غسل النجاسة والغسل إلا أن يكون الأغلب عنده أنه يتلف إن فعل ويتيمم في ذلك الوقت ويصلي ويغتسل ويغسل النجاسة إذا ذهب ذلك عنه ويعيد كل صلاة صلاها في الوقت الذي قلت لا يجزيه فيه إلا الماء وإن لم يقدرا عليه تيمما وصليا ولا يعيدان الصلاة في وقت ولا غيره
(قال الشافعي) :
وكذلك كل نجاسة أصابتهما مغتسلين أو متوضئين فلا يطهر النجاسة إلا الماء فإذا لم يجد من أصابته نجاسة من حائض وجنب ومتوضئ ماء تيمم وصلى وإذا وجد الماء غسل ما أصاب النجاسة منه واغتسل إن كان عليه غسل وتوضأ إن كان عليه وضوء وأعاد كل صلاة صلاها والنجاسة عليه؛ لأنه لا يطهر النجاسة إلا الماء. .
(قال الشافعي) :
وإن وجد ما ينقي النجاسة عنه من الماء وهو مسافر فلم يجد ما يطهره لغسل إن كان عليه أو وضوء غسل أثر النجاسة عنه وتيمم وصلى ولا إعادة عليه؛ لأنه صلى طاهرا من النجاسة وطاهرا بالتيمم من بعد الغسل والوضوء الواجب عليه.
(قال)
:
وإذا وجد الجنب ماء يغسله وهو يخاف العطش فهو كمن لم يجد ماء وله أن يغسل النجاسة إن أصابته عنه ويتيمم ولا يجزيه في النجاسة إلا ما وصفت من غسلها فإن خاف إذا غسل النجاسة العطش قبل الوصول إلى الماء مسح النجاسة وتيمم وصلى ثم أعاد الصلاة إذا طهر النجاسة بالماء، لا يجزيه غير ذلك
(قال الشافعي) :
فإن كان لا يخاف العطش وكان معه ماء لا يغسله إن غسل النجاسة ولا النجاسة إن أفاضه عليه غسل النجاسة ثم غسل بما بقي من الماء معه ما شاء من جسده؛ لأنه تعبد بغسل جسده لا بعضه فالغسل على كله فأيها شاء غسل أعضاء الوضوء أو غيرها وليست أعضاء الوضوء بأوجب في الجنابة من غيرها ثم يتيمم ويصلي وليس عليه إعادة إذا وجد الماء؛ لأنه صلى طاهرا
(قال الشافعي) :
فإن قال قائل لم لم يجزه في النجاسة تصيبه إلا غسلها بالماء وأجزأ في الجنابة والوضوء أن يتيمم؟ قيل له: أصل الطهارة الماء إلا حيث جعل الله التراب طهارة وذلك في السفر والإعواز من الماء أو الحضر أو السفر والمرض فلا يطهر بشر ولا غيره ماسته نجاسة إلا بالماء إلا حيث جعل الله الطهارة بالتراب وإنما جعلها حيث تعبده بوضوء أو غسل والتعبد بالوضوء والغسل فرض تعبد ليس بإزالة نجاسة قائمة والنجاسة إذا كانت على شيء من البدن أو الثوب فهو متعبد بإزالتها بالماء حتى لا تكون موجودة في بدنه ولا في ثوبه إذا كان إلى إخراجها سبيل وهذا تعبد لمعنى معلوم
(قال الشافعي) :
ولم يجعل التراب بدلا من نجاسة تصيبه وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغسل دم الحيض من الثوب وهو نجاسة فكانت النجاسة عندنا على أصلها لا يطهرها إلا الماء والتيمم يطهر حيث جعل ولا يتعدى به حيث رخص الله تعالى فيه وما خرج من ذلك فهو على أصل حكم الله في الطهارة بالماء.
