عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-04-2021, 01:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي انهارت كل الجدر إلا واحدا

انهارت كل الجدر إلا واحدا
عاهد الخطيب





يُميِّز الفردُ في مجتمعاتنا في سنٍّ مبكرةٍ من عمره بينَ الحلالِ والحرام، كما في كل عصر سلف، ولكن ما استجدَّ في حاضرنا عما سبق، هو سهولةُ الوصول إلى الحرام بكل أشكاله، وأحدُ أسهلِ المحرَّمات التي يستهينُ بها البعض، وصارت متاحةً لجميع مَن يطلبها؛ نتيجةً لتقدُّم وسائل الاتصال، خصوصًا المرئيَّةَ منها - كما في الإنترنت - هي الصور والأفلام الإباحيَّة؛ فما هي إلا على بُعْدِ بِضْعِ ضغطات على لوحة المفاتيح في الحاسب أو الهاتف النَّقَّال، على الرغم من كل برامج الحَجْب، وجدرانِ الحماية وغيرها من وسائلَ تَضَعُها كثيرٌ من البلدان؛ لمنع الوصول لمثل هذه المادة القبيحة وغيرها من موادَّ غيرِ مرغوبةٍ؛ لحماية شبابها من الجنسَيْنِ، وكل أبناء المجتمع من أثرِها المدمِّر، لكنَّ تجاوزَ كلِّ هذه الجدران، والقفزَ فوقَها وعبرَها، هو في متناول اليدِ لمن يسعى لذلك مع الارتفاع المُطَّرد في إعداد المواقع التي تُقدِّم هذه الخدمة الضارة.

لم يتبقَّ سوى جدارٍ واحد يمكن الاعتمادُ عليه، والوثوقُ بمتانته؛ هو المناعةُ الذاتيَّة للفرد، فهو الجدارُ الحصين لمنع اختراق مروِّجِي هذه المادة الخَطِرة على الإنترنت، ويبدأ التحصينُ أولًا بالتأكيد على حُرمةِ هذه المشاهد والصور شرعًا من كلام اللهِ ورسوله، وغَرْز هذا المفهومِ الشرعي في أذهانِ شبابِنا منذُ مراحلِ دراستِهم الأولى، وهي مسؤوليَّة المُدرِّسين المخلصينِ أمامَ الله بعد الأهل؛ ليُؤدُّوا هذه المَهَمَّة الشريفة، كما يجبُ نشرُ ثقافةِ خَطَر مشاهدةِ هذه المادة الإباحيَّة؛ لأنها تُسبِّب إدمانًا لمتابعيها يُشبِه إدمانَ مُتعاطِي الموادِّ المخدِّرة؛ كما أثبتَتْ ذلك دراساتٌ علميَّة، فكما يحتاجُ مدمنُ المخدِّرات إلى زيادة الجُرْعة مع الزمن؛ للحصول على النشوة - فإن مَن يُدمِنُ هذه المشاهدَ يحتاج إلى المزيد منها بمرور الوقت؛ لإشباعِ نَشْوتِه البصريَّة؛ مما يُحدِثُ أثرًا سيِّئًا في الدِّماغ يُؤدِّي بصاحبه إلى المَيل إلى العزلة والانطواءِ، والسلوكِ العنيفِ الذي قد يَصِلُ حدَّ الجريمة!

أضحى من أولويَّات الوالدَيْنِ - أكثر من أيِّ وقت مضى - تُجاه أبنائهم من كلِّ الأعمار - وخاصةً مَن هم في سنِّ المراهقة - مراقبةُ سلوكِهم، والحرصُ على عدم تركهم وحدَهم فتراتٍ طويلةً، مع حواسبِهم الشخصيَّة وهواتفهم دونَ مراقبةٍ، حتى لو تأكَّد لديهم أن أبناءهم ليسوا من النوع الذي يرتادُ مثلَ هذه المواقع الإباحيَّة؛ لأن ساعاتِ الجلوس الطويلةَ بحدِّ ذاتها تُسبِّبُ الخمولَ والكسلَ، وزيادةَ الوزن، إلى غير ذلك من الأعراض السيِّئة لقلة الحركة، إضافة إلى التقاعس عن أداءِ أبسطِ الواجبات اليوميَّة الضروريَّة.

الواجبُ الحدُّ من فترة استخدامِهم الإنترنت على كلِّ الحالات، والاتِّفاق معهم على وقت محدَّد، وعدم السماحِ لهم بالسهرِ المبالغِ فيه حتى في أوقاتِ الإجازة، ولعلَّ أهمَّ طُرقِ النجاحِ إيجادُ بدائلَ مناسبةٍ؛ كالأنشطة الرياضيَّة؛ لتُساعدَ في شغلِ ساعات فراغِهم الطويلة.

عن أسامةَ بنِ زيدٍ رضي اللَّه عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((ما تركتُ بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساءِ)).

خَشِي علينا الرحمةُ المهداةُ من شهوتَيِ البطنِ والفرج؛ فحذَّرنا من فتنة النساء، خصوصًا ما انتشر في هذا الزمان من صور ومشاهدَ عبرَ وسائلِ الاتصالات والإعلام المرئيِّ بشتَّى أنواعه وصُوَره، ما يَنْدى له الجبينُ؛ فقد غَزَتْنا هذه حتى في عُقْرِ دورِنا!


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.48 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.67%)]