عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 19-04-2021, 01:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه وفتاوى وأحكام الصيام يوميا فى رمضان إن شاء الله


فقه وفتاوى وأحكام الصيام
د.أحمد مصطفى متولى
(7)




الإفطارُ لمصلحة الغير:
إذا قال قائل: أرأيتم لو أفطر شخص لمصلحة الغير في غير مسألة الحبلى والمرضع، مثل أن يفطر لإنقاذ غريق أو لإطفاء حريق، فهل يلزمه
القضاء والإطعام؟
الجواب: أما على القول الذي رجحناه من أنه ليس على الحامل والمرضع إلا القضاء، فليس على المنقذ إلا القضاء، وأما على القول بوجوب القضاء والإطعام عليهما في محله ففيه قولان:
القول الأول: يلزمه القضاء والإطعام، قياساً على الحامل والمرضع إذا أفطرتا لمصلحة الولد.
والقول الثاني: لا يلزمه إلا القضاء فقط، واستدل لذلك بأن النص إنما ورد في الحبلى والمرضع دون غيرهما.
وأجيب عن هذا بأنه، وإن ورد النص بذلك، فالقياس في هذه المسألة تام، وهو أنه أفطر لمصلحة الغير.
والإفطار لمصلحة الغير له صور منها:
1 ـ إنقاذ غريق، مثل أن يسقط رجل معصوم في الماء، ولا يستطيع أن يخرجه إلا بعد أن يشرب، فنقول: اشرب وأنقذه.
2 ـ إطفاء الحريق، كأن يقول: لا أستطيع أن أطفئ الحريق حتى أشرب، فنقول: اشرب وأطفئ الحريق.
وفي هذه الحال إذا أخرج الغريق وأطفأ الحريق
، هل له أن يأكل ويشرب بقية اليوم؟

الجواب: نعم له أن يأكل ويشرب بقية اليوم، لأنه أذن له في فطر هذا اليوم، وإذا أذن له في فطر هذا اليوم، صار هذا اليوم في حقه من الأيام التي لا يجب إمساكها، فيبقى مفطراً إلى آخر النهار.
3 ـ وكذلك لو أن شخصاً احتيج إلى دمه، بحيث أصيب رجل آخر
بحادث ونزف دمه، وقالوا: إن دم هذا الصائم يصلح له، وإن لم يتدارك هذا المريض قبل الغروب فإنه يموت، فله أن يأذن في استخراج دمه من أجل إنقاذ المريض، وفي هذه الحال يفطر بناءً على القول الراجح، في أن ما ساوى الحجامة فهو مثلها، وسيأتي الخلاف في هذه المسألة، وأن المذهب لا يفطر بإخراج الدم إلا بالحجامة فقط دون الفصد والشرط، والصحيح أن ما كان بمعناها يأخذ حكمها.
حكمُ الجنون، والإغماء، والنوم:
هذه ثلاثة أشياء متشابهة: الجنون، والإغماء، والنوم، وأحكامها تختلف.
أولاً: الجنون، فإذا جن الإنسان جميع النهار في رمضان من قبل الفجر حتى غربت الشمس فلا يصح صومه؛ لأنه ليس أهلاً للعبادة، ومن شرط الوجوب والصحة العقل، وعلى هذا فصومه غير صحيح، ولا يلزمه القضاء، لأنه ليس أهلاً للوجوب.
ثانياً: المغمى عليه، فإذا أغمي عليه بحادث، أو مرض ـ بعد أن تسحر ـ جميع النهار، فلا يصح صومه؛ لأنه ليس بعاقل، ولكن يلزمه القضاء؛ لأنه مكلف، وهذا قول جمهور العلماء([1]).
وقال صاحب الفائق أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية ويسمى ابن قاضي الجبل، وله اختيارات جيدة جداً، قال: إن المغمى عليه لا يلزمه القضاء كالإنسان الذي أغمي عليه أوقات الصلاة، فإن جمهور العلماء لا يلزمونه بالقضاء، وقال: إنه لا فرق بين الصلاة والصوم.
ولو فرض أن الرجل أغمي عليه قبل أذان الفجر، وأفاق بعد طلو
ع الشمس لصح صومه، وأما صلاة الفجر فلا تلزمه على القول الراجح؛ لأنه مر عليه الوقت وهو ليس أهلاً للوجوب.
الثالث: النائم ، فإذا تسحر ونام من قبل أذان الفجر، ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس، فصومه صحيح، لأنه من أهل التكليف ولم يوجد ما يبطل صومه،
ولا قضاء عليه.
والفرق بينه وبين المغمى عليه أن النائم إذا أوقظ يستيقظ بخلاف المغمى عليه.
وجوبُ تعيين نيَّةِ الصوم الواجب من الليل([2]):
النية، والإرادة، والقصد معناها واحد، فقصد الشيء يعني نيته، وإرادة الشيء يعني نيته، والنية لا يمكن أن تتخلف عن عمل اختياري، يعني أن كل عمل يعمله الإنسان مختاراً فإنه لا بد فيه من النية، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيات»([3]) يعني أنه لا عمل بلا نية، حتى قال بعض العلماء: لو كلفنا الله عملاً بلا نية لكان من تكليف ما لا يطاق، يعني لو قال الله لنا توضؤوا بلا نية، أو صلوا بلا نية، أو صوموا
بلا نية، أو حجوا بلا نية، لكان هذا من تكليف ما لا يطاق، فمن يطيق أن يفعل فعلاً مختاراً، ولا ينوي؟
وبذلك نعرف أن ما يحصل لبعض الناس من الوسواس؛ حيث يقول: أنا ما نويت! أنه وهم لا حقيقة له، وكيف يصح أنه لم ينو وقد فعل.

