عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 26-04-2021, 10:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله


فقه وفتاوى وأحكام الصيام
د.أحمد مصطفى متولى
(14)




تعريفُ الوصال وحكمه:
والوصال أن يقرن الإنسان بين يومين في صوم يوم واحد، بمعنى ألا يفطر بين اليومين.
وحكمه قيل: إنه حرام، وقيل: إنه مكروه، وقيل: إنه مباح لمن قدر عليه، فالأقوال فيه ثلاثة.
والذي يظهر فيه التحريم؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهاهم عن الوصال
فأبوا أن ينتهوا فتركهم، وواصل بهم يوماً ويوماً حتى دخل الشهر، أي: شهر شوال، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «لو تأخر الهلال لزدتكم كالمنكل لهم» ([1]) وهذا يدل على أنه على سبيل التحريم، فالقول بالتحريم أقواها، ولكن مع ذلك ليس عندي فيه جزم؛ لأنه لو كان حراماً كما تحرم الميتة ولحم الخنزير لمنعهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم من فعله منعاً باتاً، لكنه نهاهم عن ذلك رفقاً بهم، ولهذا ذهب بعض الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ إلى جواز الوصال لمن قدر عليه معللاً ذلك بأنه إنما نهي عن الوصال من أجل الرفق بالناس لأنه يشق عليهم، فكان عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنه ـ يواصل إلى خمسة عشر يوماً([2]) لكنه ـ رضي الله عنه ـ تأول.

والصواب خلاف تأويله، وأن أدنى أحواله الكراهة، وأن الناس لا يزالون بخير ما عجلوا الفطر، لكن قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر»(
[3]).
المأثور عند الفطر:
معلوم أنه ورد عند الفطر وعند غيره التسمية عند الأكل أو الشرب، وهي ـ على القول الراجح ـ واجبة، أي يجب على الإنسان إذا أراد أن يأكل أو يشرب أن يسمي، والدليل على ذلك:
1 ـ أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك(
[4]).
2 ـ إخباره أن الشيطان يأكل مع ال
إنسان إذا لم يسم([5]).
3 ـ إمساكه بيد الجارية والأعرابي حين جاءا ليأكلا قبل أن يسميا، وأخبر أن الشيطان دفعهما، وأن يد الشيطان مع يديهما بيد النبي صلّى الله عليه وسلّم ليأكل من الطعام(
[6]).
ولكنه لو نسي فإنه يسمي إذا ذكر، ويقول: بسم الله أوله وآخره(
[7]).
كذلك أيضاً مما ورد عند الفطر وغيره الحمد عند الانتهاء، فإن الله يرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها(
[8]).
وأما ما ورد قوله عند الفطور، فمنه قول: «اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم»(
[9]) ووردت آثار أخرى والجميع في أسانيدها ما فيها، لكن إذا قالها الإنسان فلا بأس.
ومنها إذا كان اليوم حاراً وشرب بعد الفطور، فإنه يقول: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله»(
[10]) وذهاب الظمأ بالشرب واضح، وابتلال العروق بذلك واضح، فالإنسان إذا شرب وهو عطشان يحس بأن الماء من حين وصوله إلى المعدة يتفرق في البدن، ويحس به إحساساً ظاهراً، فيقول بقلبه: سبحان الله الحكيم العليم الذي فرقه بهذه السرعة، وظاهر الحديث أن هذا الذكر فيما إذا كان الصائم ظمآن والعروق يابسة.
القضــــــــاء
حكمُ تتابع القضاء:

