عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 01-03-2021, 04:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: العقيدة والعبر من قصار السور

العقيدة والعبر من قصار السور
- الماعون


د. أمير الحداد


{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴿١﴾ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴿٢﴾ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿٣﴾ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ﴿٤﴾ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴿٥﴾ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴿٦﴾ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴿٧﴾} (الماعون).


- ينبغي أن نقرأ تفسير القرآن آخذين بعين الاعتبار المجتمع الذي نزل فيه والبيئة التي قُرئ فيها، وإن كان كلام الله يصلح لكل زمان ومكان.

- هل لك أن تزيد بيان هذه العبارة؟
كنت وصاحبي في طريقنا لحضور ندوة في المؤتمر الذي عقد في الكويت تحت عنوان (من هم أهل السنّة)؟ ردا على المؤتمر الذي عقد في الشيشان تحت رعاية شيوعية لتعريف أهل السنة بأنهم المتصوفة وأمثالهم، وأن غيرهم وهابيون إرهابيون! رجوعا إلى موضوعنا.
- هذه السورة نزلت في مجتمع يكثر فيه المكذبون بيوم الجزاء، (يوم الدين) يوم القيامة، فيكون تكذيبهم دافعا لهم أن يتمادوا في الذنوب وقبائح الأعمال، وهكذا العبد إذا أنكر الحساب والجزاء، لماذا يمتنع عن المحرمات ويلتزم بالطاعات؟
- نعم إن الإيمان بيوم الدين من أعظم الدوافع لطاعة الله عز وجل، وهو ركن من أركان الإيمان، من ينكره يخرج من الإيمان إلى الكفر، ولا ينفعه إيمانه بوجود الله عز وجل.
- هل لاحظت أن الأفعال: (يكذب، يدع، يحض) أتت بصيغة المضارع، مع أنها وقعت من الشخص المعني بالماضي؟!
- والمعنى؟
- أنه لا يهم من يكون، فالعبرة بعموم العبارة لا بخصوص السبب، وذلك أن هذا الأمر مستمر، فمن يكذب بالدين يقع منه هذا الفعل المشين، مع أنه ينبغي ألا يقع لأجل أن اليتيم يستحق العطف لا (الدع)، والمسكين يستحق العطاء لا المنع، ولا من جانب الأخلاق والمروءة.
- وماذا عن الشطر الآخر من السورة (فويل للمصلين)؟!
- هذا الجزء فيه تهديد بالعقوبة نتيجة ثلاثة أفعال: (السهو عن الصلاة، والمراءاة، والبخل)، ومن فعلها استحق (الويل)، و(الويل) في كتاب الله لا يكون إلا على كبيرة، وهذه الثلاثة من صفات المنافقين، فأول السورة للكافرين ونهايتها للمنافقين، وفيها كلها تحذير للمؤمنين أن يتصفوا بشيء من صفات الكفار والمنافقين وأخلاقهم.
- (ساهون)، بمعنى غافلون؟
- نعم، غافلون عن الصلاة، وعن وقتها، وبعضنا لا يهتم إن صلى أم لم يصل، و(المراءاة) من صفات المنافقين، مع أن هناك فرقاً بين المراءاة والنفاق.
المنافق يظهر الإيمان ويبطن الكفر.
والمرائي يظهر ما ليس في قلبه، حين يرى الناس يرونه، والرياء من أخطر ما يبطل العمل، أما النفاق فهو المؤدي إلى الدرك الأسفل من النار.
وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري قال: خرج علينا رسول الله[ ونحن نتذاكر المسيح الدجال فقال: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ فقلنا بلى يا رسول الله، قال: «الشرك الخفي؛ أن يقوم الرجل فيصلي فيزيد صلاته لما يرى من نظر رجل» (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني).
- وما معنى (الماعون)؟
- بلسان قريش (الماعون) هو المال، والأولى أن يقال: إنه كل ما يستعان به على عمل البيت من آنية وآلات طبخ وكل ما يمكن استعماله، ثم إرجاعه، ومن منع مثل هذه الأشياء فقد بلغ من البخل غايته.
- و(السهو)؟ في اللغة؟!
- (السهو) هو الذهول عن أمر سبق علمه، و(الدع) هو الدفع الشديد مثل قوله تعالى: {يوم يدعون إلى نار جهنم دعا}.
- وهناك قضية أخرى في العقيدة أن الكافر المؤذي عذابه أشد من الكافر المسالم، مع أن الجميع خالد في النار.

- ماذا تعني بالكافر المسالم؟
- أعني أن الكافر الذي يؤذي الناس، فيأكل حقوق اليتامى، ويمنع المساكين، ويؤذي الآخرين، وإذا ازداد في غيه وقتل بغير حق، وسرق فإن عذابه أعظم وأشد وذلك أن جهنم دركات، بعض أهل النار يكون في ضحضاح من العذاب، وبعضهم في وسط العذاب وبعضهم في أشد؛ العذاب، وكل أحد خالد في النار يرى أنه أشد الناس عذابا، وقد يكون أخفهم؛ ولذلك قال الله -تعالى-: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (النساء:145).
وقال -تعالى- في زيادة عذاب بعض الكافرين: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} (النحل:88).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.26 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]