وذكروا عن ابن عقيل ـ رحمه الله ـ وهو من المتكلمين والفقهاء، أنه جاءه
رجل فقال له: يا شيخ إنني أغتسل في نهر دجلة، ثم أخرج وأرى أنني لم أطهر؟
فقال له ابن عقيل: لا تصل، فقال: كيف؟
قال: نعم، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «رفع القلم عن ثلاثة... عن المجنون حتى يفيق»([4]) وأنت تذهب إلى دجلة، وتنغمس فيه، وتغتسل من الجنابة، ثم تخرج وترى أنك ما تطهرت هذا الجنون، فارتدع الرجل عن هذا.
هل تجبُ النية لكل يوم من أيام رمضان؟
ذهب بعض أهل العلم إلى أن ما يشترط فيه التتابع تكفي النية في أوله، م
ا لم يقطعه لعذر فيستأنف النية، وعلى هذا فإذا نوى الإنسان أول يوم من رمضان أنه صائم هذا الشهر كله، فإنه يجزئه عن الشهر كله، ما لم يحصل عذر ينقطع به التتابع، كما لو سافر في أثناء رمضان، فإنه إذا عاد للصوم يجب عليه أن يجدد النية.
وهذا هو الأصح؛ لأن المسلمين جميعاً لو سألتهم لقال كل واحد منهم: أنا ناو الصوم من أول الشهر إلى آخره، وعلى هذا فإذا لم تقع النية في كل ليلة حقيقة فهي واقعة حكماً؛ لأن الأصل عدم قطع النية، ولهذا قلنا: إذا انقطع التتابع لسبب يبيحه، ثم عاد إلى الصوم فلا بد من تجديد النية، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس ولا يسع الناس العمل إلا عليه.([5])
مسألة: رجل عليه صيام شهرين متتابعين، يلزمه أن ينوي لكل ي
وم نية جديدة، وعلى القول الذي اخترناه لا يلزمه؛ لأن هذا يلزم فيه التتابع، فإذا أمسك في أوله فهو في النية حكماً إلى أن ينتهي، وعليه فإذا نوى حينما شرع في صوم الشهرين المتتابعين فإنه يكفيه عن جميع الأيام، ما لم يقطع ذلك لعذر، ثم يعود إلى الصوم فيلزمه أن يجدد النية.
وبناءً على هذا القول لو نام رجل في رمضان بعد العصر، ولم يفق إلا من الغد بعد الفجر صح صومه؛ لأن النية الأولى كافية، والأصل بقاؤها ولم يوجد ما يزيل استمرارها.
يصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال أو بعده :
فصيام النفل يصح بنية أثناء النهار، ولكن بشرط ألا يأتي مفطِّراً من بعد طلوع الفجر، فإن أتى بمفطر فإنه لا يصح.
مثال ذلك: رجل أصبح وفي أثناء النهار صام، وهو لم يأكل، ولم يشرب، ولم يجامع، ولم يفعل ما يفطّر بعد الفجر، فصومه صحيح مع أنه لم ينو من قبل الفجر.
ودليل ذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم دخل ذات يوم على أ
هله فقال: «هل عندكم من شيء؟ قالوا: لا، قال فإني إذاً صائم» .([6])

