عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 17-02-2022, 10:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,849
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان

شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 71الى صــ 85
(4)
المجلد الاول
كتاب الصيام

53 - وفي رواية عن ابن عباس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة, ومعه عشرة آلاف, وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة, فسار بمن معه من المسلمين إلى مكة, يصوم ويصومون, حتى بلغ الكديد, وهو ما بين عسفان وقديد أفطر و [أفطروا]».
وقال الزهري: «وإنما يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الآخر فالآخر». متفق عليه.
واعتقد من احتج بهذا أنه خرج من المدينة صائماً, وأنه وصل ذلك اليوم إلى كراع الغميم وإلى الكديد! وهذا خطأ؛ فإن عسفان قرية معروفة بينها وبين مكة نحو يومين, وهي اليوم خراب.

54 - ولهذا قال ابن عباس: «يا أهل مكة! لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان».
وجبل قديد قريب منها, وهذا الماء بينهما, فهذا يبين أن الفطر إنما كان بعد عدة أيام من مخرجه من المدينة.
وأما كراعُ الغميم؛ فقد قيل إن الأبنية. . . .
فتبين بهذا أن هذا الفطر إنما كان في صوم قد أنشأه في السفر, فيدل هذا على أن المسافر إذا نوى الصوم في السفر, ثم بدا له أن يفطر؛ فله ذلك, وهذا لا يختلف المذهب فيه؛ إلا أن يريد الفطر بالجماع؛ ففيه روايتان:
أحدهما: ليس له ذلك, وعليه الكفارة إذا أفطر بجماع, نص عليه في رواية مثنى بن جامع.
وكذلك إذا قلنا فيمن نوى الصوم ثم سافر: إنه ليس له الفطر, فجامع؛ فعليه الكفارة؛ لأن الموجب الموسع إذا شرع فيه ثم أراد الخروج؛ لم يكن له ذلك؛ كما لو شرع في قضاء رمضان والصلاة في أول الوقت, والصوم في السفر أدنى أحواله أن يكون بمنزلة الواجب الموسع, فكان القياس أنه لا يجوز الخروج منه بعد الدخول فيه.
نعم؛ جاز ذلك بالأكل والشرب لمجيء السنة به, ولأن الحاجة تدعو إليه, فرخص في الخروج منه للحاجة.
أما هتك صوم رمضان الواجب بالجماع؛ فلم يجيء فيه رخصة, ولا تدعو الحاجة إليه, وهذا كما أن السفر يبيح الصلاة في السفينة للحاجة, ولا يبيحها على الراحلة, وإن اشتركا في عدم الاستقرار.
ولم يذكر القاضي في «المجرد» إلا هذا؛ قال: وعلى هذا الأصل المريض الذي تدعوه الحاجة إلى الفطر بالأكل لا يجوز له الفطر بالوطء؛ فإن وطئ؛ كان عليه الكفارة كالسفر سواء.
والرواية الثانية: له الفطر بالجماع وغيره, ولا شيء عليه. قال في رواية ابن منصور: وقيل له: الزهري يكره للمسافر أن يجامع المرأة في السفر نهاراً في رمضان؟ فلم ير به بأساً في السفر, وهي المنصورة عند أصحابنا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أصبح صائماً في السفر ثم أفطر كما تقدم.
55 - وعن أبي سعيد؛ قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على نهر من ماء السماء, والناس صيام في يوم صائف مشاة, ونبي الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له, فقال: «اشربوا أيها الناس!». قال: فأبوا. فقال: «إني لست مثلكم, إني أيسركم, إني راكب». فأبوا. فثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذه, فنزل, وشرب وشرب الناس, وما كان يريد أن يشرب. رواه أحمد.

