عرض مشاركة واحدة
  #490  
قديم 19-03-2023, 12:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء السابع

سُورَةُ الْجَاثِيَةِ
الحلقة (490)
صــ 351 إلى صــ 360




قوله تعالى: أمين أي: أمنوا فيه الغير والحوادث . وقد ذكرنا [ ص: 351 ] "الجنات" في [البقرة: 25] و[ذكرنا] معنى "العيون" ومعنى "متقابلين" في [الحجر: 45، 47] وذكرنا "السندس والإستبرق" في [الكهف: 31] .

قوله تعالى: كذلك أي: الأمر كما وصفنا وزوجناهم بحور عين قال المفسرون: المعنى: قرناهم بهن، وليس من عقد التزويج . قال أبو عبيدة: المعنى: جعلنا ذكور أهل الجنة أزواجا بحور عين من النساء، تقول للرجل: زوج هذه النعل الفرد بالنعل الفرد، أي: اجعلهما زوجا، والمعنى: جعلناهم اثنين اثنين . وقال يونس: العرب لا تقول: تزوج بها، إنما يقولون: تزوجها . ومعنى "وزوجناهم بحور عين": قرناهم . وقال ابن قتيبة : يقال: زوجته امرأة، وزوجته بامرأة . وقال أبو علي الفارسي: والتنزيل على ما قال يونس، وهو قوله تعالى: زوجناكها [الأحزاب: 37]، وما قال: زوجناك بها .

فأما الحور، فقال مجاهد: الحور: النساء النقيات البياض . وقال الفراء: الحوراء: البيضاء من الإبل; قال: وفي "الحور العين" لغتان: حور عين، وحير عين، وأنشد:



أزمان عيناء سرور المسير وحوراء عيناء من العين الحير


وقال أبو عبيدة: الحوراء: الشديدة بياض بياض العين، الشديدة سواد سوادها . وقد بينا معنى "العين" في [الصافات: 48] .

قوله تعالى: يدعون فيها بكل فاكهة آمنين فيه قولان . أحدهما: آمنين من انقطاعها في بعض الأزمنة . والثاني: آمنين من التخم والأسقام والآفات .

قوله تعالى: إلا الموتة الأولى فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: أنها بمعنى "سوى"، فتقدير الكلام: لا يذوقون في الجنة الموت [ ص: 352 ] سوى الموتة التي ذاقوها في الدنيا; ومثله: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف [النساء: 22]، وقوله: خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك [هود: 107] أي: سوى ما شاء لهم ربك من الزيادة على مقدار الدنيا، هذا قول الفراء، والزجاج .

والثاني: أن السعداء حين يموتون يصيرون إلى الروح والريحان وأسباب من الجنة يرون منازلهم منها، وإذا ماتوا في الدنيا، فكأنهم ماتوا في الجنة، لاتصالهم بأسبابها، ومشاهدتهم إياها، قاله ابن قتيبة .

والثالث: أن "إلا" بمعنى "بعد"، كما ذكرنا في أحد الوجوه في قوله: إلا ما قد سلف [النساء: 22]، وهذا قول ابن جرير .

قوله تعالى: فضلا من ربك أي: فعل الله ذلك بهم فضلا منه .

فإنما يسرناه أي: سهلناه، والكناية عن القرآن بلسانك أي: بلغة العرب لعلهم يتذكرون أي: لكي يتعظوا فيؤمنوا، فارتقب [ ص: 353 ] أي: انتظر بهم العذاب إنهم مرتقبون هلاكك; وهذه عند أكثر المفسرين منسوخة بآية السيف، وليس بصحيح .
[ ص: 354 ] سُورَةُ الْجَاثِيَةِ

وَتُسَمَّى سُورَةَ الشَّرِيعَةِ

رَوَى الْعَوْفِيُّ وَابْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، [وَعِكْرِمَةَ]، وَمُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، وَالْجُمْهُورِ . وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هِيَ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا . وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: هِيَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَةً، وَهِيَ قَوْلُهُ: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا [الْجَاثِيَةِ: 14] .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

حم . تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ . وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ . وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ . وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ . يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا [ ص: 355 ] فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ . مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ . اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ .

قَوْلُهُ تَعَالَى: حم . تَنْزِيلُ الْكِتَابِ قَدْ شَرَحْنَاهُ فِي أَوَّلِ [الْمُؤْمِنِ] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَفِي خَلْقِكُمْ أَيْ: مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ إِلَى أَنْ يَتَكَامَلَ خَلْقُ الْإِنْسَانِ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ أَيْ: وَمَا يُفَرِّقُ فِي الْأَرْضِ مِنْ جَمِيعِ مَا خَلَقَ عَلَى اخْتِلَافِ ذَلِكَ فِي الْخَلْقِ وَالصُّوَرِ آيَاتُ تَدُلُّ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ . قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَنَافِعٌ، وَعَاصِمٌ، وَأَبُو عَمْرٍو ، وَابْنُ عَامِرٍ: "آيَاتٌ" رَفْعًا "وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ" رَفْعًا أَيْضًا . وَقَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: بِالْكَسْرِ فِيهِمَا . وَالرِّزْقُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْمَطَرِ .

قَوْلُهُ تَعَالَى: تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ أَيْ: هَذِهِ حُجَجُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ أَيْ: بَعْدَ حَدِيثِهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ؟!

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَاهَا فِي [الشُّعَرَاءِ: 222]، وَالْآيَةُ الَّتِي تَلِيهَا مُفَسَّرَةٌ فِي [لُقْمَانَ: 7] .

[ ص: 356 ] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا قَالَ مُقَاتِلٌ: مَعْنَاهُ: إِذَا سَمِعَ . وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "وَإِذَا عُلِّمَ" بِرَفْعِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِهَا .

قَوْلُهُ تَعَالَى: اتَّخَذَهَا هُزُوًا أَيْ: سَخِرَ مِنْهَا، وَذَلِكَ كَفِعْلِ أَبِي جَهْلٍ حِينَ نَزَلَتْ: إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ [الدُّخَانِ: 43، 44] فَدَعَا بِتَمْرٍ وَزُبْدٍ، وَقَالَ: تَزَقَّمُوا فَمَا يَعِدُكُمْ مُحَمَّدٌ إِلَّا هَذَا . وَإِنَّمَا قَالَ: " أُولَئِكَ " لِأَنَّهُ رَدَّ الْكَلَامَ إِلَى مَعْنَى "كُلٍّ" .

مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ قَدْ فَسَّرْنَاهُ فِي [إِبْرَاهِيمَ: 16] وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا مِنَ الْأَمْوَالِ، وَلَا مَا عَبَدُوا مِنَ الْآلِهَةِ .

قَوْلُهُ تَعَالَى: هَذَا هُدًى يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ، لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ: "أَلِيمٌ" بِالرَّفْعِ عَلَى نَعْتِ الْعَذَابِ . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِالْكَسْرِ عَلَى نَعْتِ الرِّجْزِ . وَالرِّجْزُ بِمَعْنَى الْعَذَابِ، وَقَدْ شَرَحْنَاهُ فِي [الْأَعْرَافِ: 134] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: جَمِيعًا مِنْهُ أَيْ: ذَلِكَ التَّسْخِيرُ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ، فَهُوَ مِنْ فَضْلِهِ . وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو مِجْلَزٍ، وَابْنُ السَّمَيْفَعِ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ، وَالْجَحْدَرِيُّ : "جَمِيعًا مِنَّةً" بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِهَا وَتَاءٍ مَنْصُوبَةٍ مُنَوَّنَةٍ . وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "مَنُّهُ" بِفَتْحِ الْمِيمِ وَرَفْعِ النُّونِ وَالْهَاءِ مُشَدَّدَةَ النُّونِ .
قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون . من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون . ولقد آتينا [ ص: 357 ] بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين . وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون . ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون . إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين . هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون . أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون . وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون .

قوله تعالى: قل للذين آمنوا يغفروا . . . [الآية] في سبب نزولها أربعة أقوال .

