الموضوع: الله يراك
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-04-2021, 06:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي الله يراك

الله يراك











عصام محمد فهيم جمعة




قال تعالى: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [الأنعام: 59].







قال العلماء: إذا كانت الأوراق الساقطة يعلمها، فكيف بالأوراق النامية التي يُنبِتُها ويخلُقُها؟! فهو بها أعلم، وهذا معنى قوله سبحانه: ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ﴾ [الأنعام: 59]؛ أي: عنده علم جميع المعلومات، ما غاب عنا وما لم يغب، أما قوله: ﴿ وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ ﴾ فكلمة ﴿ حَبَّةٍ ﴾ جاءت نكرةً في سياق النفي المؤكد؛ إذ يشمل كلَّ ورقة صغيرة كانت أو كبيرة.







وشهر رمضان ينمِّي في المسلم ملَكةَ المراقبة لله، يتوضأ الصائم، ويحرص أثناء المضمضة على ألا يتسلل إلى حلقه قطرةُ ماء، مع أنه لا يطَّلع عليه أحد، فأيُّ تهذيب هذا الذي أحدَثَه الصوم في النفوس؟! وأي تدريب عمليٍّ على استشعار المراقبة في كل الأوقات وعلى جميع الأحوال؟! وهذا الخلُقُ لا تصل إليه إلا من خلال تدريب في أحوال مختلفة، وأوقات شتَّى.







والصيام نفسُه ينمِّي هذا الخلُقَ، فكل العبادات تؤدَّى بمشهَدٍ من الخلْقِ إلا الصيام؛ فإنه سرٌّ بين العبد وربه.







والمراقبة من أفضل الطاعات والقُرُبات إلى الله، وهذا ما قاله (عطاء) رحمه الله لما سئل عن أفضل الطاعات، قال: مراقبة الحق على دوام الأوقات. وسئل (الحارث المحاسبي) عن المراقبة فقال: "علم القلب، بقُرب الرب تعالى".







وقال العلماء: إن المراقبة داخلة في كل شيء؛ فالعبد في حالات ثلاث مع الله عز وجل: إما في طاعة، وإما في معصية، وإما في مباح:



1) فمراقبته في الطاعة بالإخلاص قبل الشروع في العمل.. ما الدافع للعمل؟ الهوى والشيطان؟ أم النفس؟ أم رضا الله سبحانه؟







2) وإن كان في معصية، فمراقبته بالتوبة والندم، والإقلاع والحياء، والعزم على عدم العودة إلى الذنب.







3) وإن كان في مباح، فمراقبته بمراعاة الآداب الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.







يقول سبحانه: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]. قال ابن عباس: الصغيرة: التبسُّم، والكبيرة: الضحك، وقال مجاهد: "اشتكى القوم الإحصاء، وما اشتكى أحد ظلمًا، فإياكم ومحقِّرات الذنوب؛ فإنها تجتمع على صاحبها حتى تُهلِكَه"، فهل تستحي من الله حقَّ الحياء الذي يعلم السرَّ وأخفى؟! ورحم الله القائل:






يا مَن يَرى مَدَّ البعوضِ جَناحَها

في ظُلمةِ الليلِ البهيمِ الأَلْيَلِ


ويَرى نِياطَ عُروقِها في مُخِّها

والمخَّ في تلك العِظامِ النُّحَّلِ


اغفِرْ لعبدٍ تابَ مِن زلَّاتِهِ

ما كان منه في الزمانِ الأولِ












يدخل أحد الأدباء مجلسَ إمام أهل السُّنة أحمد بن حنبل، فقال له الإمام: أَسْمِعْني بعض الأبيات، فقال:






إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فلا تقُلْ

خلَوتُ ولكنْ قلْ عليَّ رقيبُ


ولا تحسبَنَّ اللهَ يغفُلُ ساعةً ولا

أن ما تُخفى عليه يغيبُ










فترَكَ الإمام كتبه ومحبرته وقلمه، وقام، وأغلق غرفته، وأخذ يبكي وهو يردد خلف الجدار هذا البيت:



إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فلا تقُلْ *** خلَوتُ ولكنْ قلْ عليَّ رقيبُ







وحُكي أن رجلًا راوَدَ فتاة عن نفسها، فقالت له: ألا تستحي؟ فقال: ممن ولا يرانا إلا الكوكبُ؟! فقالت: فأين مكوكبُها؟ فتاب وأناب.







وحكي أن (زليخا) لما خلَتْ بيوسف عليه السلام قامت فغطَّتْ وجه صنم كان لها، فقال لها: أتستحين من مراقبة جماد، ولا تستحين من مراقبة الملِك؟!







حين تحاسِب نفسك وتراقب ربَّك، حين تراجع كل عمل، كل كلمة، كل خاطرة، كل حركة.. حينئذٍ سوف يستقيم الأمر كلُّه.. أمر الحاكم والمحكوم.. الفرد والمجتمع.. الرجل والمرأة.







كيف يَظلِم الحاكمُ وهو يراقب الله كأنه يراه؟! كيف يظلم وهو يعلم قول الله تعالى ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ [الشعراء: 227]، وهو يعلم الحديث: ((إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي))، وهو يعلم أنه مأمور بأن يعدل بين الناس ﴿ وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [النساء: 58]؟!







وكذلك المحكوم حين يعبُد الله كأنه يراه، يؤدِّي عمله بإخلاص وأمانة واجتهاد، بلا خداع ولا رشوة ولا كسل.







