الموضوع: مملكة الرماد
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 13-12-2008, 08:06 PM
الصورة الرمزية فاديا
فاديا فاديا غير متصل
مشرفة ملتقى الموضوعات المتميزة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
مكان الإقامة: الاردن
الجنس :
المشاركات: 2,440
الدولة : Jordan
افتراضي


لا أستطيع استعراض مهارتي في الألعاب الطفولية ،
كنت ألعب الغميضة أحيانا وأجهد نفسي في الاختباء بمكان لا يعرفه أحد ثم أنسى أين أنا ولا أستطيع العودة ، ويبقى الجميع يبحثون عني حتى يجدونني بعد ساعتين او ثلاث ، وكم عدد المرات التي كنت أضيع فيها ، كنت أظن زمان أنني ضعيفة الشخصية لأنني في بداية دخولي الجامعة لم اكن اتحرك من موقعي الا اذا جاءت أختي اكبر مني من كلية اخرى لتنقلني من مكان لآخر ، ولكنني اكتشفت لاحقا أن عندي مشكلة في معرفة المواقع ، وفهم الخرائط ؟

أما اليوم ...فقد فهمت عدم قدرتي على فهم الخرائط وتحديد المواقع !
نحن على رقعة شطرنج متغيرة المواقع والأحداث .... متباينة الحدود
نعيش ضمن وطن أميبي كبير ، لا نستطيع تحديد اجزائه بدقة !


وفي الجري كنت دوما أقع وتصيبني حوادث.

كنت أتقن فقط تنس الطاولة ولا زلت، أما الألعاب التي تحتاج الى مدارج واسعة فهذه كنت أفشل فيها غاية الفشل
كنا في المدرسة نلعب كرة اليد كمقرر في حصة الرياضة ، وكل ما كنت اجيد فعله هو اللحاق وراء الكرة واحضارها ثانية عندما تخرج بعيدا ، والمضحك ان المعلمة عينتني رئيسة فرقة بكرة اليد بعد أن أثنت على جهودي .

أعتقد انني في طفولتي لم اتقن يوما الا لعب دور الام ، الذي كنت اصر عليه بما انني أكبر من صديقتي بثلاثة ايام ،
وكانت تعترض دوما من استحواذي اليومي على هذا الدور ، وعندما أذكرها بالثلاثة ايام ، تستسلم صاغرة مغلوبة على أمرها ..
وحتى لو لعبنا مدرسة ، كنت انا المعلمة ، وهي بدور التلميذة المؤدبة احيانا ، والكسولة اكثر الأحيان ، حيث تستحق الضرب والعقاب والتوبيخ ، والثلاثة ايام هي المنجنيق الذي ارفعه في وجهها .




ما أحن اليه ، تلك العربات التي كنا نصنعها من الخشب ونعلق في اطرافها تلك العجلات الحديدية القديمة التي تحتوي بداخلها على شريط ، نسيت ما كان يطلق عليها. ثم نجلس عليها في رأس منحدر ، اي منحدر ، ضحل ، عميق لا يهم ... ثم نتركها تجد طريقها بنفسها الى القاع .... والمخاطر قد تكلف الحياة نفسها ، ما كان أجرأنا ؟؟؟


أحن الى الارجوحة القديمة الضخمة التي كانت تبنى من الخشب والحبال، ونجمع القرش وراء القرش حتى نستمتع بعطلة فيها رفاهية ، في باحة بيت جارتنا التي استغلت هذه الباحة لمآرب كثيرة غير ارجوحة العيد ، وتربي فيها القطيع والأغنام، وتنشر غسيلها ، وتنجب المزيد من الأطفال ما دام هناك متسع ، وما دامت الأرض فراشهم ، والسماء غطاءهم.

مرة من المرات اصرّت شقيقتي الصغرى على الركوب وكان هذا خطر على الاطفال في عمرها لكنها اصرت ،
وما هي الا ثواني حتى وقعت وتجرحت واخفيتها وقتا طويلا حتى لا يرى احد الجروح .


ما أجمل أيام الماضي ، فقد كان كل فرد مسؤول عما يصيب الآخر
ما أجمل خوفنا على يعضنا وعلى انفسنا بنفس الوقت لنبعدها عن العقاب.
هكذا تحملنا مسؤولية انفسنا ومسؤوليتنا عن الآخرين
فمن يحمل جيلنا اليوم هذه المسؤولية...


أحن الى معلمتنا المخيفة والتي اسم عائلتها " أبو جبل " كافي لإرهاب أفئدتنا الصغيرة....
أحن الى " مسّاحة الطباشير " التي كانت ترميها من مكانها -دون أن تكلف نفسها أدنى حركة- في وجه أي طالب يخطئ بالإجابة.

أحن الى الكرات المتعددة في جبهتي من آثار هذه المسّاحة...

هل هناك من لديه كرة صغيرة متكورة في جبهته ، تذكره بمسّاحة الطباشير ، وذنب الخطأ ؟؟؟

من يأتينا اليوم بمسّاحة طباشير....... نمحو بها أخطاءنا ونقوّم إجاباتنا وسلوكنا وردودنا ؟؟




أحن الى " أبي خضر "
ذلك الرجل المسن الذي لا أذكر أن له أبنا يسمى " خضر " و لا اذكره يوما الا بشخصية الفزّاعة ( الحريصة على شجر الزيتون في الشوارع العامة )

لم يوظفه احد، وانما اعتلى بنفسه هذا المنصب ولم يناقشه احد فيه ، بل اعطوه الحق بانصياع فرضه عليهم، كما فرض عليهم كنيته .

كان يطاردنا ويتوعدنا بأقصى العقاب، اذا قبض علينا نكسر اغصان الزيتون وننثر اوراقه ونجمع حباته لللعب بها ورميها على بعضنا البعض، او وضع مواد ضارة في تربتها ...

كنا نهرب من شبحه القادم من بعيد ونكف عن اللعب فورا ونطلق ساقينا للريح.


أين أنت يا أبا الخضر اليوم ، وأين نحن منك ؟

ما أحوج أمتي اليك يا أبا خضر ... !

ما أحوج أشجار زيتون بلادنا الى حرصك...


فقد عم الفساد في تربتها وكسّر الحاقدون اغصانها ، ليصنعوا منها سهاما يصيبون بها قلوبنا وأكبادنا.
وعبث العابثون في ثمرها واستحلوه حقا كاملا لجيوبهم....


ما أحوجنا اليك يا أبا الخضر
لتنظف تربتنا من أدران الفاسدين
وتضرب على أيدي المعتدين...
وتنسج الشباك في وجه الطامعين...

ما أحوجنا اليك يا فزّاعتنا المخيفة،،
لتطرد العابثين وتلقي القبض على المجرمين سفاحي الزيتون.....
__________________
[/CENTER][/COLOR]

أنا لم أتغيّر !
كل ما في الأمر أني !
ترفعت عن ( الكثير ) !
حين اكتشفت أن ( الكثير )
لا يستحق النزول إليه !
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 16.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.53 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.87%)]