وقوله «إذاً» في الحديث ظرف للزمان الحاضر فأنشأ النية من النهار، فدل ذلك على جواز إنشاء النية في النفل في أثناء النهار، فإذا قال قائل: قد ننازع في دلالة هذا الحديث ونقول معنى «إ
ني إذاً صائم» أي: ممسك عن الطعام، من الذي يقول: إن المراد بالصوم هنا الصوم الشرعي؟
قلنا: عندنا قاعدة شرعية أصولية وهي أن الكلام المطلق يحمل على الحقيقة في عرف المتكلم به، والحقيقة الشرعية في الصوم هي التعبد لله بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فلا يمكن أن نحمل لفظاً جاء في لسان الشارع على معناه اللغوي وله حقيقة شرعية.
نعم لو فرض أنه ليس هناك حقيقة شرعية حملناه على الحقيقة اللغوية، أما مع وجود الحقيقة الشرعية فيجب أن يحمل عليها، ولهذا لو قال قائل: والله لا أبيع اليوم شيئاً، فذهب فباع خمراً، هل عليه كفارة يمين؟ نقول ليس عليه كفارة يمين، لأن هذا البيع ليس بيعاً شرعياً فهو حرام وكل شرط ليس في كتاب ا
لله فهو باطل، وكل عقد ليس في كتاب الله فهو باطل، نعم إذا قال أنا قصدي بالبيع مطلق البيع شرعياً أو غير شرعي، حينئذ نقول هذا يصدق عليه أنه بيع، فيحنث؛ لأن النية مقدمة على دلالة اللفظ في باب الأيمان.
ولكن هل يثاب ثواب يوم كامل، أو يثاب من النية؟
في هذا قول
ان للعلماء:
القول الأول: أنه يثاب من أول النهار؛ لأن الصوم الشرعي لا بد أن يكون من أول النهار.
القول الثاني: أنه لا يثاب إلا من وقت النية فقط، فإذا نوى عند الزوال، فأجره أجر نصف يوم.
وهذا القول هو الراجح لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» ([7]) وهذا الرجل لم ينو إلا أثناء النهار فيحسب له الأجر من حين نيته.
وبناءً على القول الراجح لو علق فضل الصوم باليوم مثل صيام الاثنين، وصيام الخميس، وصيام البيض، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ونوى من أثناء النهار فإنه لا يحصل له ثواب ذلك اليوم.
فمثلاً صام يوم الاثنين ونوى من أثناء النهار، فلا يثاب ثواب من صام يوم الاثنين من أول النهار؛ لأنه لا يصدق عليه أنه صام يوم الاثنين.
وكذلك لو أصبح مفطراً فقيل له: إن اليوم هو اليوم الثالث عشر من الشهر، وهو أول أيام البيض، فقال: إذاً أنا صائم فلا يثاب ثواب أيام البيض؛ لأنه لم
يصم يوماً كاملاً.
ويشترط في صحة النية من أثناء النهار في النفل ألا يفعل قبلها مفطراً، فلو أن الرجل أصبح مفطراً بأكل، وفي أثناء الضحى قال: نويت الصيام فلا يصح؛ لأنه فعل ما ينافي الصوم.
فلو قال قائل: ألستم تقولون إنه لا يثاب على أجر الصوم إلا من النية؟
قلنا: بلى، لكن لا يمكن أن يكون صومٌ، وقد أكل أو شرب في يومه.
([1]) أخرجه الشافعي (1/266)؛ والدارقطني (2/207) وصححه؛ والبيهقي (4/230). وصححه الألبانى في «الإرواء» (4/20).
([2]) «من الليل » أي: قبل طلوع الفجر، فيشمل ما كان قبل الفج
ر بدقيقة واحدة، وإنما وجب ذلك؛ لأن صوم اليوم كاملاً لا يتحقق إلا بهذا، فمن نوى بعد طلوع الفجر لا يقال إنه صام يوماً، فلذلك يجب لصوم كل يوم واجب، أن ينويه قبل طلوع الفجر، وليس بلازم أن تبيت النية قبل أن تنام، بل الواجب ألا يطلع الفجر إلا وقد نويت، لأجل أن تشمل النية جميع أجزاء النهار، إذ أنه قد فرض عليك أن تصوم يوماً، فإذا كان كذلك، فلا بد أن تنويه قبل الفجر إلى الغروب.
ودليل ذلك حديث عائشة مرفوعاً: «من لم يبيِّت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له» ([2]) والمراد صيام الفرض
([3]) سبق تخريجه
([4]) سبق تخريجه
([5]) هل الأفضل أن ينوي القيام بالفريضة أو لا؟
الجواب: الأفضل أن ينوي القيام بالفريضة، أي: أن ينوي صوم رمضان على أنه قائم بفريضة؛ لأن الفرض أحب إلى الله من النفل.

