عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 06-12-2021, 07:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد


المحرر في أسباب نزول القرآن
المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الاول
التمهيد
من صــ 78 الى صـ 82
الحلقة (12)

5 - أخرج البخاري وأحمد ومسلم عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لو أتيت عبد الله بن أبي، فانطلق إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وركب حمارا، فانطلق المسلمون يمشون معه، وهي أرض سبخة، فلما أتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إليك عني، والله لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار منهم: والله لحمار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطيب ريحا منك، فغضب لعبد الله رجل من قومه فشتمه، فغضب لكل واحد منهما أصحابه فكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال فبلغنا أنها أنزلت: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما).
قال ابن عاشور: (ويناكد هذا - أي القول بأنها سبب النزول - أن تلك الوقعة كانت في أول أيام قدوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وهذه السورة نزلت سنة تسع من الهجرة). اهـ. مختصرا.
ومن هنا نعلم أنه من رام السلامة من الخطأ في تحديد السبب فلا بد له من معرفة وقت النزول ووقت السبب.
السبب الثاني: أن تقع المخالفة بين سبب النزول وآيات القرآن باعتبار السياق وهو ثلاثة أقسام:

أ - أن يقع الاختلاف بينهما في الألفاظ وإليك الأمثلة:

1 - أخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: لما نزل تحريم الخمر، قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شفاء فنزلت هذه الآية التي في البقرة: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير) قال: فدعي عمر فقرئت عليه.
بيان مخالفة السبب للآية من وجهين:
الأول: أن الآية فيها السؤال عن الخمر والميسر جميعا، بينما حديث عمر فيه الدعاء بالبيان عن الخمر فقط.
الثاني: أن الله قال في الآية: (يسألونك) وعمر لم يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يدل على هذا لفظ الحديث، وإنما فيه أنه دعا الله، وفرق بين دعاء الله وسؤال رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
2 - أخرج الترمذي عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - أن رجلا عض يد رجل فنزع يده، فوقعت ثنيتاه، فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية لك) فأنزل الله: (والجروح قصاص).
وجه المخالفة هنا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفى حقه في الدية فكيف يكون له قصاص مع أن شأن القصاص أعظم وأكبر ثم يقال: فأنزل الله: (والجروح قصاص). اهـ.
3 - أخرج مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: نزلت في أربع آيات أصبت سيفا فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله نفلنيه: فقال: (ضعه) ثم قام، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ضعه من حيث أخذته) ثم قام، فقال: نفلنيه يا رسول الله فقال: (ضعه) فقام فقال: يا رسول الله نفلنيه. أأجعل كمن لا غناء له؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ضعه من حيث أخذته) قال: فنزلت هذه الآية: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول).
قال أبو العباس القرطبي عن حديث سعد: (يقتضي أن يكون ثم سؤال عن حكم الأنفال، ولم يكن هنالك سؤال عن ذلك على ما يقتضيه هذا الحديث). اهـ. فالذي وقع في حديث سعد أنه سأل نفلا وفرق بين من يسأل عن الشيء وبين من يسأل الشيء، فالأول مستفهم والثاني يريد العطاء.
4 - أخرج البخاري وأحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت أو سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الذنب عند الله أكبر؟ قال: (أن تجعل لله ندا وهو خلقك) قلت: ثم أي؟ قال: (ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك) قلت: ثم أي؟ قال: (أن تزاني بحليلة جارك) قال: ونزلت هذه الآية تصديقا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون) فالفرق بين الآية وحديث ابن مسعود أن الحديث حصر القتل في الولد خشية الطعام وحصر الزنا بحليلة الجار وهذا الحصر لا يوافق العموم في الآية. اهـ.