وهذا والذي قبله نص ظاهر في أنه قد أصبح المسلمون صياماً, ثم أفطروا بعد ذلك, وكل من جاز له الإِفطار بالأكل؛ جاز له الإِفطار بالجماع؛ كالمسافر الذي لم ينو, وذلك أنه إذا نوى المريض أو المسافر الفطر, وأكلا؛ فلهما فعل كل ما ينافي الصوم من جماع وغيره على إحدى الروايتين, قاله أصحابنا: وذلك لأنه إذا عزم على الإِفطار؛ صار مفطراً, فيقع الجماع من مفطر, والفرق بين هذا وبين العبادة الموسعة أن هنا صوم رمضان عبادة مضيقة, وإنما السفر والمرض جوز تأخيرها عن وقتها, فإذا أثر في التضييق الواجب بالشرع؛ فلأن يؤثر في التضييق الواجب بفعل المكلف أولى وأحرى؛ لأن المقتضي لإِباحة الفطر هنا قائم في جميع الوقت. . . .
والفرق بين الصوم والصلاة: أن قصر الصلاة إسقاط لشطرها؛ فليس له أن يتركه بعد أن يلتزمه أو ينعقد سبب لزومه, ولهذا قلنا: لو سافر وقد وجب عليه الصلاة؛ صلاها تامة, والصوم مجرد تأخير للصوم إلى وقت آخر, ليس هو إسقاطاً, ثم المشقة في السفر تلحقه باستدامة الصوم؛ بخلاف تكميل تلك الصلاة؛ فأنه لا مشقة فيه.
فعلى هذا يجوز له الفطر, سواء كان قد نوى السفر من الليل أو نواه في بعض النهار, على رواية الجماعة, ونقل عنه صالح: إذا كان قد حدث نفسه من الليل بالسفر؛ فيفطر, وإن أدركه الفجر في أهله؛ إلا أن يكون نوى السفر في بعض النهار؛ فلا يعجبني أن يفطر.
ويحتمل أن تكون هذه الرواية مثل الرواية الأولى التي نقلها صالح, فيكون فيما إذا نوى السفر من الليل يجوز له الفطر قولاً واحداً, ويحتمل أن يجمع في هذا بين الروايتين في الأصل.
قال القاضي: وظاهر هذا يقتضي جواز نية الفطر في أهله قبل خروجه من بلده؛ لأنه إذا كان من نيته السفر من يومه والفطر في سفره؛ لم يصح له نية الصوم.
ويفارق هذا الفطر بالأكل والشرب أن يتأخر حتى يفارق البيوت؛ ففي الموضع الذي يجوز [له] القصر يجوز [له] الفطر. . . .
وإذا نوى المقيم الصوم, فأراد السفر ليفطر حيلة للفطر؛ لم يستبح الفطر. قاله ابن عقيل بناء على أصلنا: أن الحيل لا تسقط الزكاة ولا تبيح الفروج ولا الأموال.

مسألة:
ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان, ورؤية هلال رمضان, ووجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين يحول دونه:
وجملة ذلك أن الموجب لصوم رمضان أحد ثلاثة أشياء:أحدها: إكمال عدة شعبان؛ فمتى أكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً؛ لزمهم الصوم, سواء رأوا الهلال أو لم يروه, وسواء حال دون منظره سحاب أو قتر أو لم يحل؛ لتواتر الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك, ولأن الشهر لا يكون أكثر من ثلاثين يوماً؛ فمتى كمل شعبان؛ فقد تيقنَّا دخول شهر رمضان.
ثم إكمال شعبان مبني على ابتدائه؛ فإن كان أوله قد رئي بالرؤية العامة؛ فآخره قد تيقن انصرامه بكمال العدة, وإن كان بشهادة عدلين. . . .
الثاني: رؤية الهلال؛ فإذا رئي رؤية عامة؛ فقد وجب الصوم, سواء رأوه بعد إكمال عدة شعبان أو لتسع وعشرين خلت منه, وهذا أيضاً من العلم العام.
وقد قال الله سبحانه: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] , وتواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب الصوم لرؤيته.
الثالث: أنه يحول بيننا وبين مطلعه غيم أو قتر ليلة الثلاثين من شعبان.

وذلك أنه إذا لم يُرَ ولم تكمل العدة؛ فإما أن يكون هناك مانع يمنع من رؤيته لمن أرادها وقصدها, أو لا يكون هناك مانع:فإن لم يكن هناك مانع؛ لم يجز صومه من رمضان, ومنه يوم الشك المنهي عن صومه؛ كما سيأتي إن شاء الله.
وإن كان هناك حائل يمنع من رؤيته, وهو أن يكون دون مطلعه ومنظره سحاب أو قتر؛ يجوز أن يكون الهلال تحته قد حال دون رؤيته؛ فالمشهور عن أبي عبد الله رحمه الله: أنه يصام من رمضان, ويجزئ إذا تبين أنه من رمضان, ولا يجب قضاؤه. نقله عنه الجماعة, منهم ابناه والمرُّوذي والأثرم وأبو داوود ومهنى والفضل بن زياد.
وهل يقال: يجوز على هذا أن يُسمى يوم شك فيه, فيه روايتان:
إحداهما: يسمى يوم شك, نقلها المروذي؛ فعلى هذا يرجح جانب التعبد.
والثانية: لا يُسمى يوم شك, بل هو يوم من رمضان من طريق الحكم, وهو ظاهر ما نقله مهنى, وهو قول الخلال والأكثرين من أصحابنا.

