عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-05-2021, 01:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي المحافظة على الأبناء

المحافظة على الأبناء
أ. لولوة السجا




السؤال



ملخص السؤال:

رجل لديه ابنة في المرحلة الجامعية، تشكو مِن مضايقة شابٍّ لها، والأب يحاول إبعاد الشاب عنها، ويسأل: كيف أُحافِظ على بناتي في ظل هذا الفساد؟



تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لديَّ ابنة عمرها 18 عامًا، أخْفَقَتْ في مادة مِن المواد الدراسية، فبدأتُ أعينها بكلِّ ما أستطيع، وأرفع مِن مَعنوياتها لتعودَ أفضل مما كانتْ.




عرَفتُ منها أن السببَ الذي جعَلَها تكون كذلك أنَّ هناك شابًّا يُكلِّمها باستمرارٍ عبر الهاتف، ويُهدِّدها ويضايقها، فاتصلتُ بالشابِّ، وهددتُه بملاحقته أمنيًّا وقضائيًّا وخوَّفتُه، والحمدُ لله كانت النتيجة أن الشابَّ ابتعد عنها، والفتاةُ استقرتْ نفسيًّا.




والسؤال الذي أرسلتُ مِن أجله هذه الاستشارة:

كيف تحوَّلَت اهتماماتنا مِن الدراسة والنجاح إلى تخوفاتٍ مِن تَكرار هذه السلوكيات والتصرفات وهدم مستقبل وحياة بناتنا، فالقضيةُ ليس سهلةً، ولا أعرف كيف يُمكن الوصول إلى برِّ الأمان وحفظ بناتنا وأولادنا مِن هذا العالم المكشوف على الفساد؟


الجواب



الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فهذا مِن الابتلاء؛ قال تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ ﴾ [البقرة: 155]، وكلنا يُعاني ويخاف، خصوصًا في هذا الزمنِ الذي تهيَّأَتْ فيه وسائلُ الفساد، ولكن هل يعني ذلك أنَّ حفظ أبنائنا صار مستحيلًا؟




بالطبع لا، وإنما المجاهدة في تربيتهم وحفظهم هي التي عَظُمَتْ.




فاستعنْ بالله في ذلك بكثرة الدعاء لهم، فنحن بشرٌ مهما عمِلنا وبَذَلْنا وراقَبْنا تبقى قدراتنا ناقصةً، فهي مجردُ أسباب نبذُلها طاعةً لله، وحِرصًا عليهم، لكننا نرجو مِن الله التوفيق والصلاح والإعانة والسداد.




قال تعالى يَذكر قولَ إبراهيم: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ﴾ [إبراهيم: 40]، وقال عز مِن قائلٍ في وصف المؤمنين وحِرْصِهم على الدعاء: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]، وقال جلَّ جلالُه يصِفُ عبده المؤمن فيما يقول ويدعو: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ﴾ [الأحقاف: 15]!




إذًا فالدعاءُ للأبناء يجب أن يكونَ ديدنَ المؤمن الذي لا غِنى له عنه، ومِن المناسبِ أن أُنَبِّه على أمرٍ يَغْفُل عنه البعضُ، وهو: أن تزكيةَ النفس وحفظها مِن أسباب حفظ الأبناء وصلاحهم، حتى قال أحدُ السلَف: واللهِ يا بنيَّ إني لأزيد في صَلاتي مِن أجلِك!




ونلاحظ فيما استشهدتُ به مِن الآيات ما يُؤكد ذلك؛ مثل قوله تعالى: ﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ ﴾، وقوله: ﴿ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾.




بودي أنْ أُحَيِّي فيك تلك الأريحية والرفق والتعامل الرائع الذي تُعامل به ابنتك، مما جَعَلَها تُنفِّس عما بداخلها لك، وذلك عكس ما يَحدُث مِن الأبناء مع والديهم، ويَحْسُن بك أن تحافظَ على هذا المستوى من العلاقة، وتزيد في ذلك بالمُناصَحة اللطيفة، وحث البنت على الحفاظ على نفسها وتمسكها بحجابها، والحرص على أداء فروضها، والبُعد عن الصحبة السيئة، ومَواطن الفِتَن والشُّبَه.




كما يَحْسُن بك أن تُحَذِّرها مِن وسائل وبرامج التواصل التي تسبَّبتْ في وُقوع عددٍ مِن المآسي، وما لا يُحمد عقباه، ويَكفي بها مَعصية لله حين تكون وسيلةً لذلك!





حمى الله أبناءك وأبناء المسلمين، وأعانك على تربيتهم، وأقَرَّ عينك بصلاحهم، وأعظم لك الأجرَ والمثوبةَ


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.86 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]