(قال الشافعي)
:
إذا أصابت المرأة جنابة ثم حاضت قبل أن تغتسل من الجنابة لم يكن عليها غسل الجنابة وهي حائض؛ لأنها إنما تغتسل فتطهر بالغسل وهي لا تطهر بالغسل من الجنابة وهي حائض فإذا ذهب الحيض عنها أجزأها غسل واحد وكذلك لو احتلمت وهي حائض أجزأها غسل واحد لذلك كله ولم يكن عليها غسل وإن كثر احتلامها حتى تطهر من الحيض فتغتسل غسلا واحدا.
(قال الشافعي) :
والحائض في الغسل كالجنب لا يختلفان إلا أني أحب للحائض إذا اغتسلت من الحيض أن تأخذ شيئا من مسك فتتبع به آثار الدم فإن لم يكن مسك فطيب ما كان اتباعا للسنة والتماسا للطيب فإن لم تفعل فالماء كاف مما سواه
(قال الشافعي) :
أخبرنا ابن عيينة عن منصور الحجبي عن أمه صفية بنت شيبة عن عائشة قالت «جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأله عن الغسل من الحيض فقال: خذي فرصة من مسك فتطهري بها فقالت: كيف أتطهر بها؟ قال تطهري بها، قالت: كيف أتطهر بها؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - سبحان الله، واستتر بثوبه تطهري بها فاجتذبتها وعرفت الذي أراد وقلت لها تتبعي بها أثر الدم» يعني الفرج.
(قال الشافعي)
:
والرجل المسافر لا ماء معه والمعزب في الإبل له أن يجامع أهله ويجزئه التيمم إذا غسل ما أصاب ذكره وغسلت المرأة ما أصاب فرجها أبدا حتى يجدا الماء فإذا وجدا الماء فعليهما أن يغتسلا
(قال الشافعي) :
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عباد بن منصور عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين - رضي الله تعالى عنه - عنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلا كان جنبا أن يتيمم ثم يصلي فإذا وجد الماء اغتسل» وأخبرنا بحديث «النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لأبي ذر إن وجدت الماء فأمسسه جلدك» .
[جماع التيمم للمقيم والمسافر]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
قال الله تبارك وتعالى {إذا قمتم إلى الصلاة} [المائدة: 6] الآية وقال في سياقها {وإن كنتم مرضى أو على سفر} [النساء: 43] إلى {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} [المائدة: 6]
(قال الشافعي) :
فدل حكم الله عز وجل على أنه أباح التيمم في حالين: أحدهما السفر والإعواز من الماء والآخر للمريض في حضر كان أو في سفر ودل ذلك على أن للمسافر طلب الماء لقوله: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} [النساء: 43]
(قال الشافعي) :
وكان كل من خرج مجتازا من بلد إلى غيره يقع عليه اسم السفر قصر السفر أم طال ولم أعلم من السنة دليلا على أن لبعض المسافرين أن يتيمم دون بعض وكان ظاهر القرآن أن كل مسافر سفرا بعيدا أو قريبا يتيمم
(قال الشافعي) :
أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه أقبل من الجرف حتى إذا كان بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه وصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد الصلاة
(قال الشافعي) :
والجرف قريب من المدينة.
[باب متى يتيمم للصلاة]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
جعل الله تعالى المواقيت للصلاة فلم يكن لأحد أن يصليها قبلها وإنما أمرنا بالقيام إليها إذا دخل وقتها، وكذلك أمره بالتيمم عند القيام إليها والإعواز من الماء فمن تيمم لصلاة قبل دخول وقتها وطلب الماء لم يكن له أن يصليها بذلك التيمم وإنما له أن يصليها إذا دخل وقتها الذي إذا صلاها فيه أجزأت عنه، وطلب الماء فأعوزه
(قال الشافعي) :
فإذا دخل وقت الصلاة فله أن يتيمم ولا ينتظر آخر الوقت؛ لأن كتاب الله تعالى يدل على أن يتيمم إذا قام إلى الصلاة فأعوزه الماء وهو إذا صلى حينئذ أجزأ عنه
(قال الشافعي) :
ولو تلوم إلى آخر الوقت كان ذلك له ولست أستحبه كاستحبابي في كل حال تعجيل الصلاة إلا أن يكون على ثقة من وجود الماء وأحب أن يؤخر التيمم إلى أن يؤيس منه أو يخاف خروج الوقت فيتيمم.
