عرض مشاركة واحدة
  #175  
قديم 14-01-2022, 04:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,947
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟*

رامي حنفي محمود




الربع الثاني من سورة يس


الآية 33، والآية 34، والآية 35: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا يعني: وعلامةٌ لهؤلاء المشركين على قدرة الله على البعث: أننا أحيَيْنا هذه الأرض اليابسة (التي لا نباتَ فيها)، فأحيَيْناها بإنزال الماء، ﴿وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا أي أخرَجنا منها حبوبًا كثيرة، مِن مختلف أنواع النباتات (كالقمح وغيره) ﴿فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ، (ومَن أحيا الأرض بالنبات، أحيا الخلْق بَعد المَمات)، ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا أي: في هذه الأرض المَيِّتة ﴿جَنَّاتٍ أي: بساتينَ ﴿مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ (ولَعَلَّ الله تعالى خَصَّ العنب والتمر من بين باقي الفواكه لمَكانتهما عند العرب وكثرة فوائدهما)، ﴿وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ أي: فجَّرنا في الأرض المَيِّتة عيونًا من المياه لتَسقيها، كُلُّ ذلك ﴿لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ أي: الثمر الناتج من هذا النبات، ﴿وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أي: لم تَخلقه أيديهم، بل يد الله هي التي خَلَقتْه لهم رحمةً بهم؛ ﴿أَفَلَا يَشْكُرُونَ؛ يعني: ألَا يشكرونَ ربهم على هذهالنعم، فيُوَحِّدوه ويطيعوه؟

الآية 36: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ أي: خَلَقَ جميع أصناف الفواكه والخُضَر من نبات الأرض، ﴿وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ أي: خَلَقَ لهم من أنفسهم ذكورًا وإناثًا ﴿وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ مِن مخلوقات الله الأخرى، التي لا يعلمون عنها شيئًا، (فكما انفرَد سبحانهبالخلْق، فكذلك يجب أن يُعبَدَ وحده)، وسبحان الذي خَلَقَ جميع المخلوقات مِن ذَكَرٍ وأنثى، وهو سبحانه الواحد الأحد الذي لا زوجَ له، فلا يحتاج إلى زوجةٍ أو ولد، لعدم حاجته لشيءٍ مما يحتاجه البشَر، ولغِناه التامِّ عن جميع خلْقه.

الآية 37: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ - على توحيد الله وكمال قدرته -: ﴿اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ أي: نَنْزع منه النهار ﴿فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ أي: يُظلِم عليهم سواد الليل (ولا يَقدر على فِعل ذلك أحدٌ إلا الله سبحانه وتعالى).

الآية 38: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا يعني: وآيةٌ لهم على قدرة الله تعالى: الشمسُ تجري في فَلَكها إلى مكانٍ تستقرُّ فيه بَعد غروبها لا تتجاوزه، حيثُ إنها تسجد كل يوم تحت العرش لتستأذن ربها في الشروق، فقد ثبت في الصحيحين - البخاري ومُسلم - أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سأل "أبا ذر" حين غربتْ الشمس: ((أتدري أين تذهب؟))، فقال: (اللهُ ورسوله أعلم)، فقال: ((فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذَن لها، ويُوشِك أن تستأذن فلا يُقبَل منها، وتَستأذن فلا يؤذَن لها، يُقال لها ارجعي مِن حيثُ جئتِ، فتطلع في مَغربها، فذلك قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾)). (واعلَم أنَّ كونها تسجد تحت العرش لا غَرابةَ فيه، إذ الكون كله تحت العرش).

﴿ذَلِكَ أي: دوران الشمس في مَدارها إلى يوم القيامة هو ﴿تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الذي لا يَمنعه شيئٌ مما أراده في مُلكه، ﴿الْعَلِيمِ بكل خلْقه.

الآية 39: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ أي: جَعَلنا القمرَ آيةً في خلْقه، إذ جعلنا له منازل يسير فيها كل ليلة، (والمقصود بالمنازل هنا: المواقع التي يَظهر فيها القمر في كل ليلة مِنالشهر، وهي ثمانية وعشرون مَنزلة، يَنتقل فيها القمر مِن هلال إلى بدر) ﴿حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ أي: ثم يعُود في آخر الشهر ضئيلًا منحنيًا (مِثل عِذْق النخلة الذي يَحمل التمر في فروعه)، وهو العود الأصفر اليابس المنحني، الذي يُستخدَم بعد ذلك في "الكَنس" والتنظيف.

الآية 40: ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ يعني: لايمكن للشمس أن تَلحق القمر فتمحو نوره أو تُغيِّر مَجراه، ﴿وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ يعني: ولا يمكن للَّيل أنيَسبق النهار، فيَدخل عليه قبل انتهاء وقته، (فهما لا يختلطان أبدًا إلا بدخول جزء مِن أحدهما في الآخر، وهو معنى قوله تعالى: ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾ [الحج: 61]، ﴿وَكُلٌّ مِن الشمس والقمر والكواكب ﴿فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ أي: يَجْرون فيمدارهم الخاصِّ بهم إلى نهاية الحياة، فلِذا لا يَصطدم بعضُها ببعض، وإلَّا لَفَسَدَ الكون وتَدمَّر، فسبحانَ اللهِ العظيم الحكيم المُهَيمِن على كَوْنه.