5 - أخرج البخاري ومسلم وأحمد والنسائي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: إن قريشا لما استعصت على النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم قحط وجدب وحتى جعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد ... فذكر الحديث حتى قال فأنزل الله: (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين (10). باختصار.
قال ابن كثير عن الآية: (أي بين واضح يراه كل أحد، وعلى ما فسر به ابن مسعود إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد، وهكذا قوله تعالى: (يغشى الناس) أي يتغشاهم ويعميهم ولو كان أمرا خياليا يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه (يغشى الناس). اهـ.
وقال أبو العباس القرطبي: (لا شك في أن تسمية هذا دخانا تجوز، وحقيقة الدخان ما ذكر في حديث أبي سعيد). اهـ.
ب - أن يقع الاختلاف بينهما في المقصود بالخطاب وإليك الأمثلة:
1 - أخرج الإمام أحمد والنسائي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: أخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة. قال: (أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم) قال: وأنزل هؤلاء الآيات: (ليسوا سواء من أهل الكتاب) - حتى بلغ - (والله عليم بالمتقين).
وجه المخالفة: أن القول بالنزول يقتضي نفي المساواة بين الذين آمنوا من هذه الأمة وبين أهل الكتاب.
بينما اتفق المفسرون على أن الآية تنفي المساواة بين مؤمني أهل الكتاب وكافريهم قال ابن العربي: (وقد اتفق المفسرون أنها نزلت فيمن أسلم من أهل الكتاب وعليه يدل ظاهر القرآن، ومفتتح الكلام نفي المساواة بين من أسلم منهم وبين من بقي منهم على الكفر). اهـ.
وقال ابن عاشور: (استئناف قصد به إنصاف طائفة من أهل الكتاب بعد الحكم على معظمهم بصيغة تعمهم تأكيدا لما أفاده قوله: (منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون).
2 - أخرج أبو داود والنسائي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) - إلى قوله - (غفور رحيم) نزلت هذه الآية في المشركين فمن تاب منهم قبل أن يقدر عليه لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصابه.
وجه المخالفة: أن الله قال في آيات الحرابة: (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم) والحديث يقتضي المؤاخذة إذا تاب المحارب قبل القدرة.
قال القرطبي: (وقد أجمعوا على أن أهل الشرك إذا وقعوا في أيدينا فأسلموا أن دماءهم تحرم). اهـ. فإذا كان الإجماع منعقدا على قبول توبة المشرك بعد القدرة فقبلها من باب أولى.
3 - أخرج النسائي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في قوله تعالى: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) قال: هو بلعم، وقال نزلت في أمية.
وجه المخالفة: أن الله قال عن المذكور: (آتيناه آياتنا) فكيف لأمية بن أبي الصلت أن تأتيه الآيات.
4 - أخرج البخاري عن محمد بن عباد بن جعفر أن ابن عباس قرأ: (ألا إنهم تثنوني صدورهم) قلت: يا أبا العباس ما تثنوني صدورهم؟ قال: كان الرجل يجامع امرأته فيستحي أو يتخلى فيستحي فنزلت: (ألا إنهم تثنوني صدورهم).
قال ابن عاشور بعد ذكر السبب: (وهذا التفسير لا يناسب موقع الآية ولا اتساق الضمائر. فلعل مراد ابن عباس أن الآية تنطبق على صنيع هؤلاء وليس فعلهم هو سبب نزولها). اهـ.
وهذا ظاهر لأن الآية تتحدث عن المذكورين حديث ذم وقدح، بينما المذكورون في الحديث أهل للثناء والمدح.
5 - أخرج الدارمي عن يحيى بن جعدة قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتف فيه كتاب، فقال: كفى بقوم ضلالا أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم فأنزل الله - عز وجل -: (أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب).
وجه المخالفة بين الآية والحديث: أن الله قال قبل هذه الآية: (وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين (50) وقال بعدها: (قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون) فالضمير في (يكفهم) يعود على الكافرين القائلين: (لولا أنزل عليه آيات من ربه).
والحديث يقتضي أن عدم الاكتفاء واقع من بعض المؤمنين.
جـ - أن يقع الاختلاف بينهما في أصل الموضوع وإليك الأمثلة:
1 - أخرج ابن ماجه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان الرجل يقوت أهله قوتا فيه سعة، وكان الرجل يقوت أهله قوتا فيه شدة فنزلت: (من أوسط ما تطعمون أهليكم).
وجه المخالفة: أن حديث الآية عن الكفارة حين يحنث الحالف في يمينه، بينما السبب يدور على القوت والإنفاق وفرق كبير بين هذين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.57 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.71%)]