(قال الشافعي) :
ولو تيمم وليس معه ماء قبل طلب الماء أعاد التيمم بعد أن يطلبه حتى يكون تيمم بعد أن يطلبه ولا يجده، وطلب الماء أن يطلبه وإن كان على غير علم من أنه ليس معه شيء فإذا علم أنه ليس معه طلبه مع غيره وإن بذله غيره بلا ثمن أو بثمن مثله وهو واجد لثمن مثله في موضعه ذلك غير خائف إن اشتراه الجوع في سفر لم يكن له أن يتيمم وهو يجده بهذه الحال إن امتنع عليه من أن يعطاه متطوعا له بإعطائه أو باعه إلا بأكثر من ثمنه لم يكن عليه أن يشتريه ولو كان موسرا وكانت الزيادة على ثمنه قليلا.
(قال الشافعي) :
وإن كان واجدا بئرا ولا حبل معه فإن كان لا يقدر على أن يصل إليها حلا أو حبلا أو ثيابا فلا حل حتى يصل أن يأخذ منها بإناء أو رام شنا أو دلوا فإن لم يقدر دلى طرف الثوب ثم اعتصره حتى يخرج منه ماء ثم أعاده فيفعل ذلك حتى يصير له من الماء ما يتوضأ به لم يكن له أن يتيمم وهو يقدر على هذا أن يفعله بنفسه أو بمن يفعله له
(قال الشافعي) :
وإن كان لا يقدر على هذا وكان يقدر على نزولها بأمر ليس عليه فيه خوف نزلها فإن لم يقدر على ذلك إلا بخوف لم يكن عليه أن ينزلها.
(قال الشافعي)
:
وإن دل على ماء قريب من حيث تحضره الصلاة فإن كان لا يقطع به صحبة أصحابه ولا يخاف على رحله إذا وجه إليه ولا في طريقه إليه ولا يخرج من الوقت حتى يأتيه فعليه أن يأتيه وإن كان يخاف ضياع رحله وكان أصحابه لا ينتظرونه أو خاف طريقه أو فوت وقت إن طلبه فليس عليه طلبه وله أن يتيمم.
(قال الشافعي) :
فإن تيمم وصلى ثم علم أنه كان في رحله ماء أعاد الصلاة وإن علم أن بئرا كانت منه قريبا يقدر على مائها لو علمها لم يكن عليه إعادة ولو أعاد كان احتياطا
(قال الشافعي) :
والفرق بين ما في رحله والبئر لا يعلم واحدا منهما أن ما في رحله شيء كعلمه أمر نفسه وهو مكلف في نفسه الإحاطة وما ليس في ملكه فهو شيء في غير ملكه وهو مكلف في غيره الظاهر لا الإحاطة.
(قال الشافعي) :
فإن كان في رحله ماء فحال العدو بينه وبين رحله أو حال بينه وبينه سبع أو حريق حتى لا يصل إليه تيمم وصلى وهذا غير واجد للماء إذا كان لا يصل إليه وإن كان في رحله ماء فأخطأ رحله وحضرت الصلاة طلب ماء فلم يجده تيمم وصلى ولو ركب البحر فلم يكن معه ماء في مركبه فلم يقدر على الاستقاء من البحر للشدة بحال ولا على شيء يدليه يأخذ به من البحر بحال تيمم وصلى ولا يعيد وهذا غير قادر على الماء.