يُستحب التتابع في القضاء، لكان أحسن، أي: لا يفطر بين أيام الصيام، وذلك لثلاثة أوجه:
أولاً: أن هذا أقرب إلى
مشابهة الأداء، لأن الأداء متتابع.
ثانياً: أنه أسرع في إبراء الذمة، فإنك إذا صمت يوماً وأفطرت يوماً تأخر القضاء، فإذا تابعت صار ذلك أسرع في إبراء الذمة.
ثالثاً: أنه أحوط؛ لأن الإنسان لا يدري ما يحدث له، قد يكون اليوم صحيحاً وغداً مريضاً، وقد يكون اليوم حياً وغداً ميتاً، فلهذا كان الأفضل أن يكون القضاء متتابعاً.
وينبغي أيضاً أن يبادر به بعد يوم العيد فيشرع فيه أي: في اليوم الثاني من شوال؛ لأن هذا أسرع في إبراء الذمة وأحوط.
حكم تأخير القضاء:
لو أخره إلى رمضان آخر لعذر فإنه جائز، مثل أن يكون مسافراً فيستمر به السفر أو مريضاً فيستمر به المرض، أو تكون امرأة حاملاً ويستمر بها الحمل، أو مرضعاً تحتاج إلى الإفطار كل السنة؛ لأنه إذا جاز أن يفطر بهذه الأعذار في رمضان وهو أداء، فجواز الإفطار في أيام القضاء من باب أولى.
هل يجوز أن يصوم قبل القضاء، و
هل يصح لو صام؟
والجواب إن كان الصوم واجباً كالفدية والكفارة فلا بأس، وإن كان تطوعاً، فالمذهب(
[11]) لا يصح التطوع قبل القضاء، ويأثم.
وعللوا أن النافلة لا تؤدى قبل الفريضة.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك ما لم يضق الوقت، وقال: ما دام الوقت موسعاً فإنه يجوز أن يتنفل، كما لو تنفل قبل أن يصلي الفريضة مع سعة الوقت، فمثلاً الظهر يدخل وقتها من الزوال وينتهي إذا صار كل ظل شيء مثله، فله أن يؤخرها إلى آخر الوقت، وفي هذه المدة يجوز له أن يتنفل؛ لأن
الوقت موسع.
وهذا القول أظهر وأقرب إلى الصواب، يعني أن صومه صحيح، ولا يأثم؛ لأن القياس فيه ظاهر.
ولكن هل هذا أولى أو الأولى أن يبدأ بالقضاء؟
الجواب: الأولى أن يبدأ بالقضاء، حتى لو مر عليه عشر ذي الحجة أو يوم عرفة، فإننا نقول: صم القضاء في هذه الأيام وربما تدرك أجر القضاء وأجر صيام هذه الأيام، وعلى فرض أنه لا يحصل أجر صيام هذه الأيام مع القضاء، فإن القضاء أفضل من تقديم النفل.
والجواب عن التعليل الذي ذكره الأصحاب أن نقول: الفريضة وقتها في هذه الحال موسع، فلم يفرض عليَّ أن أفعلها الآن حتى أقول إنني تركت الفرض، بل هذا فرض في الذمة وسع الله ـ تعالى ـ فيه، فإذا صمت النفل فلا حرج.
وهنا مسألة ينبغي التنبه لها:

وهي أن الأيام الستة من شوال لا تقدم على قضاء رمضان، فلو قدمت صارت نفلاً مطلقاً، ولم يحصل على ثوابها الذي قال عنه الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر»(
[12])؛ وذلك لأن لفظ الحديث «من صام رمضان» ومن كان عليه قضاء فإنه لا يصدق عليه أنه صام رمضان، وهذا واضح، وقد ظن بعض طلبة العلم أن الخلاف في صحة صوم التطوع قبل القضاء ينطبق على هذا، وليس كذلك، بل هذا لا ينطبق عليه؛ لأن الحديث فيه واضح؛ لأنه لا ستة إلا بعد قضاء رمضان.
والدليل على جواز تأخير القضاء قوله تعالى: {{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَ
ى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}} [البقرة: 185].
وأما الدليل على أنه لا يؤخر إلى ما بعد رمضان الثاني فما يلي:
1 ـ حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «كان يكون عليّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان» (
[13]) فقولها: «ما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان» دليل على أنه لا يؤخر إلى ما بعد رمضان، والاستطاعة هنا الاستطاعة الشرعية، أي: لا أستطيع شرعاً.
2 ـ أنه إذا أخره إلى بعد رمضان صار كمن أخر صلاة الفريضة إلى وقت الثانية من غير عذر، ولا يجوز أن تؤخر صلاة الفريضة إلى وقت الثانية إلا لعذر.
فإن قال قائل: قول عائشة ـ رضي الله عنها ـ «فما أستطيع أن أق
ضيه إلا في شعبان» دليل على وجوب الفورية في القضاء لمن استطاع.
فنقول: لو كان ذلك واجباً شرعاً لما مكَّنَها الرسول صلّى الله عليه وسلّم من تركه والاستطاعة هنا استطاعة شرعية؛ وذلك مراعاة للرسول صلّى الله عليه وسلّم، وحسن عشرته، وليست استطاعة بدنية.
حكمُ مَنْ أخَّرَ القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني بلا عذر:
لو أخَّرَ القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني بلا عذر كان آثماً، وعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم.
أما وجوب القضاء فلأنه دين في ذمته لم يقضه فلزمه قضاؤه.
وأما الإطعام فجبراً لما أخل به من تفويت الوقت المحدد فيطعم مع كل يوم يقضيه مسكيناً، فإذا قدرنا أن عليه ستة أيام فإنه يصومها ويطعم معها ستة مساكين، وقد روي في هذا حديث مرفوع عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه أمر بالإطعام مع القضاء فيمن أخر إلى ما بعد رمضان(
[14])، لكنه حديث ضعيف جداً لا تقوم به حجة، ولا تشغل به ذمة.

