عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 20-10-2021, 07:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بحث في معنى قول الله تعالى:{ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين}

[الوجه الأول]
فمنهم من قال: هدى من الضّلالة.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنا عبد الرّزّاق، أخبرني الثّوريّ، عن بيانٍ.
- وحدّثنا أبي، ثنا أبو نعيمٍ وعيسى بن جعفرٍ قالا: ثنا سفيان، عن بيانٍ، عن الشّعبيّ في قوله: {هدًى }قال: « من الضلالة ».
[الوجه الثاني]
ومن فسّره على نورٍ:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة القنّاد، ثنا أسباط بن نصرٍ، عن السّدّيّ: وأمّا هدى للمتقين نور للمتقين.
[الوجه الثالث]
ومن فسّره على تبيانٍ للمتّقين:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة، عن عطاء ابن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ: هدًى للمتّقين تبيان للمتقين). [تفسير القرآن العظيم: 1/34]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {للمتقين}
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو النّضر هاشم بن القاسم، ثنا أبو عقيلٍ عبد الله ابن عقيلٍ، عن عبد اللّه بن يزيد، عن ربيعة بن يزيد وعطيّة بن قيسٍ، عن عطيّة السّعديّ وكان من أصحاب النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم-: «لا يكون الرّجل من المتّقين حتّى يدع ما لا بأس به حذرًا لما به البأس».
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن عمران، ثنا إسحاق بن سليمان الرّازيّ، عن المغيرة ابن مسلمٍ، عن ميمونٍ، عن أبي حمزة قال:« كنت جالسًا عند أبي وائلٍ فدخل علينا رجلٌ يقال له أبو عفيفٍ من أصحاب معاذٍ. فقال له شقيق بن سلمة: يا أبا عفيفٍ، ألا تحدّثنا عن معاذ بن جبلٍ؟ قال: بلى، سمعته يقول: يحبس النّاس يوم القيامة في نقيع واحدٍ فينادي منادٍ: أين المتّقون؟ فيقومون في كنف الرّحمن، لا يحتجب اللّه منهم ولا يستتر. قلت: من المتّقون؟ قال: قومٌ اتّقوا الشّرك وعبادة الأوثان، وأخلصوا للّه العبادة فيمرّون إلىالجنّة ».
الوجه الثّالث:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال:« يقول اللّه سبحانه وبحمده: هدًى للمتّقين أي الّذين يحذرون من اللّه عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ويرجون رحمته بالتّصديق بما جاء منه ».
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة القنّاد، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: هدًى للمتّقين نورٌ للمتّقين، وهم المؤمنون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ حدثني سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة في قوله: هدًى للمتّقين من هم؟ نعتهم اللّه، فأثبت نعتهم ووصفهم. قال: « الّذين يؤمنون بالغيب »). [تفسير القرآن العظيم: 1/35-34]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين}.
-أخرج وكيع، وابن جرير عن الشعبي في قوله {هدى} قال: «من الضلالة ».
-وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {هدى} قال:« نور{للمتقين}قال: هم المؤمنون ».
-وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {هدى للمتقين} أي الذين يحذرون من أمر الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ويرجون رحمته في التصديق بما جاء منه.
-وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {هدى للمتقين} قال: « للمؤمنين الذين يتقون الشرك ويعملون بطاعتي ».
-وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {هدى للمتقين} قال:« جعله الله هدى وضياء لمن صدق به ونور للمتقين ».
-وأخرج أبن أبي حاتم عن معاذ بن جبل قال:« يحبس الناس يوم القيامة بقيع واحد فينادي مناد: أين المتقون فيقومون في كنف الرحمن لايحتجب الله منهم ولا يستتر، قيل: من المتقون قال: قوم اتقوا الشرك عبادة الأوثان واخلصوا لله العبادة فيمرون إلى الجنة ».
-وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عطية السعدي وكان من الصحابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يبلغ العبد المؤمن أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به بأس ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن أبي هريرة، « أن رجلا قال له: ما التقوى قال: هل أخذت طريقا ذا شوك قال: نعم، قال: فكيف صنعت قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه قال: ذاك التقوى ».
-وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم عن طلق بن حبيب أنه قيل له: ألا تجمع لنا التقوى في كلام يسير يرونه قال: «التقوى العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء رحمة الله والتقوى ترك معاصي الله على نور من الله مخافة عذاب الله ».