[باب النية في التيمم]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
ولا يجزي التيمم إلا بعد أن يطلب الماء فلم يجده فيحدث نية التيمم
(قال الشافعي) :
ولا يجزي التيمم إلا بعد الطلب وإن تيمم قبل أن يطلب الماء لم يجزه التيمم وكان عليه أن يعود للتيمم بعد طلبه الماء وإعوازه
(قال الشافعي) :
وإذا نوى التيمم ليتطهر لصلاة مكتوبة صلى بعدها النوافل وقرأ في المصحف وصلى على الجنائز وسجد سجود القرآن وسجود الشكر فإذا حضرت مكتوبة غيرها ولم يحدث لم يكن له أن يصليها إلا بأن يطلب لها الماء بعد الوقت فإذا لم يجد استأنف نية يجوز له بها التيمم لها.
(قال الشافعي) :
فإن أراد الجمع بين الصلاتين فصلى الأولى منهما وطلب الماء فلم يجده أحدث نية يجوز له بها التيمم ثم تيمم ثم صلى المكتوبة التي تليها وإن كان قد فاتته صلوات استأنف التيمم لكل صلاة منها كما وصفت لا يجزيه غير ذلك فإن صلى صلاتين بتيمم واحد أعاد الآخرة منهما؛ لأن التيمم يجزيه للأولى ولا يجزيه للآخرة.
(قال الشافعي) :
وإن تيمم ينوي نافلة أو جنازة أو قراءة مصحف أو سجود قرآن أو سجود شكر لم يكن له أن يصلي به مكتوبة حتى ينوي بالتيمم المكتوبة.
(قال) :
وكذلك إن تيمم فجمع بين صلوات فائتات أجزأه التيمم للأولى منهن ولم يجزه لغيرها وأعاد كل صلاة صلاها بتيمم لصلاة غيرها ويتيمم لكل واحدة منهن.
(قال الشافعي) :
وإن تيمم ينوي بالتيمم المكتوبة فلا بأس أن يصلي قبلها نافلة وعلى جنازة وقراءة مصحف ويسجد سجود الشكر والقرآن فإن قال قائل: لم لا يصلي بالتيمم فريضتين ويصلي به النوافل قبل الفريضة وبعدها؟ قيل له: إن شاء الله تعالى إن الله عز وجل لما أمر القائم إلى الصلاة إذا لم يجد الماء أن يتيمم دل على أنه لا يقال له لم يجد الماء إلا وقد تقدم قبل طلبه الماء والإعواز منه نية في طلبه وإن الله إنما عنى فرض الطلب لمكتوبة فلم يجز - والله تعالى أعلم - أن تكون نيته في التيمم لغير مكتوبة ثم يصلي به مكتوبة وكان عليه في كل مكتوبة ما عليه في الأخرى فدل على أن التيمم لا يكون له طهارة إلا بأن يطلب الماء فيعوزه فقلنا لا يصلي مكتوبتين بتيمم واحد؛ لأن عليه في كل واحدة منهما ما عليه في الأخرى وكانت النوافل أتباعا للفرائض لا لها حكم سوى حكم الفرائض.
(قال الشافعي) :
ولم يكن التيمم إلا على شرط ألا ترى أنه إذا تيمم فوجد الماء فعليه أن يتوضأ وهكذا المستحاضة ومن به عرق سائل وهو واجد للماء لا يختلف هو والمتيمم في أن على كل واحد منهم أن يتوضأ لكل صلاة مكتوبة؛ لأنها طهارة ضرورة لا طهارة على كمال فإن قال قائل فإن كان بموضع لا يطمع فيه بماء قيل: ليس ينقضي الطمع به قد يطلع عليه الراكب معه الماء والسيل ويجد الحفيرة والماء الظاهر والاختباء حيث لا يمكنه.
(قال الشافعي) :
وإذا كان للرجل أن يتيمم فتيمم فلم يدخل في الصلاة حتى وجد الماء قبل أن يكبر للمكتوبة لم يكن له أن يصلي حتى يتوضأ فإن كان طلع عليه راكب بماء فامتنع عليه أن يعطيه منه أو وجد ماء فحيل بينه وبينه أو لم يقدر عليه بوجه لم يجزه التيمم الأول وأحدث بعد إعوازه من الماء الذي رآه نية في التيمم للمكتوبة يجوز له بها الصلاة بعد تيممه.