وروي أيضاً عن ابن عباس وأبي هريرة ـ رضي الله عنهم ـ أنه يلزمه الإطعام(
[15]) وما ذكر عنهما فإنه محمول على أن ذلك من باب التشديد عليه، لئلا يعود لمثل هذا الفعل، فيكون حكماً اجتهادياً، لكن ظاهر القرآن يدل على أنه لا يلزمه الإطعام مع القضاء؛ لأن الله لم يوجب إلا عدة من أيام أخر، ولم يوجب أكثر من ذلك، وقول الصحابي حجة ما لم يخالف النص، وهنا خالف ظاهر النص فلا يعتد به، وعليه فلا نلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به، إلا بدليل تبرأ به الذمة، على أن ما روي عن ابن عباس وأبي هريرة ـ رضي الله عنهم ـ يمكن أن يحمل على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب.
فالصحيح في هذه المسألة، أنه لا يلزمه أكثر من الصيام الذي فاته إلا أنه يأثم بالتأخير.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا أخره إلى ما بعد رمضان الثاني بلا عذر وجب عليه الإطعام فقط ولا يصح منه الصيام، بناءً على أنه عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم فيكون عمله باط
لاً مردوداً لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»([16])، كما لو صلى الصلاة بغير وقتها، فإنها لا تقبل منه إذا لم يكن هناك عذر يبيح تأخيرها، فتكون الأقوال ثلاثة وجوب القضاء فقط، ووجوب الإطعام فقط، والجمع، والراجح الأول.
مسألة: إذا مَرَّ رمضان على إنسان مريض ففيه تفصيل:
أولاً: إن كان يرجى زوال مرضه انتظر حتى يشفى لقوله تعالى: {{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}}، فلو استمر به المرض حتى مات فهذا لا شيء عليه؛ لأن الواجب عليه القضاء ولم يدركه.
مثاله: إنسان أصيب في رمضان بزكام في العشر الأواخر من رمضان مثلاً، والزكام مما يرجى زواله، وتضاعف به المرض حتى مات، فهذا ليس عليه قضاء؛ لأن الواجب عليه عدة من أيام أخر، ولم يتمكن من ذلك فصار كالذي مات قبل أن يدركه رمضان، فليس عليه شيء.
الثاني: أن يرجى زوال مرضه، ثم عوفي بعد هذا، ثم مات قبل أن يقضي فهذا يُطْعم عنه كل يوم مسكين بعد موته من تركته أو من متبرع.
الثالث: أن يكون المرض الذي أصابه لا يرجى زواله، فهذا عليه الإطعام ابتداءً، لا بدلاً؛ لأن من أفطر لعذر لا يرجى زواله، فالواجب عليه إطعام مسكين عن كل يوم، كالكبر ومرض السرطان وغير
ه من الأمراض التي لا يرجى زوالها.
ولو فرض أن الله عافاه، والله على كل شيء قدير، فلا يلزمه أن يصوم، لأنه يجب عليه الإطعام وقد أطعم، فبرئت ذمته وسقط عنه الصيام.

