عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-03-2021, 04:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي العقيدة والعبر من قصار السور

العقيدة والعبر من قصار السور
- الناس


د. أمير الحداد










{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ. مَلِكِ النَّاسِ. إِلَهِ النَّاسِ. مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ. الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ. مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} (الناس).
- أعجبني الحديث الذي ذكرته عن ابن عباس عندما أخبره الرسول صلى الله عليه وسلم : «يا ابن عباس ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: {قل أعوذ بربك الفلق} و{قل أعوذ برب الناس}، (صحيح سنن أبي داود.
- نعم ولا شك في ذلك، ولكن هل لاحظت فرقا بين السورتين؟
أخذ صاحبي لحظات يفكر في الإجابة.
- في (الفلق)، تعوذ من أشياء عدة، وفي (الناس) تعوذ من شيء واحد هو (الوسواس).
- أحسنت ولكن هذه نصف الإجابة.
- وما النصف الثاني؟
- في (الفلق) أمر الله رسوله وأمته من بعده أن يستعيذوا بـ(رب الفلق)، من أربعة مصادر للأذى (شر ما خلق) (شر غاسق إذا وقب) (شر النفاثات في العقد)، و(شر حاسد إذا حسد)، وفي سورة الناس أمر الله رسوله وأمته من بعده أن يستعيذوا بـ(رب الناس) (ملك الناس) (إله الناس)، من (شر الوسواس الخناس)، ففي الفلق الاستعاذة بصفة واحدة من صفات الله عز وجل (رب الفلق) من أربعة شرور وفي سورة الناس استعاذة بثلاثة أسماء من الأسماء الحسنى (الرب)، و(المالك)، و(الإله) من شر واحد (الوسواس الخناس).
أعجب صاحبي بهذا البيان.
- ولو أردنا أن نزيد بيانًا، فإن الله رب كل شيء، وملك كل شيء، وإله كل شيء، ولكنه -سبحانه- نسب ربوبيته وملكه وألوهيته للناس،؛ وذلك لأن الخطاب للناس، فيأمرهم أن يلجؤوا ويعتصموا ويلوذوا بربهم وملكهم وإلههم، سبحانه وتعالى، وهذا أنسب لهذا المقام.
كنت وصاحبي في طريقنا لعيادة أحد المصلين أدخل المستشفى لإجراء عملية جراحية.
- هناك مفهوم (الوسواس القهري) هل له علاقة بموضوعنا؟
- الوسواس مصدر يراد به اسم الفاعل (الموسوس) وهو الشيطان، والوسوسة أوهام وأفكار وتخيلات لا حقيقة لها؛ ولذلك جاء في الحديث عن ابن عباس أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لأجد في صدري الشيء لأن أكون حممة أحب إلي من أن أتكلم به، فقال صلى الله عليه وسلم : «الله أكبر، الله أكبر الحمدلله الذي رد أمره إلى الوسوسة» (حسنه الألباني).
وذلك أن الوسوسة أمر سهل التخلص منه، إلا أن يستجيب المرء له، فيتعاظم؛ ولذلك يقول العلماء: إن الوسوسة في العبادة تأتي قبلها أو أثناءها أو بعدها، أما التي تأتي بعد فلا قيمة لها، علاجها إهمالها والتعوذ بالله وعدم الالتفات إليها، والتي قبل تدرأ باليقين، مثلا إذا وسوس أنك لم تتطهر بعد البول تدرأه بأنك تطهرت وأن ما تشعر به هو رطوبة الماء الذي تطهرت به، والوسوسة أثناء العبادة لا يلتفت إليها إلا أن تكون يقينا، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا» مسلم.
والقاعدة الشرعية أن اليقين لا يزول إلا بيقين وليس بالشك.
- أظن أن (الوسوسة) أصبحت ظاهرة منتشرة عند كثير من الناس؛ وذلك لجهلهم بأحكام الدين ولاسيما في باب العقيدة وربما تبدأ من باب (المزاح)، أو (التدين) وذلك قبل العلم، مع أنه في شرع الله لا بد أن يسبق العلم العمل، فاعلم أنه لا إله إلا الله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْش} (محمد:19).

- أحسنت يقينا لم يترك لنا الشارع شيئا نحتاجه إلا وبينه لنا، ودلنا عليه، ولم يدع شيئا يضرنا إلا نبهنا وحذرنا منه، وبيّن كيف نتقيه؟ ولكن قليلا من الناس من يعلم ويعمل.
نسأل الله العافية.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 18.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.53 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.46%)]