الموضوع: مناسك الحج
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 04-12-2021, 03:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مناسك الحج

مناسك الحج (الحلقة السادسة)










الشيخ عبد القادر شيبة الحمد




أيها الإخوة المؤمنون، السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

أما بعد:

فقد ذكرت في الحديث السابق أن المفرد والقارن والمتمتع يصلون الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة قصرًا وجمعًا ثم يقفون بعرفات وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة وليس معنى الوقوف بعرفة أن يقف الإنسان قائمًا بل المراد الوجود بعرفات سواء كان واقفًا أو قاعدًا أو مضطجعًا، ويستحب له استقبال القبلة وجبل الرحمة إن تيسر له ذلك فإن لم يتمكن من استقبال القبلة وجبل الرحمة جميعًا استقبل القبلة وأكثر من الذكر والدعاء والتلبية، وصان نفسه من كل إثم وأبعدها عن كل معصية لأنه في موقف يباهي الله تبارك وتعالى به ملائكته. وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير) ويستحب له أن يكرر الدعاء والتضرع وأن يكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يلح في الدعاء ويطلب من ربه تبارك وتعالى خيري الدنيا والآخرة، وينبغي أن يكون مخبتًا منيبًا ساكنًا قانتًا ذليلًا لله عز وجل مبتعدًا عن اللهو والرفث وسائر أنواع الفسوق والجدال منكسرًا بين يدي ربه يرجو رحمته ويخشى عذابه، فإذا غربت الشمس انصرف إلى مزدلفة بسكينة ووقار، وأكثر من التلبية، فإذا وصل إلى مزدلفة صلى بها المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين في وقت واحد بأذان واحد وإقامتين: إقامة لصلاة المغرب وإقامة لصلاة العشاء، والسنة أن يصلي المغرب قبل أن يحط رحله ثم يحط رحله ثم يصلي العشاء ثم يقيم بمزدلفة إلى الفجر فإذا صلى الصبح بمزدلفة في أول وقته وقف عند المشعر الحرام وذكر الله عز وجل مستقبلًا القبلة لقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ۖ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [البقرة: 198] وإذا لم يتيسر له الوقوف عند المشعر الحرام فليقف في أي مكان من مزدلفة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقفت ههنا وجمع (أي مزدلفة) كلها موقف. وليستمر في دعائه إلى الإسفار الجيد ويلتقط من مزدلفة سبع حصيات فقط وهي التي يرمي بها جمرة العقبة يوم العيد أما باقي الحصى الذي يرمي به في أيام التشريق فليلتقطه من منى. ويجوز للضعفة من النساء والصبيان ومن في حكمهم أن يدفعوا من مزدلفة إلى منى آخر الليل فإذا أسفر الحاج جدًا انصرف من مزدلفة إلى منى وأكثر من التلبية في سيره، وإذا وصل وداي محسر أسرع قليلًا. فإذا وصل إلى جمرة العقبة من منى قطع التلبية ورمى هذه الجمرة بسبع حصيات يرفع يده عند رمي كل حصاة ويكبر ويستحب أن يكون رميها من بطن الوادي وتكون الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه، ثم بعد الرمي ينحر هديه إن كان قارنًا أو متمتعًا أما المفرد بالحج فلا يجب عليه الهدي. فإذا ذبح هديه حلق رأسه أو قصر كل شعر رأسه. وبرمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يحل الحاج التحلل الأول وهو الذي يبيح الملابس والطيب وتقليم الأظافر وكل ما كان محرمًا عليه بالإحرام إلا النساء فإنه لا يحل له قربان زوجته إلا بعد التحلل التام. والأعمال التي يحصل بها التحلل ثلاثة وهي رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير والطواف بالبيت مع السعي لمن عليه سعي. فمن عمل اثنين منها حل التحلل الأول الذي يبيح له كل شيء إلا النساء فإن عمل الثالث حل له كل شيء حتى زوجته ولا حرج عليه في تقديم أو تأخير بعض هذه الثلاثة عن بعض فلو قدم الطواف بالبيت على رمي جمرة العقبة أو قدم الحلق أو التقصير على رمي جمرة العقبة أو قدم الطواف على الحلق أو التقصير فلا حرج عليه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سئل عن شيء من هذه الثلاثة قدم أو أخر إلا قال: (افعل ولا حرج) والمهم هو أنه إذا فعل اثنين منها أي اثنين حل له أن يلبس ملابسه وحل له كل شيء إلا النساء فإذا فعل الثالث حل له النساء فلو طاف وحلق قبل أن يرمي الجمرة جاز له أن يرمي الجمرة بملابس الحل المعتادة من المخيط أو المحيط وإذا طاف مثلًا ورمى الجمرة جاز له أن يحلق رأسه هو لابس ثيابه المعتادة ولو رمى الجمرة وحلق رأسه فله أن يطوف بالبيت وهو لابس ثيابه المعتادة. فاثنان من هذه الثلاثة تحله التحلل الأول، والثالث يحله التحلل الأكبر التام. والطواف بعد النزول من عرفات ومزدلفة ركن من أركان الحج وهو المقصود من قوله تبارك وتعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29] ويسمى طواف الإفاضة وطواف الحج ولا يصح الحج دونه كالوقوف بعرفة. والمفرد أو القارن إذا كان سعى بين الصفا والمروة بعد طواف القدوم فلا يجب عليه السعي بعد طواف الإفاضة إذ هو مخير في السعي بين أن يجعله بعد طواف القدوم أو بعد طواف الإفاضة أما المتمتع فإنه يسعى بعد طواف الإفاضة ولا بد من هذا السعي بالنسبة للمتمتع؛ لأن سعيه الأول الذي كان بعد الطواف الذي طافه عند وصوله إلى مكة هو سعي العمرة كما أن طوافه ذاك كان طواف العمرة. أما طواف الإفاضة فلا بد أن يسعى بعده المتمتع فالمتمتع عليه طوافان وسعيان، طواف وسعي للعمرة عند قدومه إلى مكة، وطواف وسعي للحج بعد نزوله من عرفة ومزدلفة أما المفرد أو القارن فإن طوافه عند وصوله إلى مكة سنة ويسمى طواف القدوم فإن سعى بعده أغناه عن السعي بعد طواف الإفاضة وإن لم يسع بعد طواف القدوم لزمه السعي بعد طواف الإفاضة. والطواف بالبيت العتيق صورة من أعظم صور العبودية لله عز وجل ومظهر من أبرز مظاهر الضراعة للحي القيوم ومثال من أروع أمثلة الطاعة والانقياد لله عز وجل ولم يشرع الله تبارك وتعالى الطواف حول مكان في الأرض سوى بيته المحرم الذي جعله الله تبارك وتعالى مثابة للناس وأمنًا، وأقامه موئلًا للتوحيد وإخلاص العبادة لله تبارك وتعالى، واختاره قبلة لجميع المسلمين. فلا يحل لمسلم أن يطوف حول قبر مهما كان صاحب القبر ولا حول مكان مهما كان هذا المكان سوى الكعبة المشرفة التي جعل الله الطواف خاصا بها، ومن أعظم ما يعبد الله عز وجل به حولها ولذلك قال عز من قائل: ﴿ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [الحج: 26] وكما قال الله عز وجل: ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [البقرة : 125] . وإلى حديث قادم إن شاء الله تعالى، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.




المدينة المنورة في 18/11/1395هـ.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.73 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.24%)]