14-03-2021, 07:14 AM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,445
الدولة :
|
|
رد: التبيان في إعراب القرآن ----- متجدد
الكتاب : التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
سورة البقرة
صــ32 إلى صــ 37
الحلقة (6)
قال تعالى : ( وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون ( 13 ) ) .
قوله تعالى : ( وإذا قيل لهم آمنوا ) : القائم مقام المفعول هو القول ويفسره آمنوا لأن الأمر والنهي قول .
قوله : ( كما آمن الناس ) الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف ; أي إيمانا مثل إيمان الناس ; ومثله : كما آمن السفهاء .
قوله : ( السفهاء ألا إنهم ) في هاتين الهمزتين أربعة أوجه : أحدها : تحقيقهما وهو الأصل .
والثاني : تحقيق الأولى ، وقلب الثانية واوا خالصة فرارا من توالي الهمزتين ، وجعلت الثانية واوا ; لانضمام الأولى ، والثالث : تليين الأولى ، وهو جعلها بين الهمزة وبين الواو ، وتحقيق الثانية . والرابع : كذلك إلا أن الثانية واو .
[ ص: 32 ] ولا يجوز جعل الثانية بين الهمزة والواو ; لأن ذلك تقريب لها من الألف ; والألف لا يقع بعد الضمة والكسرة وأجازه قوم .
قال تعالى : ( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون ( 14 ) الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ( 15 ) ) .
قوله تعالى : ( لقوا الذين آمنوا ) أصله لقيوا ، فأسكنت الياء لثقل الضمة عليها ، ثم حذفت لسكونها وسكون الواو بعدها ، وحركت القاف بالضم تبعا للواو .
وقيل : نقلت ضمة الياء إلى القاف بعد تسكينها ، ثم حذفت .
وقرأ ابن السميفع : لاقوا بألف وفتح القاف وضم الواو ، وإنما فتحت القاف وضمت الواو لما نذكره في قوله : ( اشتروا الضلالة ) .
قوله : ( خلوا إلى ) : يقرأ بتحقيق الهمزة ، وهو الأصل .
ويقرأ بإلقاء حركة الهمزة على الواو ، وحذف الهمزة فتصير الواو مكسورة بكسرة الهمزة ، وأصل خلوا خلووا ، فقلبت الواو الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، ثم حذفت لئلا يلتقي ساكنان ، وبقيت الفتحة تدل على الألف المحذوفة .
قوله : ( إنا معكم ) : الأصل : إننا ، فحذفت النون الوسطى على القول الصحيح ، كما حذفت في إن إذا خففت ، كقوله تعالى : ( وإن كل لما جميع ) [ يس : 32 ] ومعكم ظرف قائم مقام الخبر ; أي كائنون معكم .
قوله تعالى : ( مستهزئون ) : يقرأ بتحقيق الهمزة وهو الأصل وبقلبها ياء مضمومة ، لانكسار ما قبلها ومنهم من يحذف الياء لشبهها بالياء الأصلية في مثل قولك : يرمون ويضم الزاي ، وكذلك الخلاف في تليين همزة يستهزئ بهم .
قوله تعالى : ( يعمهون ) : هو حال من الهاء والميم في يمدهم .
[ ص: 33 ] و ( في طغيانهم ) متعلق بـ ( يمدهم ) أيضا ، وإن شئت بـ ( يعمهون ) . ولا يجوز أن تجعلهما حالين من يمدهم ; لأن العامل الواحد لا يعمل في حالين .
قال تعالى : ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ( 16 ) ) .
قوله تعالى : ( اشتروا الضلالة ) : الأصل اشتريوا ، فقلبت الياء ألفا ، ثم حذفت الألف لئلا يلتقي ساكنان ، الألف والواو . فإن قلت : فالواو هنا متحركة ؟ . قيل : حركتها عارضة ، فلم يعتد بها وفتحة الراء دليل على الألف المحذوفة .
وقيل : سكنت الياء لثقل الضمة عليها ، ثم حذفت لئلا يلتقي ساكنان .
وإنما حركت الواو بالضم دون غيره ; ليفرق بين واو الجمع والواو الأصلية في نحو قوله : لو استطعنا ، وقيل ضمت لأن الضمة هنا أخف من الكسرة ; لأنها من جنس الواو .
وقيل : حركت بحركة الياء المحذوفة ، وقيل ضمت ; لأنها ضمير فاعل ، فهي مثل التاء في قمت ، وقيل : هي للجمع فهي مثل نحن ، وقد همزها قوم ، شبهوها بالواو المضمومة ضما لازما نحو : أثؤب .
ومنهم من يفتحها إيثارا للتخفيف ، ومنهم من يكسرها على الأصل في التقاء الساكنين ، ومنهم من يختلسها فيحذفها لالتقاء الساكنين وهو ضعيف ; لأن قبلها فتحة ، والفتحة لا تدل عليها .
قال تعالى : ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون ( 17 ) ) .