-وأخرج أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا عن أبي الدرداء قال: «تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما، يكون حجابا بينه وبين الحرام ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال: « ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافة الحرام ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان الثوري قال: « إنما سموا المتقين لأنهم اتقوا ما لا يتقى ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن المبارك قال: « لو أن رجلا اتقى مائة شيء ولم يتق شيئا واحدا لم يكن من المتقين ».
-وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله قال:« تمام التقوى أن تبتغي علم ما لم تعلم منها إلى ما قد علمت منها»-وأخرج ابن أبي الدنيا عن رجاء قال:« من سره أن يكون متقيا فليكن أذل من قعود أبل كل من أتى عليه أرغاه ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق مالك بن أنس عن وهب بن كيسان قال: «كتب رجل إلى عبد الله بن الزبير بموعظة، أما بعد، فإن لأهل التقوى علامات يعرفون بها ويعرفونها من أنفسهم، من صبر على البلاء ورضي بالقضاء وشكر النعماء وذل لحكم القرآن ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن المبارك قال: « قال داود لابنه سليمان عليه السلام: يا بني إنما تستدل على تقوى الرجل بثلاثة أشياء، لحسن توكله على الله فيما نابه ولحسن رضاه فيما أتاه ولحسن زهده فيما فاته ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن سهم بن سحاب قال:« معدن من التقوى لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله ».
-وأخرج أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال: « بلغنا أن رجلا جاء إلى عيسى فقال: يا معلم الخير كيف أكون تقيا لله كما ينبغي له قال: بيسير من الأمر، تحب الله بقلبك كله وتعمل بكدحك وقوتك ما استطعت وترحم ابن جنسك كما ترحم نفسك، قال: من ابن جنسي يا معلم الخير قال: ولد آدم كلهم وما لا تحب أن يؤتى إليك فلا تأته إلى أحد فأنت تقي لله حقا ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن إياس بن معاوية قال:« رأس التقوى ومعظمه أن لا تعبد شيئا دون الله ثم تتفاض الناس بالتقى والنهى».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله قال:« فواتح التقوى حسن النية وخواتمها التوفيق والعبد فيما بين ذلك بين هلكات وشبهات ونفس تحطب على سلوها وعدو مكيد غير غافل ولا عاجز ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن محرز الطفاري قال: « كيف يرجو مفاتيح التقوى من يؤثر على الآخرة الدنيا ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال:« ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يوسف الفريابي قال: « قلت لسفيان أرى الناس يقولون سفيان الثوري وأنت تنام الليل فقال لي: اسكت، ملاك هذا الأمر التقوى ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن شبيب بن شبة قال: « تكلم رجل من الحكماء عند عبد الملك بن مروان فوصف المتقي فقال: رجل آثر الله على خلقه وآثر الآخرة على الدنيا ولم تكربه المطالب ولم تمنعه المطامع نظر ببصر قلبه إلى معالي إرادته فسما لها ملتمسا لها فزهده مخزون يبيت إذا نام الناس ذا شجون ويصبح مغموما في الدنيا مسجون قد انقطعت من همته الراحة دون منيته فشفاؤه القرآن ودواؤه الكلمة من الحكمة والموعظة الحسنة لا يرى منها الدنيا عوضا ولا يستريح إلى لذة سواها، فقال عبد الملك: أشهد أن هذا أرجى ء بالا منا وأنعم عيشا ».
-وأخرج ابن أبي شيبة وأبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران قال:« لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه حتى تعلم من أين مطعمه ومن أين ملبسه ومن أين مشربه أمن حل ذلك أو من حرام ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز، أنه لما ولي حمد الله وأثنى عليه ثم قال: « أوصيكم بتقوى الله فإن تقوى الله خلف من كل شيء وليس من تقوى الله خلف ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال: « يا أيها الناس اتقوا الله فإنه ليس من هالك إلا له خلف إلا التقوى ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة قال:« لما خلق الله الجنة قال لها تكلمي قالت: طوبى للمتقين ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال: « القيامة عرس المتقين ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يزيد الرحبي قال:« قيل لأبي الدرداء: أنه ليس أحد له بيت في الأنصار إلا قال شعرا فما لك لا تقول قال: وأنا قلت فاستمعوه:



يريد المرء أن يعطى مناه.......ويأبى الله إلا ما أرادا


يقول المرء فائدتي وذخري.......وتقوى الله أفضل ما استفادا »



-وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العفيف وكان من أصحاب معاذ بن جبل قال: « يدخل أهل الجنة على أربعة أصناف، المتقين ثم الشاكرين ثم الخائفين ثم أصحاب اليمين »). [الدر المنثور: 1/137-130]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : و{هدىً}: معناه رشاد وبيان، وموضعه، من الإعراب رفع على أنه خبر ذلك، أو خبر ابتداء مضمر، أو ابتداء وخبره في المجرور قبله، ويصح أن يكون موضعه نصبا على الحال من ذلك، أو من الكتاب، ويكون العامل فيه معنى الإشارة، أو من الضمير في فيه، والعامل معنى الاستقرار وفي هذا القول ضعف.
وقوله: {للمتّقين} اللفظ مأخوذ من وقى، وفعله اتّقى، على وزن افتعل، وأصله «للموتقيين» استثقلت الكسرة على الياء فسكنت وحذفت للالتقاء، وأبدلت الواو تاء على أصلهم في اجتماع الواو والتاء، وأدغمت التاء في التاء فصار للمتّقين. والمعنى: الذين يتقون الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب معاصيه، كان ذلك وقاية بينهم وبين عذاب الله). [المحرر الوجيز: 1/102-104]

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
و {هدًى} يحتمل من حيث العربيّة أن يكون مرفوعًا على النعت، ومنصوبًا على الحال.
وخصّت الهداية للمتّقين. كما قال: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} [فصّلت: 44]. {وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيد الظّالمين إلا خسارًا} [الإسراء: 82] إلى غير ذلك من الآيات الدّالّة على اختصاص المؤمنين بالنّفع بالقرآن؛ لأنّه هو في نفسه هدًى، ولكن لا يناله إلّا الأبرار، كما قال: {يا أيّها النّاس قد جاءتكم موعظةٌ من ربّكم وشفاءٌ لما في الصّدور وهدًى ورحمةٌ للمؤمنين} [يونس: 57].
وقد قال السّدّيّ عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، وعن أناسٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {هدًى للمتّقين} يعني: نورًا للمتّقين.
وقال الشّعبيّ: «هدًى من الضّلالة»، وقال سعيد بن جبيرٍ: «تبيانٌ للمتّقين». وكلّ ذلك صحيحٌ.
وقال السّدّيّ: عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {هدًى للمتّقين} قال: هم المؤمنون.
[تفسير ابن كثير: 1/162-164]
فصل في علامات المتقين و فضائل
1ـ علامات المتقين:
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : - حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن رجلٍ، عن الحسن، قوله:{للمتّقين} قال: « اتّقوا ما حرّم عليهم وأدّوا ما افترض عليهم ».

