عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 29-01-2023, 02:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أولاده

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أولاده (2)



سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف النبيين والمرسلين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
‌أيها ‌الأكارم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا هو اللقاء الثاني في الحديث عن (هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أولاده)، سائلًا ‌الله تعالى ‌لي ‌ولكم ‌التوفيق والسداد، وأن يوفِّقني وإياكم إلى ‌التأسي ‌بهديه صلى الله عليه وسلم.

كان صلى الله عليه وسلم يسمي المولود بأفضل الأسماء وأحسنها:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌وُلِدَ ‌لِي ‌اللَّيْلَةَ ‌غُلَامٌ، ‌فَسَمَّيْتُهُ ‌بِاسْمِ ‌أَبِي ‌إِبْرَاهِيمَ»[1].

أرشد الحديث إلى جواز التسمية بأسماء الأنبياء عليهم السلام:
قال القاضي عياض: وقد سمى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابنه إبراهيم وسمى غيره محمدًا، وتسمى جماعة بأسماء الأنبياء، فلم ينكر عليهم[2].

‌وجاء ‌في ‌السنة الصحيحة كراهةُ التسمية بالأسماء القبيحة، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "... وَلَا تُسَمِّيَنَّ غُلَامَكَ يَسَارًا، وَلَا رَبَاحًا، وَلَا نَجِيحًا، وَلَا أَفْلَحَ، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ فَيَقُولُ: لَا إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ فَلَا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ »[3].

قال الخطابي: بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم المعنى في ذلك وذكر العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها، وذلك أنهم كانوا ‌يقصدون ‌بهذه ‌الأسماء وبما في معانيها، أما التبرك بها أو التفاؤل بحسن ألفاظها، فحذَّرهم أن يفعلوه؛ لئلا ينقلب عليهم ما قصدوه في هذه التسميات إلى الضد وذلك إذا سألوا، فقالوا: إثم يسار إثم رباح، فإذا قيل: لا تطيَّروا بذلك وتشاءموا به، واضمروا على الإياس من اليسر والرباح، فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله سبحانه، ويورثهم الإياس من خيره[4].

وقال النووي: قوله فلا تزيدُن عليَّ هو بضم الدال، ومعناه الذي سمعته أربع كلمات، وكذا روايتهن لكم، فلا تزيدوا عليَّ في الرواية، ولا تنقلوا عني غير الأربع، وليس فيه منع القياس على الأربع، وأن يلحق بها ما في معناها[5].

العطف ‌والشفقة ‌وتعليم الأولاد ‌الخير وما لا يستغني عنه:
عَنْ عَلِيٌّ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ، فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِسَبْيٍ، فَأَتَتْهُ ‌تَسْأَلُهُ ‌خَادِمًا، فَلَمْ تُوَافِقْهُ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ، فَأَتَانَا، وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ، فَقَالَ: «عَلَى مَكَانِكُمَا»، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ»[6].

‌قال ‌الحافظ ‌ابن ‌حجر: في الحديث منقبة ظاهرة لعلي وفاطمة عليهما السلام، وفيه بيان ‌إظهار ‌غاية ‌التعطف ‌والشفقة ‌على ‌البنت والصهر، ونهاية الاتحاد برفع الحشمة والحجاب؛ حيث لم يزعجهما عن مكانهما، فتركهما على حالة اضطجاعهما، وبالغ حتى أدخل رجلَه بينهما، ومكث بينهما، حتى علَّمهما ما هو الأَولى بحالهما من الذكر عوضًا عما طلباه من الخادم، فهو من باب تلقِّي المخاطب بغير ما يطلب إيذانًا بأن الأهم من المطلوب هو التزود للمعاد والصبر على مشاق الدنيا والتجافي عن دار الغرور[7].

فكان صلى الله عليه وسلم يصل رحمه، يزور ابنته فاطمة ويجلس معها، ويتفقد أحوالها، وهي لم تتفاخر على زوجها بنبوة أبيها، بل تخدمه ويصيبها الإرهاق من الأعمال المنزلية، وشكت فاطمة لأبيها أعباء البيت وسألته خادمًا، فعلَّمها صلى الله عليه وسلم هي وزوجها أذكار النوم فصبرت ورضيت.

وجملة القول:
من حقوق ‌المولود الاسم الحسن.
‌إظهار ‌‌العطف ‌والشفقة ‌على ‌الأولاد.
ينبغي المداومة على ما يقال عند النوم من الأذكار.
ينبغي على المرأة العمل في بيت زوجها من الطحن والكنس وغير ذلك.
‌وآخر ‌دعوانا ‌أن الحمد لله رب العالمين، وصلى اللَّه على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.

[1] صحيح مسلم (4/ 1807) رقم (2315).

[2] إكمال المعلم بفوائد مسلم (7/ 10).

[3] صحيح مسلم (3/ 1685) رقم (2137).

[4] معالم السنن (4/ 128).

[5] شرح النووي على مسلم (14/ 119).

[6] صحيح البخاري (4/ 84) رقم3113.

[7] فتح الباري لابن حجر (11/ 124).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.31 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.50%)]