عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 20-01-2021, 05:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,667
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التبيان في إعراب القرآن ----- متجدد



الكتاب : التبيان في إعراب القرآن
المؤلف : أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري
سورة الفاتحة
صــ14 إلى صــ 19
الحلقة (3)


قال تعالى : ( اهدنا الصراط المستقيم ( 6 ) صراط الذين أنعمت عليهم ) .

[ ص: 14 ] قوله تعالى : ( اهدنا ) لفظه أمر ، و الأمر مبني على السكون عند البصريين ، ومعرب عند الكوفيين ، فحذف الياء عند البصريين علامة السكون الذي هو بناء ، وعند الكوفيين هو علامة الجزم .

و ( هدى ) يتعدى إلى مفعول بنفسه ، فأما تعديه إلى مفعول آخر فقد جاء متعديا إليه بنفسه ; ومنه هذه الآية ; وقد جاء متعديا بإلى كقوله تعالى : ( هداني ربي إلى صراط مستقيم ) [ الأنعام : 161 ] وجاء متعديا باللام ، ومنه قوله تعالى : ( الذي هدانا لهذا ) [ الأعراف : 43 ] .

و : ( السراط ) بالسين هو الأصل ; لأنه من سرط الشيء إذا بلغه ، وسمي الطريق سراطا لجريان الناس فيه كجريان الشيء المبتلع .

فمن قرأه بالسين جاء به على الأصل ، ومن قرأه بالصاد قلب السين صادا ; لتجانس الطاء في الإطباق ، والسين تشارك الصاد في الصفير والهمس ، فلما شاركت الصاد في ذلك قربت منها ، فكانت مقاربتها لها مجوزة قلبها إليها لتجانس الطاء في الإطباق .

ومن قرأ بالزاي قلب السين زايا ; لأن الزاي والسين من حروف الصفير ، والزاي أشبه بالطاء ; لأنهما مجهورتان .

ومن أشم الصاد زايا قصد أن يجعلها بين الجهر والإطباق .

وأصل : ( المستقيم ) مستقوم ، ثم عمل فيه ما ذكرنا في " نستعين " ، ومستفعل هنا بمعنى فعيل أي السراط القويم . ويجوز أن يكون بمعنى القائم ; أي الثابت .

وسراط الثاني بدل من الأول ، وهو بدل الشيء من الشيء ، وهما بمعنى واحد ، وكلاهما معرفة .

و ( الذين ) اسم موصول ، وصلته أنعمت ، والعائد عليه الهاء والميم .

[ ص: 15 ] والغرض من وضع " الذي " وصف المعارف بالجمل ; لأن الجمل تفسر بالنكرات ، والنكرة لا توصف بها المعرفة . والألف واللام في الذي زائدتان وتعريفها بالصلة ، ألا ترى أن من و ما معرفتان ولا لام فيهما فدل أن تعرفهما بالصلة والأصل في الذين اللذيون ; لأن واحده الذي ، إلا أن ياء الجمع حذفت ياء الأصل ; لئلا يجتمع ساكنان .

والذين بالياء في كل حال ; لأنه اسم مبني ، ومن العرب من يجعله في الرفع بالواو ، وفي الجر والنصب بالياء ، كما جعلوا تثنيته بالألف في الرفع وبالياء في الجر والنصب .

وفي الذي خمس لغات : إحداها : لذي بلام مفتوحة من غير لام التعريف ، وقد قرئ به شاذا . والثانية : الذي بسكون الياء . والثالثة : بحذفها وإبقاء كسرة الذال . والرابعة : حذف الياء وإسكان الذال . والخامسة بياء مشددة .
قال تعالى : ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) قوله تعالى : ( غير المغضوب ) يقرأ بالجر ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدهما : أنه بدل من الذين . والثاني : أنه بدل من الهاء والميم في عليهم . والثالث : أنه صفة للذين .