- حدّثنا محمّد بن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ، مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {للمتّقين} أي الّذين يحذرون من اللّه عزّ وجلّ عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى، ويرجون رحمته بالتّصديق بما جاء به.
- حدّثني موسى بن هارون، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في خبرٍ ذكره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ، من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {هدًى للمتّقين} قال: «هم المؤمنون ».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاشٍ، قال: «سألني الأعمش عن المتّقين؟ قال: فأجبته، فقال لي: سئل عنها الكلبيّ، فسألته فقال: الّذين يجتنبون كبائر الإثم قال: فرجعت إلى الأعمش، فقال: نرى أنّه كذلك ولم ينكره».
- حدّثني المثنّى بن إبراهيم الطّبريّ، قال: حدّثنا إسحاق بن الحجّاج، عن عبد الرّحمن بن عبد اللّه، قال: حدّثنا عمر أبو حفصٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: {هدًى للمتّقين} هم من نعتهم ووصفهم فأثبت صفتهم فقال: {الّذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصّلاة وممّا رزقناهم ينفقون}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال حدّثنا بشر بن عمّارٍة، عن أبي روقٍ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: {للمتّقين} قال: « المؤمنين الّذين يتّقون الشّرك ويعملون بطاعتي ».
وأولى التّأويلات بقول اللّه جلّ ثناؤه: {هدًى للمتّقين} تأويل من وصف القوم بأنّهم الّذين اتّقوا اللّه تبارك وتعالى في ركوب ما نهاهم عن ركوبه، فتجنّبوا معاصيه واتّقوه فيما أمرهم به من فرائضه فأطاعوه بأدائها. وذلك أنّ اللّه جلّ ثناؤه أبهم وصفهم بالتّقوى فلم يحصر تقواهم إيّاه على بعض ما هو جلّ ثناؤه أهلٌ له منهم دون بعضٍ. فليس لأحدٍ من النّاس أن يحصر معنى ذلك على وصفهم بشيءٍ من تقوى اللّه عزّ وجلّ دون شيء إلاّ بحجّةٍ يجب التّسليم لها، لأنّ ذلك من صفة القوم لو كان محصورًا على خاصٍّ من معاني التّقوى دون العام لم يدع اللّه جلّ ثناؤه بيان ذلك لعباده، إمّا في كتابه، وإمّا على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم؛ إذ لم يكن في العقل دليلٌ على استحالة وصفهم بعموم التّقوى.
فقد تبيّن إذًا بذلك فساد قول من زعم أنّ تأويل ذلك إنّما هو: الّذين اتّقوا الشّرك وبرءوا من النّفاق؛ لأنّه قد يكون كذلك وهو فاسقٌ غير مستحقٌّ أن يكون من المتّقين. إلاّ أن يكون عند قائل هذا القول معنى النّفاق ركوب الفواحش الّتي حرّمها اللّه جلّ ثناؤه وتضييع فرائضه الّتي فرضها عليه، فإنّ جماعةً من أهل العلم قد كانت تسمّي من كان كذلك منافقًا، فيكون، وإن كان مخالفًا في تسميته من كان كذلك بهذا الاسم، مصيبًا تأويل قول اللّه عزّ وجلّ للمتّقين). [جامع البيان: 1/239-237]

قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {للمتقين}
[الوجه الأول]
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو النّضر هاشم بن القاسم، ثنا أبو عقيلٍ عبد الله ابن عقيلٍ، عن عبد اللّه بن يزيد، عن ربيعة بن يزيد وعطيّة بن قيسٍ، عن عطيّة السّعديّ وكان من أصحاب النّبيّ- صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وسلّم-: «لا يكون الرّجل من المتّقين حتّى يدع ما لا بأس به حذرًا لما به البأس».
الوجه الثّاني:
- حدّثنا أبي، ثنا عبد اللّه بن عمران، ثنا إسحاق بن سليمان الرّازيّ، عن المغيرة ابن مسلمٍ، عن ميمونٍ، عن أبي حمزة قال:« كنت جالسًا عند أبي وائلٍ فدخل علينا رجلٌ يقال له أبو عفيفٍ من أصحاب معاذٍ. فقال له شقيق بن سلمة: يا أبا عفيفٍ، ألا تحدّثنا عن معاذ بن جبلٍ؟ قال: بلى، سمعته يقول: يحبس النّاس يوم القيامة في نقيع واحدٍ فينادي منادٍ: أين المتّقون؟ فيقومون في كنف الرّحمن، لا يحتجب اللّه منهم ولا يستتر. قلت: من المتّقون؟ قال: قومٌ اتّقوا الشّرك وعبادة الأوثان، وأخلصوا للّه العبادة فيمرّون إلىالجنّة ».
الوجه الثّالث:
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ أبو غسّان محمّد بن عمرٍو زنيجٌ، ثنا سلمة عن محمّد بن إسحاق قال: فيما حدّثني محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال:« يقول اللّه سبحانه وبحمده: هدًى للمتّقين أي الّذين يحذرون من اللّه عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ويرجون رحمته بالتّصديق بما جاء منه ».
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا عمرو بن حمّاد بن طلحة القنّاد، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: هدًى للمتّقين نورٌ للمتّقين، وهم المؤمنون.
- حدّثنا محمّد بن يحيى ثنا العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ حدثني سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة في قوله: هدًى للمتّقين من هم؟ نعتهم اللّه، فأثبت نعتهم ووصفهم. قال: « الّذين يؤمنون بالغيب »). [تفسير القرآن العظيم: 1/35-34]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين}.
-أخرج وكيع، وابن جرير عن الشعبي في قوله {هدى} قال: «من الضلالة ».
-وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله {هدى} قال:« نور{للمتقين}قال: هم المؤمنون ».
-وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {هدى للمتقين} أي الذين يحذرون من أمر الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ويرجون رحمته في التصديق بما جاء منه.
-وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {هدى للمتقين} قال: « للمؤمنين الذين يتقون الشرك ويعملون بطاعتي ».
-وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {هدى للمتقين} قال:« جعله الله هدى وضياء لمن صدق به ونور للمتقين ».
-وأخرج أبن أبي حاتم عن معاذ بن جبل قال:« يحبس الناس يوم القيامة بقيع واحد فينادي مناد: أين المتقون فيقومون في كنف الرحمن لايحتجب الله منهم ولا يستتر، قيل: من المتقون قال: قوم اتقوا الشرك عبادة الأوثان واخلصوا لله العبادة فيمرون إلى الجنة ».
-وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسنه، وابن ماجه، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عطية السعدي وكان من الصحابة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يبلغ العبد المؤمن أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به بأس ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن أبي هريرة، « أن رجلا قال له: ما التقوى قال: هل أخذت طريقا ذا شوك قال: نعم، قال: فكيف صنعت قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه قال: ذاك التقوى ».
-وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم عن طلق بن حبيب أنه قيل له: ألا تجمع لنا التقوى في كلام يسير يرونه قال: «التقوى العمل بطاعة الله على نور من الله رجاء رحمة الله والتقوى ترك معاصي الله على نور من الله مخافة عذاب الله ».
-وأخرج أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا عن أبي الدرداء قال: «تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما، يكون حجابا بينه وبين الحرام ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال: « ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافة الحرام ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان الثوري قال: « إنما سموا المتقين لأنهم اتقوا ما لا يتقى ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن المبارك قال: « لو أن رجلا اتقى مائة شيء ولم يتق شيئا واحدا لم يكن من المتقين ».
-وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله قال:« تمام التقوى أن تبتغي علم ما لم تعلم منها إلى ما قد علمت منها»-وأخرج ابن أبي الدنيا عن رجاء قال:« من سره أن يكون متقيا فليكن أذل من قعود أبل كل من أتى عليه أرغاه ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق مالك بن أنس عن وهب بن كيسان قال: «كتب رجل إلى عبد الله بن الزبير بموعظة، أما بعد، فإن لأهل التقوى علامات يعرفون بها ويعرفونها من أنفسهم، من صبر على البلاء ورضي بالقضاء وشكر النعماء وذل لحكم القرآن ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن المبارك قال: « قال داود لابنه سليمان عليه السلام: يا بني إنما تستدل على تقوى الرجل بثلاثة أشياء، لحسن توكله على الله فيما نابه ولحسن رضاه فيما أتاه ولحسن زهده فيما فاته ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن سهم بن سحاب قال:« معدن من التقوى لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله ».
-وأخرج أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال: « بلغنا أن رجلا جاء إلى عيسى فقال: يا معلم الخير كيف أكون تقيا لله كما ينبغي له قال: بيسير من الأمر، تحب الله بقلبك كله وتعمل بكدحك وقوتك ما استطعت وترحم ابن جنسك كما ترحم نفسك، قال: من ابن جنسي يا معلم الخير قال: ولد آدم كلهم وما لا تحب أن يؤتى إليك فلا تأته إلى أحد فأنت تقي لله حقا ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن إياس بن معاوية قال:« رأس التقوى ومعظمه أن لا تعبد شيئا دون الله ثم تتفاض الناس بالتقى والنهى».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله قال:« فواتح التقوى حسن النية وخواتمها التوفيق والعبد فيما بين ذلك بين هلكات وشبهات ونفس تحطب على سلوها وعدو مكيد غير غافل ولا عاجز ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن محرز الطفاري قال: « كيف يرجو مفاتيح التقوى من يؤثر على الآخرة الدنيا ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال:« ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يوسف الفريابي قال: « قلت لسفيان أرى الناس يقولون سفيان الثوري وأنت تنام الليل فقال لي: اسكت، ملاك هذا الأمر التقوى ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن شبيب بن شبة قال: « تكلم رجل من الحكماء عند عبد الملك بن مروان فوصف المتقي فقال: رجل آثر الله على خلقه وآثر الآخرة على الدنيا ولم تكربه المطالب ولم تمنعه المطامع نظر ببصر قلبه إلى معالي إرادته فسما لها ملتمسا لها فزهده مخزون يبيت إذا نام الناس ذا شجون ويصبح مغموما في الدنيا مسجون قد انقطعت من همته الراحة دون منيته فشفاؤه القرآن ودواؤه الكلمة من الحكمة والموعظة الحسنة لا يرى منها الدنيا عوضا ولا يستريح إلى لذة سواها، فقال عبد الملك: أشهد أن هذا أرجى ء بالا منا وأنعم عيشا ».
-وأخرج ابن أبي شيبة وأبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران قال:« لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه حتى تعلم من أين مطعمه ومن أين ملبسه ومن أين مشربه أمن حل ذلك أو من حرام ».