حكمُ من مات وعليه صوم نذر:


وإن مات وعليه صوم نذر استحب لوليه قضاؤه، ولا يجب، وإنما يستحب أن يقضيه لما يلي:
1 ـ قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من مات وعليه ص
يام صام عنه وليه»([17]) وهذا خبر بمعنى الأمر.
2 ـ أن امرأة أتت إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وسألته: «أن أمها ماتت وعليها صوم نذر فهل تصوم عنها؟ فقال لها النبي صلّى الله عليه وسلّم: نعم ـ يعني صومي عنها ـ وشبه ذلك بالدين تقضيه عن أمها، فإنه تبرأ ذمتها به فكذلك الصوم»(
[18]).
فلو قال قائل: إن قوله صلّى الله عليه وسلّم «صام عنه وليه» أمر فما الذي صرفه عن الوجوب؟
فالجواب: صرفه عن الوجوب قوله تعالى {{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}} [الأنعام: 164] ولو قلنا: بوجوب قضاء الصوم عن الميت لزم من عدم قضائه أن تحمل وازرة وزر أخرى، وهذا خلاف ما جاء به القرآن.
إذاً يستحب لوليه أن يقضيه فإن لم يفعل، قلنا: أطعم عن كل يوم مسكيناً قياساً على صوم الفريضة.
مسألة: إذا مات وعليه صوم فرض بأصل الشرع، فهل يُقضى عنه؟
الجواب: لا يقضى عنه؛ والعبادات لا قياس فيها، ثم لا يصح القياس هنا أيضاً؛ لأن الواجب بالنذر أخف من الواجب بأصل الشرع، فلا يقاس الأثقل على الأخف، فصار ما وجب بالنذر تدخله النيابة لخفته بخلاف الواجب بأصل الشرع، فإن الإنسان مطالب به من قبل الله ـ عزّ وجل ـ وهذا مطالب به من قبل نفسه فهو الذي ألزم نفسه به، فكان أهون ودخلته النيابة.
إذاً من مات وعليه صوم رمضان أو كفارة أو غيرها فلا يقضى عنه.
والقول الراجح أن من مات وعليه صيام فرض بأصل الشرع فإن وليه يقضيه عنه
، لا قياساً ولكن بالنص، وهو حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ «من مات وعليه صوم صام عنه وليه»([19]) «وصوم» نكرة غير مقيدة بصوم معين، وأيضاً كيف يقال: إن المراد به صوم النذر، وصوم النذر بالنسبة لصوم الفرض قليل، يعني ربما يموت الإنسان وما نذر صوم يوم واحد قط، لكن كونه يموت وعليه صيام رمضان هذا كثير، فكيف نرفع دلالة الحديث على ما هو غالب ونحملها على ما هو نادر؟! هذا تصرف غير صحيح في الأدلة، والأدلة إنما تحمل على الغالب الأكثر، والغالب الأكثر في الذين يموتون وعليهم صيام، أن يكون صيام رمضان أو كفارة أو ما أشبه ذلك، وهم يقولون حديث المرأة خصص حديث عائشة فيقال: إن ذكر فرد من أفراد العام بحكم يوافق العام، لا يكون تخصيصاً، بل يكون تطبيقاً مبيناً للعموم، وأن العموم في حديث عائشة «من مات وعليه صوم» شامل لكل صور الواجب، وهذا هو القول الصحيح وهو مذهب الشافعي وأهل الظاهر.
لكن من هو الذي إذا مات كان القضاء واجباً عليه؟
الجواب: هو الذي تمكن من القضاء فلم يفعل فإذا مات قلنا لوليه: صم عنه، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من مات وعليه صوم صام عنه وليه».

والولي هو الوارث، والدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر»(
[20]) فذكر الأولوية في الميراث، إذاً الولي هو الوارث.
وقيل: الولي هو القريب مطلقاً.
والأقرب أنه الوارث.
وحتى على القول بأنه القريب، فيقال: أقرب الناس وأحق الناس به هم ورثته، وعلى هذا فيصوم الوارث.
مسألة: هل يلزم إذا قلنا: بالقول الراجح إِنّ الصومَ يشمل الواجب بأصل الشرع والواجب بالنذر ـ أَنْ يقتصر ذلك على واحد من الورثة؛ لأن الصوم واجب على واحد.

