عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 14-02-2019, 05:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطهارة
(8)

- باب الترغيب في السواك
- باب الإكثار في السواك


وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ هذا الحديث من الأحاديث التي يدور عليها الدين.فمن العلماء من قال: إن الدين يدور على حديثين: حديث (إنما الأعمال بالنيات)، وحديث: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). ومنهم من قال: إنه يدور على ثلاثة. وأضاف إلى الأولين حديث النعمان بن بشير (الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس)، وقال بعضهم: إنها أربعة. واختلفوا بعد ذلك، فمنهم من جعل الرابع حديث: (الدين النصيحة)، ومنهم من جعله حديث: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة). ومنهم من قال: خمسة. والأحاديث التي وردت في ذلك بعد حديث (إنما الأعمال بالنيات)، وحديث: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) منها الأحاديث التي أشرت إليها سابقاً، ومنها حديث: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)، ومنها حديث (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، ومنها حديث (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)، ومنها حديث (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وكل هذه الأحاديث التي ذكر الحافظ ابن رجب آثاراً عن السلف في أن الدين يدور عليها هي من جملة الأحاديث التي اشتملت عليها (الأربعون النووية)، وهي من جوامع كلمه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
الترغيب في السواك
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الترغيب في السواك.أخبرنا حميد بن مسعدة و محمد بن عبد الأعلى عن يزيد وهو ابن زريع حدثني عبد الرحمن بن أبي عتيق حدثني أبي سمعت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) ].
شرح حديث: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)
أورد النسائي رحمه الله باب: الترغيب في السواك، وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (السواك مطهرة للفم, مرضاة للرب) وهذا فيه ترغيب في السواك؛ لأن كونه يوصف بأنه مطهرة للفم, وأنه مرضاة للرب, معناه أنه مرغب فيه، وهو يفيد الترغيب في الاستياك.ثم أيضاً في هذا الحديث دليل على أن الأحكام الشرعية تجمع في فوائدها بين المصالح الدنيوية والأخروية؛ لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مطهرة للفم, مرضاة للرب) فيه مصلحة عاجلة وآجلة، أي: مصلحة دنيوية, ومصلحة أخروية.فقوله: (مطهرة للفم) فهذه مصلحة دنيوية, وهي مصلحة عاجلة، فيها فائدة صحية, وهي كون الإنسان إذا استاك فإنه يطهر فمه وينظفه, ويحصل في ذلك الطهر والنقاء في فمه، فتكون فيه النظافة وتكون فيه الرائحة الطيبة، فإذاً هذه فائدة عاجلة دنيوية يحصلها الإنسان في الوقت الحاضر الذي يفعل فيه هذه السنة.والمصلحة الأخروية في قوله: (مرضاة للرب) أي: فيه اكتساب رضا الله عز وجل, وتحصيل رضا الله سبحانه وتعالى، وذلك من جهتين:من جهة أن السواك فعله سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعل السنة فيه تحصيل رضا الله عز وجل.ثم من جهة أخرى: أن الإنسان إذا كان في الصلاة, فهو يناجي الله سبحانه وتعالى, فيكون على حالة طيبة وعلى هيئة حسنة. ففيه رضا الرب سبحانه وتعالى من جهة فعل السنن، ومن جهة أن الإنسان عندما يناجيه في الصلاة يكون على حالة طيبة وعلى هيئة حسنة.