(قال الشافعي) :
إن تيمم فدخل في نافلة أو في صلاة على جنازة ثم رأى الماء مضى في صلاته التي دخل فيها ثم إذا انصرف توضأ إن قدر للمكتوبة فإن لم يقدر أحدث نية للمكتوبة فتيمم لها
(قال الشافعي)
:
وهكذا لو ابتدأ نافلة فكبر ثم رأى الماء مضى فصلى ركعتين لم يكن له أن يزيد عليهما وسلم ثم طلب الماء.
(قال) :
وإذا تيمم فدخل في المكتوبة ثم رأى الماء لم يكن عليه أن يقطع الصلاة وكان له أن يتمها فإذا أتمها توضأ لصلاة غيرها ولم يكن له أن يتنقل بتيممه للمكتوبة إذا كان واجدا للماء بعد خروجه منها.ولو تيمم فدخل في مكتوبة ثم رعف فانصرف ليغسل الدم عنه فوجد الماء لم يكن له أن يبني على المكتوبة حتى يحدث وضوءا وذلك أنه قد صار في حال ليس له فيها أن يصلي وهو واجد للماء
(قال الشافعي) :
ولو كان إذا رعف طلب الماء فلم يجد منه ما يوضئه ووجد ما يغسل الدم عنه غسله واستأنف تيمما؛ لأنه قد كان صار إلى حال لا يجوز له أن يصلي ما كانت قائمة فكانت رؤيته الماء في ذلك الحال توجب عليه طلبه فإذا طلبه فأعوزه منه كان عليه استئناف نية تجيز له التيمم فإن قال قائل: ما الفرق بين أن يرى الماء قبل أن يدخل في الصلاة ولا يكون له الدخول فيها حتى يطلبه فإن لم يجده استأنف نية وتيمما وبين دخوله في الصلاة فيرى الماء جاريا إلى جنبه وأنت تقول إذا أعتقت الأمة وقد صلت ركعة تقنعت فيما بقي من صلاتها لا يجزيها غير ذلك قيل له - إن شاء الله تعالى - إني آمر الأمة بالقناع فيما بقي من صلاتها والمريض بالقيام إذا أطاقه فيما بقي من صلاته؛ لأنهما في صلاتهما بعد وحكمهما في حالهما فيما بقي من صلاتهما أن تقنع هذه حرة ويقوم هذا مطيقا ولا أنقض عليهما فيما مضى من صلاتهما شيئا؛ لأن حالهما الأولى غير حالهما الأخرى والوضوء والتيمم عملان غير الصلاة فإذا كانا مضيا وهما يجزيان حل للداخل الصلاة وكانا منقضين مفروغا منهما وكان الداخل مطيعا بدخوله في الصلاة وكان ما صلى منها مكتوبا له فلم يجز أن يحبط عمله عنه ما كان مكتوبا له فيستأنف وضوءا وإنما أحبط الله الأعمال بالشرك به فلم يجز أن يقال له توضأ وابن على صلاتك فإن حدثت حالة لا يجوز له فيها ابتداء التيمم وقد تيمم فانقضى تيممه وصار إلى صلاة والصلاة غير التيمم فانفصل لصلاة بعمل غيرها وقد انقضى وهو يجزي أن يدخل به في الصلاة لم يكن للمتيمم حكم إلا أن يدخل في الصلاة فلما دخل فيها به كان حكمه منقضيا والذي يحل له أول الصلاة يحل له آخرها.