فعلى هذا لا يتوجه النهي عن صوم يوم الشك إليه إذا قلنا: هو من رمضان, وعليه جماهير أصحابنا.
وروى عنه حنبل: إذا حال دون منظر الهلال حائل؛ أصبح الناس متلوِّمين ما يكون بعد, وإذا لم يحل دون منظره شيء؛ أصبح الناس مفطرين, فإن جاءهم خبر؛ كان عليهم يوم مكانه, ولا كفارة.
فعلى هذا لا يصام من رمضان, وهذا اختيار طائفة من أصحابنا, منهم ابن عقيل والحلواني وأبو القاسم وابن منده؛ فعلى هذه الرواية يستحب له أن يصبح ممسكاً متلوماً, وإن لم يحل دونه شيء؛ أصبح مفطراً.
وروى عنه حنبل في موضع آخر وقد سئل عن صوم يوم الشك, فقال:صم مع جماعة الناس والإمام، فإن السلطان أحوط في هذا وأنظر للمسلمين وأشد تفقداً، والجماعة؛ يد الله على الجماعة، ولا يعجبني أن يتقدم رجل الشهر بصيام؛ إلا من كان يصوم شعبان؛ فليصله برمضان.
قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: لا أرى صيام يوم الشك إلا مع الإمام ومع الناس. قال أبو عبد الله: وأذهب إلى حديث ابن عمر؛ لأن الصلاة والصيام والجهاد إلى الإمام.
56 - يعني ما رواه حنبل عن ابن عمر: أنه قال: «صوموا مع الجماعة، وأفطروا مع الجماعة».
57 - ووجه عدم الصوم ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته؛ فإن غم (أو: غبي، أو: غمي) عليكم؛ فأكملوا عدة شعبان ثلاثين». رواه البخاري عن آدم عن شعبة عن محمد بن زياد عنه.
58 - 59 - ورواه مسلم من حديث معاذ بن معاذ عن شعبة، والنسائي من حديث ابن علية وورقاء عن شعبة، وقالا: «فإن غُمِّي (غُمَّ) عليكم الشهر؛ فعدوا ثلاثين».
60 - ورواه مسلم من حديث الربيع بن مسلم عن محمد بن زياد، وقال: «فأكملوا العدد فعدوا ثلاثين يوماً».
61 - ورواه أحمد من حديث شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته؛ فإن غبي عليكم؛ فعدوا ثلاثين يوماً».
62 - وعن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال؛ فصوموا، وإذا رأيتموه؛ فأفطروا، فإن غم عليكم؛ فصوموا ثلاثين يوماً». رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه.
63 - ورواه أحمد بهذا اللفظ عن أبي سلمة عن أبي هريرة بإسناد صحيح.
64 - وعن أبي سلمة عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته؛ فإن غم عليكم؛ فعدوا ثلاثين يوماً، ثم أفطروا». رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، ورواه الدارقطني من حديث إسماعيل بن جعفر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة؛ قال: ورواه أبو بكر بن عياش وأسامة بن زيد عن محمد بن عمرو بهذا. قال: وهي أسانيد صحاح.
65 - وعن ابن عباس؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته, وأفطروا لرؤيته؛ فإن حال بينكم وبينه سحاب؛ فكملوا العدة ثلاثين, ولا تستقبلوا الشهر استقبالاً». رواه أحمد والنسائي.
66 - وفي رواية للنسائي: «فأكملوا العدة عدة شعبان».

67 - ورواه أبو داوود والطيالسي؛ قال: «صوموا لرؤيته, وأفطروا لرؤيته؛ فإن حال بينكم وبينه غمامة أو ضبابة؛ فأكملوا شهر شعبان ثلاثين, ولا تستقبلوا رمضان بيوم من شعبان».
68 - وعن محمد بن حنين, عن ابن عباس؛ قال: [عجبت] ممن يصوم قبل الشهر [وقد] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال؛ فصوموا, وإذا رأيتموه؛ فأفطروا, فإن غم عليكم؛ فأكملوا العدة ثلاثين». رواه النسائي.
69 - وفي رواية للنسائي والترمذي: «صوموا لرؤيته, وأفطروا لرؤيته؛فإن حالت دونه غيابة؛ فأكملوا العدة ثلاثين يوماً. قال الترمذي: حدي حسن صحيح.
70 - ورواه أبو داود ولفظه: «لا تقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين؛ إلا أن يكون شيئاً يصومه أحدكم, ولا تصوموا حتى تروه, ثم صوموا حتى تروه؛ فإن حال دونه غمامة؛ فأكملوا العدة ثلاثين يوماً, ثم أفطروا». هكذا رواه أبو داوود من حديث زائد عن سماك, وقال: رواه حاتم بن أبي صغيرة وشعبة والحسن بن صالح عن سماك بمعناه, ولم يقولوا: «ثم أفطروا».
71 - وقد روى مسلم في «صحيحه» عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «إن الله تعالى قد أمده لرؤيته؛ فإن أغمي عليكم؛ فأكملوا العدة».
72 - وعن عائشة؛ قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفظ من غيره؛ يصوم لرؤية رمضان؛ فإن غم عليه؛ عد ثلاثين يوماً ثم صام». رواه احمد وأبو داوود, وقال الدارقطني: هذا إسناد حسن صحيح.
73 - وعن ربعي عن حذيفة بن اليمان؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة, ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة». رواه أبو داود والنسائي.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.44 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.51%)]