عرض مشاركة واحدة
  #36  
قديم 26-04-2021, 11:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,533
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأحكام الفقهية من القصص القرآنية

الأحكام الفقهية من القصص القرآنية (36)
- أحكام السلام وآدابه من قصة إبراهيم عليه السلام



د.وليد خالد الربيع



قال -تعالى-: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (سورة هود: 69)، قال الشيخ ابن سعدي: «{وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا} من الملائكة الكرام، رسولنا {إِبْرَاهِيمَ} الخليل {بِالْبُشْرَى} أي: بالبشارة بالولد، حين أرسلهم الله لإهلاك قوم لوط، وأمرهم أن يمروا على إبراهيم، فيبشروه بإسحاق، فلما دخلوا عليه {قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} أي: سلموا عليه، ورد عليهم السلام.

ففي هذا مشروعية السلام، وأنه لم يزل من ملة إبراهيم -عليه السلام-، وأن السلام قبل الكلام، وأنه ينبغي أن يكون الرد، أبلغ من الابتداء؛ لأن سلامهم بالجملة الفعلية، الدالة على التجدد، ورده بالجملة الاسمية، الدالة على الثبوت والاستمرار، وبينهما فرق كبير كما هو معلوم في علم العربية».

فمن المسائل الفقهية المستفادة من هذه الآية الكريمة مشروعية السلام وآدابه، وقد دل على هذه المسألة أدلة كثيرة منها قول الله -تعالى-: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} (سورة النساء:86)، والمراد بالتحية هنا السلام، وهذا ما عليه عامة المفسرين، قال الشيخ ابن سعدي: «التحية هي: اللفظ الصادر من أحد المتلاقيين على وجه الإكرام والدعاء، وما يقترن بذلك اللفظ من البشاشة ونحوها.

أعلى أنواع التحية

وأعلى أنواع التحية ما ورد به الشرع، من السلام ابتداء وردًّا، فأمر -تعالى- المؤمنين أنهم إذا حُيّوا بأي تحية كانت، أن يردوها بأحسن منها لفظا وبشاشة، أو مثلها في ذلك، ومفهوم ذلك النهي عن عدم الرد بالكلية أو ردها من دونها».

أحكام السلام

فمن أحكام السلام:

ابتداء السلام على المسلمين

- أولاً: ابتداء السلام على المسلمين مندوب وليس بواجب عند عامة الفقهاء، ونقل ابن عبد البر وغيره الإجماع على أن ابتداء السلام سنة وليس بواجب. ودليل ذلك:

- عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام» أخرجه أبو داود وهو صحيح، قال المناوي: «أي: من أخصهم برحمته وغفرانه والقرب منه في جنانه، وقيل: أقربهم من الله بالطاعة من بدأ أخاه بالسلام عند ملاقاته لأنه السابق إلى ذكر الله»، والحديث يدل على عدم وجوب البدء بالسلام؛ لأنه لو كان واجبا لما كان هناك ترغيب وندب إليه؛ إذ إن الترغيب إنما يختص بالمستحبات.

- وعن عبد الله بن سلام قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» أخرجه الترمذي وهو صحيح، ولا شك أن إطعام الطعام وصلاة القيام ليسا من الواجبات، فكذلك البدء بالسلام.

رد السلام واجب

- ثانيا: اتفق الفقهاء على أن رد السلام واجب كما نقل الإجماع على ذلك القرطبي وغيره، وذلك لقوله -تعالى-:{فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}، ونقل ابن كثير عن الحسن البصري أنه قال: «السلام تطوع والرد فريضة» ثم قال ابن كثير: «وهذا الذي قاله هو قول العلماء قاطبة، أن الرد واجب على من سلم عليه، فيأثم إن لم يفعل؛ لأنه خالف أمر الله في قوله: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}».

قال الحليمي: «إنما كان الرد واجبا؛ لأن السلام معناه الأمان، فإذا ابتدأ به المسلم أخاه فلم يجبه فإنه يتوهم منه الشر، فيجب عليه دفع ذلك التوهم عنه»، فإن كان المسلم واحدا فالرد في حقه فرض عين، وإن كانوا جماعة فالرد في حقهم فرض كفاية، والأفضل أن يردوا جميعا؛ لأنه الغاية في الفضيلة والإكرام للمسلم عليهم.

بعض آداب السلام

- ثالثا: بعض آداب السلام: دلت النصوص الشرعية على جملة من آداب السلام منها:

أكمل الألفاظ في إلقاء السلام

- أكمل الألفاظ في إلقاء السلام هي: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)؛ لما أخرجه البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة أن رجلا مر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مجلس فقال: السلام عليكم، فقال: «عشر حسنات»، فمر رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال: «عشرون حسنة»، فمر رجل آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال: «ثلاثون حسنة»، ومما يدل على منع الزيادة على (وبركاته) ما نقل عن بعض الصحابة من آثار ذكرها ابن حجر في فتح الباري، منها:

- عن محمد بن عمرو قال: كنت جالسا عند عبد الله بن عباس فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم زاد شيئا فقال ابن عباس: إن السلام انتهى إلى البركة، وجاء رجل إلى ابن عمر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقال ابن عمر: حسبك إلى (وبركاته) انتهِ إلى (وبركاته).

لفظ إلقاء السلام

يجوز إلقاء السلام بلفظ (السلام عليكم) و(السلام عليكم ورحمة الله) كما دل عليه حديث أبي هريرة المتقدم، وهما أقل من اللفظ الأكمل.

أكمل صيغ

وأكمل صيغ الرد ما اشتمل على الرحمة والبركة؛ لما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خلق الله آدم على صورته ستون ذراعا فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، قال: فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله» متفق عليه.

قال النووي: وأما صفة الرد فالأفضل والأكمل أن يقول: «وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته» فيأتي بالواو فلو حذفها جاز وكان تاركا للأفضل، ولو اقتصر على (وعليكم السلام) أو على (عليكم السلام) أجزاه، ولو اقتصر على (عليكم) لم يجزه بلا خلاف».

يسلم الراكب على الماشي

ومن آداب السلام ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير» وفي رواية للبخاري: «يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير»، قال ابن حجر: وقد تكلم بعض العلماء عن الحكمة فيمن شرع لهم الابتداء فقيل: تسليم الصغير لأجل حق الكبير؛ لأنه أمر بتوقيره والتواضع له، وتسليم القليل لأجل حق الكثير لأن حقهم أعظم، وتسليم المار لشبهه بالداخل على أهل المنزل، وتسليم الراكب لئلا يتكبر بركوبه فيرجع إلى التواضع.

التسليم على الصبيان

ومن آداب السلام التسليم على الصبيان: فعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على غلمان فسلم عليهم. متفق عليه، قال النووي: «فيه استحباب السلام على الصبيان المميزين، والندب إلى التواضع، وبذل السلام للناس كلهم، وبيان تواضعه - صلى الله عليه وسلم - وكمال شفقته على العالمين».

التسليم إذا أتى مجلسا

ومن آدابه التسليم إذا أتى مجلسا وإذا قام منه لما رواه أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، وإذا قام والقوم جلوس فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة» أخرجه أحمد وهو صحيح.

إعادة السلام

ومن الآداب إعادة السلام إذا حال بينهما شجر أو جدار؛ لما رواه أبوهريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار ثم لقيه فليسلم عليه» أخرجه أبو داود وهو صحيح.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.99 كيلو بايت... تم توفير 0.62 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]