الجواب: لا يلزم؛ لأن قوله صلّى الله عليه وسلّم: «صام عنه وليه» ،
مفرد مضاف فيعم كل ولي وارث، فلو قدر أن الرجل له خمسة عشر ابناً، وأراد كل واحد منهم أن يصوم يومين عن ثلاثين يوماً فيجزئ، ولو كانوا ثلاثين وارثاً وصاموا كلهم يوماً واحداً، فيجزئ لأنهم صاموا ثلاثين يوماً، ولا فرق بين أن يصوموها في يوم واحد أو إذا صام واحد صام الثاني اليوم الذي بعده، حتى يتموا ثلاثين يوماً.
أما في كفارة الظهار ونحوها فلا يمكن أن يقتسم الورثة الصوم لاشتراط التتابع؛ ولأن كل واحد منهم لم يصم شهرين متتابعين.
وقد يقول قائل: يمكن بأن يصوم واحد ثلاثة أيام، وإذا أفطر صام الثاني ثلاثة أيام وهلم جرّاً حتى تتم؟
فيجاب بأنه لا يصدق على واحد منهم أنه صام شهرين متتابعين، وعليه فنقول: إذا وجب على الميت صيام شهرين متتابعين، فإما أن ينتدب له واحد من الورثة ويصومها، وإما أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً.(
[21])


([1]) أخرجه البخاري في الصوم/ باب التنكيل لمن أكثر الوصال (1965)؛ ومسلم في الصيام/ باب النهي عن الوصال (1103) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
([2]) أخرجه ابن أبي شيبة (3/84).

([3]) سبق تخريجه
([4]) لحديث عمر بن أبي سلمة ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال له: «سَمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك» أخرجه البخاري في الأطعمة/ باب التسمية على الطعام والأكل باليمين (5376)؛ ومسلم في الأشربة/ باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما (2022).
([5]) أخرجه مسلم في الأشربة/ باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما (2017) عن حذيفة رضي الله عنه.
([6]) سبق تخريجه
([7]) أخرجه الإمام أحمد (6/246) وأبو داود في الأطعمة/ باب التسمية
على الطعام (3767) والترمذي في الأطعمة/ باب ما جاء في التسمية على الطعام (1858) وابن ماجه في الأطعمة/ باب التسمية عند الطعام (3264) عن عائشة رضي الله عنها وقال الترمذي: «حسن صحيح» وصححه الألباني في الإرواء (7/24).
([8]) أخرجه مسلم في الذكر والدعاء/ باب استحاب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب (2734) عن أنس رضي الله عنه.
([9]) أخرجه الدارقطني (2/185) وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (481) عن ابن عباس رضي الله عنهما، وضعفه ابن القيم في «الزاد» (2/51)؛ والهيثمي في «المجمع» (3/156). وضعفه الألبانى ف
ى ضعيف الجامع (1644)
([10]) حسن : الإرواء (920)
([11]) أى الحنبلى

([12]) أخرجه مسلم في الصيام/ باب استحباب صوم ستة أيام من شوال اتباعاً لرمضان (1164) عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
([13]) أخرجه البخاري في الصوم/ باب متى يقضى قضاء رمضان (1950)؛ ومسلم في الصيام/ باب جواز تأخير قضاء رمضان ما لم يجئ رمضان آخر (1146).
([14]) أخرجه الدارقطني (2/197)؛ والبيهقي (4/253) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وضعفاه.
([15]) أما أثر ابن عباس فأخرجه الدارقطني (2/197)؛ والبيهقي (4/253).
وقال النووي في «المجموع» (6/364): «إسناده صحيح».
وأما أثر أبي هريرة فأخرجه الدارقطني (2/197)؛ والبيهقي (4/253)، وضعفه الدراقطني.
([16]) سبق تخريجه
([17]) أخرجه البخاري في الصوم/ باب من مات وعليه صوم (1952)؛ ومسلم في الصيام/ باب قضاء الصوم عن الميت (1147) عن عائشة رضي الله عنها.
([18]) أخرجه البخاري في الصوم/ باب من مات وعليه صوم (1953) ومسلم في الصيام/ باب قضاء الصوم عن الميت عن ابن عباس رضي الله عنهما (1148) (155).
([19]) سبق تخريجه