فإن قلت الذين معرفة " وغير " لا يتعرف بالإضافة ، فلا يصح أن يكون صفة له ، ففيه جوابان . أحدهما : أن " غير " إذا وقعت بين متضادين ، وكانا معرفتين تعرفت بالإضافة ; كقولك عجبت من الحركة غير السكون ; وكذلك الأمر هنا ; لأن المنعم عليه ، والمغضوب عليه متضادان . والجواب الثاني : أن الذين قريب من النكرة ; لأنه لم يقصد به قصد قوم بأعيانهم ; وغير المغضوب قريبة من المعرفة بالتخصيص الحاصل لها بالإضافة ; فكل واحد منهما فيه إبهام من وجه واختصاص من وجه .

ويقرأ ( غير ) بالنصب ، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه حال من الهاء والميم ، والعامل فيها أنعمت ، ويضعف أن يكون حالا من الذين ; لأنه مضاف إليه ، والصراط لا يصح أن يعمل بنفسه في الحال ; وقد قيل إنه ينتصب على الحال من الذين ، ويعمل فيها معنى الإضافة . والوجه الثاني : أنه ينتصب على الاستثناء من الذين ، أو من الهاء والميم . والثالث أنه ينتصب بإضمار أعني .

و ( المغضوب ) مفعول من غضب عليه ، وهو لازم ، والقائم مقام الفاعل [ ص: 16 ] " عليهم " . والتقدير : غير الفريق المغضوب ، ولا ضمير في المغضوب ; لقيام الجار والمجرور مقام الفاعل ، ولذلك لم يجمع ، فيقال الفريق المغضوبين عليهم ; لأن اسم الفاعل والمفعول إذا عمل فيما بعده لم يجمع جمع السلامة .

( ولا الضالين ) : ( لا ) زائدة عند البصريين للتوكيد ، وعند الكوفيين هي بمعنى غير ، كما قالوا : جئت بلا شيء ، فأدخلوا عليها حرف الجر ، فيكون لها حكم غير .

وأجاب البصريون عن هذا بأن ( لا ) دخلت للمعنى ، فتخطاها العامل ، كما يتخطى الألف واللام ، والجمهور على ترك الهمز في الضالين ، وقرأ أيوب السختياني بهمزة مفتوحة ، وهي لغة فاشية في العرب في كل ألف وقع بعدها حرف مشدد ، نحو ضال ، ودابة ، وجان ; والعلة في ذلك أنه قلب الألف همزة لتصح حركتها لئلا يجمع بين ساكنين .
فصل : وأما ( آمين ) : فاسم للفعل ، ومعناها اللهم استجب ، وهو مبني لوقوعه موقع المبني ، وحرك بالفتح لأجل الياء قبل آخره ، كما فتحت أين ; والفتح فيها أقوى ; لأن قبل الياء كسرة ، فلو كسرت النون على الأصل لوقعت الياء بين كسرتين .

وقيل : ( آمين ) اسم من أسماء الله تعالى ، وتقديره يا آمين ، وهذا خطأ لوجهين : أحدهما : أن أسماء الله لا تعرف إلا تلقيا ولم يرد بذلك سمع .

والثاني : أنه لو كان كذلك لبني على الضم لأنه منادى معرفة أو مقصود ، وفيه لغتان : القصر وهو الأصل ، والمد وليس من الأبنية العربية ، بل هو من الأبنية الأعجمية كهابيل وقابيل . والوجه فيه أن يكون أشبع فتحة الهمزة ، فنشأت الألف ، فعلى هذا لا تخرج عن الأبنية العربية .
فصل في هاء الضمير نحو : عليهم وعليه وفيه وفيهم .

وإنما أفردناه لتكرره في القرآن : الأصل في هذه الهاء الضم ; لأنها تضم بعد الفتحة والضمة والسكون نحو إنه ، وله ، وغلامه ، ويسمعه ، ومنه ، وإنما يجوز كسرها بعد الياء نحو عليهم ، وأيديهم ، وبعد الكسر نحو به ، وبداره ، وضمها في الموضعين جائز ; لأنه الأصل ، وإنما كسرت لتجانس ما قبلها من الياء والكسرة وبكل قد قرئ .

فأما ( عليهم ) ففيها عشر لغات ، وكلها قد قرئ به : خمس مع ضم الهاء ، وخمس مع كسرها .