أحدها: أنهم نزلوا في غزاة بني المصطلق على بئر يقال لها: "المريسيع"، فأرسل عبد الله بن أبي غلامة ليستقي الماء، فأبطأ عليه، فلما أتاه قال له: ما حبسك؟ قال: غلام عمر، ما ترك أحدا يستقي حتى ملأ قرب النبي صلى الله عليه وسلم وقرب أبي بكر، وملأ لمولاه، فقال عبد الله: ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كما قيل: سمن كلبك يأكلك، فبلغ قوله عمر، فاشتمل سيفه يريد التوجه إليه، فنزلت هذه الآية، رواه عطاء عن ابن عباس .

[ ص: 358 ] والثاني: [أنها] لما نزلت: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا [البقرة: 245] قال يهودي بالمدينة يقال له فنحاص: احتاج رب محمد، فلما سمع بذلك عمر، اشتمل [على] سيفه وخرج في طلبه، فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآية، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم في طلب عمر، فلما جاء، قال: "يا عمر، ضع سيفك" وتلا عليه الآية، رواه ميمون بن مهران عن ابن عباس .

والثالث: أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة كانوا في أذى شديد من المشركين قبل أن يؤمروا بالقتال، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية، قاله القرظي، والسدي .

والرابع: أن رجلا من كفار قريش شتم عمر بن الخطاب، فهم عمر أن يبطش به، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل .

ومعنى الآية: قل للذين آمنوا: اغفروا، ولكن شبه بالشرط والجزاء، كقوله: قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة [إبراهيم: 31] وقد مضى بيان هذا .

وقوله: للذين لا يرجون أي: لا يخافون وقائع الله في الأمم الخالية، لأنهم لا يؤمنون به، فلا يخافون عقابه . وقيل: لا يدرون أنعم الله عليهم، أم لا . وقد سبق بيان معنى "أيام الله" في سورة [إبراهيم: 5] .

[ ص: 359 ] فصل

وجمهور المفسرين على أن هذه الآية منسوخة، لأنها تضمنت الأمر بالإعراض عن المشركين . واختلفوا في ناسخها على ثلاثة أقوال .

أحدها: [أنه] قوله: فاقتلوا المشركين [التوبة: 5]، رواه معمر عن قتادة .

والثاني: أنه قوله في [الأنفال: 57]: فإما تثقفنهم في الحرب ، وقوله في [براءة: 36]: وقاتلوا المشركين كافة ، رواه سعيد عن قتادة .

والثالث: [أنه] قوله: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا [الحج: 39]، قاله أبو صالح .

قوله تعالى: ليجزي قوما وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: "لنجزي" بالنون "قوما" يعني الكفار، فكأنه قال: لا تكافئوهم أنتم لنكافئهم نحن .

وما بعد هذا قد سبق [الإسراء: 7] إلى قوله: ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب يعني التوراة والحكم وهو الفهم في الكتاب، ورزقناهم من الطيبات يعني المن والسلوى وفضلناهم على العالمين أي: عالمي زمانهم .

وآتيناهم بينات من الأمر فيه قولان .

أحدهما: بيان الحلال والحرام، قاله السدي .

والثاني: العلم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم وشواهد نبوته، ذكره الماوردي .

وما بعد هذا قد تقدم بيانه [آل عمران: 19] إلى قوله:

[ ص: 360 ] ثم جعلناك على شريعة من الأمر سبب نزولها أن رؤساء قريش دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملة آبائه، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح عن ابن عباس .

فأما قوله: على شريعة فقال ابن قتيبة : [أي] على ملة ومذهب، ومنه يقال: شرع فلان في كذا: إذا أخذ فيه، ومنه "مشارع الماء" وهي الفرض التي شرع فيها الوارد .

قال المفسرون: ثم جعلناك بعد موسى على طريقة من الأمر، أي: من الدين فاتبعها و الذين لا يعلمون كفار قريش .

إنهم لن يغنوا عنك أي: لن يدفعوا عنك عذاب الله إن اتبعتهم، وإن الظالمين يعني المشركين . والله ولي المتقين الشرك . والآية التي بعدها [مفسرة] في آخر [الأعراف: 203] .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 45.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 44.91 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.38%)]