من الآية 41 إلى الآية 44: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ على إنجاء اللهِ للمُوَحِّدين وإهلاكه للمشركين: ﴿أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ أي: حَمَلنا ذرية قوم نوح المؤمنين، فأنجيناهم في السفينة المملوءة بأنواع المخلوقات، ﴿وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ أي: خلقنا لهم سُفُنًا مِثل فُلك نوح - وهي السفينة - وغيرها مِن المراكبالتي يَركبونها لتُبّلِّغهم أوطانهم، ويستخدمونها في تجاراتهم ونقل بضائعهم.

♦ واعلم أن قوله تعالى: ﴿وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ فيه إشارة إلى تنوُّع السفن التي عَلَّمَ اللهُ الإنسانَ كيفية صُنعها (كالغوَّاصات وغيرها).

♦ ثم أخبَرَهم سبحانه أنه قادرٌ على إهلاكهم بهذه النعمة التي سَخَّرها لهم إذا عصَوا المُنعِمَ وعبَدوا غيرَه، فقال: ﴿وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ وهُم في البحر ﴿فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ أي: لا يجدون مَن يُغيثُ صراخهم عند غرقهم، ﴿وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ أي: لا يستطيعون أن ينجُوا بأنفسهم من الغرق﴿إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ يعني: إلا أن نرحمهم فنُنجِّيهم ونُمتِّعهم إلى أَجَلٍ مُعَيَّن نشاؤه لهم؛ لَعَلَّهم يَرجعونَ ويَتداركونَ ما فرَّطوافيه في حق ربهم.

الآية 45، والآية 46: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ أي: لهؤلاء المشركين: ﴿اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ أي: احذروا الدنيا وعقابها، واحذروا الآخرة وأهوالها (وذلك بالإيمان والاستقامة على الحق) ﴿ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أي: ليرحمكم الله تعالى، فإذا قيل لهم ذلك، أعرَضواعن الاستجابة كأنهم لم يَسمعوا، ﴿وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ تَهديهم للحق، وتُبيِّنلهم صِدْق الرسول: ﴿إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ أي: أعرَضوا عنها، ولم ينتفعوا بها.


الآية 47: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾؛ يعني: إذا قال فقراءُ المؤمنين في مكة للأغنياء الكافرين: ﴿أَنْفِقُوا علينا ﴿مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ﴾، (ولَعَلَّ المقصود هنا: الرزق الذي زَعَمَ كفار مكة أنهم جعلوه لله، وهو المذكور في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ﴾ [الأنعام: 136]، فحينئذٍ ﴿قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا - استهزاءً بهم - ﴿أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ؟ ﴿إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ؛ يعني: ما أنتم يا أتْباع محمد إلا في ضلالٍ ظاهر، لأنكم تَطلبون منا ذلك، (ولم يَعلم هؤلاء الجهَلة أن الله تعالى قد ابتلى قومًا بالفقر وابتلى قومًا بالغنى، وأنه أمَرَ الفقراء بالصبر، وأمَرَ الأغنياء بالعَطَاء).

الآية 48، والآية 49، والآية 50: ﴿وَيَقُولُونَ للمؤمنين: ﴿مَتَى هَذَا الْوَعْدُ؛ يعني: متى يكون هذا البعث الذي تَعِدوننا به ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ؟ فرَدَّ اللهُ عليهم بقوله: ﴿مَا يَنْظُرُونَ أي: ما يَنتظر المُكَذِّبونَ بالبعث ﴿إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً (وهي نفخة الفَزَععند قيام الساعة، والتي يموتونَ فيها جميعًا)، إذ ﴿تَأْخُذُهُمْ فجأة ﴿وَهُمْ يَخِصِّمُونَ أي: يَختصمون ويتجادلون في شؤون حياتهم (كالبيع والشراء والأكل والشرب وغير ذلك) ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً أي: لا يستطيعون أن يوصوا أحدًا بشيء (كما يَفعل المحتضر)، ﴿وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ أي: لا يستطيعون الرجوع إلى أهلهم ليَطمئنوا عليهم، بل يموتون في أسواقهم وأماكنهم، (وهذا كناية عن شدَّة السرعة بين الصيحة وهَلاكهم).

الآية 51، والآية 52: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ أي: نُفِخ في "البوق" النفخةُ الثانية، لترجع أرواحهم إلى أجسادهم ﴿فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ أي:يَخرجونَ مِن قبورهم مُسرعينَ إلى ربِّهم، فـ ﴿قَالُوا حينئذٍ - نادمين -: ﴿يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا يعني: مَن أخرَجَنا مِن قبورنا؟، فيُقاللهم: ﴿هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ﴿وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ فيما أخبروا به.

الآية 53، والآية 54: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً؛ يعني: ما كان البعث مِن القبور إلا نتيجة نفخة واحدة ﴿فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ أي: جميعُ الخلْق: ﴿لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ أي: ماثِلونَ أمامنا للحساب والجزاء، ﴿فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾؛ (لأن الحساب يتمُّ بالعدل) ﴿وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.


[*] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرةمن (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السَّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسَر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرُّف)، عِلمًا بأنَّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذيليس تحته خط فهو تفسير الآية الكريمة.
واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحديًا لقومٍيَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبُّون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذاالأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمَّن أكثرَ مِن مَعنى: (مَعنىواضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحيانًا نوضح بعض الكلماتالتي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 27.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.38 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.33%)]