[ ص: 17 ] فالتي مع الضم : إسكان الميم ، وضمها من غير إشباع ، وضمها مع واو ، وكسر الميم من غير ياء ، وكسرها مع الياء ، وأما التي مع كسر الهاء فإسكان الميم ، وكسرها من غير ياء ، وكسرها مع الياء ، وضمها من غير واو ، وضمها مع الواو .

والأصل في ميم الجمع أن يكون بعدها واو كما قرأ ابن كثير ، فالميم لمجاوزة الواحد ، والألف دليل التثنية نحو عليهما ، والواو للجمع نظير الألف ، ويدل على ذلك أن علامة الجماعة في المؤنث نون مشددة نحو عليهن ، فكذلك يجب أن يكون علامة الجمع للمذكر حرفين ، إلا أنهم حذفوا الواو تخفيفا ، ولا لبس في ذلك ; لأن الواحد لا ميم فيه ، والتثنية بعد ميمها ألف وإذا حذفت الواو سكنت الميم ; لئلا تتوالى الحركات في أكثر المواضع نحو ضربهم ويضربهم .

فمن أثبت الواو أو حذفها وسكن الميم فلما ذكرنا . ومن ضم الميم دل بذلك على أن أصلها الضم ، وجعل الضمة دليل الواو المحذوفة .

ومن كسر الميم وأتبعها ياء فإنه حرك الميم بحركة الهاء المكسورة قبلها ، ثم قلب الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها .

ومن حذف الياء جعل الكسرة دليلا عليها .

ومن كسر الميم بعد ضمة الهاء فإنه أراد أن يجانس بها الياء التي قبل الهاء .

ومن ضم الهاء قال : إن الياء في عليها حقها أن تكون ألفا ، كما ثبتت الألف مع المظهر ، وليست الياء أصل الألف ، فكما أن الهاء تضم بعد الألف ، فكذلك تضم بعد الياء المبدلة منها .

ومن كسر الهاء اعتبر اللفظ ، فأما كسر الهاء وإتباعها بياء ساكنة ، فجائز على ضعف ، أما جوازه فلخفاء الهاء بينت بالإشباع ، وأما ضعفه فلأن الهاء خفية ، والخفي قريب من الساكن ، والساكن غير حصين ، فكأن الياء وليت الياء .

وإذا لقي الميم ساكن بعدها جاز ضمها نحو عليهم الذلة ; لأن أصلها الضم وإنما أسكنت تخفيفا فإذا احتيج إلى حركتها كان الضم الذي هو حقها في الأصل أولى ويجوز كسرها إتباعا لما قبلها .

وأما فيه وبنيه ، ففيه الكسر من غير إشباع وبالإشباع ، وفيه الضم من غير إشباع وبالإشباع .

[ ص: 18 ] وأما إذا سكن ما قبل الهاء ، نحو : منه ، وعنه ، وتجدوه ، فمن ضم من غير إشباع فعلى الأصل ، ومن أشبع أراد تبيين الهاء لخفائها .
[ ص: 19 ] سورة البقرة بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى : ( الم ( 1 ) ) هذه الحروف المقطعة كل واحد منها اسم ; فألف : اسم يعبر به عن مثل الحرف الذي في قال . ولام يعبر بها عن الحرف الأخير من قال . وكذلك ما أشبهها والدليل على أنها أسماء أن كلا منها يدل على معنى في نفسه وهي مبنية ; لأنك لا تريد أن تخبر عنها بشيء وإنما يحكى بها ألفاظ الحروف التي جعلت أسماء لها فهي كالأصوات نحو غاق في حكاية صوت الغراب .

وفي موضع ( الم ) ثلاثة أوجه : أحدها : الجر على القسم ، وحرف القسم محذوف ، وبقي عمله بعد الحذف ; لأنه مراد فهو كالملفوظ به كما قالوا الله لتفعلن في لغة من جر والثاني موضعها نصب وفيه وجهان : أحدهما : هو على تقدير حذف القسم كما تقول الله لأفعلن ، والناصب فعل محذوف تقديره التزمت الله أي اليمين به . والثاني هي مفعول بها تقديره : اتل الـم . والوجه الثالث : موضعها رفع بأنها مبتدأ وما بعدها الخبر .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 22.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.46 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.82%)]