عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 17-12-2021, 11:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,473
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
الحلقة (17)

صــ85 إلى صــ 90


[ ص: 85 ] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَهُوَ أَحَدُ أَبْوَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَهُوَ يُدْعَى: بَابَ حِطَّةٍ . وَقَوْلُهُ: (سُجَّدًا) أَيْ: رُكَّعًا . قَالَ وَهْبٌ: أَمَرُوا بِالسُّجُودِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى إِذْ رَدَّهُمْ إِلَيْهَا .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقُولُوا حِطَّةٌ وَقَرَأَ ابْنُ السَّمَيْفَعِ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ (حِطَّةً) بِالنَّصْبِ .

وَفِي مَعْنَى حِطَّةٍ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّ مَعْنَاهُ: اسْتَغْفِرُوا ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَوَهْبٌ . قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَهِيَ كَلِمَةٌ [أُمِرُوا أَنْ يَقُولُوهَا ] فِي مَعْنَى الِاسْتِغْفَارِ ، مِنْ حَطَطْتُ ، أَيْ: حُطَّ عَنَّا ذُنُوبَنَا .

وَالثَّانِي: أَنَّ مَعْنَاهَا: قُولُوا: هَذَا الْأَمْرُ حَقٌّ كَمَا قِيلَ لَكُمْ ، ذَكَرَهُ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ . وَالثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَاهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ . قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: فَيَكُونُ الْمَعْنَى: قُولُوا الَّذِي يَحُطُّ عَنْكُمْ خَطَايَاكُمْ . [وَهُوَ قَوْلُ: "إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" . ] .

وَلِمَاذَا أُمِرُوا بِدُخُولِ الْقَرْيَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ . أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ لِذُنُوبٍ رَكِبُوهَا فَقِيلَ: ( ادْخُلُوا الْقَرْيَةَ ) ، ( وَادْخُلُوا الْبَاب سُجَّدًا نَغْفِرُ لَكُمْ خطايكم ) قَالَهُ وَهْبٌ . وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ مَلُّوا الْمَنَّ وَالسَّلْوَى ، فَقِيلَ: اهْبِطُوا مِصْرًا فَكَانَ أَوَّلُ مَا لَقِيَهُمْ أَرِيحَا ، فَأُمِرُوا بِدُخُولِهَا .

قَوْلُهُ تَعَالَى: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ .

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ ، وَأَبُو عَمْرٍو ، وَعَاصِمٌ ، وَحَمْزَةُ ، وَالْكِسَائِيُّ: (نَغْفِرُ لَكُمْ) بِالنُّونِ مَعَ كَسْرِ الْفَاءِ . وَقَرَأَ نَافِعٌ ، وَأَبَانُ عَنْ عَاصِمٍ (يَغْفِرُ) بِيَاءٍ مَضْمُومَةٍ وَفَتَحِ الْفَاءِ . وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ بِتَاءٍ مَضْمُومَةٍ مَعَ فَتْحِ الْفَاءِ .
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ .

اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، أَمَرَهُمْ فِي دُخُولِهِمْ بِفِعْلٍ وَقَوْلٍ ، فَالْفِعْلُ السُّجُودُ ، وَالْقَوْلُ: حِطَّةٌ ، فَغَيَّرَ الْقَوْمُ الْفِعْلَ وَالْقَوْلَ .

[ ص: 86 ] فَأَمَّا تَغْيِيرُ الْفِعْلِ; فَفِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ .

أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ دَخَلُوا مُتَزَحِّفِينَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ ، رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ دَخَلُوا مِنْ قِبَلِ أَسْتَاهِهِمْ ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمْ دَخَلُوا مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ . وَالرَّابِعُ: أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَى حُرُوفِ عُيُونِهِمْ ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ . وَالْخَامِسُ: أَنَّهُمْ دَخَلُوا مُسْتَلْقِينَ ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ .

وَأَمَّا تَغْيِيرُ الْقَوْلِ; فَفِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ .

أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ قَالُوا مَكَانَ "حِطَّةٍ" حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ ، رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ قَالُوا: حِنْطَةٌ ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَعِكْرِمَةُ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَوَهْبٌ ، وَابْنُ زَيْدٍ . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: حِنْطَةٌ حَمْرَاءُ فِيهَا شَعْرَةٌ ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ . وَالرَّابِعُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: حَبَّةُ حِنْطَةٍ مَثْقُوبَةٍ فِيهَا شُعَيْرَةٌ سَوْدَاءُ ، قَالَهُ السُّدِّيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ . وَالْخَامِسُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: سَنْبَلَاثَا ، قَالَهُ أَبُو صَالِحٍ .

فَأَمَّا الرِّجْزُ; فَهُوَ الْعَذَابُ ، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ ، وَالزَّجَّاجُ . وَأَنْشَدُوا لِرُؤْيَةٍ:


حَتَّى وَقُمْنَا كَيْدَهُ بِالرِّجْزِ


وَفِي مَاهِيَّةِ هَذَا الْعَذَابُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّهُ ظُلْمَةٌ وَمَوْتٌ ، مَاتَ مِنْهُمْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ ، أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا ، وَهَلَكَ سَبْعُونَ أَلْفًا عُقُوبَةً ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ . وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَصَابَهُمُ الطَّاعُونُ ، عُذِّبُوا بِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ مَاتُوا ، قَالَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ الثَّلْجُ ، هَلَكَ بِهِ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ .
[ ص: 87 ] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ .

اسْتَسْقَى بِمَعْنَى: اسْتَدْعَى ذَلِكَ ، كَقَوْلِكَ: اسْتَنْصَرَ .

وَفِي الْحَجَرِ قَوْلَانِ .

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حَجَرٌ مَعْرُوفٌ عَيْنٌ لِمُوسَى ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَابْنُ جُبَيْرٍ ، وَقَتَادَةُ ، وَعَطِيَّةُ ، وَابْنُ زَيْدٍ ، وَمُقَاتِلٌ . وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَانَ حَجَرًا مُرَبَّعًا ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ . وَالثَّانِي: كَانَ مِثْلَ رَأْسِ الثَّوْرِ ، قَالَهُ عَطِيَّةُ . وَالثَّالِثُ: مِثْلُ رَأْسِ الشَّاةِ ، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : هُوَ الَّذِي ذَهَبَ بِثِيَابِ مُوسَى ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لَكَ: ارْفَعْ هَذَا الْحَجَرَ ، فَلِي فِيهِ قُدْرَةٌ ، وَلَكَ فِيهِ مُعْجِزَةٌ ، فَكَانَ إِذَا احْتَاجَ إِلَى الْمَاءِ ضَرَبَهُ .

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ أَمَرَ بِضَرْبِ أَيِّ: حَجَرٍ كَانَ ، وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ .

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ .

تَقْدِيرُ مَعْنَاهُ: فَضَرَبَ فَانْفَجَرَتْ ، فَلَمَّا عَرَّفَ بِقَوْلِهِ: "فَانْفَجَرَتْ" أَنَّهُ قَدْ ضَرَبَ ، اكْتَفَى بِذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ الضَّرْبِ . وَمِثْلُهُ: أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ . [ الشُّعَرَاءِ: 63 ] قَالَهُ الْفَرَّاءُ . وَلَمَّا كَانَ الْقَوْمُ اثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا ، أَخْرَجَ اللَّهُ لَهُمُ اثْنَيْ عَشْرَةَ عَيْنًا ، وَلِأَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ تَشَاحَنٌ فَسَلِمُوا بِذَلِكَ مِنْهُ .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَعْثَوْا .

الْعَثْوُ: أَشَدُّ الْفَسَادِ ، يُقَالُ: عَثِيَ ، وَعَثَا ، وَعَاثَ . قَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ


لَوْلَا الْحَيَاءُ وَأَنَّ رَأْسِيَ قَدْ عَثَا فِيهِ الْمَشِيبُ لَزُرْتُ أُمَّ الْقَاسِمِ
[ ص: 88 ]
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ . أَيِ: الْزَمُوهَا ، قَالَ الْفَرَّاءُ: الذِّلَّةُ وَالذُّلُّ: بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ الْجِزْيَةُ . وَفِي الْمَسْكَنَةِ قَوْلَانِ .

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا الْفَقْرُ وَالْفَاقَةُ ، قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ ، وَالسُّدِّيُّ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ ، وَرُوِيَ عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: هِيَ فَقْرُ النَّفْسِ .

وَالثَّانِي: الْخُضُوعُ ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَاءُوا أَيْ: رَجَعُوا . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْغَضَبِ .

وَقِيلَ إِلَى جَمِيعِ مَا أَلْزَمُوهُ مِنَ الذِّلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ وَغَيْرِهَا .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ .

كَانَ نَافِعٌ يَهْمِزُ "النَّبِيِّينَ" وَ"الْأَنْبِيَاءَ" وَ"النُّبُوَّةَ" وَمَا جَاءَ مِنْ ذَلِكَ ، إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ فِي الْأَحْزَابِ: تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ 53 إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ 50 . وَإِنَّمَا تَرَكَ الْهَمْزَ فِي هَذَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ لِاجْتِمَاعِ هَمْزَتَيْنِ مَكْسُورَتَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ، وَبَاقِي الْقُرَّاءِ لَا يَهْمِزُونَ جَمِيعَ الْمَوَاضِعِ . قَالَ الزَّجَّاجَ: الْأَجْوَدُ تَرْكُ الْهَمْزِ . وَاشْتِقَاقُ النَّبِيِّ مِنْ: نَبَّأَ ، وَأَنْبَأَ ، أَيْ: أَخْبَرَ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ: نَبَا يَنْبُو: إِذَا ارْتَفَعَ ، فَيَكُونُ بِغَيْرِ هَمْزٍ: فَعِيلًا ، مِنَ الرِّفْعَةِ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَقْتُلُ فِي الْيَوْمِ ثَلَاثَمِائَةَ نَبِيٍّ ، ثُمَّ يُقِيمُونَ سُوقَ بَقْلِهِمْ فِي آَخِرِ النَّهَارِ .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.31 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.52%)]