قال في الروض: «من قال أنا صائم غداً إن شاء الله متردداً فسدت نيته، لا متبركاً» أي: إذا قال أنا صائم غداً إن شاء الله ننظر هل مراده الاستعانة بالتعليق بالمشيئة لتحقيق مراده، إن قال: نعم، فصيامه صحيح؛ لأن هذا ليس تعليقاً، ولكنه استعانة بالتعليق بالمشيئة لتحقيق مراده؛ لأن التعليق بالمشيئة سبب لتحقيق المراد، ويدل لهذا حديث نبي الله سليمان بن داود ـ عليهما الصلاة والسلام ـ حين قال: «والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله، فقيل له: قل: إن شاء الله، فلم يقل، فطاف على تسعين امرأة يجامعهن، ولم تلد منهن إلا واحدة شق إنسان» فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لو قال إن شاء الله لكان دركاً لحاجته» ([5])، وإن قال ذلك متردداً يعني لا يدري هل يصوم أو لا يصوم، فإنه لا يصح؛ لأن النية لا بد فيها من الجزم، فلو بات على هذه النية بأن قال: أنا صائم غداً إن شاء الله متردداً، فإنّ صومه لا يصح إن كان فرضاً، إلا أن يستيقظ قبل الفجر وينويه.
وقال في الروض: «ويكفي في النية الأكل والشرب، بنية الصوم»([5]) أي: لو قام في آخر الليل وأكل على أنه سحور لكفى؛ حتى قال شيخ الإسلام: إن عشاء الصائم الذي يصوم غداً يختلف عن عشاء من لا يصوم غداً، فالذي لا يصوم عشاؤه أكثر، لأن الصائم سوف يجعل فراغاً للسحور.
([6]) أخرجه مسلم في الصيام/ باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال (1154) (170) عن عائشة رضي الله عنها.
([7]) سبق تخريجه

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 24.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 23.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.57%)]