[باب كيف التيمم]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
قال الله عز وجل {فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} [النساء: 43]
(قال الشافعي) :
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية عن الأعرج عن ابن الصمة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تيمم فمسح وجهه وذراعيه»
(قال الشافعي) :
ومعقول: إذا كان التيمم بدلا من الوضوء على الوجه واليدين أن يؤتى بالتيمم على ما يؤتى بالوضوء عليه فيهما وإن الله عز وجل إذا ذكرهما فقد عفا في التيمم عما سواهما من أعضاء الوضوء والغسل
(قال الشافعي) :
ولا يجوز أن يتيمم الرجل إلا أن ييمم وجهه وذراعيه إلى المرفقين ويكون المرفقان فيما ييمم فإن ترك شيئا من هذا لم يمر عليه التراب قل أو كثر كان عليه أن ييممه وإن صلى قبل أن ييممه أعاد الصلاة وسواء كان ذلك مثل الدرهم أو أقل منه أو أكثر كل ما أدركه الطرف منه أو استيقن أنه تركه وإن لم يدركه طرفه واستيقن أنه ترك شيئا فعليه إعادته وإعادة كل صلاة صلاها قبل أن يعيده
(قال) :
وإذا رأى أن قد أمس يديه التراب على وجهه وذراعيه ومرفقيه ولم يبق شيئا أجزأه
(قال الشافعي) :
ولا يجزئه إلا أن يضرب ضربة لوجهه وأحب إلي أن يضربها بيديه معا فإن اقتصر على ضربها بإحدى يديه وأمرها على جميع وجهه أجزأه وكذلك إن ضربها ببعض يديه إنما أنظر من هذا إلى أن يمرها على وجهه وكذلك إن ضرب التراب بشيء فأخذ الغبار من أداته غير يديه ثم أمره على وجهه وكذلك إن يممه غيره بأمره وإن سفت عليه الريح ترابا عمه فأمر ما على وجهه منه على وجهه لم يجزه؛ لأنه لم يأخذه لوجهه ولو أخذ ما على رأسه لوجهه فأمره عليه أجزأه وكذلك لو أخذ ما على بعض بدنه غير وجهه وكفيه.
(قال الشافعي) :
ويضرب بيديه معا لذراعيه لا يجزيه غير ذلك إذا يمم نفسه؛ لأنه لا يستطيع أن يمسح يدا إلا باليد التي تخالفها فيمسح اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى
(قال الشافعي) :
ويخلل أصابعه بالتراب ويتتبع مواضع الوضوء بالتراب كما يتتبعها بالماء
(قال) :
وكيفما جاء بالغبار على ذراعيه أجزأه أو أتى به غيره بأمره كما قلت في الوجه
(قال الشافعي) :
ووجه التيمم ما وصفت من ضربه بيديه معا لوجهه ثم يمرهما معا عليه وعلى ظاهر لحيته ولا يجزيه غيره ولا يدع إمراره على لحيته ويضرب بيديه معا لذراعيه ثم يضع ذراعه اليمنى في بطن كفه اليسرى ثم يمر بطن راحته على ظهر ذراعه ويمر أصابعه على حرف ذراعه وأصبعه الإبهام على بطن ذراعه ليعلم أنه قد استوظف وإن استوظف في الأولى كفاه من أن يقلب يده فإذا فرغ من يمنى يديه يمم يسرى ذراعيه بكفه اليمنى
(قال)
:
وإن بدأ بيديه قبل وجهه أعاد فيمم وجهه ثم ييمم ذراعيه وإن بدأ بيسرى ذراعيه قبل يمناها لم يكن عليه إعادة وكرهت ذلك له كما قلت في الوضوء وإن كان أقطع اليد أو اليدين يمم ما بقي من القطع وإن كان أقطعهما من المرفقين يمم ما بقي من المرفقين وإن كان أقطعهما من المنكبين فأحب إلي أن يمر التراب على المنكبين وإن لم يفعل فلا شيء عليه؛ لأنه لا يدين له عليهما فرض وضوء ولا تيمم وفرض التيمم من اليدين على ما عليه فرض الوضوء.ولو كان أقطعهما من المرفقين فأمر التراب على العضدين كان أحب إلي احتياطا وإنما قلت بهذا؛ لأنه اسم اليد وليس بلازم؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمم ذراعيه فدل على أن فرض الله عز وجل في التيمم على اليدين كفرضه على الوضوء.
