عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-10-2021, 04:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي التخطيط التربوي

التخطيط التربوي
سعيد بن محمد آل ثابت







من صفات المربي الناجح أن يكون على دراية تامة بالتخطيط، ومتطلباته، وآلياته، وكذلك حسن إعداده وتنفيذه، والإجادة في تقويم التخطيط.

التخطيط التربوي هو ذلك العمل التربوي الذي يُحقق لنا منتجاً تربوياً وفق أهداف وأعمال مدروسة، والتقويم في اعتباره جزء من التخطيط فإنه يقوم على إخراج نتيجة العمل مع إبراز جوانب القوة فتُعزز، ويُظهر جوانب الضعف فتتم معالجتها وفق علاج سلوكي تربوي.

وإن مما يجعل لهذه الصفة خصوصية في المربي اعتبارات كثيرة، منها:
1. أن السيرة النبوية المطهرة كانت نموذجاً بارزاً في هذا الجانب، ومن رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هجرته، ومُضيه لغزواته، وكذلك دعوته القبائل، واجتماعه دوماً مع كبار أصحابه، ثم تعزيزه للمواقف الرائدة، وتعديله للسلوكيات الخاطئة بأبهى طريقة، ومتابعته أحوال أصحابه، ومعرفته بهم معرفة جيدة تكفل له عليه الصلاة والسلام أن يتفرس فيهم ما يحتاجونه، وما يفتقدونه، وما هو يهمهم، وعلى هذا فإن بروز ذلك في الرسول المربي يجعلنا نوقن أن تربيته لم تكن ضرباً من العشوائية. إنما تربية صالحة وفق منهج رباني قويم.

2. قصور بعض البرامج التربوية على فترة زمنية محددة أو مكان معين، فلا تستوفي سائر العام ولا تمتد مع المتربي في أي مكان. فأثرها قاصر على زمان ومكان محددين، وهذا محل إشكال لا سيما في الأعمار المبكرة.

3. طروء الصوارف على بعض المربين، مما يجبره على الغياب أو ضعف المباشرة للمتربين، فيحتم ذلك الاهتمام بالخطة التي تتكفل بالمتربي حيال غياب المربي.

4. ضعف المنتج التربوي لدى البعض، وتماهي مواهبهم، وتدني مستواهم العلمي، والتربوي، وهذا راجع أنهم قد يستلهمون التربية بالطريقة الجماهيرية العامة فلا هناك خطة تضم تربيتهم على مدى الفترة التي سيقضونها (احتمالاً) فمثلاً سيقضي ثلاث سنوات.. لابد أن تكون هناك خطة فيها برامج ذات أهداف تتلاءم مع المتربي من جميع جوانب شخصيته (الإيمانية، العلمية، الاجتماعية، الدعوية، الشخصية..).

ومع هذه الاعتبارات فإنها دعوة لإدراك أهمية التخطيط والتقويم أولاً ثم معرفة دقائقه وتنفيذ ذلك، وأضع إشارات متواضعة في ذلك:
1. المشاركة في دورات التخطيط والتقويم التربوي والقراءة في المختصرات، واستشارة ذوي الاختصاص تختصر لك امتلاك هذه المهارة.
2. العجلة في رؤية نتائج مثمرة تقتل العمل أحياناً، وهذا لا يتنافى مع المتابعة والتقويم.
3. عندما تمتلك خطة تربوية لمن معك على المدى البعيد، وغيره فإنه سيكون من وجودك أثر، و في غيابك عدمية الخطر.
4. إدراكك لحاجيات من معك، ومعرفة الفرص السانح، و تيقظك للمخاطر القريبة منك تجعل من خطتك نموذجاً صادقاً في تنفيذها.
5. حين تكون أهدافنا أكثر واقعية، أدق تفاصيلاً، أرقى طموحاً، ويمكن ملاحظتها وقياسها، فإنك تسير نحو منتج تربوي يبقى أثره أمداً بعيداً - بإذن الله -.
6. متابعة البرنامج التربوي وتقويمه على فترات محددة ومتفاوتة قد تخلق بعض الأجواء وهي صحية بلا شك، كالصراع وتنافر، والنزاع والاختلاف، ولكن ليكن هناك صدر يتسع لذلك على دراية بالطرق المثلى لحل النزاع، وعلاج المشكلة.
7. سبر أحوال المتربي وحسن التعامل مع جوانب قوته وضعفه عمل ليس باليسير، ومن رام التربية بغير ذلك فهو يقضي وقته فيما لا يعود عليه بالنفع المرجو.

8. لا يقتصر المربي في خططه مهما كانت على ذاته فالاستخارة ثم الاستخارة، ويأتي مفهوم الاستشارة والاستئناس بآراء من معه وأهل الخبرة فإن ذلك كله يحبر الخطط تحبيراً رائداً- بإذن الله -.

أخيراً ليس من دعوتي سوى الإشارة، وإلا فموضوع التخطيط والتقويم مما جفت الأحبار في تدوينه، ولكن يكتفي المربي بما يُفيده، ويجب عليه أن يكن على دراية في ذلك إذ من الأمانة أن يتحصل المتربي على تربية متوازنة، ومتابعة قويمة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.19 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.52%)]