قوله تعالى : ( مثلهم كمثل ) : ابتداء وخبر ، والكاف يجوز أن يكون حرف جر فيتعلق بمحذوف ، ويجوز أن يكون اسما بمعنى مثل فلا يتعلق بشيء .
قوله : ( الذي استوقد ) : الذي هاهنا مفرد في اللفظ ، والمعنى على الجمع ، بدليل قوله : ( ( ذهب الله بنورهم ) ) وما بعده . وفي وقوع المفرد هنا موقع الجمع وجهان : أحدهما : هو جنس ، مثل : من وما ، فيعود الضمير إليه تارة بلفظ المفرد ، وتارة بلفظ الجمع . والثاني : أنه أراد الذين فحذفت النون لطول الكلام بالصلة ، ومثله : ( والذي جاء بالصدق وصدق به ) ثم قال : ( أولئك هم المتقون ) [ الزمر : 33 ] .
[ ص: 34 ] واستوقد بمعنى أوقد ، مثل استقر بمعنى قر ; وقيل : استوقد استدعى الإيقاد .
قوله تعالى : ( فلما أضاءت ) : لما هاهنا اسم ، وهي ظرف زمان ، وكذا في كل موضع وقع بعدها الماضي ، وكان لها جواب ، والعامل فيها جوابها ، مثل : إذا .
وأضاءت : متعد ، فيكون ( ( ما ) ) على هذا مفعولا به ; وقيل أضاء لازم ، يقال : ضاءت النار وأضاءت بمعنى ، فعلى هذا يكون ( ( ما ) ) ظرفا ، وفي ( ( ما ) ) ثلاثة أوجه : أحدها : هي بمعنى الذي .
والثاني : هي نكرة موصوفة ; أي مكانا حوله . والثالث هي زائدة .
قوله : ( ذهب الله بنورهم ) [ البقرة : 17 ] الباء هنا معدية للفعل ، كتعدية الهمزة له ، والتقدير : أذهب الله نورهم . ومثله في القرآن كثير .
وقد تأتي الباء في مثل هذا للحال ; كقولك : ذهبت بزيد ، أي ذهبت ومعي زيد .
قوله تعالى : ( وتركهم في ظلمات ) : تركهم هاهنا يتعدى إلى مفعولين ; لأن المعنى صيرهم ، وليس المراد به الترك الذي هو الإهمال ، فعلى هذا يجوز أن يكون المفعول الثاني في ظلمات ، فلا يتعلق الجار بمحذوف ، ويكون ( ( لا يبصرون ) ) حالا .
ويجوز أن يكون لا يبصرون هو المفعول الثاني ، وفي ظلمات ظرف يتعلق بتركهم ، أو بـ ( ( يبصرون ) ) ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يبصرون ، أو من المفعول الأول .
قال تعالى : ( صم بكم عمي فهم لا يرجعون ) ( ( 18 ) ) .
قوله تعالى : ( صم بكم ) : الجمهور على الرفع ، على أنه خبر ابتداء محذوف ; أي هم صم ، وقرئ شاذا بالنصب على الحال من الضمير في يبصرون .
قوله تعالى : ( فهم لا يرجعون ) : جملة مستأنفة ; وقيل موضعها حال ، وهو خطأ ; لأن ما بعد الفاء لا يكون حالا ; لأن الفاء ترتب ، والأحوال لا ترتيب فيها .
( ويرجعون ) فعل لازم ; أي لا ينتهون عن باطلهم ، أو لا يرجعون إلى الحق .
[ ص: 35 ] وقيل : هو متعد ومفعوله محذوف ، تقديره : فهم لا يردون جوابا مثل قوله : ( إنه على رجعه لقادر ) ( ( 8 ) ) [ الطارق : 8 ] .
قال تعالى : ( أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين ( 19 ) ) .
قوله تعالى : ( أو كصيب ) : في " أو " أربعة أوجه : أحدها : أنها للشك ، وهو راجع إلى الناظر في حال المنافقين ; فلا يدري أيشبههم بالمستوقد ، أو بأصحاب الصيب ; كقوله : ( إلى مائة ألف أو يزيدون ) [ الصافات : 147 ] ; أي يشك الرائي لهم في مقدار عددهم . والثاني : أنها للتخيير أي شبهوهم بأي القبيلتين شئتم . والثالث : أنها للإباحة . والرابع : أنها للإبهام ; أي بعض الناس يشبههم بالمستوقد ، وبعضهم بأصحاب الصيب ، ومثله قوله تعالى : ( كونوا هودا أو نصارى ) [ البقرة : 135 ] ; أي قالت اليهود : كونوا هودا ، وقالت النصارى : كونوا نصارى ، ولا يجوز عند أكثر البصريين أن تحمل ( ( أو ) ) على الواو ، ولا على ( ( بل ) ) ، ما وجد في ذلك مندوحة ، والكاف في موضع رفع عطفا على الكاف في قوله : ( كمثل الذي ) .
ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف ، تقديره : أو مثلهم كمثل صيب .