(قال الشافعي) :
فإذا كان أقطع فلم يجد من ييممه فإن قدر على أن يلوث يديه بالتراب حتى يأتي به عليهما أو يحتال له بوجه إما برجله أو غيرها أجزأه وإن لم يقدر على ذلك لاث بوجهه لوثا رفيقا حتى يأتي بالغبار عليه وفعل ذلك بيديه وصلى وأجزأته صلاته فإن لم يقدر على لوثهما معا لاث إحداهما وصلى وأعاد الصلاة إذا قدر على من ييممه أو يوضئه.
(قال الشافعي) :
وإذا وجد الرجل المسافر ماء لا يطهر أعضاءه كلها لم يكن عليه أن يغسل منها شيئا
(قال الربيع)
وله قول آخر أنه يغسل بما معه من الماء بعض أعضاء الوضوء ويتيمم بعد ذلك
(قال الربيع)
؛ لأن الطهارة لم تتم فيه كما لو كان بعض أعضاء الوضوء جريحا غسل ما صح منه وتيمم؛ لأن الطهارة لم تكمل فيه أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه تيمم
(قال الشافعي) :
لا يجزيه في التيمم إلا أن يأتي بالغبار على ما يأتي عليه بالوضوء من وجهه ويديه إلى المرفقين.
[باب التراب الذي يتيمم به ولا يتيمم]
(قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) :
قال الله تبارك وتعالى {فتيمموا صعيدا طيبا} [النساء: 43]
(قال الشافعي) :
وكل ما وقع عليه اسم صعيد لم تخالطه نجاسة فهو صعيد طيب يتيمم به وكل ما حال عن اسم صعيد لم يتيمم به ولا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذي غبار
(قال الشافعي) :
فأما البطحاء الغليظة والرقيقة والكثيب الغليظ فلا يقع عليه اسم صعيد وإن خالطه تراب أو مدر يكون له غبار كان الذي خالطه هو الصعيد وإذا ضرب المتيمم عليه بيديه فعلقهما غبار أجزأه التيمم به وإذا ضرب بيديه عليه أو على غيره فلم يعلقه غبار ثم مسح به لم يجزه وهكذا كل أرض سبخها ومدرها وبطحاؤها وغيره فما علق منه إذا ضرب باليد غبار فتيمم به أجزأه وما لم يعلق به غبار فتيمم به لم يجزه وهكذا إن نفض المتيمم ثوبه أو بعض أداته فخرج عليه غبار تراب فتيمم به أجزأه إذا كان التراب دقعاء فضرب فيه المتيمم بيديه فعلقهما منه شيء كثير فلا بأس أن ينفض شيئا إذا بقي في يديه غبار يماس الوجه كله وأحب إلي لو بدأ فوضع يديه على التراب وضعا رفيقا ثم يتيمم به وإن علق بيديه تراب كثير فأمره على وجهه لم يضره وإن علقه شيء كثير فمسح به وجهه لم يجزه أن يأخذ من الذي على وجهه فيمسح به ذراعيه ولا يجزيه إلا أن يأخذ ترابا غيره لذراعيه فإن أمره على ذراعيه عاد فأخذ ترابا آخر ثم أمره على ذراعيه فإن ضرب على موضع من الأرض فيمم به وجهه ثم ضرب عليه أخرى فيمم به ذراعيه فجائز وكذلك إن تيمم من موضعه ذلك جاز؛ لأن ما أخذ منه في كل ضربة غير ما يبقى بعدها.
(قال)
:
وإذا حت التراب من الجدار فتيمم به أجزأه وإن وضع يديه على الجدار وعلق بهما غبار تراب فتيمم به أجزأه فإن لم يعلق لم يجزه وإن كان التراب مختلطا بنورة أو تبن رقيق أو دقيق حنطة أو غيره لم يجز التيمم به حتى يكون ترابا محضا.
(قال الشافعي)
:
وإذا حال التراب بصنعة عن أن يقع عليه اسم تراب أو صعيد فتيمم به لم يجز وذلك مثل أن يطبخ قصبة أو يجعل آجرا ثم يدق وما أشبه هذا.