حين كان المسلمون الأوائل يعبدون ربَّهم كأنهم يرَوْنه، كانت تلك الأُمَّةُ العجيبة الفريدة في التاريخ.







كان الحاكم يقول: "إن أحسنتُ فأَعينوني وإن أسأتُ فقوِّموني"، كان يقول: "لو أن بغلة عثَرتْ في العراق كنتُ مسؤولًا عنها أمام الله".







كان التاجر الصدوق الذي يراقب الله، فلا احتكار ولا غلاء ولا غشَّ في بيع؛ بل كان يُظهِر العيب الموجود في السلعة، ويربح القليل بنفسٍ راضية، وقلب منيب.







كان الشباب يتربَّى على الحياء والفضيلة، فلا يُخادِنُ امرأة، أو يسرق عِرض فتاة.







وكانت المرأة لا تخرج إلا لضرورة، غير متبرجة في زينة، ولا متعطرة في ثياب.. كان مجتمع الطُّهر والعفاف.







كان الزوج يعاشر زوجته بالمعروف، ويعرف لها حقوقها، ويتقي الله فيها؛ لأنه يراقب الله سبحانه.







كذلك الزوجة تصبر على زوجها عند ضِيقِ ذات اليد؛ بل تسأل الحلال وإنْ قلَّ، وتأبى الحرام وإن كثُر.







كانت المرأة الصالحة تقول لزوجها عند الخروج للرزق: "اتقِ الله ولا تُطعِمْنا حرامًا"؛ كل ذلك لأنها تراقب الله.







واجب عملي:



حاسِبْ نفسك كلَّ ليلة قبل أن تنام، واستشعر مراقبة الملِك العلَّام.







التجويد:



القلقلة:




القلقلة: هي اضطراب يطرأ على الحرف الساكن، فيخلُّ بمبناه؛ وذلك ليظهر من سكونه، أو هي ذبذبة الحرف الساكن.







حروفها: خمسة، مجموعة في قولك: (قطب جد).



شرطها: السكون عند القلقلة، سواء سكونًا أصليًّا أو عارضًا.







♦ درجات القلقلة: لها ثلاث درجات:



1) القلقلة الصغرى: وتكون في حرف القلقلة الساكن سكونًا أصليًّا وسط الكلمة، مثل قوله: (أتقْتلون - أفتطْمعون - يدْعون).







2) القلقلة الوسطى: وتكون في حرف القلقلة الذي يقع آخر الكلمة عند الوقف؛ ليظهر من سكونه، مثل: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1] عند الوقف (أحد).







3) القلقلة الكبرى: وتكون في حروف القلقلة المشدَّدة التي تقع في آخر الكلمة؛ مثل: ﴿ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ﴾ [يونس: 35]، ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴾ [المسد: 1].







تنبيه: القلقلة تميل إلى الفتح عند النطق بها، وقد تتأثر بالحركة التي تسبقها إلى حدٍّ ما (الفتح أو الضم).







علوم القرآن:



نزول القرآن:




1- نزل القرآن جملةً إلى بيت العزَّة من السماء الدنيا؛ تعظيمًا لشأنه عند الملائكة، ثم نزل بعد ذلك منجَّمًا على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة، وهذا هو أصحُّ الأقوال وأشهرها.







فقد أخرج الحاكم عن ابن عباس قال: "فُصِل القرآن من الذِّكر، فوُضِع في بيت العزة في السماء الدنيا، فجعل جبريلُ عليه السلام ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم ويرتله ترتيلًا".







2- أنه نزل إلى السماء الدنيا في عشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين ليلة قدر، في كل ليلة ما يقدر الله إنزاله في كل السَّنة، ثم نزل بعد ذلك منجمًا في جميع السنة. هذا قولٌ ذكَرَه الفخر الرازي رحمه الله، مع قول آخر: "أن الله تعالى أنزل كلَّ القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنزل إلى محمد منجَّمًا إلى آخر عمره" [تفسير الفخر الرازي، المجلد الثالث].







3- أن القرآن قد ابتُدئ إنزاله في ليلة القدر، ثم بعد ذلك نزل منجَّمًا في أوقات مختلفة، حكاه السيوطي رحمه الله في الإتقان، ثم قال: "وبه قال الشعبي" [الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي]، وهذا القول يفيد أنه ليس للقرآن إلا نزول واحد، وهو خلاف ما اتفق عليه العلماء، وقامت عليه الأدلة.







قال ابن حجر رحمه الله: "وما تقدَّم من أنه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم أُنزِل بعد ذلك مفرَّقًا، هو الصحيح المعتمد" [فتح الباري بشرح صحيح البخاري 10/3].







كيف تحفظ القرآن؟



الفهم طريق الحفظ:




من أعظم ما يعين على الحفظ فهمُ الآيات المحفوظة، ومعرفة وجه ارتباط بعضها ببعض؛ ولذلك يجب على الحافظ أن يقرأ تفسيرًا للآيات التي يريد حفظها، وأن يكون حاضر الذهن عند القراءة؛ وذلك ليسهُل عليه استذكارُ الآيات، ومع ذلك فيجب أيضًا عدم الاعتماد في الحفظ على الفهم وحده للآيات؛ بل يجب أن يكون الترديد للآيات هو الأساس؛ وذلك حتى ينطلق اللسان بالقراءة وإن تشتت الذهن أحيانًا عن المعنى، وأما من اعتمد على الفهم وحده فإنه ينسى كثيرًا، وينقطع في القراءة بمجرد شتات ذهنه، وهذا يحدُثُ كثيرًا، وخاصة عند القراءة الطويلة.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.13%)]