فهذا الحديث دليل واضح الدلالة على أن أحكام الشريعة فيها الجمع بين تحصيل الفوائد العاجلة والآجلة، الدنيوية والأخروية، وهذا من أوضح ما يدل على ذلك.ويماثل هذا الحديث في الدلالة على هذا المعنى -وهو: الجمع بين المصالح الدنيوية والأخروية- ما جاء عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أنه لما طعنه أبو لؤلؤة المجوسي الطعنة التي نال الشهادة بها, وهو يصلي بالناس الصبح, ومات على إثر تلك الطعنة، عاش أياماً، وكان يغمى عليه ويفيق, والناس يزورونه ويثنون عليه، وكان ممن زاره شاب جاء وأثنى عليه وقال: (هنيئاً لك يا أمير المؤمنين، صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم وليت فعدلت ثم شهادة، قال: وددت أن يكون ذلك كفافاً لا عليَّ ولا لي)، ثم لما ولى الغلام الذي قال هذا الكلام وإذا ثوبه يمس الأرض، فقال: (ردوا عليَّ الغلام، فلما رجع إليه قال: يا ابن أخي! ارفع ثوبك, فإنه أبقى لثوبك, وأتقى لربك)، فأرشده عمر رضي الله عنه وأرضاه إلى هاتين الفائدتين: العاجلة والآجلة، الدنيوية والأخروية.فقوله: (فإنه أبقى لثوبك) هذه فائدة دنيوية, وهي: أن الثوب لا يتسخ، لأنه إذا نزل وهو في الأرض تعرض للأوساخ فاتسخ، فقال: إنك إذا رفعته تحصل هذه الفائدة وهي أن ثوبك يبقى نقياً، ولا يكون عرضة للأوساخ، فهذه هي الفائدة العاجلة.وقوله: (أتقى لربك) فهذه فائدة آجلة، وأيضاً تكون عاجلة في نفس الوقت؛ لأن تقوى الله عز وجل فيها الفوائد في الدنيا والآخرة، كما قال الله عز وجل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، ويقول: إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا [الأنفال:29] فأرشده أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه إلى هاتين الفائدتين، وهو مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (السواك مطهرة للفم, مرضاة للرب)، فقول عمر رضي الله عنه: (فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك) فيه الجمع بين المصالح الدنيوية والمصالح الأخروية.ثم كون عمر رضي الله عنه وأرضاه قال هذا الكلام لهذا الشاب, وقد أثنى عليه الشاب ذلك الثناء، وهو في حالة شديدة يغمى عليه ويفيق، وكان الصحابة يسقونه الماء فيخرج من جوفه؛ لأن أمعاءه مقطعة، يسقونه اللبن فيخرج من جوفه, ويغمى عليه ويفيق, ومع ذلك لم يشغله ذلك عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما جعله يسكت على هذا الأمر من الأمور التي فيها مخالفة السنة، فكون عمر رضي الله عنه ينبه على مثل هذا الأمر, وهو في هذه الحالة, يدلنا على أن أمور الشريعة, وأمور الدين كلها لباب وأنه ليس فيها قشور ولباب كما يظنه بعض من يخطئ في التعبير, ويقول: إن بعض أحكام الشريعة لباب وبعضها قشور، وأن بعض الناس يشتغل بالقشور ويترك اللباب، فكل الشريعة لباب ليس فيها قشور، وعمر رضي الله عنه وأرضاه نبه هذا الشخص إلى أن يرفع ثوبه وهو في حالة شديدة وفي شدة من المرض رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وقد أثنى عليه ذلك الرجل ثناءً عظيماً, ومع ذلك ما شغله ما هو فيه من الحال عما لا يصلح السكوت عليه، وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم وأرضاهم من الحرص على نفع الناس، وعلى توجيه الناس، وعلى إرشاد الناس ودلالتهم إلى الخير، وتحذيرهم من الشر، رضي الله تعالى عن عمر, وعن الصحابة أجمعين.
