عرض مشاركة واحدة
  #109  
قديم 01-11-2022, 09:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,159
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد



المحرر في أسباب نزول القرآن
المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الثانى

سورة المؤمنون

من صــ 704 الى صـ 712
الحلقة (109)



121 - قال الله تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير (39)
* سبب النزول:

أخرج أحمد والترمذي والنسائي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما أخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة، قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون، ليهلكن. فنزلت: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) قال: فعرف أنه سيكون قتال. قال ابن عباس: هي أول آية نزلت في القتال.
* دراسة السبب:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد أورد الطبري وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير هذا الحديث عند تفسيرها ومعه غيره من الأقوال.
وقال البغوي: (قال المفسرون: كان مشركو أهل مكة يؤذون أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يزالون محزونين من بين مضروب ومشجوج، ويشكون ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول لهم: اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية) اهـ.
وقال السعدي: (كان المسلمون في أول الإسلام ممنوعين من قتال الكفار، ومأمورين بالصبر عليهم، لحكمة إلهية، فلما هاجروا إلى المدينة وأوذوا وحصل لهم منعة وقوة أذن لهم بالقتال كما قال تعالى: (أذن للذين يقاتلون) يفهم منه أنهم كانوا قبل ممنوعين فأذن الله لهم بقتال الذين يقاتلونهم) اهـ.
وقال ابن عاشور: (وذلك أن المشركين كانوا يؤذون المؤمنين بمكة أذى شديدا فذكر كلاما حتى قال: فلما هاجر نزلت هذه الآية بعد بيعة العقبة إذنا لهم بالتهيؤ للدفاع عن أنفسهم ولم يكن قتال قبل ذلك كما يؤذن به قوله تعالى عقب هذا: (الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق) اهـ.
وبما تقدم من أقوال العلماء لم يتبين لي أن الحديث سبب لنزول الآية الكريمة، حتى من الذين ذكروا الحديث.
وإنما مرادهم أن الآية نزلت بالإذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بقتال من ظلمهم، بصدهم عن دينهم، وإخراجهم من ديارهم.
ولو نظرنا إلى الصلة بين الحديث وسياق الآية لما وجدنا بينهما ارتباطأ؛ لأن قول أبي بكر: أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن، ليس بينه وبين سياق الآية أدنى اشتراك.
وإذا أضفت إلى هذا وذاك أن الحديث مرسل كان هذا مما يضعف دلالة الحديث على السببية.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور ليس سببا لنزول الآية لعدم وجود الدليل على ذلك من سياق الآية أو من سند الحديث، أو من أقوال المفسرين والله أعلم.
* * * * *
سورة المؤمنون
122 - قال الله تعالى: (ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون (76)
* سبب النزول:

أخرج النسائي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاء أبو سفيان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد أنشدك الله والرحم، فقد أكلنا العلهز - يعني الوبر والدم - فأنزل الله - عز وجل -: (ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون).
* دراسة السبب:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآية الكريمة. وقد أورد هذا الحديث الطبري وابن كثير.
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره: ولقد أخذنا هؤلاء المشركين بعذابنا، وأنزلنا بهم بأسنا وشخطنا وضيقنا عليهم معايشهم، وأجدبنا بلادهم، وقتلنا سراتهم بالسيف (فما استكانوا لربهم) يقول: فما خضعوا لربهم فينقادوا لأمره ونهيه وينيبوا إلى طاعته (وما يتضرعون) يقول: وما يتذللون له.
وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أخذ الله قريشا بسني الجدب إذ دعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) اهـ.
وذكر البغوي وابن عطية والقرطبي الحديث بلفظ مقارب.
قال البغوي: (وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا على قريش أن يجعل عليهم سنين كسني يوسف فأصابهم القحط فجاء أبو سفيان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: أنشدك الله والرحم، ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟
فقال: بلى، فقال: قد قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع، فادع الله أن يكشف عنا هذا القحط، فدعا فكشف عنهم فأنزل الله هذه الآية (فما استكانوا لربهم) أي: ما خضعوا وما ذلوا لربهم (وما يتضرعون) أي لم يتضرعوا إلى ربهم بل مضوا على تمردهم) اهـ.
وقال ابن عطية: (هذا إخبار من الله تعالى عن استكبارهم وطغيانهم بعد ما نالهم من الجوع هذا قول روي عن ابن عباس وابن جريج أن العذاب هو الجوع والجدب المشهور نزوله بهم حتى أكلوا الجلود وما جرى مجراها) اهـ.
وقال السعدي: (قال المفسرون: المراد بذلك الجوع الذي أصابهم سبع سنين وأن الله ابتلاهم بذلك ليرجعوا إليه بالذل والاستسلام، فلم ينجع فيهم ولا نجح منهم أحد، فما خضعوا وذلوا بل مر عليهم ذلك ثم زال كأنه لم يصبهم لم يزالوا في غيهم وكفرهم) اهـ بتصرف يسير.
وقال الشنقيطي: (ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه أخذ الكفار بالعذاب والظاهر أنه هنا العذاب الدنيوي كالجوع والقحط والمصائب والأمراض والشدائد فما خضعوا له ولا ذلوا (وما يتضرعون) أي ما يبتهلون إليه بالدعاء متضرعين له، ليكشف عنهم ذلك العذاب لشدة قسوة قلوبهم وبعدهم من الاتعاظ، ولو كانوا متصفين بما يستوجب ذلك من إصابة عذاب الله لهم) اهـ.
والظاهر - والله أعلم - أن الآية لم تنزل بسبب قول أبي سفيان، بل نزلت تتحدث عن حال المشركين، مع دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكذيبهم بها وإصرارهم على ذلك حتى وإن أصابتهم الضراء كما قال تعالى: (ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون).
ولعل مما يؤيد أن الحديث ليس سببا للنزول أن قول أبي سفيان للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أنشدك الله والرحم فقد أكلنا العلهز، لا يشكل حدثا أو علة للنزول، وإن كان قوله يوافق قول الله: (ولقد أخذناهم بالعذاب).
غاية ما فيه إن صح أن الآية نزلت بعد قوله، أن يكون هذا من باب التصديق لشكواه كما يأتي في بعض الأحاديث فأنزل الله تصديق ذلك.
ومما يدل على انتفاء السببية ما روى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قال: سمع الله لمن حمده، في الركعة الآخرة من صلاة العشاء قنت: (اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف).
وجه الدلالة من الحديث: أن الدعاء كان بالمدينة بدليل دعائه بنجاة المستضعفين من المؤمنين الذين كانوا في مكة.
وفي الحديث أنه قال: (اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف) وهذا الدعاء هو سبب العقوبة.
وسورة المؤمنون مكية بالاتفاق.
وإذا كان الأمر كذلك فكيف تنزل الآية في شأن القحط في مكة؟ مع أن سبب القحط وهو الدعاء كان بالمدينة.
* النتيجة:
أن الحديث المذكور ليس سببب نزول الآية؛ لأن الآية نزلت قبل القحط بزمن بل قبل الهجرة، كما أن ما أصابهم لا يشكل حدثا أو علة للنزول، وإنما الآية تتحدث عن الكافرين وحالهم مع سنن الله فيهم والله أعلم.
* * * * *

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.81 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.72%)]