([20]) أخرجه البخاري في الفرائض/ باب ميراث الولد من أبيه وأمه (6732)؛ ومسلم في الفرائض/ باب ألحقوا الفرائض بأهلها (1615) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
([21]) حكمُ من مات وعليه حجُ نذر:
من مات وعليه حج نذر فإن وليه يحج عنه.
والدليل على ذلك: أن امرأة سألت النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أن أمها نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: نعم»
وكذلك أيضاً حج الفريضة بأصل الإس
لام، والدليل على ذلك:
1 ـ حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سمع رجلاً يقول لبيك عن شبرمة قال: «من شبرمة؟» قال: أخ لي أو قريب لي، قال: «أحججت عن نفسك»؟ قال: لا، قال: «حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة» أخرجه أبو داود في المحصر/ باب النحر قبل الحلق في الحصر (1811)؛ وابن ماجه في المناسك/ باب الحج عن الميت (2903)؛ وابن خزيمة (3039)؛ وابن حبان (3988)؛ والدارقطني (2/267)؛ والبيهقي (4/336)؛ وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وانظر: «نصب الراية» (3/155)؛ و«التلخيص» (958)؛ و«الإرواء» (4/171).
2 ـ حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ «أن امرأة قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده بالحج، أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «نعم» أخرجه البخاري في الحج/ باب وجوب الحج وفضله... (1513) ومسلم في الحج/ باب الحج عن العاجز لزمانة وهرمٍ ونحوهما، أو للموت (1334).، فإذا جازت النيابة عن الحي لعدم قدرته على الحج، فعن الميت من باب أولى.
حكمُ من مات وعليه اعتكاف نذر:
مثاله: رجل نذر أن يعتكف ثلاثة أيام من أول شهر جمادى الآخرة، ولم يعتكف ومات، فيعتكف عنه وليه؛ لأن هذا الاعتكاف صار ديناً عليه، وإذا كان ديناً فإنه يقضى، كما يقضى دين ا
لآدمي.
حكمُ من مات وعليه صلاةُ نذر:
وإن مات وعليه صلاة نذر، مثاله رجل نذر أن يصلي لله ركعتين فمضى الوقت ولم يصلِّ، ثم مات فيستحب لوليه أن يصلي عنه؛ لأن هذا النذر صار ديناً في ذمته، والدين يقضى كدين الآمدي، وإن كانت فريضة بأصل الشرع لا تقضى؛ لأن ذلك لم يرد.
لو قال قائل: الأصل في العبادات أنه لا قياس فيها، فكيف قلتم: إن الاعتكاف والصلاة المنذورين يفعلان عن الناذر؟
فنقول: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قاس العبادات على الأمور العاديات، فقال: «أرأيت لو كان على أمك دين...» ، وهذا الاعتكاف المنذور ـ مثلاً ـ صار ديناً على الناذر، فهو إلى الحج المنذور أقرب من الدين.
وعلى هذا:
ـ فالحج يقضى عن الميت فرضاً كان، أو نذراً قولاً واحداً.
ـ والصوم يقضى إن كان نذراً، وإن كان فرضاً بأصل الشرع ففيه خلاف والراجح قضاؤه، فإن لم يقض الولي فإن خلف الميت تركة وجب أن يطعم عنه في الصيام لكل يوم مسكيناً.
ـ والصلاة لا تقضى قولاً واحداً، إذا كانت واجبة بأصل الشرع، وإن كانت واجبة بالنذر فإنها تقضى على المذهب.
والاعتكاف لا يمكن أن يكون واجباً بأصل الشرع، وإنما يجب بالنذر فيعتكف عنه وليه.
وقد استدل من قال بقضاء الصلاة والاعتكاف المنذورين: بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، فقال: اقضوا الله» ,فجعل النبي صلّى الله عليه وسلّم النذر ديناً؛ وإذا كان النذر ديناً وقد قاس النبي صلّى الله عليه وسلّم دين الله على دين الآدمي، فنقول: لا فرق بين دين الصلاة ودين الصيام.
وقال بعض العلماء: إن الصلاة والاعتكاف المنذورين لا يقضيان؛ لأنهما عبادتان بدنيتان لا يجبان بأصل الشرع.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.88%)]