عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-11-2022, 04:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,281
الدولة : Egypt
افتراضي شرح كان وأخواتها

شرح كان وأخواتها
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن





المبحث الأول: عمَل (كان) وأخواتها:
سبَق لنا أن ذكرنا أن كلًّا من المبتدأ والخبر من مرفوعات الأسماء، ولكن قد تدخل (كان) أو إحدى أخواتها على جملة المبتدأ والخبر، فترفع المبتدأ تشبيهًا له بالفاعل ويسمى: اسمها، وتنصب الخبر تشبيهًا له بالمفعول به ويسمى: خبرها[2].


فإذا قلت على سبيل المثال: زيد قائم، فكلٌّ مِن المبتدأ (زيد)، والخبر (قائم) مرفوع؛ لأنه لم يدخل عليهما عامل لفظي، فإذا أدخلت العامل اللفظي (كان) تقول: كان زيدٌ قائمًا، فتنصب الخبر (قائمًا)، وتُبقِي المبتدأ (زيد) على رفعه[3].


وعند إعراب هذه الجملة تقول:
كان: فعل ماضٍ ناسخ[4]، يرفع المبتدأ، ويسمى اسمه، وينصب الخبر، ويسمى خبره، وهو مبني على الفتح؛ لعدم اتصاله بضمير رفع متحرك[5]، ولا واو جماعة.


زيد: اسم (كان) مرفوع بها[6]، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره.
قائمًا: خبر (كان) منصوب بها، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره.


ولو قال قائل: كان زيدًا قائم، أو قال: كان زيدًا قائمًا، أو قال: كان زيدٌ قائمٌ؛ لكان مخطئًا؛ لأن (كان) - كما تقدم - ترفع المبتدأ وتنصب الخبر[7].


وفي عمل (كان) الرفع في المبتدأ، والنصب في الخبر، يقول ابن مالك رحمه الله في ألفيته:
تَرْفَعُ (كان) المُبْتَدَا اسْمًا والخبَرْ ♦♦♦ تَنْصِبُهُ ككانَ سيِّدًا عُمَرْ

فـ(كان): فعلٌ ماضٍ، و(سيدًا): خبرها مقدَّم، و(عمر): اسمها مؤخر، وسُكِّن لأجل الوزن والقافية.


ومما ذُكر مِن عمل (كان) وأخواتها، تعلم لماذا سُميت أفعالًا ناسخة[8]، فهي قد غَيَّرَتْ ونَسَخَتْ اسم كل من المبتدأ والخبر، فبعد أن كان المبتدأ يُسمى مبتدأ، أصبح اسمه اسم (كان)، وبعد أن كان الخبر يُسمى خبر المبتدأ تغيَّر اسمه إلى خبر (كان).


كما أنها قد غيَّرت أيضًا إعرابهما، فبعد أن كان المبتدأ مرفوعًا بالابتداء - وهو عامل معنوي - أصبح مرفوعًا بـ(كان) أو إحدى أخوتها، وهي عامل لفظي، وبعد أن كان الخبر مرفوعًا بالمبتدأ أصبح منصوبًا بـ(كان)، أو إحدى أخواتها.

المبحث الثاني: ذكر (كان) وأخواتها، مع ضرب الأمثلة على رفعها المبتدأ ونصبها الخبر:
ذكر ابن آجروم رحمه الله في آجروميته أن (كان) وأخواتها ثلاثة عشر فعلًا؛ هي:
1- كان.
2- أمسى.
3- أصبح.
4- أضحى.
5- ظل.
6- بات.
7- صار.
8- ليس.
9- ما زال.
10- ما انفك.
11- ما برح.
12- ما فتئ.
13- ما دام.


فهذه ثلاثة عشر فعلًا، كلها يعمل عملًا واحدًا، هو رفعُ المبتدأ، ويسمى اسمًا لها، ونصب الخبر ويسمى خبرًا لها، وذاك أمثلة على عمل هذه الأفعال هذا العمل:
1- مثال الفعل (كان) قوله تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ * كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ ﴾ [البقرة: 212، 213][9].


2- ومثال الفعل (أمسى): أمسى الجو باردًا[10].


3- ومثال الفعل (أصبح) قوله تعالى: ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا ﴾ [القصص: 10][11].


4- ومثال الفعل (أضحى): قول الشاعر:
أضحى التنائي بديلًا عن تدانينا ♦♦♦ وناب عن طيبِ لقيانا تجافينا[12]

5- ومثال الفعل (ظل) قوله تعالى: ﴿ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا ﴾ [النحل: 58][13].


6- ومثال الفعل (بات) قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان: 64][14].


7- ومثال الفعل (صار): قولُ النبي صلى الله عليه وسلم في أهل النار: ((حتى إذا صاروا فحمًا))[15].


8- ومثال الفعل (ليس) قوله تعالى: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ﴾ [الرعد: 43][16].


وأمَّا الأفعال الأربعة: (زال، وانفك، وفتئ، وبرح)، فإن النُّحاة يسمونها أفعال الاستمرار؛ لأنها تدل على دوام اتصاف اسمها بمعنى خبرها؛ إما:
اتصافًا مستمرًّا لا ينقطع؛ نحو: ما زال الله غفورًا رحيمًا، وما برحت قوته باهرة، وما فتئ حلمُه سابقًا غضبه، وما انفك قرآنه معجزًا.


أو مستمرًّا إلى وقت الكلام[17]، ثم ينقطع بعده بوقت طويل أو قصير، بحسب المعنى؛ نحو: ما زال المجاهد واقفًا، وما برحت عينُه يقِظةً، وما فتئ سلاحُه مشرعًا، وما انفك استعداده تامًّا لمواجهة الكفار[18].


وأما الفعل الثالث عشر من أخوات (كان)، فهو الفعل: ما دام، وهو يفيد دوام توقيت ثبوت الخبر للمبتدأ بمدة[19]؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 31]؛ أي: مدة دوامي حيًّا.


فائدة: تقدم بنا أن ذَكَرْنا أن (كان) وأخواتها كلها أفعال اتفاقًا إلا (ليس)، فهي على الخلاف بين النحاة:
فذهب جمهور النحاة إلى أنها فعل ماضٍ.
بينما ذهب جماعة آخرون من النحاة - منهم ابن السراج، وأبو علي الفارسي - إلى أنها حرف.
يتبع





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 24-11-2022 الساعة 04:48 AM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.71 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]