تراجم رجال إسناد حديث: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)
قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة ومحمد بن عبد الأعلى].هذان من رجال مسلم.[عن يزيد وهو ابن زريع].وهو من رجال الكتب الستة, وهو من الثقات الأثبات.(وهو: ابن زريع)، يقال فيه: (هو ابن فلان)! على أن هذه التسمية جاءت ممن هو دون محمد بن عبد الأعلى, وحميد بن مسعدة، وليست منهما؛ لأن هذه التسمية جاءت ممن دون التلاميذ، وأما التلاميذ فينسبون شيخهم ويأتون به كما يريدون من تطويل النسب أو اختصار النسب. [حدثني عبد الرحمن بن أبي عتيق].هو عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عن أبي بكر , وعن الصحابة أجمعين, وعبد الرحمن هذا منسوب إلى جده؛ لأن أبا عتيق هي كنية جده محمد بن عبد الرحمن ، فهو: عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عتيق.وعبد الرحمن لم يرو عنه من أصحاب الكتب الستة إلا النسائي، ولم يرو عنه غيره, ولهذا يقال: هو من أفراد النسائي، فليس عند البخاري, ولا عند مسلم, ولا عند أبي داود , ولا عند الترمذي , ولا عند ابن ماجه هذا الحديث، يعني: من هذا الطريق، بل انفرد به النسائي ، وقد جاء هذا الحديث عند الإمام أحمد وعند غيره ولكن من طرق أخرى, وكذلك من هذا الطريق، لكن عبد الرحمن هذا ممن لم يرو عنه من أصحاب الكتب الستة إلا النسائي ، وقد روى عنه البخاري في الأدب المفرد, وروى عنه النسائي ، فهو من أفراد النسائي.وقد ذكر المزي في التهذيب أن له حديثاً في السواك، وهذا يوهم منه أنه ليس له في النسائي إلا حديث واحد، فكونه يقال: له حديث واحد في السواك, معناه: أنه ما روى عنه إلا حديثاً واحداً، وهذا هو الحديث في السواك، وقد قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، والمقبول هو: الذي يقبل حديثه عند المتابعة، أما إذا تفرد فإنه لا يقبل حديثه، ولكنه هنا توبع، وقد جاء الحديث من طريقين عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الذي هو أبو عبد الرحمن، جاء من غير طريق ابنه عبد الرحمن، وهو هنا قد توبع.وجاء الحديث أيضاً من طرق أخرى، وجاء أيضاً عن جماعة من الصحابة، وله شواهد عن غير عائشة رضي الله عنها وأرضاها، ولهذا فالحديث صحيح، وقد ذكر ذلك الشيخ الألباني في إرواء الغليل، وذكر الذين خرجوا الحديث، وأن الحديث لم يرد من هذه الطريق وحدها, وإنما ورد من طرق متعددة, فقد توبع عبد الرحمن ، وأيضاً له شواهد عن جماعة من الصحابة، وقد أخرجه ابن خزيمة, وابن حبان في صحيحيهما، وأخرجه الإمام أحمد في المسند، والحديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.أما الذي يروي عنه عبد الرحمن فهو أبوه عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، وأبوه عبد الله يروي عن عائشة عمة أبيه؛ لأن عائشة هي عمة محمد بن عبد الرحمن, وأخوها هو عبد الرحمن بن أبي بكر ، وابنه محمد .إذاً: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن يروي عن عمة أبيه عائشة ، ولهذا يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها.وعبد الله هذا من الثقات، وله رواية في الصحيحين أو في أحدهما، ويقال عنه: إنه صاحب مزاح، وذكر الحافظ في ترجمته في تهذيب التهذيب: أنه دخل على عمته عائشة وهي مريضة في مرض موتها وقال: كيف تجدينك جعلني الله فداك؟ فقالت: أجدني ذاهبة، قال: فلا إذاً. يعني: لا يريد أن يكون فداها ما دام هناك موت، وهذا من مزاحه.وأم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها هي التي برأها الله عز وجل من فوق سبع سماوات، وأنزل براءتها مما رميت به من الإفك في كتابه العزيز في آيات تتلى من سورة النور، وهي ذات المناقب والفضائل، وهي أكثر نساء هذه الأمة حديثاً رضي الله تعالى عنها وأرضاها، ومع نبلها وفضلها كانت تتواضع، ولما أنزل الله تعالى في شأنها ما أنزل قالت: (كنت أتمنى أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه رؤيا يبرئني الله تعالى بها، وما كنت أظن أنه ينزل في آيات تتلى، ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله تعالى في آيات تتلى)، فـالصديقة بنت الصديق تبلغ الغاية في الكمال, ولكنها مع ذلك تتواضع لله عز وجل هذا التواضع فرضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي كما مر أحد السبعة المكثرين من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, والذين جمعهم السيوطي في قوله في ألفيته:والمكثرو� � في رواية الأثرأبو هريرة يليه ابن عمروأنس والبحر كالخدريوجابر وزوجة النبي وزوجة النبي في هذا البيت يقصد بها عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
الإكثار في السواك
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الإكثار في السواك.أخبرنا حميد بن مسعدة و عمران بن موسى قالا: حدثنا عبد الوارث حدثنا شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد أكثرت عليكم في السواك) ].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.93 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.56%)]