عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 29-07-2021, 03:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,970
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرثاء في شعر باشراحيل



وهذه الضغينة التي غُرِزَت في كَبِد الأُمَّة الإسلامية، تَوالَت أصداؤها عَبْرَ الزمان على مرِّ العصور، وفي أماكن مُتعدِّدة في بلاد الإسلام، فهذه "جنين" في فلسطين السليبة تعاني، والمسلمون في سُبات عميق، وفي قصيدة "جنين يا جنين" يقول باشراحيل:

سُحِقْتِ والرُّؤَى تَرَاك

لَكِنَّ لاَ يَدَ تُعِينْ

وَبَيْنَ غَمْضَةِ الرَّدَى

لاَ زِلْتِ تَبْسُمِينْ

إلى أن يقول:

الْفَقْدُ وَالْحَنِينْ

وَقِبْلَةٌ تُهَانُ دُونَ رَادِعٍ وَدِينْ

وَكُلُّنَا نَخَافُ، كُلُّنَا بِمَالِهِ وَعُمْرِهِ ضَنِينْ



فإذا وضعنا هذه الأبيات بجوار أبيات قصيدة "حمزة" التي يقول فيها:



تَاللَّهِ مَا خَشِيَ الْخُطُو

بَ إِذَا ادْلَهَمَّتْ لَمْ تَهُزَّهْ




قَلْبُ الْبَسَالَةِ وَالنَّدَى

بَطَلٌ يَخَافُ الْكُفْرُ لَمْزَهْ







وتداوُلنا مضمونَ القصيدتين معًا يُوضِّح لنا نظرةَ باشراحيل الفلسفية، عندما يتناول المحنَ التي تصيبُ المسلمين، ويُحاول أنْ يستفزَّ مشاعِرَهم بشتَّى الطرق، سواء كان ذلك بالترغيب أم بالترهيب.



وفي قصيدة (صوت الجزائر) من ديوان (وحشة الروح) يئنُّ باشراحيل من حال العرب والعروبة، ويقول عن هذه الأمة:



تَظَلُّ تَحْتَقِبُ الْآلاَمُ فِي وَهَنٍ

وَالْخَوْفَ وَالذُّلَّ وَالْأَوْهَامَ تَجْنِيهَا




هَذِي الْعُرُوبَةُ وَالْأَدْوَاءُ تَصْرَعُهَا

عَزَّ الشِّفَاءُ فَقُلْ لِي مَنْ يُدَاوِيهَا؟




يَا أَلْفَ مِلْيُونِ عَقْلٍ، كَمْ يُؤَرِّقُنَا

أَنَّ الْعُرُوبَةَ نَامَتْ عَنْ دَوَاهِيهَا







وهو بذلك يَرْثِي حالَ الأُمَّة العربية في أسلوبٍ غير مُباشر، ويُغلِّف الرِّثاءَ في أشكال متعدِّدة، كما فعل الشيء نفسه في قصيدة (مصر مبارك)، التي يقول فيها:



أَيْنَ السَّلاَمُ، تَبَدَّدَتْ أَحْلاَمُهُ؟

وَالْوَقْتُ أَظْلَمَ فِي عُيُونِ كَسِيحِ




وَشُعُوبُنَا تَقْتَاتُ مِنْ هَوْلِ الرَّدَى

وَغِلاَلُهَا نَهْبٌ لِظُلْمِ كَشِيحِ







وفي قصيدة (النخلة والوطن) يقول عن الوطن:



يُعْطِي الْعَطَايَا وَلَيْلُ الْغَدْوِ مُحْتَشِدٌ

بِخُبْثِ مُرْتَزِقٍ أَوْ حِقْدِ مَنْكُودِ












وكل هذه الرثائيَّات في قصائده المتعددة الأغراض، ما هي إلا شحذ للهِمَم، وكلُّ هذه القصائد تنتهي ببثِّ الأمل في النفوس، وتذكير الناس بأنَّ الله هو الملجأ الذي نستلهم منه أسلوبَ الخروج مما نعاني.



والكلام نفسه ينطبق على قصائد باشراحيل عن جغرافيا المسلمين والعرب، فالقدس، والبوسنة، والعراق، واليمن، ولبنان، وصبرا وشاتيلا - كلها أماكن لها وقْع وصَدًى في نفس الشاعر... مثال ذلك قصيدة (رصاصة من فلسطين) من ديوان "النبع الظامي"، التي يقول فيها:



فِلَسْطِينِي وَنَارُ الثَّأْ

رِ تَصْرُخُ فِي شَرَايِينِي




أَنَامُ عَلَى لَظَى النِّيرَا

نِ أَسْقِيهَا وَتَسْقِينِي




لَقَدْ فَجَّرْتُ قُنْبُلَتِي

وَقَدْ جَرَّدْتُ سِكِّينِي










وهذه الصورة القاتمة للواقع العربي تُقلق باشراحيل، فيسافرُ بخياله إلى أغوارِ الماضي، ويستدعي من الذكريات ما يُهوِّن عليه من الأمر.



ومن قصيدة (صور قديمة للعالم العربي) من ديوان الخوف:



أَرِينِي لَوْحَةً أُخْرَى

تُصَوِّرُ دَوْلَتِي الْكُبْرَى

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.70 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]