(قال) :
ولا يتيمم بنورة ولا كحل ولا زرنيخ وكل هذا حجارة وكذلك إن دقت الحجارة حتى تكون كالتراب أو الفخار أو خرط المرمر حتى يكون غبارا لم يجز التيمم به وكذلك القوارير تسحق واللؤلؤ وغيره والمسك والكافور والأطياب كلها وما يسحق حتى يكون غبارا مما ليس بصعيد فأما الطين الأرمني والطين الطيب الذي يؤكل فإن دق فتيمم به أجزأه وإن دق الكذان فتيمم به لم يجزه؛ لأن الكذان حجر خوار ولا يتيمم بشب ولا ذريرة ولا لبان شجرة ولا سحالة فضة ولا ذهب ولا شيء غير ما وصفت من الصعيد ولا يتيمم بشيء من الصعيد علم المتيمم أنه أصابته نجاسة بحال حتى يعلم أن قد طهر بالماء كما وصفنا من التراب المختلط بالتراب الذي لا جسد له قائم مثل البول وما أشبهه أن يصب عليه الماء حتى يغمره ومن الجسد القائم بأن يزال ثم يصب عليه الماء على موضعه أو يحفر موضعه حتى يعلم أنه لم يبق منه شيء ولا يتيمم بتراب المقابر لاختلاطها بصديد الموتى ولحومهم وعظامهم ولو أصابها المطر لم يجز التيمم بها؛ لأن الميت قائم فيها لا يذهبه الماء إلا كما يذهب التراب وهكذا كل ما اختلط بالتراب من الأنجاس مما يعود فيه كالتراب وإذا كان التراب مبلولا لم يتيمم به؛ لأنه حينئذ طين ويتيمم بغبار من أين كان فإن كانت ثيابه ورجله مبلولة استجف من الطين شيئا على بعض أداته أو جسده فإذا جف حته ثم يتيمم به لا يجزيه غير ذلك وإن لطخ وجهه بطين لم يجزه من التيمم؛ لأنه لا يقع عليه اسم صعيد وهكذا إن كان التراب في سبخة ندية لم يتيمم بها؛ لأنها كالطين لا غبار لها وإن كان في الطين ولم يجف له منه شيء حتى خاف ذهاب الوقت صلى ثم إذا جف الطين تيمم وأعاد الصلاة ولم يعتد بصلاة صلاها لا بوضوء ولا تيمم.وإذا كان الرجل محبوسا في المصر في الحش أو في موضع نجس التراب ولا يجد ماء أو يجده ولا يجد موضعا طاهرا يصلي عليه ولا شيئا طاهرا يفرشه يصلي عليه صلى يومئ إيماء وأمرته أن يصلي وأن يعيد صلاته ههنا وإنما أمرته بذلك؛ لأنه يقدر على الصلاة بحال فلم أره يجوز عندي أن يمر به وقت صلاة لا يصلي فيها كما أمكنه وأمرته أن يعيد؛ لأنه لم يصل كما يجزيه وهكذا الأسير يمنع والمستكره، ومن حيل بينه وبين تأدية الصلاة صلى كما قدر جالسا أو موميا وعاد فصلى مكملا للصلاة إذا قدر ولو كان هذا المحبوس يقدر على الماء لم يكن له إلا أن يتوضأ وإن كان لا تجزيه به صلاته وكذلك لو قدر على شيء يبسطه ليس بنجس لم يكن له إلا أن يبسطه وإن لم يقدر على ما قال فأتى بأي شيء قدر على أن يأتي به جاء به مما عليه وإن كان عليه البدل وهكذا إن حبس مربوطا على خشبة وهكذا إن حبس مربوطا لا يقدر على الصلاة أومأ إيماء ويقضي في كل هذا إذا قدر وإن مات قبل أن يقدر على القضاء رجوت له أن لا يكون عليه مأثم؛ لأنه حيل بينه وبين تأدية الصلاة وقد علم الله تعالى نيته في تأديتها.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.63%)]