[الدر المنثور: 1/137-130]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :

و {هدًى} يحتمل من حيث العربيّة أن يكون مرفوعًا على النعت، ومنصوبًا على الحال.
وخصّت الهداية للمتّقين. كما قال: {قل هو للّذين آمنوا هدًى وشفاءٌ والّذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمًى أولئك ينادون من مكانٍ بعيدٍ} [فصّلت: 44]. {وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيد الظّالمين إلا خسارًا} [الإسراء: 82] إلى غير ذلك من الآيات الدّالّة على اختصاص المؤمنين بالنّفع بالقرآن؛ لأنّه هو في نفسه هدًى، ولكن لا يناله إلّا الأبرار، كما قال: {يا أيّها النّاس قد جاءتكم موعظةٌ من ربّكم وشفاءٌ لما في الصّدور وهدًى ورحمةٌ للمؤمنين} [يونس: 57].
وقد قال السّدّيّ عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، وعن أناسٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {هدًى للمتّقين} يعني: نورًا للمتّقين.
وقال الشّعبيّ: «هدًى من الضّلالة»، وقال سعيد بن جبيرٍ: «تبيانٌ للمتّقين». وكلّ ذلك صحيحٌ.
وقال السّدّيّ: عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ، وعن مرّة الهمدانيّ، عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {هدًى للمتّقين} قال: هم المؤمنون.
وقال محمّد بن إسحاق، عن محمّد بن أبي محمّدٍ مولى زيد بن ثابتٍ، عن عكرمة أو سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: «{للمتّقين} أي: الّذين يحذرون من اللّه عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى، ويرجون رحمته في التّصديق بما جاء به».
وقال أبو روق، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: «{للمتّقين} قال: المؤمنين الّذين يتّقون الشّرك بي، ويعملون بطاعتي».
وقال سفيان الثّوريّ، عن رجلٍ، عن الحسن البصريّ، قوله: {للمتّقين} قال: «اتّقوا ما حرّم اللّه عليهم، وأدّوا ما افترض عليهم».
وقال أبو بكر بن عيّاشٍ: سألني الأعمش عن المتّقين، قال: فأجبته. فقال [لي] سل عنها الكلبيّ، فسألته فقال: «الّذين يجتنبون كبائر الإثم»، قال: فرجعت إلى الأعمش، فقال: نرى أنّه كذلك. ولم ينكره.
وقال قتادة: «{للمتّقين} هم الّذين نعتهم اللّه بقوله: {الّذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصّلاة} الآية والّتي بعدها ».
واختار ابن جريرٍ: «أنّ الآية تعمّ ذلك كلّه»، وهو كما قال.
وقد روى التّرمذيّ وابن ماجه، من رواية أبي عقيلٍ عبد اللّه بن عقيلٍ، عن عبد اللّه بن يزيد، عن ربيعة بن يزيد، وعطيّة بن قيسٍ، عن عطيّة السّعديّ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يبلغ العبد أن يكون من المتّقين حتّى يدع ما لا بأس به حذرًا ممّا به بأسٌ».
ثم قال الترمذي: حسن غريب.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا عبد اللّه بن عمران، حدّثنا إسحاق بن سليمان، يعني الرّازيّ، عن المغيرة بن مسلمٍ، عن ميمونٍ أبي حمزة، قال: كنت جالسًا عند أبي وائلٍ، فدخل علينا رجلٌ، يقال له: أبو عفيفٍ، من أصحاب معاذٍ، فقال له شقيق بن سلمة: يا أبا عفيفٍ، ألا تحدّثنا عن معاذ بن جبلٍ؟ قال: «بلى سمعته يقول: يحبس النّاس يوم القيامة في بقيعٍ واحدٍ، فينادي منادٍ: أين المتّقون؟ فيقومون في كنفٍ من الرّحمن لا يحتجب اللّه منهم ولا يستتر»، قلت: «من المتّقون؟»، قال: «قومٌ اتّقوا الشّرك وعبادة الأوثان، وأخلصوا للّه العبادة، فيمرّون إلى الجنّة».
وأصل التّقوى: التّوقّي ممّا يكره لأنّ أصلها وقوى من الوقاية. قال النّابغة:

سقط النّصيف ولم ترد إسقاطه ....... فتناولته واتّقتنا باليد
وقال الآخر:
فألقت قناعًا دونه الشّمس واتّقت ....... بأحسن موصولين كفٌّ ومعصم

وقد قيل: إنّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه، سأل أبيّ بن كعبٍ عن التّقوى، فقال له: «أما سلكت طريقًا ذا شوكٍ؟»، قال: «بلى»، قال: «فما عملت؟»، قال: «شمّرت واجتهدت»، قال: «فذلك التّقوى».
وقد أخذ هذا المعنى ابن المعتزّ فقال:

خلّ الذّنوب صغيرها ....... وكبيرها ذاك التّقى
واصنع كماشٍ فوق أر ....... ض الشّوك يحذر ما يرى
لا تحقرنّ صغيرةً ....... إنّ الجبال من الحصى

وأنشد أبو الدّرداء يومًا:
يريد المرء أن يؤتى مناه ...... ويأبى اللّه إلّا ما أرادا
يقول المرء فائدتي ومالي ....... وتقوى اللّه أفضل ما استفادا


2ـ فضائلهم:
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) :
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز، أنه لما ولي حمد الله وأثنى عليه ثم قال: « أوصيكم بتقوى الله فإن تقوى الله خلف من كل شيء وليس من تقوى الله خلف ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال: « يا أيها الناس اتقوا الله فإنه ليس من هالك إلا له خلف إلا التقوى ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة قال:« لما خلق الله الجنة قال لها تكلمي قالت: طوبى للمتقين ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال: « القيامة عرس المتقين ».
-وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يزيد الرحبي قال:« قيل لأبي الدرداء: أنه ليس أحد له بيت في الأنصار إلا قال شعرا فما لك لا تقول قال: وأنا قلت فاستمعوه:

يريد المرء أن يعطى مناه.......ويأبى الله إلا ما أرادا
يقول المرء فائدتي وذخري.......وتقوى الله أفضل ما استفادا »

[الدر المنثور: 1/137-130]


قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :
في سنن ابن ماجه عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما استفاد المرء بعد تقوى اللّه خيرًا من زوجةٍ صالحةٍ، إن نظر إليها سرّته، وإن أمرها أطاعته، وإن أقسم عليها أبرّته، وإنّ غاب عنها حفظته في نفسها وماله».). [تفسير ابن كثير: 1/162-164]

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 50.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.02 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.24%)]