وفي الكلام حذف تقديره : أو كأصحاب صيب وإلى هذا المحذوف يرجع الضمير من قوله : يجعلون . والمعنى على ذلك ; لأن تشبيه المنافقين بقوم أصابهم مطر فيه ظلمة ورعد وبرق لا بنفس المطر ، وأصل ( ( صيب ) ) صيوب على فيعل ; فأبدلت الواو ياء ، وأدغمت الأولى فيها ، ومثله : ميت وهين ، وقال الكوفيون : أصله صويب على فعيل وهو خطأ ; لأنه لو كان كذلك لصحت الواو كما صحت في طويل وعويل .
( من السماء ) : في موضع نصب . و ( من ) : متعلقة بصيب ; لأن التقدير : كمطر صيب من السماء ، وهذا الوصف يعمل عمل الفعل ، ومن لابتداء الغاية .
ويجوز أن يكون في موضع جر على الصفة لصيب ; فيتعلق من بمحذوف أي كصيب كائن من السماء .
والهمزة في السماء بدل من واو قلبت همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة ونظائره تقاس عليه . ( فيه ظلمات ) : الهاء تعود على صيب ، وظلمات رفع بالجار والمجرور ; [ ص: 36 ] لأنه قد قوي بكونه صفة لصيب . ويجوز أن يكون ظلمات مبتدأ وفيه خبر مقدم ، وفيه على هذا ضمير والجملة في موضع جر صفة لصيب ، والجمهور على ضم اللام وقد قرئ بإسكانها تخفيفا ، وفيه لغة أخرى بفتح اللام .
والرعد : مصدر رعد يرعد ، والبرق مصدر أيضا وهما على ذلك موحدتان هنا ، ويجوز أن يكون الرعد والبرق بمعنى الراعد والبارق ، كقولهم : رجل عدل وصوم .
( يجعلون ) : يجوز أن يكون في موضع جر صفة لأصحاب صيب ، وأن يكون مستأنفا ، وقيل يجوز أن يكون حالا من الهاء في فيه ، والراجع على الهاء محذوف ، تقديره : من صواعقه ; وهو بعيد لأن حذف الراجع على ذي الحال كحذفها من خبر المبتدأ ، وسيبويه يعده من الشذوذ . ( من الصواعق ) : أي من صوت الصواعق .
( حذر الموت ) : مفعول له . وقيل مصدر أي حذرا مثل حذر الموت .
والمصدر هنا مضاف إلى المفعول به .
( محيط ) : أصله محوط ; لأنه من حاط يحوط ، فنقلت كسرة الواو إلى الحاء فانقلبت ياء .
قال تعالى : ( يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير ( 20 ) ) .
قوله تعالى : ( يكاد ) : فعل يدل على مقاربة وقوع الفعل بعدها ; ولذلك لم تدخل عليه أن ; لأن أن تخلص الفعل للاستقبال ، وعينها واو ، والأصل يكود ، مثل خاف يخاف ، وقد سمع فيه كدت ، بضم الكاف ، وإذا دخل عليها حرف نفي دل على أن الفعل الذي بعدها وقع ، وإذا لم يكن حرف نفي لم يكن الفعل بعدها واقعا ولكنه قارب الوقوع .
وموضع ( يخطف ) نصب لأنه خبر كاد ، والمعنى قارب البرق خطف الأبصار .
والجمهور على فتح الياء والطاء وسكون الخاء ، وماضيه خطف كقوله تعالى : ( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ) [ الصافات : 10 ] وفيه قراءات شاذة : إحداها : كسر الطاء على أن ماضيه خطف بفتح الطاء . والثانية : بفتح الياء والخاء والطاء وتشديد الطاء ، والأصل : [ ص: 37 ] يختطف ، فأبدل من التاء طاء ، وحركت بحركة التاء ، والثالثة : كذلك إلا أنها بكسر الطاء على ما يستحقه في الأقل . والرابعة : كذلك ، إلا أنها بكسر الخاء أيضا على الإتباع .
والخامسة : بكسر الياء أيضا إتباعا أيضا . والسادسة : بفتح الياء وسكون الخاء وتشديد الطاء ، وهو ضعيف ; لما فيه من الجمع بين الساكنين . ( كلما ) : هي هنا ظرف ، وكذلك كل موضع كان لها جواب .
و ( ( ما ) ) مصدرية ; والزمان محذوف ; أي كل وقت إضاءة .
وقيل ( ( ما ) ) هنا نكرة موصوفة ، ومعناها الوقت والعائد محذوف أي كل وقت أضاء لهم فيه ، والعامل في كل جوابها . و ( فيه ) : أي في ضوئه . والمعنى بضوئه . ويجوز أن يكون ظرفا على أصلها .
والمعنى : إنهم يحيط بهم الضوء .
( شاء ) : ألفها منقلبة عن ياء ; لقولهم في مصدره : شئت شيئا ، وقالوا شيأته ; أي حملته على أن يشاء . ( لذهب بسمعهم ) : أي أعدم المعنى الذي يسمعون به . ( وعلى كل ) : متعلق بـ : ( ( قدير ) ) في موضع نصب .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|