عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 07-12-2021, 11:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,011
الدولة : Egypt
افتراضي رد: آبـاء وأبــناء في القــــــرآن الكـــريـــم

آباء وأبناء في القرآن الكريم- الخليل عليه السلام -المحبة ونشر الدعوة


الشيخ سعيد بن عماش السعيدي



الخليل عليه السلام يدعو الله أن تكون ذريته محبوبة لدى الناس؛ قال تعالى: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} (إبراهيم: 37).

قال الشيخ السعدي -رحمه الله تعالى- في تفسيره: {تهوي إليهم}: تحنّ إليهم، وقال قتادة: تنزع إليهم، وقال الفراء: «تريدهم» (4/367).

وقد علم الخليل عليه السلام أنه لا تكون المحبة في قلوب الخلق لهم إلا بطاعة الله تعالى، حين تجلب تلك المحبة قلوب الخلائق وتربطها بتلك الشخوص الطائعة التي تمشي على الأرض؛ كما في حديث جبريل عليه السلام المعروف من حديث أبي هريرة ] عن النبي [ قال: «إذا أحب الله تعالى العبد نادى جبريل: إن الله تعالى يحب فلاناً فأحبه؛ فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء: أن الله يحب فلاناً فأحبوه؛ فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض.

وهنا عبر لا يمكن أن تصورها المشاعر والأقلام من خوف سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام أن تكون ذريته، مكروهة في الأرض مفسدة مؤذية للخلق. ومع الأسف فإن بعض الناس لا يعير ذلك اهتماماً، بل عنايته بالمأكل والمشرب، ومطالب الدنيا غايته السامية ومبلغ علمه؛ فضعُف الجانب التربوي، وضاعت الغاية من الخلق عند كثير من الناس إلا من رحم ربك، فنسأل الله لنا ولكم ذرية طيبة.

أدب الابن مع أبيه

قوله تعالى: {يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك} (مريم: 43).

قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: «وفي هذا من لطف الخطاب ولينه، ما لا يحفي، فإنه لم يقل: يا أبت، أنا عالم وأنت جاهل، أو ليس عندك من العلم شيء؟ وإنما أتى بصيغة أن عندي وعندك علماً، وإن الذي وصل إلي لم يصل إليك ولم يأتك؛ فينبغي لك أن تتبع الحجة وتنقاد لها.

قلت: أسلوب غاية في الأدب والاحترام لمكانة الأبوة، فيا ليت بعض شبابنا اليوم يعتني بهذا الأسلوب في دعوته لأقرب الناس إليه.

قوله تعالى: {يا أبت لا تعبد الشيطان} {مريم: 44)؛ لأن من عبد غير الله فقد عبد الشيطان، كما قال تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} (يس: 60).

قوله تعالى: {يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن} (مريم: 45): «أي إن مت على ما أنت عليه، ويكون «أخاف» بمعنى: أعلم، ويجوز أن يكون «أخاف» على بابها؛ فيكون المعنى: إني أخاف أن تموت على كفرك فيمسك العذاب، {فتكون للشيطان ولياً} (مريم: 45) أي قريناً في النار».

قال السعدي رحمه الله: «فتدرج الخليل عليه السلام بدعوة أبيه، بالأسهل فالأسهل، فأخبره بعلمه وأن ذلك موجب لاتباعك إياي، وأنك إن اتبعتني أهدك إلى الصراط المستقيم، ثم نهاه عن عبادة الشيطان، وأخبره بما فيها من المضار، ثم حذره عقاب الله ونقمته إن أقام على حاله، وأنه يكون ولياً للشيطان، فلم ينجح هذا الدعاء بذلك الشقي، فأجاب بجواب جاهل وقال: {أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم} (مريم: 46) فتبجح بآلهته التي هي من الحجر والأصنام، ولام إبراهيم على رغبته عنها، وهذا من الجهل» ا. هـ.

ومما يستفاد من المواقف السابقة:

1- تقديم أمر الله تعالى ومحبته على كل أمر، كان ذلك عند الخليل عليه السلام والابن إسماعيل عليه السلام على حد سواء.

2- الرضا بما قسم الله تعالى في الأمور كلها مع ظاهر مشقتها.

3- الهمة العالية عند الخليل عليه السلام والعزيمة في الأمر.

4- التربية العالية المثالية لإبراهيم الخليل عليه السلام.

5- المشاورة ودورها في إيضاح الصورة وتجلية الغامض منها؛ كي يكون القرار صواباً، وهذا خلاف ما عليه بعض الآباء فإنهم لا يعرفون إلا إصدار الأوامر وإلقاء التعليمات؛ مما يجعل الأبناء في حيرة من أمرهم فيصدر منهم ما لا تحمد عقباه فيقعون في بعض المخالفات مرة أخرى.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 16.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.57%)]